الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الْفَصْلُ الثَّانِي:
4582 -
[7] عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَفَاءَلُ وَلَا يَتَطَيَّرُ وَكَانَ يُحِبُّ الِاسْمَ الْحَسَنَ. رَوَاهُ فِي "شَرْحِ السُّنَّةِ". [شرح السنة: 12/ 175].
4583 -
[8] وَعَنْ قَطَنِ بْنِ قَبِيصَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الْعِيَافَةُ وَالطَّرْقُ وَالطِّيَرَةُ مِنَ الْجِبْتِ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 3907].
ــ
الفصل الثاني
4582 -
[7](ابن عباس) قوله: (يتفاءل ولا يتطير) قد ذكرنا آنفًا وجهه.
وقوله: (وكان يحب الاسم الحسن) لأنه حلية الجمال وتتمة الكمال، وهو نوع من التفاؤل لا أن له تأثيرًا في حصول محامد الأخلاق ومحاسن الأفعال كما ادعاه بعضهم، وبينوا بما لم يتبين به المدعى، وقد استوفينا هذا المبحث في (شرح سفر السعادة) فلينظر ثمة.
4583 -
[8](قطن بن قبيصة) قوله: (وعن قطن) بفتح القاف والطاء المهملة (ابن قبيصة) بفتح القاف وكسر الباء.
وقوله: (العيافة والطرق والطيرة من الجبت) العيافة بكسر العين: زجر الطير، والتفاؤل بأسمائها وأصواتها وممرها، وهو من عادة العرب، لهم فيها قصص ووقائع مذكورة في كلامهم، وفي (القاموس) (1): عِفْتُ الطير أعيفُها عيافة: زَجَرْتُها، وهو أن تعتبر بأسمائها ومساقِطِها وأنوائها، فَتَتَسَعَّدَ أو تتَشَأم. والعائف: المتكهن بالطير أو غيرها، والطرق بفتح الطاء وسكون الراء في آخره قاف: الضرب بالحصى الذي
(1)"القاموس المحيط"(ص: 775).
4584 -
[9] وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الطِّيَرَةُ شِرْكٌ" قَالَهُ ثَلَاثًا، وَمَا مِنَّا إِلَّا، وَلَكِنَّ اللَّهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ يَقُولُ: كَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ يَقُولُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: "وَمَا مِنَّا إِلَّا، وَلَكِنَّ اللَّهَ يُذْهِبُهُ. . . . . .
ــ
تفعله النساء، وقيل: هو الخط في الرمل، كذا قال الطيبي (1)، وفي (القاموس) (2): الطَّرق: ضرب الكاهن بالحصى، وفي (مجمع البحار) (3): الطرق: نوع من التكهن كما يفعله المنجم لاستخراج الضمير ونحوه، وقيل: نوع من الكهانة لإخراج ما في الضمير، و (الجبت) بالكسر: الصنم، والكاهن، والساحر، والسحر، والذي لا خير فيه، وكل ما عُبِدَ من دون اللَّه تعالى، كذا في (القاموس)(4)، وقيل: الجبت السحر والكهانة، وعلى الأول المراد من أعمال الجبت وشؤونها.
4584 -
[9](عبد اللَّه بن مسعود) قوله: (الطيرة شرك) أي: من أعمال المشركين، أو مفضٍ إلى الشرك باعتقاده مؤثرًا، أو المراد الشرك الخفي.
وقوله: (وما منا إلا) لفظ (إلا) ثابت في النسخ المصححة، والتقدير: وما منا أحد إلا قد يجد في نفسه شيئًا من الطيرة، أي: ما حال أحد إلا وجدان شيء.
وقوله: (ولكن اللَّه يذهبه) قال الطيبي (5): جاء بفتح الياء وضمها، وعلى الثاني
(1)"شرح الطيبي"(8/ 319).
(2)
"القاموس المحيط"(ص: 832).
(3)
"مجمع بحار الأنوار"(3/ 444).
(4)
"القاموس المحيط"(ص: 151).
(5)
"شرح الطيبي"(8/ 320).
بِالتَّوَكُّلِ". هَذَا عِنْدِي قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ. [د: 3910، ت: 1614].
4585 -
[10] وَعَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أخَذَ بِيَدِ مَجْذُومٍ فَوَضَعَهَا مَعَهُ فِي الْقَصْعَةِ، وَقَالَ:"كُلْ ثِقَةً بِاللَّهِ وَتَوَكُّلًا عَلَيْهِ". رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. [جه: 3542].
