المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الفصل الثالث: - لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح - جـ ٧

[عبد الحق الدهلوي]

فهرس الكتاب

- ‌4 - باب القتال في الجهاد

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب حكم الأُسَرَاءِ

- ‌ الفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب الأمان

- ‌ الفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب قسمة الغنائم والغلول فيها

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب الجزية

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌9 - باب الصلح

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌10 - باب إخراج اليهود من جزيرة العرب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌11 - باب الفيء

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(20) كتاب الصيد والذبائح

- ‌ الفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب ذكر الكلب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌2 - باب ما يحل أكله وما يحرم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب العقيقة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(21) كتاب الأطعمة

- ‌ الفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب الضيافة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب

- ‌ الْفَصْل الثَّانِي:

- ‌3 - باب الأشربة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب النقيع والأنبذة

- ‌ الفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب تغطية الأواني وغيرها

- ‌ الفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌(22) كتاب اللباس

- ‌ الفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب الخاتم

- ‌ الفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب النعال

- ‌ الفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌3 - باب الترجل

- ‌ الفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب التصاوير

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(23) كتاب الطب والرقى

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب الفأل والطيرة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب الكهانة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(24) كتاب الرؤيا

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

الفصل: ‌ الفصل الثالث:

وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ. [مسند الشافعي: 2/ 125، د: 298، ن: 4137].

*‌

‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

4028 -

[44] عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: إِنِّي لَوَاقِفٌ فِي الصَّفِّ يَوْمَ بَدْرٍ، فَنَظَرْتُ عَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي، فَإِذَا أَنَا بِغُلَامَيْنِ مِنَ الأَنْصَارِ حَدِيثَةٍ أَسْنَانُهُمَا، فَتَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُونَ بَيْنَ أَضْلَعَ مِنْهُمَا، فَغَمَزَنِي أَحَدُهُمَا، فَقَالَ: أَيْ عَمِّ هَلْ تَعْرِفُ أَبَا جَهْلٍ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَمَا حَاجَتُكَ إِلَيْهِ يَا ابْنَ أَخِي؟ قَالَ: أُخْبِرْتُ أَنَّهُ يَسُبُّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَئِنْ رَأَيْتُهُ لَا يُفَارِقُ سَوَادِي سَوَادَهُ حَتَّى يَمُوتَ الأَعْجَلُ مِنَّا، فَتَعَجَّبْتُ لِذَلِكَ، قَالَ: وَغَمَزنِي الآخَرُ، فَقَالَ لِي مِثْلَهَا، فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ نَظَرْتُ. . . . .

ــ

وفي بعض النسخ: (إنا وبني عبد المطلب) بلفظ الجمع و (بني) بالنصب.

الفصل الثالث

4028 -

[44](عبد الرحمن بن عوف) قوله: (بين أضلع منهما) أي: بين رجلين أقوى منهما، والضلاعة: القوة، وشدة الأضلاع، ضَلُع ككرم فهو ضليع: شديد غليظ، ورجل ضليع وفرس ضليع: تام الخلق كذا في (القاموس)(1) وإنما تمنى ذلك خوفًا من فرار الغلامين، وعدم ثباتهما في الحرب.

وقوله: (سوادي سواده) أي: شخصي شخصه.

وقوله: (حتى يموت الأعجل) أي: الأقرب أجلًا.

وقوله: (فلم أنشب) بفتح الشين، أي: فلم أمكث، وهو في الأصل بمعنى التعليق من الشيء، يقال: نشب الصائد علق الصيد بمخالبه، وبمعنى اللزوم، ونشبه الأمر

(1)"القاموس المحيط"(ص: 685).

