المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الفصل الثاني: - لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح - جـ ٧

[عبد الحق الدهلوي]

فهرس الكتاب

- ‌4 - باب القتال في الجهاد

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب حكم الأُسَرَاءِ

- ‌ الفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب الأمان

- ‌ الفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب قسمة الغنائم والغلول فيها

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب الجزية

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌9 - باب الصلح

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌10 - باب إخراج اليهود من جزيرة العرب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌11 - باب الفيء

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(20) كتاب الصيد والذبائح

- ‌ الفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب ذكر الكلب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌2 - باب ما يحل أكله وما يحرم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب العقيقة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(21) كتاب الأطعمة

- ‌ الفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب الضيافة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب

- ‌ الْفَصْل الثَّانِي:

- ‌3 - باب الأشربة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب النقيع والأنبذة

- ‌ الفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب تغطية الأواني وغيرها

- ‌ الفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌(22) كتاب اللباس

- ‌ الفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب الخاتم

- ‌ الفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب النعال

- ‌ الفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌3 - باب الترجل

- ‌ الفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب التصاوير

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(23) كتاب الطب والرقى

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب الفأل والطيرة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب الكهانة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(24) كتاب الرؤيا

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

الفصل: ‌ الفصل الثاني:

*‌

‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

4201 -

[43] عَنْ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقُرِّبَ طَعَامٌ، فَلَمْ أَرَ طَعَامًا كَانَ أَعْظَمِ بَرَكَةً مِنْهُ أَوَّلَ مَا أَكَلْنَا، وَلَا أَقَلَّ بَرَكَةً فِي آخِرِهِ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! كَيْفَ هَذَا؟ قَالَ: "إِنَّا ذَكَرْنَا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ حِينَ أَكَلْنَا، ثُمَّ قَعَدَ مَنْ أَكَلَ وَلَمْ يُسَمِّ اللَّهَ فَأَكَلَ مَعَهُ الشَّيْطَانُ". رَوَاهُ فِي "شَرْحِ السُّنَّةِ". [شرح السنة: 11/ 275].

4202 -

[44] وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: . . . . .

ــ

الفصل الثاني

4201 -

[43](أبو أيوب) قوله: (ثم قعد من أكل. . . إلخ)، فيه دليل على رد من قال بوجوب التسمية أو استحبابها على الكفاية بأن تجزئ تسمية واحد من جماعة لا على التعيين، بل لا بد من إتيان كل واحد بها، فإنه لا شك أنهم أتوا بها قبل قعود هذا الآكل، وقال الطيبي (1) في توجيه ذلك القول، وقد نقله عن الشيخ محيي الدين عن الشافعي: لعل المراد أنه قعد بعد فراغنا من الطعام ولم يسم، يعني إذا فرغوا من الطعام كأنه صار طعامًا آخر مغايرًا للأول في حقه، انتهى.

فعلى هذا القول إنما هو بالكفاية إذا كانوا مجتمعين إنما هو على الطعام في أوله، فحينذٍ إن أتى البعض يكفي عن الباقين، وأما إذا دخل واحد في أثناء الطعام فكأنه صار في حقه كأنه حال ابتدائه فلا يكفي، ولكن لا حاجة إلى ارتكاب القول بقعوده بعد فراغهم، فتأمل.

4202 -

[44](عائشة) قوله: . . . . .

(1)"شرح الطيبي"(8/ 155).

ص: 254

"إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَنَسِيَ أَنْ يَذْكُرَ اللَّهَ عَلَى طَعَامِهِ فَلْيَقُلْ: بِسْمِ اللَّهِ أوَّلَهُ وَآخِرَهُ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ. [ت: 1858، د: 3767].

4203 -

[45] وَعَنْ أُمَيَّةَ بْنِ مَخْشِيٍّ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يَأْكُلُ فَلَمْ يُسَمِّ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْ طَعَامِهِ إِلَّا لُقْمَةٌ، فَلَمَّا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ، فَضَحِكَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ:"مَا زَالَ الشَّيْطَانُ يَأْكُلُ مَعَهُ، فَلَمَّا ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ اسْتَقَاءَ مَا فِي بَطْنِهِ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 3768].

ــ

(فليقل) إما في آخر الطعام أو حين يذكره، كذا قال بعض المحققين.

وقوله: (بسم اللَّه أوله وآخره) أي: آكل مستعينًا باللَّه في أوله وآخره، وهذا إنشاء استعانة باسم اللَّه تعالى كما كان يقول في أوله، لكنه يجزئ بحكم الشارع، ونبه العبد عما وقع التقصير منه، وليس بإخبار حتى يلزم الكذب، وهذا ظاهر.

4203 -

[45](أمية بن مخشي) قوله: (وعن أمية بن مخشي) بفتح الميم وسكون خاء معجمة وشين في آخره على لفظ النسبة.

وقوله: (استقاء) أي: الشيطان، استفعال من القيء، وهو محمول على الحقيقة؛ لأنه لما أثبت الأكل للشيطان لم يستحل إثبات القيء، ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أعلم بحقائق الأشياء وأحوالها، أو المراد رد البركة الذاهبة بترك التسمية بسبب إتيانها بعد كما قيل، ولكن لا يخفى أن قوله:(ما في بطنه) مما يأبى عن هذا التأويل، وقيل: كان البركة الذاهبة كانت في جوف الشيطان أمانة، فلما سمى رجعت إلى الطعام، وقال الطيبي (1): أي صار ما كان له ويالًا عليه مستلبًا عنه بالتسمية، وقيل: استرد منه ما استباحه، والظاهر أن هذا القائل جعل ضمير (استقاء) للرجل، واللَّه أعلم.

(1)"شرح الطيبي"(8/ 155).

ص: 255

4204 -

[46] وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا فَرَغَ مِنْ طَعَامِهِ قَالَ: "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا وَجَعَلَنَا مُسْلِمِينَ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ. [ت: 3457، د: 3850، جه: 3326].

4205 -

[47] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ كَالصَّائِمِ الصَّابِرِ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت: 3486].

4206 -

[48] وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارِمِيُّ عَنْ سِنَانِ بْنِ سَنَّةَ عَنْ أَبِيهِ. [جه: 1764، دي: 2/ 130].

