المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الفصل الثاني: - لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح - جـ ٧

[عبد الحق الدهلوي]

فهرس الكتاب

- ‌4 - باب القتال في الجهاد

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب حكم الأُسَرَاءِ

- ‌ الفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب الأمان

- ‌ الفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب قسمة الغنائم والغلول فيها

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب الجزية

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌9 - باب الصلح

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌10 - باب إخراج اليهود من جزيرة العرب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌11 - باب الفيء

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(20) كتاب الصيد والذبائح

- ‌ الفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب ذكر الكلب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌2 - باب ما يحل أكله وما يحرم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب العقيقة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(21) كتاب الأطعمة

- ‌ الفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب الضيافة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب

- ‌ الْفَصْل الثَّانِي:

- ‌3 - باب الأشربة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب النقيع والأنبذة

- ‌ الفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب تغطية الأواني وغيرها

- ‌ الفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌(22) كتاب اللباس

- ‌ الفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب الخاتم

- ‌ الفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب النعال

- ‌ الفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌3 - باب الترجل

- ‌ الفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب التصاوير

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(23) كتاب الطب والرقى

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب الفأل والطيرة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب الكهانة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(24) كتاب الرؤيا

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

الفصل: ‌ الفصل الثاني:

*‌

‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

4328 -

[25] عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: كَانَ أَحَبُّ الثِّيَابِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْقَمِيصَ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ. [خ: 1762، م: 3866].

4329 -

[26] وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ قَالَتْ: كَانَ كُمُّ قَمِيصِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الرُّصْغِ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. [ت: 1765، د: 4027].

4330 -

[27] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا لَبِسَ قَمِيصًا بَدَأَ بِمَيَامِنِهِ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت: 1766].

ــ

الفصل الثاني

4328 -

[25](أم سلمة) قوله: (القميص) بالرفع والنصب، وكذا قوله:(أحب)، والقميص اسم لما يلبس الرجل من المخيط الذي له كمان وجيب، وقد أتممنا البيان في ذلك سابقًا.

4329 -

[26](أسماء بنت يزيد) قوله: (إلى الرصغ) ذكره في (القاموس) في الراء مع السين، وقد وقع في بعض الأصول بالصاد تبديلًا للسين به، وهو أمر مطرد خصوصًا إذا وقع مع حروف الاستعلاء، وقراءة الصاد في قوله تعالى:{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: 6] من هذا القبيل، قال في (القاموس) (1): هو بالضم وبضمتين، الموضع الْمُسْتَدِقُّ بين الحافر، وموصل الوظيف من اليد والرجل، ومفصل ما بين الساعد والكف، والساق والقدم، ومثل ذلك من كل دابة، والجمع أرساغ وأرسغ.

4330 -

[27](أبو هريرة) قوله: (بميامنه) أي: بجانب يمين القميص ولذلك

(1)"القاموس الميحط"(ص: 721).

ص: 347

4331 -

[28] وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِزْرَةُ الْمُؤْمِنِ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ، لَا جُنَاحَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَيْنِ، وَمَا أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ فَفِي النَّارِ" قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، "وَلَا يَنْظُرُ اللَّه يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ بَطَرًا". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ. [د: 4093، جه: 3573].

4332 -

[29] وَعَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الإِسْبَالُ فِي الإِزَارِ وَالْقَمِيصِ وَالْعِمَامَةِ، مَنْ جَرَّ مِنْهَا شَيْئًا خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ. [د: 4085، ن: 5334، جه: 3076].

ــ

جمعه، كذا قال الطيبي (1)، يعني أن الميامن جمع ميمنة بمعنى جانب اليمين، والجانب يشمل كم القميص وما أسفل من ذلك، كذا في (مجمع البحار)(2).

4331 -

[28](أبو سعيد الخدري) قوله: (إزرة المؤمن) بالكسر للحالة والهيئة، أي: الحالة المحمودة في الإزار أن يكون إلى نصف الساق، ووجه جمع الأنصاف عرف في الفصل الأول في شرح حديث ابن عمر الثاني.

وقوله: (ما أسفل) بالنصب والرفع، وقد عرف توجيهما أيضًا من قبل في حديث أبي هريرة.

4332 -

[29](سالم) قوله: (تخيلًا) بمعنى الخيلاء، وقد وقع في بعض النسخ:(خيلاء).

(1)"شرح الطيبي"(8/ 214).

(2)

"مجمع بحار الأنوار"(5/ 220).

ص: 348

4333 -

[30] وَعَنْ أَبِي كَبْشَةَ قَالَ: كَانَ كِمَامُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بُطْحًا. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ. [ت: 1772].

4334 -

[31] وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ ذَكَرَ الإِزَارَ: فَالْمَرأَةُ يَا رَسُولَ اللَّه؟ قَالَ: "تُرْخِي شِبْرًا"، فَقَالَتْ: إِذًا تَنْكَشِفُ عَنْهَا، قَالَ:"فَذِرَاعًا لَا تَزِيدُ عَلَيْهِ". رَوَاهُ مَالِكٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ. [ط: 2/ 915، د: 4117، ت: 1731، ن: 5336، جه: 3580].

4335 -

[32] وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فَقَالَتْ: . . . . .

ــ

4333 -

[30](أبو كبشة) قوله: (كان كمام أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم) جعلوا الكمام بكسر الكاف جمع كمة بالضم كقبة وقباب، والكمة بالضم: القلنسوة المدورة، وقيل: جمع كم، وهو المشهور، أعني: مدخل اليد ومخرجه من الثوب كالقف والقفاف، و (بطحًا) بضم الباء وسكون الطاء جمع أبطح، وهو يناسب المعنيين، فعلى الأول معناه كانت مبسوطة لازقة برؤوسهم، وعلى الثاني كانت عريضة واسعة؛ لأن في الأرض البطحاء بسطًا واتساعًا وهو منصوب، وقد يروى: بطح بالرفع، فإن صحت الرواية يعتبر ضمير الشأن في (كان)، أو يجعل (بطح) خبر مبتدأ محذوف، كذا في الطيبي (1).

4334، 4345 - [31، 32](أم سلمة) قوله: (تُرخي شبرًا) في (القاموس)(2): الشبر: ما بين أعلى الإبهام إلى أعلى الخنصر.

وقوله: (إذًا تنكشف عنها) أي: تنكشف العورة عن المرأة، وفي بعض الحواشي:

(1)"شرح الطيبي"(8/ 215).

(2)

"القاموس المحيط"(ص: 385).

ص: 349

إِذًا تَنْكَشِفُ أَقْدَامُهُنَّ، قَالَ:"فَيُرْخِينَ ذِرَاعًا لَا يَزِدْنَ عَلَيْهِ". [ت: 1731، ن: 5336].

