الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الْفَصْلُ الأَوَّلُ:
4243 -
[1] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ". وَفِي رِوَايَةٍ: بَدَلَ "الْجَارِ": "وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 6018، 6136، م: 47].
4244 -
[2] وَعَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْكَعْبِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، جَائِزَتُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَالضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ،
ــ
الفصل الأول
4243 -
[1](أبو هريرة) قوله: (فليكرم ضيفه) بطلاقة الوجه والترحيب والقيام للخدمة وتعجيل القرى، والتكلف منهي عنه إلا للضيف.
وقوله: (فلا يؤذ جاره) اكتفاء بالأدنى، يعني إن لم يحسن فلا أقل من أن لا يؤذي، ويمكن أن يجعل النهي عن الإيذاء كناية عن الأمر بالإحسان بناء على أن منع الإحسان ممن يتوقعه إيذاء له، فافهم.
وقوله: (فليقل خيرًا) قد يفسر بما فيه ثواب وهو الأظهر فلا يشمل المباح، وقديجعل بمعنى ما ليس فيه عقاب فيشمله.
وقوله: (وفي رواية) أي: للبخاري، (بدل الجار) أي: بدل جزء الحديث الذي فيه الوصية بعدم إيذاء الجار هذا الكلام.
4244 -
[2](أبو شريح) قوله: (جائزته) الجائزة: العطية، والتحفة، واللطف،
فَمَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَثْوِيَ عِنْدَهُ حَتَّى يُحَرِّجَهُ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 6019، 6135، م: 48].
ــ
كذا في (القاموس)(1)، وفيه أيضًا التحفة بالضم: البر واللطف، واللطف: الرفق والدنو، وقال الطيبي في معنى الحديث (2): إنه يضيف ثلاثة أيام، ثم يعطيه ما يجوز به مسافة يوم وليلة، وتسمى الجيزة أيضًا وهو قدر ما يجوز به من منهل إلى منهل، فما كان بعد ذلك فهو صدقة مخير فيه، وكره المقام بعد ذلك، كذا في (مجمع البحار)(3).
وعلى هذا التقرير الجائزة متأخرة زائدة على الضيافة ثلاثة أيام، والقرينة على أنه قد جاء ذكرها متأخرًا في بعض الروايات الصحيحة عن أبي شريح، ويمكن أن تكون الجائزة إشارة إلى ارتكاب التكلف والمبالغة في البر والإحسان للضيف في اليوم الأول، والاكتفاء بما تيسر في اليومين الأخيرين، فيكون يوم الجائزة أحد الأيام الثلاثة للضيافة.
ثم الظاهر من قوله: (فما بعد ذلك فهو صدقة) أن ما سبق كان واجبًا أداء لحق الضيف، فيكون حجة للقائل بوجوبها ولو في اليوم الأول، لكن ظاهر لفظ الجائزة والإكرام يدل على الاستحباب على ما قال الطيبي (4).
وقوله: (أن يثوي) أي: يقيم.
(1)"القاموس المحيط"(ص: 470).
(2)
"شرح الطيبي"(8/ 172).
(3)
"مجمع بحار الأنوار"(1/ 440).
(4)
"شرح الطيبي"(8/ 172).
4245 -
[3] وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَلْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّكَ تَبْعَثُنَا فَنَنْزِلُ بِقَوْمٍ لَا يَقْرُونَنَا فَمَا تَرَى؟ فَقَالَ لَنَا: "إِنْ نَزَلْتُمْ بِقَوْمٍ فَأَمَرُوا لَكُمْ بِمَا يَنْبَغِي لِلضَّيْفِ فَاقْبَلُوا، فَانْ لَمْ يَفْعَلُوا فَخُذُوا مِنْهُمْ حَقَّ الضَّيْفِ الَّذِي يَنبَغِي لَهُمْ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 6137، م: 1727].
4246 -
[4] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ، فَإِذَا هُوَ بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقَالَ:"مَا أَخْرَجَكُمَا مِنْ بُيُوتِكُمَا هَذِهِ السَّاعَةَ؟ " قَالَا: الْجُوعُ، قَالَ: "وَأَنَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ. . . . .
ــ
4245 -
[3](عقبة بن عامر) قوله: (لا يقروننا) قرى يقري من ضرب يضرب، و (يقروننا) بالنونين في جميع الأصول إلا ما جاء في بعضها بنون واحدة، ومبناه جزم المضارع بدون الجازم للتخفيف كرفعه في محل الجزم، قالوا: وكلاهما لغة فصيحة.
وقوله: (فأمروا) بلفظ الماضي المعلوم، أي: أعطوا.
وقوله: (فخذوا منهم حق الضيف) صريح في وجوب الضيافة حتى يؤخذ جبرًا وكرهًا، وعامة العلماء على أنها من مكارم الأخلاق، وقال مالك وسحنون: إن ذلك على أهل البوادي، والصحيح أنه كان ذلك في أوائل الإسلام فنسخت، وأما عند المخمصة والاضطرار فلا كلام فيه.