ــ

4204 -

[46](أبو سعيد الخدري) قوله: (وجعلنا مسلمين) إشارة إلى أن العمدة هي نعمة الإسلام، وبه تتم النعمة.

4205 -

[47](أبو هريرة) قوله: (الطاعم الشاكر كالصائم الصابر) لما تقرر في الأذهان أن درجة الصائم أعلى وأرفع وأن لا يكون للطاعم ثواب في مقابلة الصائم، لما في الصوم من قهر النفس عن شهوتها، وفي الطعام قضاؤها، فأشار إلى أنه إن شكر حصل له ثواب لا يقصر عن درجة الصائم؛ إذ الإيمان نصفان، نصف صبر، ونصف شكر، ولهذا اختلفوا في أن الغني الشاكر أفضل أو الفقير الصابر، وربما يواسي بطعامه الفقير أو يفطر الصائم فيكون عبادة متعدية، وهي أفضل من اللازمة، وعلى هذا لا حاجة إلى ما قيل: إن هذا تشبيه في أصل الثواب لا في قدره، فافهم.

ثم شكر الطعام أن يتقوى به في عبادة اللَّه وأداء الحقوق، وقيل: شكره أن يسمي إذا أكل، ويحمد إذا فرغ كما يناسب الأحاديث الأخر.

4206 -

[48](سنان بن سنة) قوله: (سنان) بكسر السين (ابن سنّة) بفتح السين وتشديد النون، وقول المؤلف:(عن أبيه) ليس في الكتب بل الذي ذكر فيها أن سنان ابن سنة صحابي روى هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ص: 256

4207 -

[49] وَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ قَالَ: "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَ وَسَقَى، وَسَوَّغَهُ، وَجَعَلَ لَهُ مَخْرَجًا". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 3851].

4208 -

[50] وَعَنْ سَلْمَانَ قَالَ: قَرَأْتُ فِي التَّوْرَاةِ أَنَّ بَرَكَةَ الطَّعَامِ الْوُضُوءُ بَعْدَهُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"بَرَكَةُ الطَّعَامِ الْوُضُوءُ قَبْلَهُ وَالْوُضُوءُ بَعْدَهُ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ. [ت: 1846، د: 3761].

ــ

4207 -

[49](أبو أيوب) قوله: (وسوغه) الذي يفهم من عبارة الشارحين أن التسويغ مخصوص بالطعام، وليس كذلك بل ربما يفهم اختصاصه بالشراب من عبارة (القاموس) (1) حيث قال: ساغ الشراب سوغًا: سهل مدخلُه، ولم يبينه في الطعام، وأكثر موارده كذلك كقوله تعالى:{سَائِغٌ شَرَابُهُ} [فاطر: 12]، وقول الشاعر:

فساغ لي الشراب. . . . . .

وغير ذلك، فكان مرادهم بيان التسويغ وتصويره في الطعام كما بينوه بقوله: فإنه خلق الأسنان للمضغ، والريق للبلع، واللسان للإدارة حتى يسهل المضغ، ودخوله في الحلق والمعدة، وأما وجوده في الشراب فلا حاجة إلى بيانه، فالضمير في (سوغه) راجع إلى كل واحد من الطعام والشراب المدلولين لا طعم وسقي، فافهم.

4208 -

[50](سلمان) قوله: (الوضوء بعده) المراد بالوضوء ههنا: غسل اليدين، وزاد بعضهم: وغسل الفم، وقوله:(فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: بركة الطعام الوضوء قبله والوضوء بعده) لما كان صلى الله عليه وسلم مبعوثًا ليتمّم مكارم الأخلاق ومحاسنها، وكان الوضوء

(1)"القاموس المحيط"(ص: 723).

ص: 257

4209 -

[51] وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ مِنَ الْخَلَاءِ، فَقُدِّمَ إِلَيْهِ طَعَامٌ، فَقَالُوا: أَلَا نَأْتِيكَ بِوَضُوءٍ؟ قَالَ: "إِنَّمَا أُمِرْتُ بِالْوُضُوءِ إِذَا قُمْتُ إِلَى الصَّلَاةِ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ. [ت: 1847، د: 3760، ن: 132].

4210 -

[52] وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. [جه: 3261].

4211 -

[53] وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ أُتِيَ بِقَصْعَةٍ مِنْ ثَرِيدٍ فَقَالَ: "كُلُوا مِنْ جَوَانِبِهَا، وَلَا تَأْكُلُوا مِنْ وَسَطِهَا؛ فَإِنَّ الْبَرَكَةَ تَنْزِلُ فِي وَسَطِهَا". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارِمِيُّ،

ــ

قبل الطعام أتم وأدخل في الطهارة والنظافة أوحي إليه زيادة على ما أوحي إلى موسى تتميمًا وتكميلًا.

4209، 4210 - [51، 52](ابن عباس) قوله: (ألا نأتيك بوضوء) بفتح الواو، وفي قوله:(قال: إنما أمرت بالوضوء) بضم الواو.

وقوله: (إذا قمت إلى الصلاة) الظاهر أن المراد بالوضوء في الموضعين: وضوء الصلاة، وظن السائلون أنه واجب أو مندوب، فإن كان المظنون وجوبه فالجواب ظاهر بنفي الوجوب، وإن كان مندوبًا فكأنه قال: ذلك ليس بواجب حتى لا يسع تركه، وترك المندوب جائز تعليمًا للجواز، ويمكن أن يراد بالوضوء في قولهم:(ألا نأتيك بوضوء): وضوء الطعام. وفي قوله: (إنما أمرت بالوضوء): وضوء الصلاة، ويكون المعنى: ذلك الذي أردتموه مني كان مندوبًا فلا بأس بتركه تعليمًا للجواز، نعم هنا وضوء آخر واجب، وذلك للصلاة لا للطعام، والوجه الأول أظهر، فافهم.

4211 -

[53](ابن عباس) قوله: (فإن البركة تنزل في وسطها) فإن الوسط

ص: 258

وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: "إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَامًا فَلَا يَأْكُلْ مِنْ أَعْلَى الصَّحْفَةِ، وَلَكِنْ يَأْكُلُ مِنْ أَسْفَلِهَا؛ فَإِنَّ الْبَرَكَةَ تَنْزِلُ مِنْ أَعْلَاهَا". [ت: 1805، جه: 3277، دي: 2/ 100، د: 3772].

