الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تابع (19) كتاب الجهاد
4 - باب القتال في الجهاد
*
الْفَصْلُ الأَوَّلُ:
3937 -
[1] عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ: . . . . . .
ــ
4 -
باب القتال في الجهاد
اعلم أن هنا ثلاثة ألفاظ: الجهاد، والغزو، والقتال، فالجهاد كما سبق: الجهد والمشقة وبذل الطاقة فيه، والغزو: الخروج إلى قتال الكفار، في (القاموس) (1): غزا العدو: سار إلى قتالهم وانتهابهم غزوًا وغزوانًا وغزاة وهو غاز، والمغازي: مناقب الغزاة، والقتال معناه ظاهر، فصح قوله:(القتال في الجهاد)؛ لأنه قد يكون جهاد ولم يكن هناك قتال، نعم قال في (القاموس) (2): الجهاد بالكسر: القتال مع العدو، فحينئذ لا يكون لقوله:(القتال في الجهاد) معنى، ولعله أراد بقوله: الجهاد القتال [و] الخروج إلى ذلك والقصد إليه كما أسلفنا.
الفصل الأول
3937 -
[1](جابر) قوله: (قال رجل) قيل: اسمه عمير بن الحمام، وفي حديث
(1)"القاموس المحيط"(ص: 1215).
(2)
"القاموس المحيط"(ص: 263).
أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فَأَيْنَ أَنَا؟ " قَالَ: "فِي الْجَنَّةِ" فَأَلْقَى تَمَرَاتٍ فِي يَدِهِ، ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 4046، م: 1509، 1899].
3938 -
[2] وَعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُرِيدُ غَزْوَةً إِلَّا وَرَّى بِغَيْرِهَا، حَتَّى كَانَتْ تِلْكَ الْغَزْوَةُ، يَعْنِي: غَزْوَةَ تَبُوكَ، غَزَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَرٍّ شَدِيدٍ، وَاسْتَقْبَلَ سَفَرًا بَعِيدًا، وَمَفَازًا وَعَدُوًّا كَثِيرًا،
ــ
جابر أنه كان يوم أحد كما ترى، وفي حديث أنس أنه كان يوم بدر، واللَّه أعلم.
3938 -
[2](كعب بن مالك) قوله: (إلا ورّى) من التورية وهو الستر والإخفاء في البيان، أي: ستره بغيرها، ويظهر أنه يريد غيرها لما فيه من الحزم وإغفال العدو، وتوريته صلى الله عليه وسلم كان تعريضًا بأن يريد مثلًا غزوة مكة فسأل الناس عن حال خيبر أو كيفية طرقها، وتوجه إليها بضرب الخيمة إليها لا تصريحًا بأن يقول: أريد غزوة خيبر مثلًا؛ لئلا يلزم الكذب.
وقوله: (حتى كانت تلك الغزوة يعني كزوة تبوك) إنما عرف (الغزوة) تعريف عهد، وأشار إليها إشارة البعيد لما كانت تلك الغزوة معهودة عنده مركوزة في ذهنه، معظمة لديه لما وقعت له فيها قضية التخلف، يعني تلك الغزوة التي وقع لي فيها ما وقع، وجرى ما جرى.
وقوله: (ومفازًا)، جمع مفازة: البرية القفر، سميت به لأنها مهلكة، والفوز: الهلاك، وقيل: سميت به تفاؤلًا من الفوز بمعنى النجاة والظفر بالخير، والفوز يجيء بمعنى النجاة والهلاك، ضد، كذا في (القاموس)(1).
(1)"القاموس المحيط"(ص: 482).
فَجَلَّى لِلْمُسْلِمِينَ أَمْرَهُمْ، لِيَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ غَزْوِهِمْ، فَأَخْبَرَهُمْ بِوَجْهِهِ الَّذِي يُرِيدُ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. [خ: 4418].
