الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
569 - [ذو الرّمة]
(1)
ذو الرمة الشاعر المشهور، واسمه: غيلان بن عقبة، ويكنى: أبا الحارث، وإنما لقب بذي الرمة من قوله في الوتد:[من الرجز]
أشعث باقي رمة التقليد
(2)
والرّمة-بكسر الراء-: العظم البالي، وبضمها: الحبل.
وكان من فحول الشعراء.
وقيل: إنه كان ينشد شعره في سوق الإبل، فوقف عليه الفرزدق وسمع شعره، فقال له ذو الرمة: ما تسمع يا أبا فراس؟ فقال: ما أحسن ما تقول! قال: فما لي لا أذكر مع الفحول؟ ! قال: قصر بك عن غايتهم بكاؤك في الدّمن، ووصفك الأباعر والعطن.
وهو أحد عشاق العرب المشهورين، ومعشوقته مية بنت مقاتل بن طلبة بن قيس بن عاصم المنقري، ومية هذه هي التي عناها أبو تمام الطائي بقوله في قصيدة له:[من البسيط]
ما ربع مية معمورا يطيف به
…
غيلان أبهى ربا من ربعها الخرب
وجدها قيس بن عاصم هو الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم عليه وفد تميم: «هذا سيد أهل الوبر» (3).
وهو الذي مدحه الأحنف بن قيس بالحلم كما تقدم (4)، وهو الذي قال فيه الشاعر يرثيه:[من الطويل]
وما كان قيس هلكه هلك واحد
…
ولكنه بنيان قوم تهدّما
ومن شعر ذي الرمة: [من الطويل]
إذا هبت الأرواح من نحو جانب
…
به أهل ميّ هاج قلبي هبوبها
هوى تذرف العينان منه وإنما
…
هوى كل نفس حيث حل حبيبها
(1)«الأغاني» (18/ 5)، و «المنتظم» (4/ 541)، و «وفيات الأعيان» (4/ 11)، و «سير أعلام النبلاء» (5/ 267)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 356)، و «مرآة الجنان» (1/ 253)، و «البداية والنهاية» (9/ 371)، و «شذرات الذهب» (2/ 12)، و «خزانة الأدب» (1/ 106).
(2)
هذا عجز بيت، وصدره: وغير مرضوخ القفا موتود.
(3)
أخرجه الحاكم في «المستدرك» (3/ 611).
(4)
انظر (1/ 417).
ومر ذو الرمة في بعض أسفاره في بعض البوادي على امرأة من بني عامر بن صعصعة وهي خارجة من خبائها، فنظر إليها فوقعت في قلبه، فخرق إداوته ودنى منها يستطعم كلامها، فقال: إني رجل على ظهر سفر وقد تخرقت إداوتي فأصلحيها، فقالت: إني والله لخرقاء لا أحسن العمل، وقالت: وإن كنت خرقاء فإني صناع، هات الإداوة فأعطاها فأصلحتها له.
والخرقاء: هي التي لا تعمل شغلا لكرامتها على أهلها، فشبب بها ذو الرمة أيضا، وسماها خرقاء، ومن قوله فيها:[من الطويل]
وما شنّتا خرقاء واهيتا الكلى
…
سقى بهما ساق ولم تتبللا
بأضيع من عينيك للدمع كلما
…
تذكرت ربعا أو توهمت منزلا
ومن قوله فيها: [من الوافر]
تمام الحج أن تقف المطايا
…
على خرقاء كاشفة اللثام
ومن قوله يمدح بلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري مخاطبا ناقته: [من الطويل]
إذا ابن أبي موسى بلالا بلغته
…
فقام بفأس بين وصليك جازر
أخذ هذا المعنى من قول الشماخ في عرابة الأوسي يخاطب ناقته أيضا: [من الوافر]
إذا بلّغتني وحملت رحلي
…
عرابة فاشرقي بدم الوتين
وجاء بعدهما أبو نواس فأوضح هذا المعنى بقوله في الأمين محمد بن هارون الرشيد: [من الكامل]
وإذا المطي بنا بلغن محمدا
…
فظهورهن على الرجال حرام
قرّبننا من خير من وطئ الحصى
…
فلها علينا حرمة وذمام
فأحسن أبو نواس في هذا المعنى؛ لأنهما أوعدا ناقتيهما بالذبح؛ لاستغنائهما عنهما بإيصالهما إلى مطلوبهما، ووعدها أبو نواس بتحريم الركوب على ظهرها وإراحتها من الكد والأسفار؛ لتبليغها له إلى من استغنى به عن الأسفار.
توفي ذو الرمة سنة سبع عشرة ومائة.