4212 -

[54] وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: مَا رُئِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْكُلُ مُتَّكِئًا قَطُّ، وَلَا يَطَأُ عَقِبَهُ رَجُلَانِ. . . . .

ــ

لكونه أفضل المواضع أحق وأولى بأن يكون محلًّا لنزول الخير والبركة، فاللائق إبقاؤه إلى آخر الطعام لبقاء البركة واستمرارها، ولا يحسن إفناؤه وإزالته.

والظاهر أن المراد بـ (أعلى الصحفة) الوسط أيضًا، وبـ (الأسفل) الأطراف، والاختلاف إنما هو في العبارة، وإن المراد بنزول البركة فيضان الخير وزيادة النعمة من فضل اللَّه ورحمته كما ينهى عنه قول بعض المشايخ: إن من أحد مواطن نزول الرحمة على هذه الطائفة الطعام، فقول الطيبي (1): شبه ما يزيد في الطعام بما ينزل من الأعالي من المائع وما يشبهه، فهو ينصب إلى الوسط ثم ينبث منه إلى الأطراف، فكلما أخذ من الطرف يجيء من الأعلى بدله، فإذا أخذ من الأعلى انقطع، اقتصار على ظاهر المعنى واكتفاء بالمحسوس عن المعقول، والظاهر المناسب بمعنى الحديث ما ذكرنا، واللَّه أعلم.

4212 -

[54](عبد اللَّه بن عمرو) قوله: (ولا يطأ) أي: الأرض (عقبه) أي: خلفه، أي: لا يمشي (رجلان) فضلًا عن الزيادة عليهما، يعني أنه من غاية التواضع لا يتقدم أصحابه في المشي، بل إما أن يمشي خلفهم كما جاء: ويسوق أصحابه، أو

(1)"شرح الطيبي"(8/ 158).

ص: 259

رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 3770].

4213 -

[55] وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِخُبْزٍ وَلَحْمٍ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ، فَأَكَلَ وَأَكَلْنَا مَعَهُ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى وَصَلَّيْنَا مَعَهُ، وَلَمْ نَزِدْ عَلَى أَنْ مَسَحْنَا أَيْدِيَنَا بِالْحَصْبَاءِ. رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. [جه: 3354].

ــ

يمشي فيهم، وحاصل المعنى أنه لم يكن على طريق الملوك والجبابرة في الأكل والمشي، صلى الله عليه وسلم وبارك وكرم.

4213 -

[55](عبد اللَّه بن الحارث) قوله: (ابن جزء) بفتح الجيم وسكون الزاي في آخره همزة.

وقوله: (ولم نزد على أن مسحنا أيدينا) أي: لم نغسلها بالماء؛ إما لأنه لم يكن دسومة في ذلك الطعام، أو لتعجيل الصلاة، أو لترك التكلف والأخذ بالرخصة في غير الواجب أحيانًا، فقد يحبه اللَّه تعالى كما ورد:(إن اللَّه يحب أن يؤتى رخصه كما يحب أن يؤتى عزائمه)، والظاهر أن صيغة المتكلم مع الغير في قولهم:(لم نزد) و (مسحنا) شامل له ولأصحابه الذين أكلوا ذلك الطعام معه، واللَّه أعلم.

وعلم من هذا الحديث أن أكل الطعام في المسجد جائز، وقد يفهم ذلك من الأحاديث كثيرًا، خصوصًا التمر وأمثاله، وقالوا: إن ذلك مقيد بأن لا يتلوث المسجد به وإلا فهو حرام، وقد ذكر في كتب الفقه أنه يكره لغير المعتكف الأكل والشرب والنوم إلا لغريب لا يجد مأوى من غير المسجد، وقال بعض المشايخ: ينبغي للمرء إذا دخل المسجد أن ينوي الاعتكاف ولو ساعة، ففيه مندوحة عن كثير ممّا ذكر مع ما يحصل من الأجر والثواب، فتدبر.

ص: 260

4214 -

[56] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِلَحْمٍ، فَرُفِعَ إِلَيْهِ الذِّرَاعُ، وَكَانَتْ تُعْجِبُهُ فَنَهَسَ مِنْهَا. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ. [ت: 1837، جه: 2353].

4215 -

[57] وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَقْطَعُوا اللَّحْمَ بِالسِّكِّينِ؛ فَإِنَّهُ مِنْ صُنْعِ الأَعَاجِمِ،

ــ

4214 -

[56](أبو هريرة) قوله: (فر فع إليه الذراع) في (القاموس)(1): الذراع بالكسر: من طَرَف المِرْفق إلى طرف الإصبع الوسطى، والساعِدُ، ومن يَدَي البقر والغنم: فوف الكُراع، ومن يدي البعير: فوق الوظيف، وكذلك من الخيل والبغال والحمير، وفي (شمائل الترمذي) (2): عن عائشة رضي الله عنها قالت: (ما كانت الذراع أحب اللحم إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ولكنه كان لا يجد اللحم إلا غِبًّا، وكان يَعْجَل إليها لأنها أعجلها نُضجًا). وعن عبد اللَّه بن جعفر بن أبي طالب يقول: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: (إن أطيب اللحم لحم الظهر)(3).

وقوله: (فنهس منها) في (القاموس)(4): نَهِسَ اللحم، كمنع وسمع: أخذه بمقدّم أسنانه، ونَتَفَه، ونَهَشَه بالمعجمة، كمنعه: نَهَسَه، ولَسَعَه، وعَضَّه، أو أخذه بأضر اسه، والرواية في الحديث بالمهملة، ففيه إشارة إلى تقليل الأكل من اللحم، وعدم الحرص على ذلك.

4215 -

[57](عائشة) قوله: (فإنه من صنع الأعاجم) أي: من عادتهم وعملهم

(1)"القاموس المحيط"(ص: 660).

(2)

"شمائل الترمذي"(خ: 171، 172).

(3)

أخرجه ابن ماجه (3308).

(4)

"القاموس المحيط"(ص: 535، 562).

ص: 261

وَانْهَسُوهُ فَإِنَّهُ أَهْنَأُ وَأَمْرَأُ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ" وَقَالَا: لَيْسَ هُوَ بِالْقَوِيِّ. [د: 3778، هب: 5/ 91].