3939 -
[3] وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الْحَرْبُ خُدَعَةٌ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 3030، م: 1361، 1739].
ــ
وقوله: (فجلى) أي: كشف وأظهر.
وقوله: (ليتأهبوا أهبة كزوهم) أي: ليتأهبوا ويعدوا أسباب غزوهم، والأهبة بالضم: العُدَّة، كالهُبَة، وقد أَهَّبَ له تأهيبًا وتأهّب.
3939 -
[3](جابر) قوله: (الحرب خدعة) في (القاموس)(1): خدعه كمنعه خدعًا ويكسر: ختله، وأراد به المكروه من حيث لا يعلم، كاختدعه فانخدع، والاسم الخديعة، والحرب خدعة مثلثة، وكهمزة، وروي بهن جميعًا، أي: تنقضي بخدعة، انتهى.
وقال في (النهاية)(2): (الحرب خدعة) بفتح الخاء وضمها مع سكون الدال وبضمها مع فتح الدال، فالأول معناه: أن الحرب ينقضي أمرها بخدعة واحدة من الخداع، أي: إن المقاتل إذا خدع مرة واحدة لم يكن لها إقالة، وهو أفصح الروايات وأصحها، ومعنى الثاني هو الاسم من الخداع، ومعنى الثالث أن الحرب تخدع الرجال وتمنّيهم ولا تفي لهم كاللُّعَبة والضُّحَكة للذي يكثر اللعب والضحك. وفي (مجمع البحار) (3): روي أنه قاله يوم الأحزاب لما بعث نعيم بن مسعود أن يخذل بين قريش
(1)"القاموس المحيط"(ص: 656).
(2)
"النهاية"(1/ 474).
(3)
"مجمع بحار الأنوار": (2/ 20).
3940 -
[4] وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَغْزُو بِأُمِّ سُلَيْمٍ وَنِسْوَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ مَعَهُ، إِذَا غَزَا يَسْقِينَ الْمَاءَ وَيُدَاوِينَ الْجَرْحَى. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 1815].
3941 -
[5] وَعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَبْعَ غَزَوَاتٍ أَخْلُفُهُمْ فِي رِحَالِهِمْ، فَأَصْنَعُ لَهُمُ الطَّعَامَ، وَأُدَاوِي الْجَرْحَى وَأَقُومُ عَلَى الْمَرْضَى. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 1812].
3942 -
[6] وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 3015، م: 1744].
ــ
وغطفان واليهود، يعني أن المماكرة في الحرب أنفع من المكاثرة، وظاهره إباحة الكذب في الحرب لكن التعريض أولى.
3940 -
[4](أنس) قوله: (يغزو بأم سليم) الباء للمصاحبة.
وقوله: (ونسوة) بالجر والرفع، وهذا أولى لئلا يكون قوله:(معه) مستدركًا.
وقوله: (يسقين) وفي بعض النسخ: (فيسقين)، (الماء ويداوين الجرحى) ويجوز إخراج العجائز للمداواة والسقي، ولو احتيج للمباضعة فالأولى إخراج الإماء دون الحرائر.
3941 -
[5](أم عطية) قوله: (وعن أم عطية) الأنصارية، اسمها نسيبة.
3942 -
[6](عبد اللَّه بن عمر) قوله: (نهى عن قتل النساء والصبيان) قال في (الهداية)(1): ولا يقتلوا امرأة ولا صبيًّا ولا شيخًا فانيًا ولا مقعدًا ولا أعمى؛ لأن المبيح
(1)"الهداية"(2/ 380).
3943 -
[7] وَعَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَهْلِ الدَّارِ يُبَيَتُّونَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَيُصَابَ مِنْ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيهِمْ، قَالَ:"هُمْ مِنْهُمْ". . . . .