ص: 89

إِلَى أَبِي جَهْلٍ يَجُولُ فِي النَّاسِ، فَقُلْتُ: أَلَا تَرَيَانِ؟ هَذَا صَاحِبُكُمَا الَّذِي تَسأَلَانِي عَنْهُ قَالَ: فَابْتَدَرَاهُ بِسَيْفَيْهِمَا، فَضَرَبَاهُ حَتَّى قَتَلَاهُ، ثُمَّ انْصَرَفَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَاهُ فَقَالَ:"أَيُّكُمَا قَتَلَهُ؟ " فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: أَنَا قَتَلْتُهُ، فَقَالَ:"هَلْ مَسَحْتُمَا سَيْفَيْكُمَا؟ " فَقَالَا: لَا، فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى السَّيْفَيْنِ فَقَالَ:"كِلَاكُمَا قَتَلَهُ"، وَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِسَلَبِهِ لِمُعَاذِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ، وَالرَّجُلَانِ: مُعَاذُ بنُ عَمْرِو بنِ الْجَمُوحِ وَمُعَاذُ بنُ عَفْرَاءَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 3988، 3141، م: 1752].

ــ

كلزمه زنة ومعنى.

وقوله: (يجول في الناس) وفي رواية: (يجول على جمل له).

وقوله: (صاحبكما) بالنصب على البدلية من (هذا)، وبالرفع على الخبر لـ (هذا)، أو لمحذوف أي: هذا صاحبكما.

وقوله: (كلاكما قتله) الضمير إلى (كلا) يكون مفردًا لا غير، اللهم إلا في كلام بعض المصنفين الذين لا يوثق بعربيتهم.

وقوله: (لمعاذ بن عمرو بن الجموح) بفتح الجيم، هذا أحد الرجلين اللذين عبر عنهما في أول الحديث بغلامين من الأنصار، والآخر (معاذ بن عفراء) بالعين المهملة على وزن الحمراء كما بينه في الكتاب، وفي (صحيح البخاري): معوذ بن عفراء بكسر الواو المشددة، فكأنه اختلف في اسمه، ويأتي في الحديث الآتي أنه قد ضربه ابنا عفراء حتى برد، وقد يفهم من لفظ الكتاب أن أحدهما ابن عفراء فقيل: هما من أم واحدة وهي عفراء، لكن أبوهما مختلف، فأبو أحدهما عمرو بن الجموح، وأبو الآخر غيره، فنسب أحدهما إلى الأب، والآخر إلى الأم، هكذا في بعض (الحواشي).

ص: 90

4029 -

[45] وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بَدْرٍ: "مَنْ يَنْظُرُ لَنَا مَا صَنَعَ أَبُو جَهْلٍ؟ " فَانْطَلَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَوَجَدَهُ قَدْ ضَرَبَهُ ابْنَا عَفْرَاءَ. . . . .

ــ

وقال الكرماني (1): اسمهما معاذ ومعوذ، وعفراء اسم أمهما واسم أبيهما حارث ابن رفاعة النجاري، وقال القسطلاني (2): وفي (صحيح مسلم): أن اللذين قتلاه معاذ ابن عمرو بن الجموح ومعاذ بن عفراء وهو ابن الحارث، وعفراء أمه، وهي ابنة عبيد ابن ثعلبة النجارية، انتهى. وظهر من هذا أن المصنف تسامح في تسمية الحديث متفقًا عليه، واللَّه أعلم.

ثم اعلم أن هاهنا كلامًا من وجهين؛ أحدهما: أنه قد قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (كلاكما قتله)، فلم خص أحدهما بسلبه وهو معاذ بن عمرو؟ فقيل في تأويله: إن الرجلين اشتركا لكن معاذ بن عمرو هو الذي أثخنه أولًا، ثم شاركه بعد ذلك الآخر، والمستحق للسلب من أثخن العدو، وأخرجه عن كونه ممتنعًا.

وقوله صلى الله عليه وسلم: (كلاكما قتله) باعتبار اشتراكهما فيه تطييبًا لقلب الآخر، وثانيهما: أنه قد سبق في (الفصل الثاني) من حديث ابن مسعود أنه قال: نفّلني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سيف أبي جهل، وقد ورد فيه أنه -أي ابن مسعود- قتله، فكيف ذلك وأجيب بأن ابن مسعود وجده وبه رمق فجزّ رأسه، فأعطاه شيئًا من سلبه وهو السيف، ونقل عن بعض أصحاب مالك أن الإمام مخير في السلب يفعل فيه ما يشاء، وفي هذا القول نقض عن كلا الإشكالين.