4216 -

[58] وَعَنْ أُمِّ الْمُنْذِرِ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ عَلِيٌّ وَلَنَا دَوَالٍ مُعَلَّقَةٌ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْكُلُ وَعَلِيٌّ مَعَهُ يَأْكُلُ،

ــ

الدائم، يشعر بذلك لفظ الصنع، فإنه عمل يتمكن ويتدرب فلا تفعلوه كذلك، فلا ينافي ما ثبت من فعله صلى الله عليه وسلم ذلك أحيانًا وذلك إذا لم يكن نضيجًا، واحتيج إلى القطع كما قال الطيبي (1).

وبالجملة القطع بالسكين مباح، والنهس أفضل وأحسن، و (الأعاجم) جمع أعجم، والأعجم من لا يفصح عن المقصود وإن كان عربيًا منسوب إلى العجم وإن كان فصيحًا، وقد جاء الأعجم بمعنى الأخرس، ويقال لغير الإنسان: الحيوانات العجم بضم العين وسكون الجيم لهذا المعنى، بمعنى عدم القدرة على الكلام، ويقال لغير العرب: عجم لأنهم لما لم يكونوا في مرتبتهم من الفصاحة كأنهم خرس غير قادرين على التكلم، والمراد منه في الحديث غير العرب، ونقل عن شرح (جامع الأصول)(2) أن العجم الفرس وكأنه تسامح منه؛ لأن العجم أعم من الفرس كما لا يخفى.

4216 -

[58](أم المنذر) قوله: (وعن أم المنذر) بلفظ اسم الفاعل من الإنذار.

وقوله: (دوال) في (القاموس)(3): الدوالي: عذق بسر يعلق، فإذا أرطب أكل،

(1)"شرح الطيبي"(8/ 159).

(2)

"جامع الأصول"(2/ 450).

(3)

"القاموس المحيط"(ص: 1180)، وانظر:"لسان العرب"(11/ 254).

ص: 262

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَعَلِيٍّ: "مَهْ يَا عَلِيُّ! فَإِنَّكَ ناقِهٌ". قَالَتْ: فَجَعَلْتُ لَهُمْ سِلْقًا وَشَعِيرًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"يَا عَلِيُّ! مِنْ هَذَا فَأَصِبْ؛ فَإِنَّهُ أَوْفَقُ لَكَ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ. [حم: 6/ 364، ت: 2037، جه: 3442].

4217 -

[59] وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعْجبُهُ الثُّفْلُ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ". [ت في الشمائل: 186، هب: 8/ 80].

ــ

وقال التُّورِبِشْتِي (1): واحدها في القياس دالية، قال أبو عبيد الهروي: ولم أسمع به، و (مه) بفتح الميم وسكون الهاء اسم فعل بمعنى: اكفف، كما أن صه بمعنى: اسكت، و (الناقه) الذي من المرض ولم يكمل صحته وقوته، في (القاموس) (2): نقه من مرضه، كفرح ومنع، نَقْهًا ونُقوهًا: صح وفيه ضَعْفٌ، أو أفاق، فهو ناقه.

وقوله: (فجعلت لهم) أي: للأهل والضيفان، وفي بعض النسخ:(له)، والضمير إما له صلى الله عليه وسلم أو لعلي رضي الله عنه، وهذا أنسب بسياق الكلام، و (السلق) نبت يؤكل ويجعل في القدر، يقال بالفارسية: جقندر، وفي (الصراح) (3): سلق بالكسر: كزك.

4217 -

[59](أنس) قوله: (الثفل) بضم المثلثة وقد يكسر وسكون الفاء: ما يرسب من الشيء من جنس المائعات، والمراد هنا ما يرسب ويبقى تحت الطعام في القدر، وقد يفسر بالثريد، والصواب هو الأول، وأما ما جاء في حديث الحديبية: (من

(1)"كتاب الميسر"(3/ 959).

(2)

"القاموس المحيط"(ص: 1154).

(3)

"الصراح"(ص: 379).

ص: 263

4218 -

[60] وَعَنْ نُبَيْشَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ أَكَلَ فِي قَصْعَةٍ فَلَحِسَهَا اسْتَغْفَرَتْ لَهُ الْقَصْعَةُ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارِمِيُّ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ. [حم: 5/ 76، ت: 1804، جه: 3271، دي: 2/ 96].

ــ

كان له ثُفل فليصطنع)، فالمراد به بقية ما عنده من الدقيق والسويق ونحوهما، وهو قريب من المعنى المراد هنا كأنه رسب وبقي كالذي بقي تحت الطعام في القدر، وقد ذكر بعض العلماء وجه إعجاب الثفل بأن فيه قوة جميع ما في القدر، وكان مزاجه صلى الله عليه وسلم أعدل من مزاج كل فرد، أو لأنه أقل دهانة غالبًا يعني في أكثر الأطعمة، فيكون أسرع انهضامًا، ولأنه يجمع طعوم ما في القدر من اللحم والحوائج، وأيضًا هو آخر ما بقي في الظرف، وقد جاء: أن في لحس الإناء بركة وأنه يستغفر للاعقه، وأيضًا هو من التواضع الذي هو عادته الشريفة الكريمة، وكثير من الأغنياء يتكبرون من أكله ويصبونه، وللَّه در ما في كل فعل وقول له صلى الله عليه وسلم من طُرَفِ التُّحَفِ وغُرَرِ اللطَفِ، اللهم صل وسلم عليه.

4218 -

[60](نبيشة) قوله: (عن نبيشة) بضم النون وفتح الموحدة وسكون التحتانية والشين المعجمة.

وقوله: (فلحسها) من باب سمع، كذا في كتب اللغة، قيل: ووقع في نسخة ميرك شاه بالفتح، واللَّه أعلم.

وقوله: (استغفرت له القصعة) لما في اللحس من التواضع، والبراءة من الكبر، وذلك مما يوجب المغفرة، فأضاف إلى القصعة لكونها كالسبب لذلك، كذا قال التُّورِبِشْتِي (1).

(1)"كتاب الميسر"(3/ 960).