4336 -

[33] وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي رَهْطٍ مِنْ مُزَيْنَةَ، فَبَايَعُوهُ وَإِنَّهُ لَمُطْلَقُ الأَزْرَارِ، فَأَدْخَلْتُ يَدِي فِي جَيْبِ قَمِيصِهِ فَمَسِسْتُ الْخَاتَمَ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 4082].

ــ

أي: تزول تلك القطعة المرخاة عن قدمها، وبالجملة المراد أنه على تقدير زيادة الشبر يحتمل أن ينكشف قدمها بطول ساقيها مثلًا، وأما بزيادة الذراع وهو الشبران فيحصل الستر قطعًا، والحاصل إن اعتبر إزار الرجل أسفل من نصف الساق يكفي زيادة شبر، وإن اعتبر من النصف الحقيقي ويكون ساق المرأة طويلًا، قد يحتمل الانكشاف فيزاد ذراع وهو كاف قطعًا، فالزيادة عليها يكون إسبالًا.

4336 -

[33](معاوية بن قرة) قوله: (فأدخلت يدي في جيب قميصه) اعلم أن جيب قميصه صلى الله عليه وسلم كان على الصدر كما دلت عليه الأحاديث، وحققه علماء الحديث، وهو الذي تُعورف في بلاد العرب إلى أقصى المغرب، وتوارث فيهم خلفًا عن سلف، وقال السيوطي: ظن من لا علم عنده أنه بدعة، وليس كما ظن، انتهى. ولما صار في بعض ديار العجم الجيب على الصدر عادة للنساء حكم بعض الفقهاء بكراهته للتشبه بهن، ولا شك أن هذه العادة حادثة، والمعتبر هو الأصل، وما تُعورف في العجم للرجال فهو عادة النساء في العرب، وبالجملة التحقيق أن جيبه صلى الله عليه وسلم كان على الصدر، نعم في دلالة هذا الحديث على ذلك كما ادعاه السيوطي خفاء، ولعل وجه الدلالة أنه على تقدير وجود الإزار على الكتفين كما قاله بعض الفقهاء، وكونها مطلقة لا حاجة كثيرة إلى إدخال اليد لمساس الخاتم، بل الظاهر أن الخاتم على هذا التقدير يكون ظاهرًا مكشوفًا، ومسه بدون إدخال اليد ميسرًا، فافهم.

ص: 350

4337 -

[34] وَعَن سَمُرَة أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الْبَسُوا الثِّيَابَ الْبِيضَ، فَإِنَّهَا أَطْهَرُ وَأَطْيَبُ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ. [حم: 5/ 13، ت: 281، ن: 1896، جه: 3567].

4338 -

[35] وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا اعْتَمَّ سَدَلَ عِمَامَتَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. [ت: 1736].

ــ

4337 -

[34](سمرة) قوله: (فإنها أطهر) لظهور أثر النجاسة والدرن فيه، فيتحرز عنه ويغسل بخلاف غيره من الألوان، وأما كونه (أطيب) فلعدم اختلاطه باللون.

4338 -

[35](ابن عمر) قوله: (سدل عمامته) أي: أرسل طرفها بين كتفيه، قد ثبت من فعله صلى الله عليه وسلم إرسال العذبة، ولكن لم يكن دائمًا بل كان يرسل تارة ولم يرسل أخرى، وتارة شدها تحت العنق، وتارة يغرز أحد طرفي العمامة فيها، ويرسل الطرف الآخر، وفي كل ذلك وردت أحاديث، وكانت عذبته صلى الله عليه وسلم غالبًا خلف ظهره، وقد يرسلها على جانبه الأيمن، وكان يرسل في بعض الأحيان عذبتين بين الكتفين، وإرسال العذبة على الجانب الأيسر بدعة كذا قالوا، وأقله أربع أصابع وأكثرها ذراع، وتطويلها متجاوزًا عن نصف الظهر بدعة، وإسبال محرم، فإن كان على وجه الخيلاء فهو محرم وإلا فمكروه مخالف للسنة، وقيل: تخصيص الإرسال بحالة الصلاة ليس بشيء ولا يوافق السنة، والصواب أن إرسال العذبة مستحب، ومن السنن الزوائد دون المؤكدة، وقال في (كنز الدقائق) (1): وندب لبس السواد وإرسال ذنب العمامة بين كتفيه،

(1) انظر: "البحر الرائق"(8/ 555).

ص: 351

4339 -

[36] وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: عَمَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَدَلَهَا بَيْنَ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 4079].

4340 -

[37] وَعَنْ رُكَانَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "فَرْقُ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ الْعَمَائِمُ عَلَى الْقَلَانِسِ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَإِسْنَادُهُ لَيْسَ بِالقَائِمِ. [ت: 1784].

4341 -

[38] وَعَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أُحِلَّ الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ لِلإنَاثِ مِنْ أُمَّتِي، وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا". . . . .

ــ

وهكذا في غيره من كتب الحنفية، واللَّه أعلم.

4339 -

[36](عبد الرحمن بن عوف) قوله: (عممني) أي: لف عمامتي على رأسي.

وقوله: (فسدلها بين يدي ومن خلفي) أي: أرسل لعمامتي طرفين، أحدهما على صدري والآخر على ظهري.

4340 -

[27](ركانة) قوله: (وعن ركانة) بمضمومة وخفة كاف ونون.

وقوله: (العمائم على القلانس) هذه العبارة تحتمل معنيين، أحدهما: إنا نتعمم على القلانس وهم لا يتعممون، بل يلبسون القلنسوة من غير عمامة، وثانيهما: إنا نتعمم على القلانس وهم يتعممون من غير قلنسوة، وقالوا: هذا المعنى الثاني هو المراد؛ لأن تعمم المشركين معلوم قطعًا، ولبسهم القلنسوة وحدها غير واقع، وفي الحديث فضل العمامة على القلنسوة، وقد وردت أحاديث في فضل العمامة على الإطلاق، ففي لبسها على القلنسوة مزيد فضل.

4341 -

[38](أبو موسى الأشعري) قوله: (وحرم على ذكورها) أي: كل

ص: 352

رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. [ت: 1720، ن: 5148].

4342 -

[39] وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا اسْتَجَدَّ ثَوْبًا سَمَّاهُ بِاسْمِهِ، عِمَامَةً أَوْ قَمِيصًا أَوْ رِدَاءً، ثُمَّ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ. . . . .

ــ

واحد، وكذلك الفضة ولم يذكرها اكتفاء، ويحتمل أن يكون تحريمها بعد ذلك، واللَّه أعلم.

4342 -

[39](أبو سعيد الخدري) قوله: (إذا استجد ثوبًا) أي: لبس ثوبًا جديدًا.