4029 -

[45](أنس) قوله: (من ينظر لنا) استفهام.

وقوله: (ما صنع أبو جهل؟ ) أي: ما حاله؟ وقوله: (وقد ضربه ابنا عفراء) فعلم

(1)"شرح الكرماني"(15/ 160).

(2)

"إرشاد الساري"(6/ 249).

ص: 91

حَتَّى بَرَدَ قَالَ: فَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ، فَقَالَ: أَنْتَ أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ: وَهَلْ فَوْقَ رَجُلٍ قَتَلْتُمُوهُ. وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ: فَلَوْ غَيْرُ أَكَّارٍ قَتَلنِي. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 3962، م: 4020].

ــ

أن البخاري ومسلمًا اتفقا على أنهما ابنا عفراء، فقول مسلم: إن الذين قتلاه معاذ بن عمرو ابن الجموح ومعاذ بن عفراء رواية أخرى مخالفة لهذه الرواية، كذا قيل. قال الشيخ: إن الثلاثة اشتركوا في قتله، وكان الإثخان من معاذ بن عمرو بن الجموح، فيحتمل أن معاذ ابن عمرو رجل آخر غير ابني عفراء شاركهما في قتله، وهو وقع في رواية من مسلم، وهو الذي أثخن وأعطي السلب، واللَّه أعلم.

وقوله: (حتى برد) أي: مات، أي: أشرف على الموت.

وقوله: (فأخذ بلحيته) وفي رواية أخرى: (فبرك) بالباء الموحدة من برك الإبل، أي: قعد على صدره. وقوله: (أنت أبو جهل؟ ) وفي رواية: (أنت أبا جهل) بالألف بدل الواو، وقال القسطلاني (1): هو لغة من يثبت الألف في الأسماء الستة في كل حال، كقوله: إن أباها وأبا أباها، أو النصب على النداء، أي: أنت مصروع يا أبا جهل، وهذا هو المعتمد، انتهى.

وقوله: (وهل فوق رجل) أي: هل أنت، وفي (صحيح البخاري):(أو رجل قتله قومه) بالشك.

وقوله: (فلو غير أكار قتلني) الأكار: الزراع أراد ابني عفراء اللذين قتلاه، وهما من الأنصار وهم أصحاب زرع ونخيل، و (لو) للتمني أو للشرط، والجواب محذوف، أي: كان أحب إليّ.

(1)"إرشاد الساري"(6/ 249).

ص: 92

4030 -

[46] وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَهْطًا وَأَنَا جَالِسٌ، فَتَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهُم رَجُلًا وَهُوَ أَعْجَبُهُمْ إِلَيَّ، فَقُمْتُ، فَقُلْتُ: مَا لَكَ عَنْ فُلَانٍ؟ وَاللَّهِ إِنِّي لأُرَاهُ مُؤْمِنًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أوْ مُسْلِمًا" ذَكَرَ سَعْدٌ ثَلَاثًا وَأَجَابَهُ (1) بِمِثْلِ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ:"إِنِّي لأُعْطِي الرَّجُلَ وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ خَشْيَةَ أَنْ يُكَبَّ فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا: قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَنَرَى: أَنَّ الإِسْلَامَ الْكَلِمَةُ، وَالإِيمَانُ الْعَمَلُ الصَّالحُ. [خ: 27، م: 150].

ــ

4030 -

[46](سعد بن أبي وقاص) قوله: (إني لأراه) أي: أظنه.

وقوله: (أو مسلمًا) بسكون الواو بمعنى بل للإضراب عن قول سعد، قالوا: ليس الإضراب بمعنى إنكار كون الرجل مؤمنًا، بل معناه النهي عن القطع بالإيمان؛ لأن الباطن لا يطلع عليه إلا اللَّه، فالأولى التعبير بالإسلام الظاهر.

وقوله: (إني لأعطي الرجل وغيره أحب إليّ) أشار رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى أن العطاء لا يلزم أن يكون على حسب الفضائل الدينية، بل قد يعطى الضعيف الإيمان تأليفًا لقلبه لئلا يسخط ويقع في الكفر، وهنا كذلك فلا تبالغ في السؤال عن إعطائه مستندًا بكونه مؤمنًا كامل الإيمان مع أنه مما لا يقطع بوجوده، فافهم.

