الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأما إذا أصبت بفرد عين
…
فخذ من عينك الأخرى كفيلا
فقد أيقنت أنك عن قريب
…
بظهر الشمس تلتمس السبيلا
فلما سمعها .. قال: احذر أن تنشد هذا أحدا.
ويحكى أن طاهرا دخل على المأمون يوما في حاجة، فقضاها له وبكى، فقال له طاهر:
لم تبكي يا أمير المؤمنين، لا أبكى الله عينك؟ قد دانت لك الدنيا، وبلغت الأماني، فقال: أبكي لا عن ذل، ولا حزن، ولكن لا تخلو نفس عن شجن، فاغتم طاهر لموجب بكائه، وكان خادم المأمون حاضرا للقضية، فأنفذ إليه طاهر مائتي ألف درهم وقال: لقد أغمني بكاء أمير المؤمنين، فتلطف في البحث عن سبب بكائه، فلما كان في بعض خلوات المأمون .. سأله الخادم عن ذلك البكاء، فقال: ما لك ولهذا ويلك، فقال: غمني بكاؤك، فقال المأمون: هو أمر إن خرج من رأسك .. أخذته، فقال: يا سيدي ومتى أبحت لك سرا؟ ! فقال: إني ذكرت أخي محمدا وما ناله من الذلة، فخنقتني العبرة، ولن يفوت طاهرا مني ما يكره، فأخبر الخادم طاهرا بذلك، فركب طاهر إلى أحمد بن خالد، فقال له: إن الثناء مني ليس برخيص، وإن المعروف عندي ليس بضائع، فغيبني عن المأمون، قال: سأفعل، فبكّر إليّ غدا، وركب ابن خالد إلى المأمون وقال: لم أنم البارحة، فقال: ولم؟ قال: لأنك وليت خراسان غسانا، وهو ومن معه أكلة رأس، وأخاف أن يصطلمه مصطلم، قال: فمن ترى؟ قال: طاهر، فقال: هو خالع، فقال:
أنا ضامن له، فدعا المأمون طاهرا، وعقد له على خراسان، وأهدى له خادما كان رباه، وأمره إن رأى منه ما يريبه أن يسمه، فلما تمكن طاهر من ولاية خراسان .. قطع خطبة المأمون يوم الجمعة، فأصبح يوم السبت ميتا على فراشه، قيل: إن الخادم سمه في كامخ، وذلك في سنة سبع ومائتين، فاستخلف المأمون طلحة بن طاهر المذكور على خراسان نائبا عن أخيه عبد الله بن طاهر.
1007 - [الواقدي]
(1)
أبو عبد الله محمد بن عمر بن واقد الواقدي الأسلمي المدني العلامة.
(1)«طبقات ابن سعد» (7/ 603)، و «تاريخ بغداد» (3/ 212)، و «المنتظم» (6/ 166)، و «معجم الأدباء» (6/ 689)، و «وفيات الأعيان» (4/ 348)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 454)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 361)، و «الوافي بالوفيات» (4/ 238)، و «مرآة الجنان» (2/ 36).
كان إماما عالما، صاحب تصانيف في المغازي والردة وغير ذلك.
سمع ابن أبي ذئب، ومعمر بن راشد، ومالك بن أنس، والثوري وغيرهم.
وروى عنه كاتبه محمد بن سعد الزهري وغيره من الأئمة، وضعفه أهل الحديث.
ولي القضاء بشرقي بغداد، وكان المأمون يكرمه، ويبالغ في رعايته.
كتب مرة إلى المأمون يشكو إضافة لحقته، ودينا ركبه، فوقّع المأمون في الرقعة بخطه: فيك خلتان: سخاء وحياء، فالسخاء أطلق يديك بتبذير ما ملكت، والحياء حملك على أن ذكرت لنا بعض دينك، فقد أمرنا لك بضعف ما سألت؛ فإن كنا قصرنا .. فجنايتك على نفسك، وإن كنا بلغنا بغيتك .. فزد في بسط يدك، فإن خزائن الله مفتوحة، ويده بالخير مبسوطة، وأنت حدثتني حين كنت على قضاء الرشيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للزبير:«يا زبير؛ إن مفاتيح الرزق بإزاء العرش، ينزل الله سبحانه وتعالى للعباد أرزاقهم على قدر نفقاتهم، فمن كثّر .. كثّر له، ومن قلّل .. قلّل عليه» ، قال الواقدي:
وكنت أنسيت الحديث، فكان مذاكرته إياي أعجب من صلته!
وذكر أبو الفرج بن الجوزي في «أخبار بشر الحافي» : أن الواقدي روى عنه أنه يكتب للحمى يوم السبت على ورقة زيتون-والكاتب على طهارة-: جهنم غرثى، وعلى ورقة أخرى: جهنم عطشى، وعلى ورقة أخرى: جهنم مضرورة، ثم يجعل في خرقة، ويشد في عضد المحموم الأيسر، قال الواقدي: جربته فوجدته نافعا.
وروى المسعودي في «مروج الذهب» : (أن الواقدي قال: كان لي صديقان، أحدهما هاشمي، وكنا كنفس واحدة، قال: فنالتني ضائقة شديدة، فكتبت إلى صديقي الهاشمي أسأله التوسعة، فوجه إليّ كيسا مختوما، ذكر أن فيه ألف درهم، فما استقر قراري حتى كتب إليّ صديقي الآخر يشكو إلي ما شكوت إلى صديقي الهاشمي، فوجهت إليه الكيس بخاتمه، وخرجت إلى المسجد، فأقمت فيه ليلتي مستحييا من امرأتي، فلما دخلت عليها .. استحسنت فعلي ولم تعنفني عليه، وبينا أنا كذلك .. إذ وافاني صديقي الهاشمي ومعه الكيس كهيئته وقال لي: اصدقني فيما فعلته فيما وجهت به إليك، فعرفته الخبر على وجهه، فقال: إنك وجهت إلي وما أملك على الأرض إلا ما بعثت به إليك، فكتبت إلى صديقنا أسأله المواساة، فوجه إلي كيسي بخاتمي، قال الواقدي: فتواسينا الألف فيما بيننا، وأخرجنا منه للمرأة مائة درهم، قال ونمي الخبر إلى المأمون، فدعاني، فشرحت له