وقوله: (عمامة أو قميصًا) وفي أكثر النسخ: (أو رداء)، والظاهر أن هذا تعميم للثوب، والتقدير: عمامة كان الثوب أو قميصا أو بدل من (ثوبًا)، فصورة التسمية أن يقول: عمامة، قميص، رداء موقوفًا، كما يكون في صورة التعداد، والمقصود مجرد التسمية وإحضار المسمى أو خبر لمبتدأ محذوف، ويحتمل أن يكون ذلك هو صورة التسمية منصوبًا بتقدير نحو: كساني اللَّه عمامة أو قميصًا، أو كسوتني اللهم عمامة أو قميصًا، ثم يقول: اللهم لك الحمد، ويفهم من عبارة (سفر السعادة) (1) أن المراد بقوله:(سماه) أن يسميه باسم علم، ثم يلبس، وحمل قوله:(استجد) على حصول ثوب جديد لا على لبسه، وقال: كان إذا حصل ثوب جديد سماه باسم، فإذا لبسه قال:(اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه)، أو (الحمد للَّه الذي كساني)، وما ذكرناه هو الذي حمل الشراح الحديث عليه، نعم جاء في حديث آخر: أنه كان عنده صلى الله عليه وسلم لبعض

(1)"سفر السعادة"(ص: 221).

ص: 353

كَمَا كَسَوْتَنِيهِ أَسأَلُكَ خَيْرَهُ وَخَيْرَ مَا صُنِعَ لَهُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ. [ت: 1767، د: 4020].

4343 -

[40] وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ أَكَلَ طَعَامًا ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي هَذَا الطَّعَامَ، وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. وَزَادَ أَبُو دَاوُدَ: "وَمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَسَانِي هَذَا، وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ". [ت: 3458، د: 4023].

ــ

ثيابه اسمًا كما سمى عمامته سحابة، وكما كان للأسلحة والأفراس اسمًا، فتدبر.

وقوله: (كما كسوتنيه) قيل: الكاف بمعنى على أو بمعنى اللام، أي: لأجل ما كسوتنيه، والطيبي (1) جعله بمعنى مثل، مبتدأ، و (أسألك) خبره.

وقوله: (خيره) أي: خير هذا الثوب في ذاته بأن يبقى على البدن على وجه الخيرية ولم يتطرق إليه شر وآفة، (وخير ما صنع له) بأن يكون مستعملًا في كسب الطاعات ومباشرة الخيرات، وعلى هذا القياس معنى قوله:(وشر ما صنع له).

4343 -

[40](معاذ بن أنس) قوله: (ما تقدم من ذنبه وما تأخر) قال الطيبي (2): ليس قوله: (وما تأخر) مذكورًا في القرينة السابقة -يعني الطعام- في الترمذي وأبي داود، وقد ألحق في بعض نسخ (المصابيح) قياسًا على القرينة اللاحقة، أقول: وقد يوجد في بعض نسخ (المشكاة) أيضًا، وفي بعضها خط عليه، وأورد السيوطي في

(1) انظر: "شرح الطيبي"(8/ 217).

(2)

"شرح الطيبي"(8/ 218).

ص: 354

4344 -

[41] وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يَا عَائِشَةُ! إِنْ أَرَدْتِ اللُّحُوقَ بِي فَلْيَكْفِكِ مِنَ الدُّنْيَا كَزَادِ الرَّاكِبِ، وَإِيَّاكِ وَمُجَالَسَةَ الأَغْنِيَاءِ، وَلَا تَسْتَخْلِقِي ثَوْبًا حَتَّى تُرَقِّعِيهِ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ صَالِحِ بْنِ حَسَّانَ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: صَالِحُ بْنُ حَسَّانَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. [ت: 1780].

4345 -

[42] وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ إِيَاسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَلَا تَسْمَعُونَ؟ أَلَا تَسْمَعُونَ أَنَّ الْبَذَاذَةَ مِنَ الإِيمَانِ أَنَّ الْبَذَاذَةَ مِنَ الإِيمَانِ؟ ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [ت: 4161].

ــ

رسالة عملها في غفران ما تقدم من الذنوب وما تأخر هذا الحديث وذكر في كليهما (وما تأخر)، ولم يذكره الشيخ مجد الدين في (سفر السعادة) في واحد منهما، واللَّه أعلم.

4344 -

[41](عائشة) قوله: (كزاد الراكب) الكاف بمعنى مثل فاعل (يكفيك)، تحريض على القناعة بيسير من الدنيا، ولعل وجه التخصيص للراكب أنه يسرع في السير، ويبلغ المنزل في زمان قليل، فيكفيه أدنى زاد، بخلاف الراجل فإنه يطول سفره فيتخذ زادًا كثيرًا، (لا تستخلقي) أي: لا تعديه خلقًا ولا تخلعيه.

4345 -

[42](أبو أمامة) قوله: (أن البذاذة) بفتح الباء وخفة الذالين المعجمتين، يقال: باذُّ الهيئة وبذُّ الهيئة، أي: رث اللبسة.

وقوله: (من الإيمان) فإن الإيمان بالآخرة ونعيمها وحللها وخساسة متاع الدنيا وفنائها هو الباعث على الزهد في الدنيا والاكتفاء بأدنى شيء منه، والتكرار للتأكيد والتقرير نفيًا لما ركز في الطبائع والنفوس من الميل إلى الدنيا وزينتها.

ص: 355

4346 -

[43] وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ فِي الدُّنْيَا أَلْبَسَهُ اللَّه ثَوْبَ مَذَلَّةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ. [حم: 2/ 139، د: 4029، جه: 3606].

4347 -

[44] وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ. [حم: 2/ 50، د: 4031].

ــ

4346 -

[43](ابن عمر) قوله: (ثوب شهرة) في (النهاية)(1): الشهرة بالضم: ظهور الشيء في شُنعة حتى يشهره الناس، والشهير والمشهور المعروف، والمراد بثوب الشهرة ما يلبسه تغررًا وتكبرًا سواء كان نفيسًا تفاخرًا بالدنيا وزهرتها أو خسيسًا إظهارًا للزهد والرياء، وقيل: هو ما لا يحل لبسه، وإلا لما رتب عليه الوعيد، والأحسن الأنسب باللفظ هو تفسيره بما ذكرنا، والتكبر والتفاخر مما يترتب عليه الوعيد خصوصًا بالمذلة والهوان، وقيل: المراد به ما يتخذه المساخر ليجعل ضحكة أو ما يرائي به من العمل كناية عن العمل بالثوب، وأقول: والثوب أيضًا مما يرائى لكونه علامة على الزهد والصلاح، و (ثوب مذلة) من إضافة السبب إلى المسبب، أو بيانية تشبيها للمذلة بالثوب في الاشتمال.

4347 -

[44](وعنه) قوله: (من تشبه بقوم فهو منهم) المتعارف في التشبه هو التلبس بلباس قوم، وبهذا الاعتبار أورده في (كتاب اللباس)، وهو بإطلاقه يشمل الأعمال والأخلاق واللباس سواء كان بالأخيار أو بالأشرار، فإن كان في الأخلاق والأعمال يجري حكمه في الظاهر والباطن، وفي اللباس يختص بالظاهر، وبالجملة حكم المشابه للشيء حكمه، ظاهرًا كان أو باطنًا، والمعتبر في باب التصوف هو

(1)"النهاية"(2/ 515).