ص: 264

4219 -

[61] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ بَاتَ وَفِي يَدِهِ غَمَرٌ لَمْ يَغْسِلْهُ، فَأَصَابَهُ شَيْءٌ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ. [ت: 1859، د: 3852، جه: 3297].

4220 -

[62] وَعَنِ ابْنِ عبَّاسٍ قَالَ: كَانَ أَحَبَّ الطَّعَامِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الثَّرِيدُ مِنَ الْخُبْزِ، وَالثَّرِيدُ مِنَ الْحَيْسِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 3783].

ــ

4219 -

[61](أبو هريرة) قوله: (وفي يده غمر) بالغين المعجمة محركة: ريح اللحم، وما يعلق باليد من اللحم من دسمه.

وقوله: (فأصابه شيء) أي: من إيذاء الهوام؛ لأنه ربما تقصده برائحة الطعام في يده فتؤذيه وتلدغه، كذا قال الطيبي (1)، وقيل: من البرص ونحوه؛ لأن اليد حينئذٍ إذا وصلت إلى شيء من بدنه بعد عرقه ربما أورثت ذلك.

4220 -

[62](ابن عباس) قوله: (الثريد) ثرد الخبز: كسره، في (الصراح) (2): ثرد: نان شكستن در كاسه، والثريد أفضل طعام العرب؛ لأنه مع اللحم جامع بين الغذاء واللذة والقوة وسهولة التناول في المضغ، والثريد غالبًا لا يكون إلا من لحم، ويقال: الثريد أحد اللحمين، واللذة والقوة إذا كان اللحم نضيجًا في المق أكثر ما يكون في نفس اللحم.

وقوله: (بالثريد من الحيس) وهو تمر مخلوط بسمن وأقط، ويطلق الثريد عليه بمعنى الكسر، والغالب إطلاقه على ثريد الخبز.

(1)"شرح الطيبي"(8/ 161).

(2)

"الصراح"(ص: 124).

ص: 265

4221 -

[63] وَعَنْ أَبِي أَسِيدٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "كَلُوا الزَّيْتَ وَادَّهِنُوا بِهِ، فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارِمِيُّ. [ت: 1852، جه: 3311، دي: 2104].

4222 -

[64] وَعَنْ أُمِّ هَانِئٍ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "أَعِنْدَكِ شَيْءٌ" قُلْتُ: لَا، إِلَّا خُبْزٌ يَابِسٌ وَخَلٌّ، فَقَالَ: "هَاتِي، مَا أَقْفَرَ بَيْتٌ مِنْ أَدَمٍ فِيهِ خَلٌّ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. [ت: 1841].

ــ

4221 -

[63](أبو أسيد) قوله: (وعن أبي أسيد) بفتح الهمزة وكسر السين وهو الصحيح، وقد زعم بعضهم بضم وفتح.

وقوله: (من شجرة مباركة) المراد به الزيتون، وفيه خير وبركة ومنافع كثيرة، وهو المراد بالشجرة المباركة المذكورة في قوله تعالى:{اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [النور: 35]، وقد أقسم اللَّه به تشريفًا وتكريمًا له في قوله:{وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} [التين: 1]، وأجوده ما ينبت في أرض الشام التي سماها اللَّه تعالى الأرض المباركة والبقعة المباركة.

4222 -

[64](أم هانئ) قوله: (لا، إلا خبز يابس وخل) أي: لا شيء من الطعام إلا هذا، وهو مما لا يقدم على مثلك، قالت ذلك حياءً منها وتعظيمًا له صلى الله عليه وسلم، فقال صلى الله عليه وسلم تسلية لها ورفعًا لحجاب الحياء منها وتنبيهًا على القناعة بأدنى ما حضر من الطعام:(ما أقفر بيت من أدم فيه خل) بتقديم القاف على الفاء من القفر وهو في الأصل بمعنى أرض لا ماء فيها ولا كلأ، وخبز قَفْرٌ وقَفَارٌ: غير مأدوم، كذا في (القاموس)(1).

(1)"القاموس المحيط"(ص: 433).

ص: 266

4223 -

[65] وَعَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَخَذَ كِسْرَةً مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ، فَوَضَعَ عَلَيْهَا تَمْرَةً، فَقَالَ:"هَذِهِ إِدَامُ هَذِهِ" وَأَكَلَ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 3259، 3830].

4224 -

[66] وَعَنْ سَعْدٍ قَالَ: مَرِضْتُ مَرَضًا أَتَانِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعُودُنِي، فَوَضَعَ يَدَهُ بَيْنَ ثَدْيَيَّ، حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَهَا عَلَى فُؤَادِي، وَقَالَ: "إِنَّكَ رَجُلٌ مَفْؤُودٌ ائْتِ الْحَارِثَ بْنَ كَلَدَةَ. . . . .

ــ

وقوله: (فيه خل) صفة لـ (بيت)، ولا بأس بالفصل بالظرف، أو حال لوقوعه في سياق النفي.

4223 -

[65](يوسف بن عبد اللَّه) قوله: (كسرة) بكسر الكاف.

وقوله: (هذه إدام هذه) يؤيد القول بأن الإدام ما يطيب الخبز به ويصلحه لا ما يصطبغ به، إلا أن يقال: إطلاق الإدام هنا مجاز باعتبار تشبيهه به، واللَّه أعلم.

4224 -

[66](سعد) قوله: (على فؤادي) بضم الفاء والهمزة بمعنى القلب أو وسطه أو غشائه، أقوال، والقلب حبته وسويداؤه، كذا في (النهاية)(1)، ويدل على مغايرتهما ما ورد في أهل اليمن:(هم أرق أفئدة وألين قلوبًا)، أو هو تفنن، وسيجيء الكلام فيه في آخر الكتاب في (باب ذكر اليمن والشام)، وقال في (القاموس) (2): الفئيد: النار، والمشوي، ومنه: الفؤاد: للقلب.

وقوله: (إنك رجل مفؤود) والمفؤود من أصيب فؤاده بوجع، كالمصدور من وجع صدره، و (كلدة) بكاف ولام مفتوحتين وإهمال دال.

(1)"النهاية"(3/ 405).

(2)

"القاموس المحيط"(ص: 290).

ص: 267

أَخَا ثَقِيفٍ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ يَتَطَبَّبُ، فَلْيَأْخُذْ سَبْعَ تَمْرَاتٍ من عَجْوَةِ الْمَدِينَةِ، فَلْيَجَأْهُنَّ بِنَوَاهُنَّ، ثُمَّ لِيَلُدَّكَ بِهِنَّ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 3875].

ــ

وقوله: (أخا ثقيف) أي: ثقفي، ويضاف أهل القبيلة إليها بالأخ لقوله تعالى:{وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ} [الأحقاف: 21]، و {قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ} [الشعراء: 106]، وغير ذلك.

وقوله: (فإنه رجل يتطبب) صيغة التفعل إما للكمال أو التكلف، أي: رجل يعالج الناس ويستعمل الطب، وإن لم يكن في تلك المرتبة من الحذاقة وأنه يكفيك، ثم أشار صلى الله عليه وسلم إلى علاج من عنده هو أيسر وأنفع لئلا يوقعه الطبيب في علاجات شاقة ومحنة فيها كما هو عادة الأطباء، ولكنه أحال عليه اتخاذه وصفته وكيفية استعماله؛ لأنه أسهل عليه وأيسر، وربما يؤمي هذا إلى عدم حذاقته على الكمال يعني يثبت لك العلاج، ولكن ارجع إلى ذلك الرجل في فعله واستعماله، وقال الطيبي (1): فيه [جواز] مشاورة أهل الكفر في الطب؛ لأن الحارث بن كلدة الثقفي لم يصح إسلامه.

وقوله: (من عجوة المدينة) عرف معناها في آخر (الفصل الأول) من حديث سعد.

وقوله: (فليجأهن) أي: ليكسرهن ويدقهن مع نواهن، أمر باللام من وجأ يجأ مثالًا مهموزًا بمعنى دق وكسر، وجأ التيس وجاءً: دق عروق خصييه بين حجرين ولم يخرجهما أو رضّهما.

وقوله: (ثم ليلدك) بضم اللام وتشديد الدال أمر من لد يلد الدواء: إذا صبه في فمه، أي: يجعله في الماء ويسقيك، واللدود، كصبور: ما يُصَبُّ بالْمُسْعُط من الدواء في أحد شقي الفم، كاللَّديد، كذا في (القاموس)(2).

(1)"شرح الطيبي"(8/ 163).

(2)

"القاموس المحيط"(ص: 300).

ص: 268

4225 -

[67] وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْكُلُ الْبِطَّيخَ بِالرُّطَبِ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَزَادَ أَبُو دَاوُدَ: وَيَقُولُ: "يَكْسِرُ حَرَّ هَذَا بِبَرْدِ هَذَا، وَبَرْدَ هَذَا بِحَرِّ هَذَا". وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. [ت: 1843، د: 3836].

4226 -

[67] وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِتَمْرٍ عَتِيقٍ، فَجَعَلَ يُفَتِّشُهُ وَيُخْرِجُ السُّوسَ مِنْهُ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 3832].

4227 -

[69] وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِجُبُنَّةٍ فِي تَبُوكَ، فَدَعَا بِالسِّكِّينِ. . . . .

ــ

4225 -

[67](عائشة) قوله: (يكسر حر هذا) أي: الرطب لأنه حار.

وقوله: (ببرد هذا) أي: البطيخ، ويدل على أن البطيخ بارد، قال الطيبي (1): لعل البطيخ كان نيًّا غير نضيج فهو [حينئذ] بارد، انتهى. وقال السخاوي في (المقاصد الحسنة) (2): رواية يزيد بن رومان: (الطبيخ) بتقديم الطاء على الباء بمعنى المطبوخ.

4226 -

[68](أنس) قوله: (فجعل يفتشه) أي: يشق التمر ويخرج عنه الدود، و (السوس) بالضم: دود يقع في الصوف والطعام.

4227 -

[69](ابن عمر) قوله: (بجبنة) واحد الجبن بالضم وبضمتين كعُتُلّ، كذا في (القاموس)(3) معروف، وقال الطيبي (4): فيه دليل على طهارة الإنفحة؛ لأنها

(1)"شرح الطيبي"(8/ 164).

(2)

"المقاصد الحسنة"(ص: 434).

(3)

"القاموس المحيط"(ص: 1092).

(4)

"شرح الطيبي"(8/ 164).

ص: 269

فَسَمَّى وَقَطَعَ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 3819].

4228 -

[70] وَعَنْ سَلْمَانَ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ السَّمْنِ وَالْجُبْنِ وَالْفِرَاءِ فَقَالَ: "الْحَلَالُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، وَالْحَرَامُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ،

ــ

لو كانت نجسة لكان الجبن نجسًا؛ لأنه لا يحصل إلا بها، انتهى. الإنفحة: بكسر الهمزة وتشديد الحاء وقد تكسر الفاء، والمِنْفَحة والبِنْفَحة: شيء يستخرج من بطن الجَدْي الرَّضِيع، أصفر فيعصر في صوفة فَيَغْلُظ كالجبن، وتفسير الجوهري الإنفحة بالكَرِش سهو، كذا في (القاموس)(1)، والمشهور أنه اللبن الذي يخرج من بطن الجدي فيجعل في اللبن فينعقد به الجبن، وقد ذكر بعض الفقهاء من المغاربة أنه يكره الجبن الرومي، ولا يدرى ماذا العلة فيه، أي: الشبهة في الإنفحة أو غيرها، واللَّه أعلم.

وقوله: (فسمى وقطع) وهذه التسمية للتبرك كما في ابتداء الطعام لا للذبح كما يفعله بعض القوم في القرع.

4228 -

[70](سلمان) قوله: (عن السمن والجبن والفراء) إنما سألوا لتطرق الشبهة فيما عندهم، ثم اختلف الشارحون في لفظ الفراء، فبعضهم على أنه بكسر الفاء والمد، جمع الفرا بفتح الفاء والقصر بمعنى حمار الوحش، وقيل: هو هنا جمع الفرو الذي يلبس ويكون من جلد الأرنب ونحوه، والترمذي ذكر الحديث في كتابه في (لبس الفرو)، ولكن ذكره ابن ماجه في (باب السمن والجبن)، كذا نقل عن القاضي ناصر الدين البيضاوي (2).

(1)"القاموس المحيط"(ص: 237).

(2)

"تحفة الأبرار"(3/ 116).

