الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وسمع جمعا من الصحابة: أنسا، وابن عمر، وسمرة، وأبا بكرة، وقيس بن عاصم وغيرهم.
يقال: إنه أدرك مائة وثلاثين صحابيا.
وكان رضي الله عنه جامعا بين العلم والعبادة، والزهد والنسك، فصيحا، جميلا وسيما، لا تأخذه في الله لومة لائم، وله مع الحجاج وقعات عظيمة، واجهه فيها بكلام صادع، وسلمه الله من شره، وحضر الحجاج يوما مجلس وعظه، فلم يغير الحسن من عادته في كلامه وهيئته شيئا، فلما فرغ .. قال الحجاج: صدق الشيخ، عليكم بهذه المجالس، ولولا ما ابتلينا به من هذا الأمر .. لم تغلبونا عليها.
ودخل هو وابن سيرين والشعبي على عمر بن هبيرة أيام ولايته خراسان والعراق باستدعاء منه لهم، فقال لهم: إن يزيد استخلفه الله على عباده، وأخذ عليهم الميثاق بطاعته، وأخذ عهودنا بالسمع والطاعة، وقد ولاني ما ترون، فيكتب لي بالأمر من أموره فأقلده ما تقلده من ذلك الأمر، فقال ابن سيرين والشعبي قولا فيه تقية، وقال الحسن: يا بن هبيرة؛ خف الله في يزيد، ولا تخف يزيد في الله؛ فإن الله يمنعك من يزيد، ولا يمنعك يزيد من الله، فيوشك أن يبعث الله إليك ملكا فيزيلك عن سريرك، ويخرجك من سعة قصرك إلى ضيق قبرك، ثم لا ينجيك إلا عملك، يا بن هبيرة؛ إياك أن تعصي الله؛ فإنما جعل الله هذا السلطان ناصرا لدين الله وعباده، فلا تركبن دين الله وعباده بهذا السلطان؛ فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الله، فأجازهم ابن هبيرة، وأضعف جائزة الحسن.
قال الشعبي: سفسفنا له فسفسف لنا، والسفساف: الرديء من العطية.
توفي الحسن سنة عشر ومائة.
539 - [محمد بن سيرين]
(1)
محمد بن سيرين الأنصاري مولاهم أبو بكر البصري التابعي، الإمام الجليل في التفسير والحديث والفقه وتعبير الرؤيا، المقدم في الزهد والورع.
(1)«طبقات ابن سعد» (9/ 192)، و «المعارف» (ص 442)، و «المنتظم» (4/ 605)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 83)، و «وفيات الأعيان» (4/ 181)، و «تهذيب الكمال» (25/ 344)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 606)، و «تاريخ الإسلام» (7/ 239)، و «مرآة الجنان» (1/ 232)، و «البداية والنهاية» (9/ 321)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 585)، و «شذرات الذهب» (2/ 52).
كان أبوه سيرين من سبي عين التمر، كاتبه مولاه أنس بن مالك على عشرين ألفا- وقيل: أربعين ألفا-فأداها وعتق.
وأم محمد المذكور: صفية مولاة أبي بكر الصديق، طيّبها ثلاث من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ودعون لها، وحضر إملاكها ثمانية عشر بدريا، منهم أبي بن كعب يدعو وهم يؤمنون.
وكان لمحمد خمسة إخوة: معبد، وأنس، ويحيى، وحفصة، وكريمة أولاد سيرين، كلهم رواة ثقات.
ومن المستطرفات: أن محمدا روى عن أخيه يحيى عن أخيه أنس عن أنس بن مالك حديثا.
ولد محمد لسنتين بقيتا من خلافة عثمان، وهو أكبر من أخيه أنس.
دخل محمد على زيد بن ثابت، وسمع من ابن عمر حديثا أو حديثين.
وسمع أبا هريرة، وعبد الله بن الزبير، وعمران بن حصين، وعدي بن حاتم، وسلمان بن عامر، وأم عطية الأنصارية، ويقال: إنه اجتمع بثلاثين صحابيا، وسمع خلقا من التابعين.
وروى عنه الشعبي، وأيوب، وقتادة، وسليمان التيمي، وغيرهم من التابعين.
وعن محمد قال: حججنا فدخلنا المدينة على زيد بن ثابت ونحن سبعة ولد سيرين، فقال: هذان لأم، وهذان لأم، وهذان لأم، وهذا لأم، فما أخطأ.
وعن مورق العجلي قال: ما رأيت رجلا أفقه في ورعه ولا أورع في فقهه من محمد بن سيرين.
وله في تعبير الرؤيا أخبار عجيبة، منها: أن شخصا قال له: رأيت كأن طائرا أخذ حصادة بالمسجد، فقال: إن صدقت رؤياك .. مات الحسن، فلم يك إلا قليلا حتى مات الحسن.
وقال له رجل: رأيت طائرا سمينا ما أعرف ما هو قد تدلى من السماء، وجعل يلتقط الزهر، ثم طار، فتغير وجه ابن سيرين، وقال: هذا موت العلماء، فمات في ذلك العام هو والحسن البصري.
وقال له آخر: رأيت على ساقي رجل شعرا كثيرا، فقال: يركبه دين، ويموت في