ص: 356

4348 -

[45] وَعَنْ سُوَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَبْنَاءِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ تَرَكَ لُبْسَ ثَوْبِ جَمَالٍ، وَهُوَ يقدرُ عَلَيْهِ -وَفِي رِوَايَةٍ: تَوَاضُعًا-، كَسَاهُ اللَّه حُلَّةَ الْكَرَامَةِ، وَمَنْ تَزَوَّجَ لِلَّهِ تَوَّجَهُ اللَّه تَاجَ الْمُلْكِ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 4778].

4349 -

[46] وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْهُ عَنْ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ حَدِيثَ اللِّبَاسِ. [ت: 2481].

ــ

التشبه بالأعمال والأخلاق، قال الشيخ في (العوارف): التشبه هو الترسم في أعمالهم وآدابهم طمعًا في الاتصاف بصفاتهم وأخلاقهم.

4348، 4349 - [45، 46](سويد بن وهب) قوله: (حلة الكرامة) أي: ألبسه اللَّه من حلل الجنة أو يلبسه منها ما فيه زيادة تكريم، ويحتمل أن يكون من إضافة السبب إلى المسبب، أو شبه الكرامة بالحلة كما قلنا في (ثوب مذلة).

وقوله: (من تزوج للَّه) الظاهر أن المراد تزوج امرأة نازلًا عن درجته في الكفاءة ابتغاء لمرضات اللَّه، فإن المقام مقام بيان التواضع، فلما ذكر القناعة بالدون من اللباس تواضعًا أردفه بذكر القناعة التواضع في التزوج، والمناسبة بين اللباس والمرأة ثابتة بحكم قوله تعالى:{هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ} [البقرة: 187]، ويناسب هذا المعنى الجزاء المذكور يعني لما أذل نفسه للَّه أعزه كما ورد:(من تواضع للَّه رفعه اللَّه)، وأما حمله على التزوج لصيانة الفرج أو للتناسل فلا يناسبه هذا الجزاء، وكذا ما قيل: إن المراد بالتزوج التصدق بزوجين، أي: صنفين نحو بعيرين أو عبدين كما سبق في (باب الصدقات)، و (تاج الملك) بضم الميم، وإلباسه كناية عن إجلاله وتوقيره، أو حقيقة كما في حافظ القرآن.

ص: 357

4350 -

[47] وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّه يُحِبُّ أَنْ يُرَى أَثَرُ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت: 2819].

4351 -

[48] وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَائِرًا، فَرَأَى رَجُلًا شَعِثًا قَدْ تَفَرَّقَ شَعْرُهُ، فَقَالَ:"مَا كَانَ يَجِدُ هَذَا مَا يُسَكِّنُ بِهِ رَأْسَهُ؟ " وَرَأَى رَجُلًا عَلَيْهِ ثيابٌ وَسِخَةٌ، فَقَالَ:"مَا كَانَ يَجِدُ هَذَا مَا يَغْسِلُ بِهِ ثَوْبَهُ؟ ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ. [حم: 3/ 357، ن: 5236].

4352 -

[49] وَعَنْ أَبِي الأَحْوَصِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيَّ ثَوْبٌ دُونٌ، فَقَالَ لِي:"أَلَكَ مَالٌ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: "مِنْ أَيِّ الْمَالِ؟ " قُلْتُ: مِنْ كُلِّ الْمَالِ قَدْ أَعْطَانِي اللَّه مِنَ الإِبِلِ وَالْبَقَرِ. . . . .

ــ

4350 -

[47](عمرو بن شعيب) قوله: (يحب أن يرى) بلفظ المجهول، ووجه محبته تعالى أن يرى (أثر نعمته على عبده) فإنه تعالى مشكور، يحب الشكر، وإظهار النعمة يتضمن شكرًا باعترافه أنها من اللَّه، ويحث الفقراء والمساكين والمحتاجين على التوجه إليه، والنعمة تشمل المال والعلم والجاه بحكم قوله تعالى:{وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [البقرة: 3].

4351 -

[48](جابر) قوله: (ما كان يجد هذا) بحذف حرف الاستفهام.

واقوله: (ما يسكن به رأسه) من التسكين، أي: يلم شعثه ويجمع متفرقه.

4352 -

[49](أبو الأحوص) قوله: (ثوب دون) بمعنى الخسيس ضد الشريف، كذا في (القاموس)(1).

(1)"القاموس المحيط"(ص: 1103).

ص: 358

وَالْغَنَمِ وَالْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ. قَالَ: "فَإِذَا آتَاكَ اللَّه مَالًا فَلْيُرَ أَثَرُ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْكَ وَكَرَامَتِهِ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ، وَفِي "شَرْحِ السُّنَّةِ" بِلَفْظِ "الْمَصَابِيحِ". [حم: 4/ 137، ن: 5224].

4353 -

[50] وَعَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ عَمْرٍو قَالَ: مَرَّ رَجُلٌ وَعَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَحْمَرَانِ، فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ. [ت: 2807، د: 4069].

4354 -

[51] وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا أَرْكَبُ الأُرْجُوَانَ. . . . .

ــ

وقوله: (فلير أثر نعمة اللَّه عليك) أي: البس لباسًا جيدًا ليعرف الناس أنك غني، وأما مدح البذاذة فإنما هو لقصد الزهد وترك شهوات الدنيا والإيثار، والقول الفصل أن الحكم في اللباس دائر على القصد والنية، كما أسلفنا ذكره في (القاموس)(1).

4353 -

[50](عبد اللَّه بن عمرو) قوله: (ثوبان أحمران) قد وقع في هذا الحديث الأحمر مطلقًا من غير قيد المعصفر، والمختار في المذهب أن الكراهة إنما هي لأجل اللون لا للعصفر بخصوصه، كذا حققه الشيخ قاسم الحنفي أحد أعاظم علماء مصر من المتأخرين، معاصر الشيخ ابن حجر العسقلاني.

4354 -

[51](عمران بن حصين) قوله: (لا أركب الأرجوان) بضم الهمزة والجيم وسكون الراء معرب أرغوان ورد أحمر معروف، كذا في (مجمع البحار)(2)،

(1) كذا في الأصل، وهو خطأ، والصواب: في الفصل الأول، انظر:(رقم: 4306).

(2)

"مجمع بحار الأنوار"(1/ 65).

ص: 359

وَلَا أَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ، وَلَا أَلْبَسُ الْقَمِيصَ الْمُكَفَّفَ بِالْحَرِيرِ" وَقَالَ: . . . . .