وقوله: (أن يكب) بلفظ المجهول من كب، أي: يكبه اللَّه تعالى.

وقوله: (الإسلام الكلمة، والإيمان العمل الصالح) الظاهر أن يقال: الإسلام العمل والانقياد، والإيمان التصديق، لكن لما كان التلفظ بكلمة الإسلام والإقرار كافيًا في الحكم بالإسلام الظاهر، والأعمال الصالحة تكون دليلًا على التصديق القلبي

(1) في نسخة: "فأجابه".

ص: 93

4031 -

[47] وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ -يَعْنِي يَوْمَ بَدْرٍ- فَقَالَ: "إِنَّ عُثْمَانَ انْطَلَقَ فِي حَاجَةِ اللَّهِ وَحَاجَةِ رَسُولِهِ وَإِنِّي أُبَايعُ لَهُ" فَضَرَبَ لَهُ رسولُ اللَّهِ بِسَهْمٍ وَلَمْ يَضْرِبْ بِشَيْءٍ لِأَحَدٍ غَابَ غَيْرُهُ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 2726].

4032 -

[48] وَعَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَجْعَلُ فِي قَسْمِ الْمَغَانِمِ عَشْرًا مِنَ الشَّاءِ بِبَعِيْرٍ. رَوَاهُ النَّسَائِيُّ. [ن: 4391].

4033 -

[49] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (1): "غَزَا نَبِيٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ فَقَالَ لِقَوْمِهِ: . . . . . .

ــ

وكماله اكتفى في معنى الإسلام بالكلمة، وفسر الإيمان بالعمل الصالح، فافهم.

4031 -

[47](ابن عمر) قوله: (في حاجة اللَّه) أي: دينه، وهي توطئة لذكر حاجة رسوله، وكان تخلف عثمان رضي الله عنه لتمريض رقية بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وكانت تحته.

وقوله: (وإني أبايع له) أي: لأجله، فضرب صلى الله عليه وسلم بيمينه على شماله وقال: هذه يد عثمان، (فضرب له بسهم) أي: أسهمه.

وقوله: (غيره)(2) بالرفع والنصب على ما هو إعراب المستثنى في الكلام الغير الموجب المذكور فيه المستثنى منه.

4032 -

[48](رافع بن خديج) قوله: (ابن خديج) على وزن كريم، (وقسم) بفتح القاف، والباء في قوله:(ببعير) للمقابلة.

4033 -

[49](أبو هريرة) قوله: (غزا نبي) أي: أراد الغزو، ويكون الفاء في قوله:(فقال) لتفصيل المجمل، والنبي هو يوشع بن نون.

(1) في نسخة: "النبي".

(2)

وفي نسخة بالجرّ على البدلية أو الوصفية. "مرقاة المفاتيح"(6/ 2601).

ص: 94

لَا يَتَّبِعْنِي رَجُلٌ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَةٍ وهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا وَلَمَّا يَبْنِ بِهَا، وَلَا أَحَدٌ بَنَى بُيُوتًا وَلَمْ يَرْفَعْ سُقُوفَهَا، وَلَا رَجُلٌ اشْتَرَى غَنَمًا أَوْ خَلِفَاتٍ وَهُوَ يَنْتَظِرُ وِلَادَهَا، فَغَزَا فَدَنًا مِنَ الْقَرْيَةِ. . . . .

ــ

وقوله: (لا يتبعني) بلفظ أمر الغائب من الاتباع.

وقوله: (ملك بضع امرأة) بضم الباء، أي: فرجها، أي: نكح امرأة، ولم يدخل عليها ويريد أن يدخل.

وقوله: (أن يبني بها)(1) قال في (الصحاح)(2): يقال: بنى على أهله، والعامة تقول: بنى بأهله وهو خطأ، وكان الأصل فيه أن الداخل بأهله كان يضرب عليها قبة ليلة دخوله بها، قيل لكل داخل بأهله: بانٍ على أهله، انتهى. وتخطئة بنى بأهله خطأ لهذا الحديث، فتدبر.