ــ
للقتل عندنا هو الحراب، ولا يتحقق منهم، والشافعي يخالفنا في الشيخ والمقعد والأعمى؛ لأن المبيح عنده الكفر، وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل الصبيان والذراري، وحين رأى النبي صلى الله عليه وسلم امرأة مقتولة قال:(هاه ما كانت هذه تقاتل فلم قتلت؟ )(1)، قال: إلا أن يكون أحد هؤلاء ممن له رأي في الحرب أو تكون المرأة ملكة، وكذا يقتل من قاتل من هؤلاء دفعًا لشره.
3943 -
[7](الصعب بن جثامة) قوله: (عن الصعب) بفتح الصاد وسكون العين المهملتين (ابن جثامة) بفتح الجيم والمثلثة المشددة.
وقوله: (عن أهل الديار) وفي بعض النسخ: (أهل الدار) قال التُّورِبِشْتِي (2): أراد بالدار المحل باعتبار أنه يجمعهم ويدور حولهم.
و(يبيتون) بلفظ المجهول من التبييت حال من أهل الدار، و (من) في (من المشركين) بيانية، والتبييت أن يقصد بالليل بغتة بيت العدو، ووقع بهم ليلًا وهو البيات، ويقال بالفارسية: شبخون.
وقوله: (هم) أي: الصبيان والنساء (منهم) أي: من المشركين، أي: من رجالهم أي: في حكمهم، وظاهره أنه يجوز قتلهم كما يقتل الرجال، فقيل: ليس معناه استباحة قتل الولدان، وإنما فيه نفي الحرج عمن أصابهم بسهم أو سيف أو رمح لكون الليل حاجزًا بينه وبين التمييز ولاختلاط الذرية بالمقاتلة، والسؤال وقع عن حصول الإثم
(1)"صحيح ابن حبان"(11/ 110).
(2)
"كتاب الميسر"(3/ 900).
وَفِي رِوَايَةٍ: "هُمْ مِنْ آبَائِهِمْ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 3013، م: 1745].
3944 -
[8] وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَطَعَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَحَرَّقَ، وَلَهَا يَقُولُ حَسَّانٌ:
وهان على سراة بني لؤيٍّ
…
حريق بالبويرة مستطير
وَفِي ذَلِكَ نَزَلَتْ: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ. . . . .
ــ
ولزوم الدم، فأفتى لهم أن حكم الأبناء في هذه الصورة كحكم آبائهم؛ لأن الولدان في حكم الكفر تبع الأبوين، وقيل: المراد إذا لم يوصل إلى قتل الآباء إلا بقتلهم؛ جمعًا بين الأحاديث.
وقوله: (وفي رواية: هم من آبائهم) أي: حكمهم حكم آبائهم، وهذا في الدنيا، وأما في الآخرة فالأصح أنهم في الجنة، وقيل: في النار، وتوقف بعضهم في ذلك.
3944 -
[8](ابن عمر) قوله: (نخل بني النضير) قبيلة من يهود.
وقوله: (ولها) أي: لأجل هذه القضية والحادثة قال حسان. و (السراة) بفتح السين: أشراف القوم ورؤساؤهم، جمع سري، والسرو: سخاء في مروءة، و (بنو لؤي) بضم لام وفتح همزة، وقيل: بواو وشدة ياء، وهو لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، أحد أجداد النبي صلى الله عليه وسلم، والمراد أشراف قريش من صحابته صلى الله عليه وسلم.
وقوله: (حريق) أي: نار، (بالبويرة) بضم الموحدة وفتح الواو: مصغر بور، اسم موضع فيه نخيل بني النضير.
وقوله: (مستطير) أي: منتشر، وذلك حين نقض بنو النضير العهد، وهمّوا بقتله صلى الله عليه وسلم، فنزل الوحي بما هموا، فأجلوا إلى خيبر وأحرق نخيلهم.
وقوله: (من لينة) أي: نخلة، فعلة من اللون ويجمع على ألوان، وقيل: من
أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ} [الحشر: 5]. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 4031، 4034، م: 1746].