ــ

وقال الطيبي (1): شجر له نور أحمر، وكل لون آخر يشبهه يقال له: الأرجوان، فقال بعضهم في معنى (لا أركب الأرجوان): لا أجلس على الثوب الأحمر، فإن الجلوس في حكم اللبس، وقيل: دونه في الكراهة، واللحاف من أنواع اللبس بخلاف التوسد، والصحيح أن معناه: لا أركب ميثرة الأرجوان، والميثرة بكسر الميم وسكون الياء وفتح المثلثة: وطاء صغير محشو يترك على سرج الفرس أو رحل البعير، وأكثر ما يجعل على السرج، وأصله الموثرة من وثر يثر وثرًا ووثارة: وطّأه لينا، والوثير على وزن فعيل بمعنى الفراش اللين، والوثيرة: المرأة الكثيرة اللحم السمينة الموافقة للمضاجعة، وجمع ميثرة مواثر ومياثر، وقد ورد في الحديث:(نهى عن ميثرة الأرجوان) أي: نهى عن الركوب عن السرج، وعليه ميثرة الأرجوان؛ لأنه دأب المتكبرين وأهل الإسراف من الأعاجم، فقالوا: المراد من قوله: (لا أركب الأرجوان) ميثرة الأرجوان، ولفظ:(لا أركب) قرينة ظاهرة عليه، ومفهوم الحديث أنه إذا لم يكن حمراء لم يحرم بقصد الاستراحة خصوصًا للضعفاء.

وقوله: (لا ألبس المعصفر) أي: الثوب المصبوغ بالعصفر سواء كان أحمر أو أصفر.

وقوله: (لا ألبس القميص المكفف بالحرير) يعني إذا كان زائدًا على القدر المرخص فيه، وهو أربعة أصابع، وقد سبق الكلام عليه في الفصل الأول في حديث أسماء بنت أبي بكر.

(1)"شرح الطيبي"(8/ 221).

ص: 360

"أَلَا وَطِيبُ الرِّجَالِ رِيحٌ لَا لَوْنَ لَهُ، وَطِيبُ النِّسَاءِ لَوْنٌ لَا رِيحَ لَهُ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 4048].

4355 -

[52] وَعَنْ أَبِي رَيْحَانَةَ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ عَشْرٍ: عَنِ الْوَشْرِ، وَالْوَشْمِ، وَالنَّتْفِ،

ــ

قوله: (وطيب الرجال ريح لا لون له، وطيب النساء لون لا ريح له) وفي (الشمائل)(1) للترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه: (طيب الرجال ما ظهر ريحه وخفي لونه، وطيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه)، وسيجيء في الفصل الثاني من (كتاب الترجل)، والظاهر أن هذا هو المراد بما ذكر هنا في الحديث؛ فإن الطيب لا يخلو عند رائحة ظاهرة أو خفية، فلا يفيد إثباته له، ولا يصح نفيه عنه كما لا يخفى.

4355 -

[52](أبو ريحانة) قوله: (عن الوشر) بواو مفتوحة وشين معجمة ساكنة: تحديد الأسنان وترقيق أطرافها من وشرت لغة في أشرت الخشبة بالمنشار، والواشرة هي التي تفعل ذلك لغيرها، والمؤتشرة التي تأمر غيرها بفعله، وقد ورد اللعن عليهما جميعًا، وكان المراد من الوشر هنا ما يشملهما أو اكتفى بأحدهما لدلالته التزامًا على الآخر.

وقوله: (والوشم) فيه أيضًا ورد اللعن على الواشمة والموتشمة، الوشم: أن يغرز الجلد بالإبرة ثم يحشى بكحل أو نيل.

وقوله: (النتف) المراد نتف البياض عن اللحية والرأس أو نتف الشعر عن اللحية والحاجب للزينة أو عن نتف النساء الشعر عن وجوههن، وسبب النهي تغير الخلقة وارتكاب التكلف المذموم، والنساء وإن أبيحت الزينة لهن لكن نهى عن هذه التكلفات،

(1)(ح: 210).

ص: 361

وَعَنْ مُكَامَعَةِ الرَّجُلِ الرَّجُلَ بِغَيْرِ شِعَارٍ، وَمُكَامَعَةِ الْمَرأَةِ الْمَرأَةَ بِغَيْرِ شِعَارٍ، وَأَنْ يَجْعَلَ الرَّجُلُ فِي أَسْفَلِ ثِيَابِهِ حَرِيرًا مِثْلَ الأَعَاجِمِ، أَوْ يَجْعَلَ عَلَى مَنْكِبَيْهِ حَرِيرًا مِثْلَ الأَعَاجِمِ، وَعَنِ النُّهْبَى،

ــ

وقيل: المراد نتف الشعر من الرأس واللحية عند المصيبة، ووجه النهي لزوم الجزع.

وقوله: (وعن مكامعة الرجل الرجل بغير شعار) والشعار الثوب الذي يلبس تحت الثياب ملاصقًا بالبدن، فإن كان خوف الفتنة فوجه النهي ظاهر، وإلا فهو خلاف الأدب والحياء، وعلى الأول تحريمي، وعلى الثاني تنزيهي.

وقوله: (وأن يجعل الرجل في أسفل ثيابه حريرًا) يعني لبس الحرير حرام على الرجال سواء كانت تحت الثياب أو فوقها، وعادة الأعاجم أن يلبسوا تحت الثياب ثوبًا قصيرًا من حرير ليلين أعضاءهم هكذا فسره الطيبي (1)، وجاء في بعض الروايات الفقهية: المكروه إنما هو لبس الحرير إذا كان ملاصقًا بالبدن، وإن كان تحت ثياب الحرير ثوب ملاصق بالبدن من كرباس لم يكره عند أبي حنيفة خلافًا لصاحبيه، وروي عن ابن عباس أنه كان عليه جبة من حرير فقيل له: ما ذلك؟ فقال: أما ترى إلى ما يلي الجسد، وكان تحته ثوب من قطن، والصحيح أن الكل حرام على الرجال، كذا في (مطالب المؤمنين) من (القنية).

وقوله: (أو يجعل على منكبيه حريرًا) في بعض الحواشي: أي علم حرير زائد على قدر ما رخص فيه، فأما العلم بقدر الرخصة وهو أربع أصابع فلا بأس، انتهى. ويمكن أن يكون المراد إلقاء ثوب الحرير مثل الرداء على الكتفين على وجه التكبر والخيلاء كما يفعله المسرفون من الأعاجم، واللَّه أعلم.

(1)"شرح الطيبي"(8/ 223).

ص: 362

وَعَنْ رُكُوبِ النُّمُورِ، وَلُبُوسِ الْخَاتَمِ إِلَّا لِذِي سُلْطَانٍ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ. [د: 4049، ن: 5091].

4356 -

[53] وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ. . . . .

ــ

وقوله: (وعن ركوب النمور) أي: على جلودها [التي] تلقى على السرج والرحال؛ لأنه من الزينة والخيلاء أو لنجاستها وعدم طهارتها بالدباغة على ما هو مذهب الشافعي، وأكثر ما يؤخذ بعد الموت لصعوبة اصطيادها، وقيل: المراد الجلوس عليها في المجالس، وقال بعض المشايخ: الجلوس على جلود البهائم والسباع يورث الوحشة وتفرقة الأحوال، والنمور جمع نمر على وزن كتف: سبع معروف، وأصل النمرة بالضم النكتة من أيِّ لون كان، والأنمر ما فيه نكتة بيضاء، وأخرى سوداء، والسبع المعروف إنما سمي به للنمرة التي فيه، كذا في (القاموس)(1)، ويمكن أن يراد بالنمر ما يشمل مثل الأسد أيضًا مجازًا ولذا جمع، ويحتمل أن يكون باعتبار الأفراد، واللَّه أعلم.

وقوله: (وعن لبوس الخاتم) اللبوس بضم اللام مصدر بمعنى اللبس، والمراد بـ (ذي سلطان) من يحتاج إليه للمعاملة مع الناس، والمراد نهي التنزيه، والصواب أنه منسوخ بدليل تختم الصحابة بعد عصره صلى الله عليه وسلم في عصر الخلفاء من غير سلطان، كذا قيل.

4356 -

[53](علي) قوله: (عن خاتم الذهب) روي أنه صنع له صلى الله عليه وسلم خاتم من ذهب فلبسه يومًا ثم طرحه، ونهى عنه، ولبس خاتم الذهب مكروه عند الأئمة

(1)"القاموس المحيط"(ص: 453).

ص: 363

وَعَنْ لُبْسِ الْقَسِّيِّ وَالْمَيَاثِرِ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَفِي رِوَايَة لِأَبِي دَاوُدَ وَقَالَ: نَهَى عَنْ مَيَاثِرِ الأُرْجُوَانِ. [ت: 1737، د: 4051، ن: 5166، جه: 3654].

4357 -

[54] وَعَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَرْكَبُوا الْخَزَّ وَلَا النِّمَارَ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ. [د: 4129، ن في الكبرى: 9730].

4358 -

[55] وَعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ الْمِيثَرَةِ الْحَمْرَاءَ. رَوَاهُ فِي "شَرْح السُّنَّةِ". [شرح السنة: 12/ 58].

ــ

الأربعة، وتمامه في (باب الخاتم).

وقوله: (القسي) بفتح القاف وقد يكسر وتشديد السين المهملة منسوب إلى قس موضع من أرض مصر، وفي بعض الشروح أن النهي عنها إنما هو إذا كان من حرير.

وقال الطيبي (1): إنها ثياب من كتان مختلطة بحرير، وقال الكرماني (2): إنها ثياب مضلعة فيها حرير على مثال الأترج، والثياب المضلعة هي فيها خطوط عريضة مثل الأضلاع أو من كتان فيها حرير، وقوله:(والمياثر) جمع ميثرة، مرّ تحقيقها في (لا أركب الأرجوان).

4357، 4358 - [54، 55](معاوية) قوله: (لا تركبوا الخز ولا النمار) الخز بفتح الخاء المعجمة والزاي المشددة، في (القاموس) (3): ثوب معروف، وفي

(1)"شرح الطيبي"(8/ 223).

(2)

"شرح الكرماني"(21/ 83)، و"مجمع بحار الأنوار"(4/ 268).

(3)

"القاموس المحيط"(ص: 473).

ص: 364

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

(النهاية)(1): أن الخز كان في الزمان السابق اسمًا لثياب منسوج من صوف وحرير وهو مباح، كان الصحابة والتابعون يلبسونها، فالنهي عنها لعلة التشبه بالأعاجم على طريق التكبر والخيلاء بأن يلقوها على السرج كالمياثر، وقال: وإن كان المراد بالخز ما تعارف الآن فهو كله حرير، وحرام مطلقًا، وعلى هذا قد يحمل ما جاء في الحديث:(سيأتي قوم في آخر الزمان يستحلون الخز والحرير)(2) وقالوا: لم يكن من هذا النوع في زمان النبوة، فالإخبار بالغيب معجزة له صلى الله عليه وسلم، وقال في (مطالب المؤمنين): لا بأس بلبس الخز، وقال: اسم دابة بحرية يكون على جلده خز وبها سمي، وليس هو من جنس الحرير، والذي يحرم على الرجال هو الحرير، كذا في (المحيط)(3).

وقال أيضًا: قال السيد الإمام ناصر الدين: الخز في زمانهم كان اسما لثوب من شعر ذلك الحيوان يقال لها بالتركية: قندر، وبالعربية: قضاعة، وأما اليوم في زماننا فيتخذ من الحرير الغليظ، فيحق أن يكون مكروهًا، كذا في (السراجية).

وأما النمار بكسر النون فبعضهم يقولون: إنها جمع نمرة بمعنى كساء مخطط، فالكراهة تنزيهية لأجل الزينة والخيلاء على طريقة المياثر، والأكثرون على أنها جمع نمر سبع معروف، والمراد جلودها التي تلقى على السروج، وتعقب هذا الوجه بأن جمع نمر إنما هو النمور لا النمار، وأجيب بأنه قد جاء جمع نمر: نمار، كما جاء: نمور، وفي هذا الحديث أيضًا جاء في رواية:(لا تركبوا الخز والنمور)، وهي قرينة

(1)"النهاية"(2/ 28).

(2)

أخرجه أبو داود في "السنن"(4039).

(3)

"المحيط البرهاني"(5/ 344).

ص: 365

4359 -

[56] وَعَنْ أَبِي رِمْثةَ التَّيْمِيِّ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَخْضَرَانِ، وَلَهُ شَعَرٌ قَدْ عَلَاهُ الشَّيْبُ، وَشَيْبُهُ أَحْمَرُ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُدَ: وَهُوَ ذُو وَفْرَةٍ وَبِهَا رَدْعٌ مِنْ حِنَّاءٍ. [ت: 2812، د: 4065].

ــ

على أن النمار بمعنى النمور، وفي (القاموس) (1): النمر ككتف: سبع معروف، وجمعه أنمر، وأنمار، ونُمُرٌ، ونمار، ونمور.

4359 -

[56] قوله: (وعن أبي رمثة) بكسر الراء وسكون الميم بعدها ثاء مثلثة.

وقوله: (ثوبان أخضران) أي: فيهما خطوط خضر، هكذا فسروا الأخضر والأحمر حيث وقعا في الحديث إلا نادرًا، ولو حمل على الأخضر الصرف لجاز أيضًا بخلاف الأحمر.

وقوله: (وله شعر قد علاه الشيب) أي: غلبه وأدركه، وقد جاء عن أنس أنه قال: ما عددت في رأس رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ولحيته إلا أربع عشرة شعرة بيضاء، وعن ابن عمر قال: إنما كان شيب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نحوًا من عشرين شعرة بيضاء، وقد جاء في رواية: سبع عشرة، والاختلاف يحتمل أن يكون باختلاف الأوقات أو عدم التفتيش.

وقوله: (وشيبه أحمر) قال الطيبي (2): أي مصبوغ بالحناء، وزاد الحاكم عن أبي رمثة: مصبوغ بالحناء كما جاء في رواية لأبي داود.