ــ
اجتمع فيه حرفا التعدية للتأكيد، لا يخفى أن ضم الياء ظاهر، وأما رواية الفتح فلا يرى في الظاهر صحيحًا، وقول الطيبي على تقدير الضم: اجتمع حرفا التعدية مما لا يعقل؛ لأن حرف الباء التي هي إحدى حرفي التعدية لم يدخل على المفعول بأن يقول: يذهب به، والتي في قوله:(بالتوكل) سببية، والذهاب متعد إلى المفعول بالهمزة كما لا يخفى.
وقوله: (هذا عندي قول ابن مسعود) وهو الصواب، إذ لا يتوهم وجدانه صلى الله عليه وسلم ذلك، ولو كان قول النبي صلى الله عليه وسلم فذلك تواضع منه، وتنزل عن مقامه الأرفع رعاية لجانب الأمة، أو المراد من المسلمين، وهو خلاف الظاهر.
4585 -
[10](جابر) قوله: (وقال: كل ثقة باللَّه) الظاهر أنه من قول الرسول صلى الله عليه وسلم، فإما أن يكون المصدر بمعنى اسم الفاعل، أي: كل معي واثقًا باللَّه، حالًا من ضمير معي أو يقدر: أثق ثقة، والجملة حال، أو استئناف كانه قيل: كيف تأمره بالأكل معك في قصعة واحدة وهو مجذوم، فأجاب بأني أثق في ذلك باللَّه ثقة، وقال الطيبي (1): ويحتمل أن يكون من كلام الراوي، أي قال: ثقة باللَّه، وهكذا جاء قوله:(وتوكلًا عليه).
(1)"شرح الطيبي"(8/ 320).
4586 -
[11] وَعَن سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا هَامَةَ وَلَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ، وَإِنْ تَكُنِ الطِّيَرَةُ فِي شَيْءٍ فَفِي الدَّارِ وَالْفَرْسِ وَالْمَرأَةِ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 3921].
ــ
4586 -
[11](سعد بن مالك) قوله: (وإن تكن الطيرة في شيء ففي الدار والفرس والمرأة) اعلم أن الأحاديث الواردة في باب الطيرة مختلفة، يفهم من بعضها نفي تأثيرها والنهي عن اعتقادها واعتبارها مطلقًا وهي كثيرة، ومن بعضها ثبوتها في نحو المرأة والدابة والدار، إما بصيغة الجزم كما في حديث البخاري ومسلم:(إنما الشؤم في ثلاث: الفرس، والمرأة، والدار)، وغيره، ومن بعضها (1) بلفظ الشرط كما في هذا الحديث ونحوه، وفي رواية:(في الربع والخادم والفرس)، ومن بعضها إنكار أن يكون الشؤم فيها كما في غيرها من الأشياء، وفي بعضها أنه إنما كان أهل الجاهلية يتطيرون من ذلك كما جاء عن ابن أبي مليكة قال: قلت لابن عباس: كيف ترى في جارية لي في نفسي منها شيء، فإني سمعتهم يقولون: قال نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم: (إن كان الشؤم في شيء، ففي الربع، والفرس، والمرأة)؟ قال: فأنكر أن يكون سمع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم أشد النكرة، وفي رواية: فأنكر أن يكون رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قاله، وأن يكون الشؤم في شيء، وقال: إذا وقع في نفسك منها شيء ففارقها بعها أو أعتقها، رواه ابن جرير.
وعن قتادة عن أبي حسان: أن رجلين دخلا على عائشة رضي الله عنها فحدثاها عن أبي هريرة قال: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: (الطيرة في المرأة، والفرس، والدار)، فغضبت غضبًا شديدًا وقالت: ما قاله، إنما قال: كان أهل الجاهلية يتطيرون من ذلك، ووجه التطبيق
(1)"ومن بعضها" كذا في الأصل، والظاهر: بدله "أو".
4587 -
[12] وَعَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُعْحِبُهُ إِذَا خَرَجَ لِحَاجَةٍ أَنْ يَسْمَعَ: يَا رَاشِدُ يَا نَجِيحُ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت: 1616].