وقوله: (ينبغي لهم) الضمير للضيف لأنه اسم جنس، وفي بعض نسخ (المصابيح):(له).
4246 -
[4](أبو هريرة) قوله: (ذات يوم) وفي بعض الروايات: (يوم حار)، وفي بعضها:(صائف)، وفي بعضها:(بالظهيرة).
وقوله: (وأنا) بالواو، وفي بعض النسخ:(فأنا) بالفاء.
لأَخْرَجَنِي الَّذِي أَخْرَجَكُمَا قُومُوا" فَقَامُوا مَعَهُ، فَأَتَى رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ، فَإِذَا هُوَ لَيْسَ فِي بَيْتِهِ، فَلَمَّا رَأَتْهُ الْمَرأَةُ قَالَتْ: مَرْحَبًا وَأَهْلًا، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَيْنَ فُلَانٌ؟ " قَالَتْ: ذَهَبَ يَسْتَعْذِبُ لَنَا مِنَ الْمَاءِ إِذْ جَاءَ الأَنْصَارِيُّ، فَنَظَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَصَاحِبَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ للَّهِ مَا أَحَدٌ الْيَوْمَ أَكْرَمَ أَضْيَافًا مِنِّي قَالَ: . . . . .
ــ
وقوله: (الذي أخرجكما) يعني الجوع، وتأثير الجوع فيه صلى الله عليه وسلم بحكم الجبلة، وللسادة الصوفية في إبقاء حصة الجبلة فيه صلى الله عليه وسلم كلام عال ذكرناه في بعض رسائلنا الفارسية.
وقوله: (فقاموا) هكذا في الأصول بلفظ الجمع كذا قال الطيبي (1)، وهو إما من جعل أقل أفراد الجمع اثنين أو كان معهم خادم -كما يأتي في الفصل الثالث- لم يذكر.
وقوله: (معه) إشارة إلى تبعيتهما له وإطاعتهما له صلى الله عليه وسلم، ولذلك قال:(أتى) بصيغة الإفراد، ودلالته معه على ذلك وإن لم يكن كليًّا كما في قوله:{وَهُوَ مَعَكُمْ} وأمثاله، ولكن ربما يدعى فهمهما في مثل هذا المقام، فافهم.
وقوله: (رجلًا من الأنصار) اسمه أبو الهيثم بن التيهان، بفتح التاء وكسر الياء المشددة.
وقوله: (اكرم أضيافًا) اسم تفضيل من كرم يكرم، والتمييز زال عن الفاعل أي: ليس أحد أزيد مني في كرم أضيافه، أي: كون أضيافه كرمًا، وأما جعله اسم تفضيل من الإكرام بحذف الزائد كما جوزه بعض النحاة وجعل أضيافًا مفعولًا به فمن أغاليط
(1)"شرح الطيبي"(8/ 174).
فَانْطَلَقَ فَجَاءَهُمْ بِعِذْقٍ فِيهِ بُسْرٌ وَتَمْرٌ وَرُطَبٌ، فَقَالَ: كُلُوا مِنْ هَذِهِ، وَأَخَذَ الْمُدْيَةَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"إِيَّاكَ وَالْحَلُوبَ" فَذَبَحَ لَهُمْ فَأَكَلُوا مِنَ الشَّاةِ وَمِنْ ذَلِكَ الْعِذْقِ، وَشَرِبُوا، فَلَمَّا أَنْ شَبِعُوا وَرَوُوا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ:"وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُسأَلُنَّ عَنْ هَذَا النَّعِيمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمُ الْجُوعُ، ثُمَّ لَمْ تَرْجِعُوا حَتَّى أَصَابَكُمْ هَذَا النَّعِيمُ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي مَسْعُودٍ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فِي "بَابِ الْوَليمَةِ". [م: 2038].
ــ
الأوهام؛ لأن اسم التفضيل لا يعمل في المفعول به، فليفهم. وأيضًا الظاهر مدح هؤلاء الأضياف الكرام لا مدح نفسه، وهو الصادق قطعًا.
وقوله: (فجاءهم بعذق) فيه تقديم الفاكهة على الطعام للضيف، وقد وقع في القرآن المجيد كذلك في قوله تعالى:{وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (20) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ} [الواقعة: 20 - 21].
وقوله: (فيه بسر وتمر ورطب) كأنه جف بعض رطبات فصار كالتمر. (المدية) بضم الميم وكسرها.
وقوله: (الحلوب) بفتح الحاء: الشاة ذات اللبن.
وقوله: (ومن ذلك العذق) لا يدل الواو على بعدية أكل العذق، أو كان بقي منه شيء فأكلوا بعد الطعام، والظاهر هو الأول.
وقوله: (رووا) بفتح الراء وضم الواو مخففًا من روي من الماء كرضي.
وقوله: (لتسألن عن هذا النعيم) أي: عن القيام بحق شكره.