وقوله: (وهو ذو وفرة وبها ردع من حناء) الوفرة بفتح الواو وسكون الفاء: الشعر

(1)"القاموس المحيط"(ص: 453).

(2)

"شرح الطيبي"(8/ 224).

ص: 366

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إلى شحمة الأذن كما أن الجمة بضم الجيم إلى المنكبين، واللمة بكسر اللام بين بين، نزل من الأذن وألم إلى المنكب، والردع بفتح الراء وسكون الدال، العين المهملة: اللطخ، في (القاموس) (1): ردعه بالشيء: لطخه به، وفسره الطيبي (2) بالصبغ، وجاء في رواية: الرخ بالغين المعجمة وهو الطين والوحل الشديد، وفي الحديث: ردغة الخبال، وفي رواية: طينة الخبال، أي: عصارة أهل النار.

وقال بعضهم: المراد من قوله: (وشيبه أحمر) أنه لم يبلغ البياض وهو في ابتدائه، فإن العادة أن الشيب يبتدأ أحمر ثم يصير بياضًا خالصًا، ومن ههنا ظهر الاختلاف بين المحدثين والفقهاء، فأكثر المحدثين على أنه صلى الله عليه وسلم لم يخضب ولم يبلغ شيبه حد الخضاب كما جاء في حديث أنس حين سئل هل خضب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ قال: لم يبلغ ذلك، إنما كان شيبًا أو شيئًا في صدغيه، وسئل جابر بن سمرة عن شيب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: كان إذا ادهن رأسه لم ير منه شيب، فإذا لم يدهن رئي منه، والفقهاء على أنه صلى الله عليه وسلم قد خضب، ودل الحديث المذكور على ما فسره أكثر الشراح على أنه خضب هذه الشعرات القليلة المذكورة بالحناء، والمحدثون يحملونه على عدم بلوغ الشيب حد البياض كما ذكرنا، وأقول -وباللَّه التوفيق-: إنه صلى الله عليه وسلم لم يخضبها قصدًا، ولكن كان صلى الله عليه وسلم قد يغسل رأسه بالحناء تنظيفًا وتطييبًا، فكانت هذه الشعرات تتصبغ بها من غير أن يقصد خضابها.

وقيل: إنه صلى الله عليه وسلم كان يستعمل الطيب كثيرًا فيحسب الناظر كأنه خضب، وأما ما جاء

(1)"القاموس المحيط"(ص: 665).

(2)

"شرح الطيبي"(8/ 224).

ص: 367

4360 -

[57] وَعَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ شَاكِيًا، فَخَرَجَ يَتَوَكَّأُ عَلَى أُسَامَةَ، وَعَلَيْهِ ثَوْبُ قِطْرٍ قَدْ تَوَشَّحَ بِهِ فَصَلَّى بِهِمْ. رَوَاهُ فِي "شَرْحِ السُّنَّةِ". [شرح السنة: 12/ 23].

4361 -

[58] وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثَوْبَانِ قِطْرِيَّانِ غَلِيظَانِ، وَكَانَ إِذَا قَعَدَ فَعَرِقَ ثَقُلَا عَلَيْهِ، فَقَدِمَ بَزٌّ مِنَ الشَّامِ. . . . .

ــ

في حديث آخر: رأيت شعر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عند أنس بن مالك مخضوبًا، فتأويله أنه كان قد طيبه فصار شبيهًا بالمخضوب أو أنه خضبه تقوية وتبقية له بدليل أنه قد جاء عن أنس أنه قال: لم يخضب، وأما ما جاء في حديث آخر أنه كان صلى الله عليه وسلم يخضب تارة بحمرة وتارة بصفرة، فالمراد به أنه كان يغسل رأسه ولحيته بالحناء والزعفران تنقية وتنظيفًا وتطييبًا، ولما كان شعره صلى الله عليه وسلم أسود لم يتصبغ به؛ لأن السواد لا يقبل لونًا آخر، كذا سمعت من شيخي رحمة اللَّه عليه.

4360 -

[57](أنس) قوله: (شاكيًا) أي: مريضًا، وكان في مرض موته.

وقوله: (عليه ثوب قطر) القطر بالكسر: ضرب من البرود، كذا قال في (القاموس)(1)، وقال أيضًا: القطر: بلد بين القطيف وعمان، وثياب قطرية بالكسر وبفتحتين على غير القياس.

وقوله: (قد توشح به) أي: لبسه بطريق الوشاح، وقيل: المراد بالتوشح مطلق التغشي مجردًا عن التوشح.

4361 -

[58](عائشة) قوله: (فقدم بز) في (القاموس)(2): البز: الثياب، وقال

(1)"القاموس المحيط"(ص: 432).

(2)

"القاموس المحيط"(ص: 467).

ص: 368

لِفُلَانٍ الْيَهُودِيِّ. فَقُلْتُ: لَوْ بَعَثْتَ إِلَيْهِ فَاشْتَرَيْتَ مِنْهُ ثَوْبَيْنِ إِلَى الْمَيْسَرَةِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَقَالَ: قَدْ عَلِمْتُ مَا تُرِيدُ، إِنَّمَا تُرِيدُ أَنْ تَذْهَبَ بِمَالِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"كَذَبَ، قَدْ عَلِمَ أَنِّي مِنْ أَتْقَاهُمْ وَآدَاهُمْ لِلأَمَانَةِ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ. [ت: 1213، ن: 4628].

ــ

الطيبي (1): ضرب من الثياب، وهو عند أهل الكوفة ثياب الكتان والقطن، لا ثياب الصوف والخز، والمراد بالقدوم الوصول فيكون مجازًا في الظرف، أو المراد أصحاب البز، فيكون في الإسناد، ولو للشرط أو للتمني، و (الميسرة) الغنى، والخطاب في (تريد) في الظاهر للذي أرسل، وفي الحقيقة له صلى الله عليه وسلم، أو التقدير قل له: قد علمت ما تريد، وفي بعض النسخ بالياء التحتانية فلا إشكال.

وقوله: (كذب قد علم) قد يتوهم منه أن الكذب عدم مطابقة الخبر للاعتقاد، وليس كذلك، فإن المراد: كذب في قوله: (إنما تريد أن تذهب بمالي)؛ فإنه خبر غير مطابق للواقع، فإني لا أريد ذلك، وقد علم بكذبه في ذلك فإنه يعلم بما قرأه في التوراة أني أتقى الناس وآداهم للأمانة، إني لا أريد ذلك، و (أتقى وآدى) أفعل من المزيد، الأول من اتقى، والثاني من أدى بحذف الزائد، ويجوز أن يكون أتقى من وقي بتبديل واوه تاء، والثاني من أدى مخففًا مجرد أدّى، وإن لم يكن مستعملًا، فتدبر، واللَّه أعلم. وقد يجيء ذلك كقولهم: أعطاهم للدينار، و (من) في (من أتقاهم) إما تبعيضية، والمقصود التواضع وحسن الأداء، وهي زائدة على مذهب الأخفش.