ــ
أن التأثير بالذات منفي، واعتقاده من أمور أهل الجاهلية، والمؤثر في الكل هو اللَّه، والكل بخلقه وتقديره، وإثباتها في هذه الأشياء بجريان عادة اللَّه سبحانه بالخلق فيها، وجعلها أسبابًا عادية، فالنفي راجع إلى التأثير بالذات، والإثبات بالعادة، والحكمة في تخصيص هذه الأشياء موكولة إلى علم الشارع، وقيل: المراد ليس التطير في شيء، وإن فرض ثبوتها فهذه الأشياء مظنتها ومحلها، ومناسبة لأن يكون فيها على طريقة قوله صلى الله عليه وسلم:(لو كان شيء سابق القدر لسبقته العين)، وهذا المعنى صريح في لفظ الشرط وغيره محمول عليه، وعليه كلام القاضي حيث قال: وتعقيب قوله: (ولا طيرة) بهذه الشرطية يدل على أن الشؤم منفي عنها أيضًا، والمعنى أن الشؤم لو كان له وجود في شيء لكان في هذه الأشياء، فإنها أقبل الأشياء لها، لكن لا وجود له فيها ولا وجود له أصلًا، انتهى.
وقيل: الشؤم في المرأة أن تكون ناشزة وغير ولود، ولا مطيعة لزوجها، أو مكروهة ومستقبحة عنده، وفي الدار ضيقها، وسوء جيرانها، وعدم طيب هوائها، وفي الفرس حرانها، وغلاء ثمنها، وعدم موافقتها للمصلحة، ومثل هذا في الخادم، أو الشؤم محمول على الكراهة التي سببها ما في الأشياء من مخالفة الشرع أو الطبع، ويؤيده ما ذكره في (شرح السنة) (1) كانه يقول: إن كان لأحدكم دار يكره سكناها أو امرأة يكره صحبتها أو فرس لا يعجبه فليفارقها بأن ينتقل عن الدار، ويطلق المرأة، ويبيع الفرس حتى يزول عنه ما يجده من الكراهة.
4587 -
[12](أنس) قوله: (يا راشد، يا نجيح) ونحوها وذكرهما مثلًا.
(1)"شرح السنة"(12/ 178).
4588 -
[13] وَعَنْ بُرَيْدَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يَتَطَيَّرُ مِنْ شَيْءٍ، فَإِذَا بَعَثَ عَامِلًا سَأَلَ عَنِ اسْمِهِ، فَإِذَا أَعْجَبَهُ اسْمُهُ فَرِحَ بِهِ، وَرُئِيَ بِشْرُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، وَإِنْ كَرِهَ اسْمَهُ رُئِيَ كَرَاهِيةُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، وَإِذَا دَخَلَ قَرْيَةً سَأَلَ عَنِ اسْمِهَا، فَإِنْ أَعْجَبَهُ اسْمُهَا فَرِحَ بِهِ، وَرُئِيَ بِشْرُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، وَإِنْ كَرِهَ اسْمَهَا رُئِيَ كَرَاهِيَةُ ذَلِك فِي وَجهه. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 3920].
4589 -
[14] وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم! إِنَّا كُنَّا فِي دَارٍ كثُرَ فِيهَا عَدَدُنَا وَأَمْوَالُنَا فَتَحَوَّلْنَا إِلَى دَارٍ قَلَّ فِيهَا عَدَدُنَا وَأَمْوَالُنَا. فَقَالَ (1) صلى الله عليه وسلم: "ذَرُوهَا ذَمِيمَةً". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 3924].
ــ
4588 -
[13](بريدة) قوله: (سأل عن اسمه فإذا أعجبه اسمه فرح به) ومثل ذلك ما وقع في طريق المدينة عند هجرته صلى الله عليه وسلم إليها حين لقيه بريدة الأسلمي، وقد أرسلته قريش لياخذ النبي صلى الله عليه وسلم، وشرطوا له على ذلك مئة إبل، فقال له:(ما اسمك؟ ) قال: بريدة، قال:(برد أمرنا)، ثم سأل:(ممن؟ ) قال: من أسلم؟ قال: (سلم لنا الأمر)، ثم قال:(من أي أسلم؟ ) قال: من بني سهم، قال:(أصبت سهمك)، فأسلم بريدة، الحديث (2).
4589 -
[14](أنس) قوله: (ذروها ذميمة) لما وقع في أوهامهم الكراهة والوسواس أمرهم بالخروج عنها لئلا يقعوا في ورطة الشرك الخفي كما مر.
(1) زاد في نسخة: "رسول اللَّه".
(2)
أخرجه الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول"(1/ 306).