3945 -
[9] وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ أَنَّ نَافِعًا كَتَبَ إِلَيْهِ يُخْبِرُهُ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَغَارَ عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ غَارِّينِ فِي نَعَمِهِمْ بِالْمُرَيْسِيعِ،
ــ
اللين، ومعثاها النخلة الكريمة، وجمعها أليان، كذا في التفسير (1)، وفي (مجمع البحار) (2): المراد أنواع التمر كلّها سوى العجوة، وهي مئة وعشرون نوعًا، أو كرام النخل، أو كلها، أو كل الأشجار، أقوال.
وقوله: ({أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً}) أي: لم تقطعوها، وفيه قطع شجر الكفار وهو المذهب عندنا، وقيل: لا يجوز، وقيل: هذا إذا دعت إليه حاجة، وقيل: إن النخيل كانت مقابل القوم فقطعت ليبرز مكان، فيكون مجالًا للحرب.
3945 -
[9](عبد اللَّه بن عون) قوله: (ابن عون) بالنون في الآخر.
وقوله: (على بني المصطلق) بضم فسكون ففتح فكسر وبقاف: بطن من خزاعة.
وقوله: (غارين) بتشديد الراء، أي: غافلين، والغار: الغافل، واغتر: غفل، والاسم الغرة بالكسر، كذا في (القاموس)(3).
وقوله: (في نعمهم) بفتحتين، أي: في مواشيهم، و (المريسيع) بضم الميم وفتح الراء وكسر السين: اسم موضع قريب من قديد، وفيه ماء لبني المصطلق،
(1)"تفسير البيضاوي"(2/ 480).
(2)
"مجمع بحار الأنوار"(4/ 543).
(3)
"القاموس المحيط"(ص: 418).
فَقَتَلَ الْمُقَاتَلَةَ وَسَبَى الذُّرِّيَّةَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 2541، م: 1730].
3946 -
[10] وَعَن أبي أُسَيْدٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَنَا يَوْمَ بَدْرٍ حِينَ صَفَفْنَا لِقُرَيْشٍ وَصَفُّوا لَنَا: "إِذَا أَكْثَبُوكُمْ فَعَلَيْكُمْ بِالنَّبْلِ". وَفِي رِوَايَةٍ: "إِذَا أَكْثَبُوكُمْ فَارْمُوهُمْ وَاسْتَبْقُوا نَبْلَكُمْ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَحَدِيثُ سَعْدٍ: "هَلْ تُنْصَرُونَ" سَنَذْكُرُهُ فِي "بَابِ فَضْلِ الْفُقَرَاءِ". وَحَدِيثُ الْبَرَاءِ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَهْطًا فِي "بَابِ الْمُعْجزَاتِ" إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. [خ: 2900].
ــ
و(المقاتلة) بكسر التاء، أي: الجماعة التي يقاتلون، والمراد من يصلح للقتال، احتراز عن الصبيان والنساء والمشايخ.
3946 -
[10](أبو أسيد) قوله: (وعن أبي أسيد) بضم الهمزة وفتح السين، ومنهم من فتح الهمزة وكسر السين، والأول أصح وأشهر، كذا قال التُّورِبِشْتِي (1).
وقوله: (إذا أكثبوكم) الكثب بالتحريك: القرب، وأكثبه: دنا منه، كأكثب له ومنه، كذا في (القاموس)(2)، أي: قاربوكم بحيث يصل إليهم سهامكم، قال التُّورِبِشْتِي (3): ورواه بعضهم: (كثبوكم) بغير ألف، أي: قربوا منكم، قال الهروي: فلعلها لغتان.
وقوله: (إذا استبقوا نبلكم) على صيغة استفعال، أي: لا ترموهم بجميعها، بل أبقوا شيئًا منها حتى لا تبقوا بلا أنبال.
(1)"كتاب الميسر"(3/ 901).
(2)
"القاموس المحيط"(ص: 132).
(3)
"كتاب الميسر"(9/ 901).