وقوله: (ولَمّا) بالتشديد: الحرف الجازم للمضارع، و (الخلفات) جمع خلفة بفتح المعجمة وكسر اللام: الحامل من النوق، و (ولادها) بكسر الواو والضمير فيه للغنم والخلفات، أو حذف من أحدهما اكتفاء، وإنما نهى عن اتباع هؤلاء لأن تعلق النفس يوهن العزيمة، فينبغي أن لا تفوض الأمور المهمة إلا لمن فرغ باله خصوصًا الغزو الذي من شأنه أن يفرغ فيه البال بالتمام والكمال.

وقوله: (فغزا) أي: ذهب للغزاء واستعدّ له.

وقوله: (فدنا) وفي (مسلم): (فأدنى)، فقيل: هو من الإدناء متعد دنى، أي: أدنى جيوشه وقربهم، وقال في (الصحاح) (3): أدنت الناقة: إذا كان نتاجها، فالمراد

(1) وقوله: "أن يبني -إلى- فتدبر" سقطت هذه العبارة من نسخة: (ع)، و (ر)، و (ب).

(2)

"الصحاح"(6/ 2286).

(3)

"الصحاح"(6/ 2341).

ص: 95

صَلَاةَ الْعَصْرِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ لِلشَّمْسِ: إِنَّكِ مَأْمُورَةٌ وَأَنَا مَأْمُورٌ، اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَلَيْنَا، فَحُبِسَتْ حَتَّى فتحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْغَنَائِمَ. . . . .

ــ

كان فتحها، كذا في (مشارق الأنوار)(1).

وقوله: (صلاة العصر) ظرف لـ (دنا) أي: وقت صلاة العصر.

وقوله: (إنك مأمورة وأنا مأمور) كأنه خاف الليل فيفتر أمر الدين.

وقوله: (فحبست) قال في (المواهب اللدنية)(2): ورد في الحديث الصحيح: (لم تحبس الشمس على أحد إلا ليوشع بن نون) يعني حين قاتل الجبارين يوم الجمعة، فلما أدبرت الشمس خاف أن تغيب قبل أن يفرغ منهم ويدخل السبت، فلا يحل له قتالهم فيه، وهذا يدل على أنه من خصائص يوشع وليس كذلك؛ لأنه قد ردت الشمس له صلى الله عليه وسلم، ويحتمل الجمع بأن المعنى لم تحبس على أحد من الأنبياء غيري إلا يوشع، انتهى.

ويحتمل أن يكون هذا القول قبل أن ترد الشمس له صلى الله عليه وسلم؛ لما ورد أنها قد ردت له صلى الله عليه وسلم مرات:

أحدها: ما روى يونس بن بكير في زيادة (المغازي)، في روايته عن ابن إسحاق كما ذكره القاضي في (الشفاء) (3): لما أسري النبي صلى الله عليه وسلم وأخبر قومه بالرُّفْقَة والعلامة التي في العير، قالوا: متى تجيء؟ قال: يوم الأربعاء، فلما كان ذلك اليوم أشرف قريش ينظرونه، وقد ولى النهار ولم يجئ، فدعا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فزيد له في النهار ساعة، وحبست عليه الشمس.

(1)"مشارق الأنوار"(1/ 410).

(2)

"المواهب اللدنية"(2/ 528 - 530).

(3)

"الشفا بتعريف حقوق المصطفى"(1/ 549).

ص: 96

فَجَاءَتْ -يَعْنِي النَّارَ- لِتَأْكُلَهَا فَلَمْ تَطْعَمْهَا فَقَالَ: إِنَّ فِيكُمْ غُلُولًا،

ــ

وثانيها: ما ذكره القاضي عياض أيضًا في (الإكمال)(1) وعزاه لـ (مشكل الآثار)، ونقله النووي في (شرح مسلم) في (باب حل الغنائم) عن عياض، وكذا الحافظ ابن حجر، ونقله النووي في (باب الأذان) من تخريج أحاديث الرافعي.