(1)"شرح الطيبي"(8/ 225).

ص: 369

4362 -

[59] وَعَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيَّ ثَوْبٌ مَصْبُوغٌ بِعُصْفُرٍ مُوَرَّدًا، فَقَالَ:"مَا هَذَا؟ " فَعَرَفْتُ مَا كَرِهَ، فَانْطَلَقْتُ فَأَحْرَقْتُهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"مَا صَنَعْتَ بِثَوْبِكَ؟ " قُلْتُ: أَحْرَقْتُهُ، قَالَ:"أَفَلَا كَسَوْتَهُ بَعْضَ أَهْلِكَ؟ فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ لِلنِّسَاءِ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 4068].

4363 -

[60] وَعَنْ هِلَالِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِمِنًى يَخْطُبُ عَلَى بَغْلَةٍ وَعَلَيْهِ بُرْدٌ أَحْمَرُ، وَعَلِيٌّ أَمَامَهُ يُعَبِّرُ عَنْهُ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 4073].

4364 -

[61] وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: صُنِعَتْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بُرْدَةٌ سَوْدَاءُ، فَلَبِسَهَا فَلَمَّا عَرِقَ فِيهَا وَجَدَ رِيحَ الصُّوفِ فَقَذَفَهَا. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 4074].

ــ

4362 -

[59](عبد اللَّه بن عمرو) قوله: (موردًا) حال من ثوب أو من ضمير (مصبوغ)، وقال الطيبي (1): صفة لمصدر محذوف، أي: صبغة مورّدًا، وقال: المورّد ما صبغ على لون الورد، فليفهم.

4363 -

[60](هلال بن عامر) قوله: (برد أحمر) أي: فيه خطوط حمر.

وقوله: (وعلي أمامه يعبر عنه) أي: يبلغ كلامه بأعلى صوته إلى أهل الموسم لكثرتهم وبُعدهم عن الرسول صلى الله عليه وسلم.

4364 -

[61](عائشة) قوله: (فقذفها) فيه تنبيه على تنظيف الثوب وخلعه من رائحة النفس أو الناس.

(1)"شرح الطيبي"(8/ 266).

ص: 370

4365 -

[62] وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُحْتَبٍ بِشَمْلَةٍ قَدْ وَقَعَ هُدْبُهَا عَلَى قَدَمَيْهِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 4075].

ــ

4365 -

[62](جابر) قوله: (وهو محتب) أي: جالس على هيئة الاحتباء.

وقوله: (بشملة) أي: بثوب يشتمل عليه، وفي تفسير الشملة بالبردة مسامحة؛ لأن البردة كساء، والشملة ما يشمل فهو أخص، كذا في (مجمع البحار)(1)، وفي (مختصر النهاية) (2): الشملة كساء يُتَلَفَّفُ فِيه، وفي (المشارق) (3): الشملة كساء يشتمل به، وقيل: إنما الشملة إذا كان لها هدب، وقال ابن دريد: هو كساء يؤتزر به، وقال الخليل: الشملة كساء له خمل متفرق يلتحف به دون القطيفة، وقيل: الشملة كل ما اشتمل به الإنسان من الملاحف والبرد.

وقوله: (قد وقع هدبها) في (القاموس)(4): الهدب بالضم، وبضمتين: خَمْلُ الثوب، وواحدتها بهاء، وفي (النهاية) (5): هدب الثوب، وهدبته، وهدابه: طرفه مما يلي طرته، وفي (مجمع البحار) (6): هو بضم هاء وسكون دال: طرفه الذي لم ينسج، شبه بهدب العين: شعر جفنتها، ومنه الإزار المهدب، أي: له أهداب، ومنه حديث: إنما معه مثل هدبة الثوب، أرادت متاعه وأنه رِخو مثل طرف الثوب لا يغني عنها شيئًا.

(1)"مجمع بحار الأنوار"(3/ 257).

(2)

"الدر النثير"(1/ 540).

(3)

"مشارق الأنوار"(2/ 428).

(4)

"القاموس المحيط"(ص: 145).

(5)

"النهاية"(5/ 249).

(6)

"مجمع بحار الأنوار"(5/ 152).

ص: 371

4366 -

[63] وَعَنْ دِحْيَةَ بْنِ خَلِيفَةَ قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَبَاطِيَّ، فَأَعْطَانِي مِنْهَا قُبْطِيَّةً فَقَالَ:"اصْدَعْهَا صَدْعَيْنِ، فَاقْطَعْ أَحَدَهُمَا قَمِيصًا، وَأَعْطِ الآخَرَ امْرَأَتَكَ تَخْتَمِرُ بِهِ" فَلَمَّا أَدْبَرَ قَالَ: "وَأْمُرِ امْرَأَتَكَ أَنْ تَجْعَلَ تَحْتَهُ ثَوْبًا لَا يَصِفُهَا". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 4116].

4367 -

[64] وَعَنْ أُمِّ سَلَمَة: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَيْهَا وَهِيَ تَخْتَمِرُ فَقَالَ: "لَيَّةً لَا لَيَّتَيْنِ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 4115].

ــ

4366 -

[63](دحية بن خليفة) قوله: (بقباطي) بفتح القاف وكسر الطاء وتشديد الياء، وهو جمع قبطية بضم القاف وقد يكسر وسكون الباء منسوبة إلى القبط، وهم أهل مصر، قوم فرعون، وإليهم تنسب مارية القبطية أم إبراهيم بن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، والقبط بكسر القاف، والضم في القبطية من تغيرات النسب على غير القياس، وإنما هي في نسبة الثياب إليه، وأما في الآدميين فمكسورة على القياس، والياء في قباطي مفتوحة لمنع الصرف؛ لأنه على وزن قناديل، وهو كأماني جمع أمنية، والقبطية: ثوب رقيق بيضاء يتخذ من كتان.

وقوله: (صدعين) بالفتح مصدر وبالكسر اسم كالشق معنى ووزنًا، ومثله الفرق، والفرق -بالفتح والكسر- والصدع: شق شيء صلب كالقارورة ونحوها.

وقوله: (تختمر به) الخمار ما تغطي به المرأة رأسها، وهو مرفوع على الاستئناف أو مجزوم جوابًا للأمر، وكذلك قوله:(لا يصفها) أي: كيلا يصفها لظهور لون بشرتها لكون ذلك الثوب القبطي رقيقًا تظهر من تحته البشرة.

4367 -

[64](أم سلمة) قوله: (لية لا ليتين) مفعول مطلق، أي: لَوِّي لية واحدة أو مفعول به، أي: اجعلي لية لا ليتين حذرًا عن الإسراف أو عن التشبه بالرجل، ومن عادة نساء العرب أن يلوين رأسهن بالثوب مثل شد العصابة، فنهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم-

ص: 372