4590 -
[15] وَعَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَحِيرٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ فَرْوَةَ بْنَ مُسَيْكٍ يَقُولُ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم! عِنْدَنَا أَرْضٌ يُقَالُ لَهَا: أَبْيَنُ، وَهِيَ أَرْضُ رِيفِنَا وَمِيرَتِنَا، وَإِنَّ وَبَاءَهَا شَدِيدٌ. فَقَالَ:"دَعْهَا عَنْكَ فَإِنَّ مِنَ القَرَفِ التَّلَفَ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 3923].
ــ
4590 -
[15](يحيى بن عبد اللَّه) قوله: (ابن بحير) بفتح الموحدة وكسر المهملة على وزن فقير، و (فروة) بفتح الفاء وسكون الراء، (ابن مسيك) بالسين المهملة آخره الكاف بلفظ التصغير.
وقوله: (أبين) بلفظ اسم التفضيل من البيان اسم رجل ينسب إليه عدن، يقال: عدن أبين.
وقوله: (هي أرض ريفنا وميرتنا) الريف بكسر الراء وسكون الياء التحتانية: الزرع، والخضب، والميرة بكسر الميم وسكون الياء التحتانية: الطعام يجلب إلى الأهل، وفي رواية:(أرض ريعنا) بالعين.
وقوله: (فإن من القرف التلف) القرف بالقاف والراء المفتوحتين: ملابسة الداء ومداناة المرض، وفي (الصراح) (1): قرف بفتحتين: نزديك آمدن بيماري، وفي (القاموس) (2): القرف: مقارفة الوباء والعدوى، ومن الأراضي: الْمَحَمَّةُ، وقيل: ليس هذا من العدوى، وإنما هو من باب الطب، فإن الهواء الصالح الموافق يعين على صلاح البدن وصحته، كذا قال الطيبي (3)، ولعل الفارين من الوباء والطاعون يتمسكون
(1)"الصراح"(ص: 360).
(2)
"القاموس المحيط"(ص: 779).
(3)
"شرح الطيبي"(8/ 323).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بهذا الحديث؛ لأن الرجل شكا من الوباء في تلك الأرض، فقال له صلى الله عليه وسلم:(دعها عنك فإن من القرف التلف)، ولكن التمسك لا يتم لأنه شكا وتشاءم بها، فرخص له صلى الله عليه وسلم نظرًا إلى ضعف حاله وخوفًا من وقوعه في ورطة الشرك الخفي في خروجه منها، وترك السكونة فيها؛ لأن الوباء وقع فيها، وبعد الوقوع جوز الفرار والخروج منها، وإنما الكلام فيه، والوظيفة في البلاء قبل وقوعه الاحترازُ والاجتنابُ، وبعد وقوعه الصبر والرضا والتضرع والدعاء بدليل ورود الأحاديث الصحيحة المذكورة في الصحيحين وغيرهما بالمنع والنهي عن الفرار، والحث والترغيب على الصبر والثبات، والحكم بالشهادة على ذلك، وهذا الحديث في (سنن أبي داود)، ولا يصادم أحاديث الصحيحين، وقالوا: إن فروة بن مسيك لم يرو عنه إلا حديث أو حديثان، وذلك أيضًا من رجل مجهول لا يعرف اسمه، وقد اختلف في يحيى بن عبد اللَّه بن يحيى أنه ثقة أم لا.
وقد يفرق بين الوباء والطاعون، وإن كان الصواب المراد في هذا المقام هو البلاء الشائع والموت الشائع كما قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لأبي ذر:(وإياك والفرار عن الزحف، وإذا أصاب الناس موت وأنت فيهم فاثبت) كما مر في أول الكتاب في (باب الكبائر)، وشبه في حديث عائشة الفرار عن الطاعون بالفرار عن الزحف، وبالجملة الفرار عنه منهي عنه ومعصية، وإن اعتقد أنه على تقدير الصبر يموت، وبالفرار ينجو كفر وإلا كان عاصيًا، وقياسه على الخروج من بيت وقع فيه زلزلة أو وقعت نار فاسد لورود النص على خلافه، وأيضًا الهلاك في صورة الزلزلة والنار غالب فهو من الأسباب العادية، وفي الوباء مشكوك وموهوم، فهو من الأسباب الوهمية، وإن قالوا: إن الصبر عزيمة وتوكل أو الخروج رخصة ومباح.
قلنا: التشبه بالزحف وورود الوعيد ينافيه، وقوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى