الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الْفَصْلُ الثَّالِثُ:
4236 -
[78] عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: ضِفْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَأَمَرَ بِجَنْبٍ فَشُوِيَ، ثُمَّ أَخَذَ الشَّفْرَةَ فَجَعَلَ يَحُزُّ لِي بِهَا مِنْهُ، فَجَاءَ بِلَالٌ يُؤْذِنُهُ بِالصَّلَاةِ فَأَلْقَى الشَّفْرَةَ، فَقَالَ:"مَا لَهُ تَرِبَتْ يَدَاهُ؟ " قَالَ: وَكَانَ شَارِبُهُ وَفَاءً، فَقَالَ لِي:"أَقُصُّهُ لَكَ عَلَى سِوَاكٍ؟ "أَوْ "قُصَّهُ عَلَى سِوَاكٍ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت في الشمائل: 168].
ــ
الفصل الثالث
4236 -
[78](المغيرة بن شعبة) قوله: (ضفت) على وزن بعت، أي: نزلت أنا ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على رجل ضيفين له.
وقوله: (فشوي) بالتخفيف (الشفرة) بفتح الشين المعجمة: السكين العظيم، و (يؤذنه) من الإيذان بمعنى الإعلام.
وقوله: (ماله) تعجب من إيذان بلال بالصلاة في وقت أكل الطعام، وعدم رعاية حال الضيف، وليس في الصلاة ضيق.
وقوله: (قال: وكان شاربه وفاء) أي: تامًّا وصف بالمصدر، (فقال لي: أقصه على سواك؟ ) وجهوا هذه العبارة بتوجيهات متعددة، الأول: أن ضمير (شاربه) راجع إلى المغيرة، وكان الظاهر: وكان شاربي، فوضع ضمير الغائب موضع ضمير المتكلم التفاتًا على مذهب السكاكي، أو نقل الراوي بالمعنى. وقال الطيبي (1): تجريدًا أو التفاتًا، ومعنى (أقصه لك) أي: لنفعك وثوابك ليكون موافقًا لسنتي.
والثاني: أن الضمير لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ومعنى (أقصه لك) أي: لأجلك، أي:
(1)"شرح الطيبي"(8/ 168).
4237 -
[79] وَعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: كُنَّا إِذَا حَضَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم طَعَامًا، لَمْ نَضَعْ أَيْدِيَنَا حَتَّى يَبْدَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيَضَعُ يَدَهُ، وَإِنَّا حَضَرْنَا مَعَهُ مَرَّةً طَعَامًا، فَجَاءَتْ جَارِيَة كَأَنَّهَا تُدْفَعُ، فَذَهَبَتْ لِتَضَعَ يَدَهَا فِي الطَّعَامِ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهَا، ثُمَّ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ كَأَنَّمَا يُدْفَعُ،
ــ
لتتبرك بما ينفصل عن شواربي من الأشعار.
وثالثها: أن يكون الضمير لبلال ويأباه قوله: (فقال لي)، والظاهر له، قال الطيبي (1): التقدير: قال بلال: فقال لي: أقصه لك بالمعنى المذكور على تقدير جعل الضمير للمغيرة، وفيه تكلف، ولكن هذا إنما يلزم على ما روي في (المشكاة)، وفي (شمائل الترمذي) (2):(فقال له)، وعلى هذه الرواية يبعد جعله للمغيرة كما في شاربه، ونقل الطيبي عن (شرح السنة): قد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا طويل الشارب فدعا بسواك وشفرة، فوضع السواك تحت شاربه ثم جزه، وهذا إن كان في هذه القصة تعين الضمير للمغيرة أو لبلال.
4237 -
[79](حذيفة) قوله: (فجاءت جارية كأنها تدفع) بلفظ المجهول أي: لشدة سرعتها كأنها مدفوعة، وفي رواية: تطرد.
وقوله: (لتضع يدها) أي: قبل أن يبدأ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ويضع يده في الطعام فنضع أيدينا فيه، وكنا متوقفين فيه، يدل عليه قوله في آخر الحديث:(ثم ذكر اسم اللَّه وأكل)، ويدل عليه سياق الحديث أيضًا، وإلا لم يكن في ذكر قولهم: أكنا إذا حضرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم طعامًا لم نضع أيدينا. . . إلخ)، كثير فائدة، ولو قدر حمل مجيء الجارية
(1)"شرح الطيبي"(8/ 168).