وثالثها: ما روت أسماء بنت عميس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوحى إليه ورأسه في حجر علي رضي الله عنه، فلم يصل العصر حتى غربت الشمس، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:(أصليت يا علي؟ ) قال: لا، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:(اللهم إنه كان في طاعتك وطاعة رسولك فاردد عليه الشمس)، قالت أسماء: فرأيتها غربت ثم رأيتها طلعت بعد ما غربت، ووقعت على الجبال والأرض، وذلك بالصهباء في خيبر، رواه الطحاوي في (مشكل الحديث) كما حكاه القاضي عياض في "الشفاء"، وقال: قال الطحاوي: إن أحمد بن صالح كان يقول: لا ينبغي لمن سبيله العلم التخلف عن حفظ هذا الحديث لأنه من علامات النبوة، انتهى.

وقيل: إن هذا الحديث ليس بصحيح، وذكره ابن الجوزي في (الموضوعات)، وقال الشيخ ابن حجر: قال أحمد: لا أصل له، وتبعه ابن الجوزي فأورده في (الموضوعات)، ولكن قد صححه الطحاوي والقاضي عياض، وأخرجه ابن منده وابن شاهين من حديث أسماء بنت عميس وابن مردويه من حديث أبي هريرة، انتهى.

رواه الطبراني في (المعجم الكبير) بإسناد حسن كما حكاه شيخ الإسلام ابن العراقي في (شرح التقريب)، كذا في (المواهب اللدنية) وأطال فيه الكلام، واللَّه أعلم.

وقوله: (فلم تطعمها فقال: إن فيكم غلولًا) كان في الأمم السالفة أن تجمع الغنائم فتجيء نار من السماء فتحرقها، وكان ذلك علامة لقبولها، وعدم وجود الغلول فيها،

(1) انظر: "إكمال المعلم"(6/ 53).

ص: 97

فَلْيُبَايِعْنِي مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ رَجُلٌ، فَلَزِقَتْ يَدُ رَجُلٍ بِيَدِهِ فَقَالَ: فِيكُمُ الغُلُولُ فَجَاؤوا بِرَأْسٍ مِثْلِ رَأْسِ بَقَرَةٍ مِنَ الذَّهَبِ فَوَضَعَهَا، فَجَاءَتِ النَّارُ فَأَكَلَتْهَا". زَادَ فِي رِوَايَةٍ:"فَلَمْ تَحِلَّ الْغَنَائِمُ لِأَحَدٍ قَبْلَنَا، ثُمَّ أَحَلَّ اللَّهُ لَنَا الْغَنَائِمَ، رَأَى ضَعْفَنَا وَعَجْزَنَا فَأَحَلَّهَا لَنَا". مُتَّفقٌ عَلَيْهِ. [خ: 3124، م: 1747].

4034 -

[50] وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمَ خَيبَرَ أَقْبَلَ نَفَرٌ مِنْ صَحَابَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: فُلَانٌ شَهِيدٌ، وَفُلَانٌ شَهِيدٌ، حَتَّى مَرُّوا عَلَى رَجُلٍ فَقَالُوا: فُلَانٌ شَهِيدٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"كَلَّا إِنِّي رَأَيْتُهُ فِي النَّارِ فِي بُرْدَةٍ غَلَّهَا أَوْ عَبَاءَةٍ"، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"يَا ابْنَ الْخَطَّابِ! اذْهَبْ فَنَادِ فِي النَّاسِ: أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ ثَلَاثًا" قَالَ: فَخَرَجْتُ فَنَادَيتُ: أَلَا إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ، ثَلَاثًا. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 114].

* * *

ــ

فلما لم تحرقها النار قال نبيهم: إن فيكم غلولًا.

وقوله: (فجاؤوا برأس مثل رأس بقرة من الذهب) وهو المال الذي كان فيها الغلول.

وقوله: (فوضعها) أي: ذلك الرأس، والتأنيث باعتبار الغنيمة.

4034 -

[50](ابن عباس) قوله: (كلا إني رأيته في النار) ردع لما فهم من قولهم: (فلان شهيد) أن روحه في الجنة، ونفي الإيمان منه مع أن الكلام في الشهادة دون الإيمان زجرًا وتشديدًا.

ص: 98