ص: 270

وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ مِمَّا عَفَا عَنْهُ". رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ وَمَوْقُوفٌ عَلَى الأَصَحِّ. [جه: 3367، ت: 1726].

4229 -

[71] وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "وَدِدْتُ أَنَّ عِنْدِي خُبزةً بيضاءَ مِنْ بُرَّةٍ سَمْرَاءَ. . . . .

ــ

وقال التُّورِبِشْتِي (1): قد غلط بعضهم في الفراء في أنها جمع الفرا وهو الحمار الوحشي، وإنما هو جمع الفرو الذي يلبس، وإنما سألوا عنها حذرًا من صنيع أهل الكفر في اتخاذهم الفرا من جلد الميتة من غير دباغ، ومما يبين صحة ما ذكرنا هو أن علماء الحديث أوردوا هذا الحديث في (باب اللباس)، ولو أوردوه في (باب الطعام) لم يكن ذلك حجة على الاختلاف فيها؛ لأن الحديث مشتمل على السؤال من الطعام واللباس، انتهى.

وقوله: (فهو مما عفا عنه) فيه أن الأصل في الأشياء الإباحة.

4229 -

[71](ابن عمر) قوله: (من برة سمراء) فإن قلت: سمراء هي الحنطة، فما وجه توصيف الحنطة به، فقيل في توجيهه: إنه من الأوصاف الغالبة على الحنطة كالأسود على الحية، وقد استعمل هنا في المعنى الأصلية الوصفية، وهو ما له سمرة وهي لون بين البياض والسواد وهو الأدمة أيضًا، وقيل: السمراء اسم لنوع خاص منها وهي التي فيها سواد خفي وهو أجودها وأحمدها، يعني أنها إنما غلبت في بعض أنواعها، وهي التي فيها السمرة لا في مطلقها، فيكون صفة مخصصة ويمكن أن يقال: إن السمراء اسم لمطلق الحنطة، وإنما وصفت بها للمبالغة في وصفها بالسمرة كما يقال: حية أسود، أي: في غاية السواد، وتقرب ذلك من قولهم: ظل ظليل.

(1)"كتاب الميسر"(3/ 961).

ص: 271

مُلَبَّقَةً بِسَمْنٍ وَلَبَنٍ" فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَاتَّخَذَهُ، فَجَاءَ بِهِ، فَقَالَ: "فِي أَيِّ شَيْءٍ كَانَ هَذَا؟ " قَالَ فِي عُكَّةِ ضَبٍّ قَالَ: "ارْفَعْهُ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ، وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ. [د: 3818، جه: 3341].

ــ

وقوله: (ملبقة) على صيغة اسم المفعول من التلبيق وهو التليين، في (القاموس) (1): لَبَقَه: لينه، وثريد ملبق: ملين بالدسم.

وقوله: (في عكة) بالضم: آنية السمن أصغر من القربة، جمعه عُكَكٌ وعِكاك، كذا في (القاموس)(2)، وفي (نهاية الجزري) (3): العكة: وعاء من الجلود مستدير يختص بالسمن والعسل، وهو بالسمن أخص.

وقوله: (ارفعه) يحتمل أن يكون الأمر برفعه لكون جلده نجسًا لحرمة لحمه كما هو مذهب الحنفية، ويحتمل أن يكون لتنفر طبعه صلى الله عليه وسلم وليس بحرام، وهو مذهب الشافعي وأكثر العلماء وإلا لأمر بطرحه ونهاه عن تناوله، وقد مرّ هذا البحث في (باب ما يحل أكله وما يحرم)، وتمني هذا النوع من الطعام من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كأنه كان من انبساط مع أصحابه أحيانًا من غير تكلف كما جاء في الحديث: وكنا إذا ذكرنا الدنيا ذكرها معنا، وإذا ذكرنا الطعام ذكره معنا، أو لامتحان بعض أصحابه في إحضاره له وتبادره إلى قضاء شهواته كما هو شأن المحبة، ولهذا رده بعد إحضاره ولم يأكله، أو لعله كان لأجل شهوة بعض الحاضرين ممن يصلح له مثل هذا الطعام، ولهذا قال:(عندي)، ولم يصرح بتمني أكله، واللَّه أعلم. وقال الطيبي (4): هذا الحديث مخالف

(1)"القاموس المحيط"(ص: 848 - 849).

(2)

"القاموس المحيط"(ص: 874).

(3)

"النهاية"(3/ 284).

(4)

"شرح الطيبي"(8/ 165).

ص: 272

4230 -

[72] وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَن أَكْلِ الثُّومِ إِلَّا مَطْبُوخًا. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ. [ت: 1808، د: 3828].

4231 -

[73] وَعَنْ أَبِي زِيَادٍ قَالَ: سُئِلَتْ عَائِشَةُ عَنِ الْبَصَلِ فَقَالَتْ: إِنَّ آخِرَ طَعَامٍ أَكَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَعَامٌ فِيهِ بَصْلٌ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 3829].

4232 -

[74] وَعَنِ ابْنَيْ بُسْرٍ السُّلَمِيَّيْنِ قَالَا: . . . . .

ــ

لما كان عليه من شيمته صلوات اللَّه عليه، وكيف وقد أخرج مخرج التمني؟ ومن ثم صرح أبو داود بكونه منكرًا.

4230 -

[72](علي) قوله: (نهى عن أكل الثوم إلا مطبوخًا) النهي تنزيهي؛ لأن المختار أنه غير محرم، وإنما لم يأكل بنفسه لما بين من عذره.

4231 -

[73](أبو زياد) قوله: (طعام فيه بصل) قد ثبت النهي عن أكل البصل والثوم ونحوهما، وثبت امتناعه صلى الله عليه وسلم عن أكلها وأكل طعام فيه شيء من ذلك، وإنما أكل مرة تعليمًا للجواز وأنه مكروه كراهة تنزيه وهو الأصح، ونقل عن الطحاوي في "شرح الآثار" (1) أنه قال بعد ما سرد الأحاديث: هذه الأحاديث دلت على إباحة أكل نحو البصل والكراث والثوم مطبوخًا كان أو غير مطبوخ لمن قعد في بيته، وكراهة حضور المسجد وريحه موجود، قال: وبه نأخذ، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله.