(2)
"شمائل الترمذي"(ص: 139).
فَأَخَذَ بِيَدِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ الشَّيْطَانَ يَسْتَحِلُّ الطَّعَامَ أَنْ لَا يُذْكَرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيهِ، وَإِنَّهُ جَاءَ بِهَذِهِ الْجَارِيَةِ لِيَسْتَحِلَّ بِهَا، فَأَخَذْتُ بِيَدِهَا، فَجَاءَ بِهَذَا الأَعْرَابِيِّ لِيَسْتَحِلَّ بِهِ، فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ يَدَهُ فِي يَدِي مَعَ يَدِهَا". زَادَ فِي رِوَايَةٍ: ثُمَّ ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ وأَكَلَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 2017].
4238 -
[80] وَعَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ غُلَامًا، فَأَلْقَى بَيْنَ يَدَيْهِ تَمْرًا، فَأَكَلَ الْغُلَامُ، فَأَكْثَرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ كَثْرَةَ الأَكْلِ شُؤْمٌ". وَأَمَرَ بِرَدِّهِ. رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ". [هب: 5/ 31].
ــ
والأعرابي في أثناء أكل حملنا قوله: (ثم ذكر اسم اللَّه وأكل) على تجديد التسمية، سمى لجبر نقصان تطرق من عدم تسمية الجارية والأعرابي، والوجه هو الأول، يظهر ذلك بالتأمل الصادق في سوق الكلام.
وقوله: (إن يده) أي: يد الشيطان (في يدي مع يدها) أي: يد الجارية، وفي رواية:(مع يديهما)، وهو الظاهر، والرواية بالإفراد من باب الاكتفاء.
4238 -
[80](عائشة) قوله: (شؤم) الشؤم: ضد اليمن، واليمن: البركة، بالضم فيهما، كذا في (القاموس)(1).
وقوله: (وأمر برده) الرد يصح إطلاقه في الأخذ على سوم الشراء وإن كان الظاهر بعد وجود البيع، لكن صرح أنه أراد أن يشتري فلا يكون كثرة أكل من العيوب التي يستحق بها الرد.
(1)"القاموس المحيط"(ص: 1037، 1143).
4239 -
[81] وَعَنْ أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "سَيِّدُ إِدامِكُمُ الْمِلْحُ". رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. [جه: 3315].
4240 -
[82] وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا وُضِعَ الطَّعَامُ فَاخْلَعُوا نِعَالَكُمْ، فإِنَّه أَرْوَحُ لأَقْدَامِكُمْ".
4241 -
[83] وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ: أَنَّهَا كَانَتْ إِذَا أُتِيَتْ بِثَرِيدٍ أَمَرَتْ بِهِ فَغُطِّيَ، حَتَّى تَذْهَبَ فَوْرَةُ دُخَانِهِ، وَتَقُولُ: أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "هُوَ أَعْظَمُ لِلْبَرَكَةِ". رَوَاهُمَا الدَّارمِيُّ. [دي: 2/ 148، 2/ 137].
ــ
4239 -
[81](أنس بن مالك) قوله: (سيد إدامكم الملح) حث على القناعة والزهد في الدنيا، وأما سيادة اللحم فباعتبار اللذة والتنعم.
4240 -
[82](أنس بن مالك) قوله: (فإنه أرْوَح لأقدامكم) وأيضًا فيه تكريم الطعام، وكأنه لم يذكره لظهوره، وللإشارة إلى رعاية حالهم من الراحة، فإنه أدخل في قبول النصح، واللَّه أعلم.
4241 -
[83](أسماء بنت أبي بكر) قوله: (فورة دخانه) أي: غليان بخاره.
وقوله: (هو أعظم للبركة) قال الطيبي (1): أي عظيم البركة، لعله أشار به إلى أن أفعل التفضيل هنا بمعنى الصفة المشبهة؛ لأن هذا من الإضافة إلى الفاعل، وأفعل التفضيل لا يعمل في الفاعل المظهر إلا في مسألة الكحل، فلا فاعل له حتى يضاف إليه، وهذا ما يخطر بالبال في توجيه كلام الطيبي.
(1)"شرح الطيبي"(8/ 169).