4232 -

[74](ابنا بسر) قوله: (عن ابني بسر) بضم الباء وسكون السين بلفظ ضد الرطب، و (السلميين) بضم السين وفتح اللام مع خفتها وتشديدها واسمهما

(1)"شرح معاني الآثار"(4/ 240).

ص: 273

دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَدَّمْنَا زُبْدًا وَتَمْرًا، وَكَانَ يُحِبُّ الزُّبَدَ وَالتَّمَرَ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 3837].

4233 -

[75] وَعَنْ عِكْرَاشِ بْنِ ذُؤيبٍ قَالَ: أُتِينَا بِجَفْنَةٍ كَثِيرَةِ الثَّرِيدِ وَالْوَذْرِ، فَخَبَطْتُ بِيَدِي فِي نَوَاحِيهَا، وَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، فَقَبَضَ بِيَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى يَدِيَ الْيُمْنَى، ثُمَّ قَالَ:"يَا عِكْرَاشُ! كُلْ مِنْ مَوْضعٍ وَاحِدٍ؛ فَإِنَّهُ طَعَامٌ وَاحِدٌ". . . . .

ــ

عبد اللَّه وعطية.

وقوله: (وكان يحب الزبد والتمر) أي: معًا؛ لأن دسومة الزبد يذهب عفوصة التمر، وما يذكر في كتب النحو من المثال للتمر من قولهم: على التمرة مثلها زبدًا، فهو بهذا المعنى، فإن بعض الناس يبيعون التمر على فمها زبد لأجل ما ذكرنا.

4233 -

[75](عكراش بن ذؤيب) قوله: (عكراش) بكسر العين وسكون الكاف، (ابن ذؤيب) بضم الذال المعجمة على صيغة التصغير، (بجفنة) بفتح الجيم وسكون الفاء: قصعة عظيمة.

وقوله: (والوذر) بفتح الواو وسكون الذال المعجمة جمع وذرة: القطعة الصغيرة من اللحم لا عظم فيها، ويحرك، كذا في (القاموس)(1).

وقوله: (فخبطت بيدي) من خبط البعير بيده الأرض: إذا ضربها بها، أي: ضربت يدي فيها من غير استواء كخبط عشواء.

وقوله: (فإنه طعام واحد) فلا حاجة إلى الأكل من الجوانب، وترك الأكل مما

(1)"القاموس المحيط"(ص: 457).

ص: 274

ثُمَّ أُتِينَا بِطَبَقٍ فِيهِ أَلْوَانُ التَّمْرِ، فَجَعَلْتُ آكُلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ، وَجَالَتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الطَّبَقِ فَقَالَ:"يَا عِكْرَاشُ! كُلْ مِنْ حَيْثُ شِئْتَ؛ فَإِنَّهُ غَيْرُ لَوْنٍ وَاحِدٍ"، ثُمَّ أُتِينَا بِمَاءٍ، فَغَسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ، وَمسَحَ بَلَلَ كَفَّيْهِ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ وَرَأْسَهُ، وَقَالَ:"يَا عِكْرَاشُ! هَذَا الْوُضُوءُ مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت: 1848].

4234 -

[76] وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَخَذَ أَهْلَهُ الْوَعْكُ أَمَرَ بِالْحَسَاءِ فَصُنِعَ، ثُمَّ أَمَرَ فَحَسَوْا مِنْهُ، وَكَانَ يَقُولُ: . . . . .

ــ

بين اليدين للشره والحرص، ويفهم منه أن الطعام والفاكهة لو كان ألوانًا مختلفة يجوز الأكل من الجوانب بحسب ميلان الطبع، وذلك أيضًا إنما يكون إذا لم يكن ظلمًا على الشركاء، وكانوا راضين بذلك.

وقوله: (فإنه غير لون واحد) يدل على أن الفاكهة إذا كان لونًا واحدًا لا يجوز الخبط والشره.

4234 -

[76](عائشة) قوله: (الوعك) هو حر الحمى أو شدته وهو بفتح واو وسكون عين، كذا قال الكرماني (1)، وفي (شرح الشفاء) للشُّمُنِّي: بفتح العين وسكونها.

وقوله: (أمر بالحساء) بالفتح والمد: طبيخ يتخذ من دقيق وماء ودهن ويكون رقيقًا.

وقوله: (فحسوا) أي: شربوا، والحسو: الشرب، وفي (القاموس) (2): حسا

(1)"شرح الكرماني"(4/ 243).

(2)

"القاموس المحيط"(ص: 1171).

ص: 275

"إِنَّهُ لَيَرْتُو فُؤَادَ الْحَزِينِ، وَيَسْرُو عَنْ فُؤَادِ السَّقِيمِ، كَمَا تَسْرُو إِحْدَاكُنَّ الْوَسَخَ بِالْمَاءَ عَنْ وَجْهِهَا". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. [ت: 2039].

4235 -

[77] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الْعَجْوَةُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَفِيهَا شِفَاءٌ مِنَ السُّمِّ، وَالْكَمأَةُ مِنَ الْمَنِّ، وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت: 2066، 2068].

ــ

الماء: شربه شيئًا بعد شيء، كتحساه واحتساه، وحسا الطائر الماء حَسْوًا، ولا تقل: شرب.

وقوله: (ليرتو) أي: يَشُدُّه ويُقَوِّيه، في (القاموس) (1): رتاه: شَدَّه، وأرخاه، ضد، والقلب: قوّاه.

وقوله: (يسروا) أي: يكشف عن فؤاده الضيق والتعب، سُرِيَ الهم: انكشف.

وقوله: (كما تسروا إحداكن) الخطاب للنساء إما لأن المحموم في هذا الوقت كانت إحداهن، أو لأنهن يبالغن في إزالة الوسخ عن الوجوه.

4235 -

[77](أبو هريرة) قوله: (العجوة من الجنة) أي: أنزلت من الجنة إلى مدينة الرسول كروضته صلى الله عليه وسلم، أو يكون في الجنة يوم القيامة، أو فيه بركة وراحة للخلق كما في نعم الجنة، والأول هو الظاهر الأصوب كما عرف فيما قال العلماء في قوله عليه السلام:(ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة)، وقد يأول بأنها للطافتها كأنها من ثمار الجنة.

(1)"القاموس المحيط"(ص: 1183).

ص: 276