المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌جمال الدين الأفغاني - مجلة «الزهور» المصرية - جـ ٣

[أنطون الجميل]

فهرس الكتاب

- ‌العدد 22

- ‌السنة الثالثة

- ‌ترجمة الشيخ محمد بن عبد الوهاب

- ‌الخواتم

- ‌رسائل غرام

- ‌في رياض الشعر

- ‌تربية الطفل

- ‌شيء عن الفن

- ‌في جنائن الغرب

- ‌ثمرات المطابع

- ‌أزهار وأشواك

- ‌لمن هذا الشعر

- ‌العدد 23

- ‌الكهانة

- ‌نابوليون الأول وحرب روسيا

- ‌في رياض الشعر

- ‌رسائل غرام

- ‌شيء عن الفن

- ‌نوابغ مصر الأحياء

- ‌حادث في الصحافة

- ‌تربية الطفل

- ‌لمن هذا الشعر

- ‌ثمرات المطابع

- ‌مصر وسوريا

- ‌جريح بيروت

- ‌قصيدة شاعر الأمير

- ‌خطبة سعادة الأستاذ أحمد زكي باشا

- ‌تحية الشام لمصر

- ‌العدد 24

- ‌كسوف الشمس

- ‌الكهانة

- ‌رسائل غرام

- ‌نابوليون الأول وحرب روسيا

- ‌في رياض الشعر

- ‌رواية عطيل

- ‌نوابغ مصر الأحياء

- ‌تربية الطفل

- ‌إلى قراء الزهور

- ‌السيدات والقلم

- ‌جريدة الأخبار

- ‌معرض الزهور السابع عشر

- ‌ثمرات المطابع

- ‌إبراهيم أدهم باشا

- ‌أزهار وأشواك

- ‌العدد 25

- ‌النذل

- ‌القدَر والمقدّر

- ‌خواطر

- ‌رسائل غرام

- ‌لقمان الدويبات

- ‌المودَّة

- ‌في رياض الشعر

- ‌نقيب الأشراف

- ‌تربية الطفل

- ‌مصر وسوريا

- ‌نوابغ مصر

- ‌أزهار وأشواك

- ‌ثمرات المطابع

- ‌العدد 26

- ‌الجنايات والاجتماع

- ‌الحزم

- ‌رجل الدم والحديد

- ‌دمعة الروح

- ‌مشاهير علماء نجد

- ‌أيها القمر

- ‌في رياض الشعر

- ‌في بلاد الأندلس

- ‌من إدارة الزهور

- ‌تربية الطفل

- ‌شؤون لبنانية

- ‌مس كايل

- ‌صور الشعر

- ‌كلّلي

- ‌ثمرات المطابع

- ‌أزهار وأشواك

- ‌العدد 27

- ‌القنصل الروماني والوالي العثماني

- ‌مقالات باكون

- ‌في رياض الشعر

- ‌نجيب وأمين الحداد

- ‌حياة الأخوين

- ‌أزهار وأشواك

- ‌من كل حديقة زهرة

- ‌ثمرات المطابع

- ‌بوليوس قيصر

- ‌العدد 28

- ‌الرتب والنياشين

- ‌مقالات باكون

- ‌المودة الكاذبة

- ‌النساء الرجال

- ‌في رياض الشعر

- ‌الفكاهة في الشعر

- ‌حول النياشين

- ‌جريمة الرجل

- ‌أمثال وأقوال

- ‌أزهار وأشواك

- ‌صوَر هذا الجزء

- ‌موت الكنار

- ‌جرائدهم وجرائدنا

- ‌ثمرات المطابع

- ‌يوليوس قيصر

- ‌العدد 29

- ‌البلقان والحرب

- ‌جمال الدين الأفغاني

- ‌نشيد نهر الصفا

- ‌الشكوكيُّون

- ‌الرتب والنياشين

- ‌في رياض الشعر

- ‌أزهار وأشواك

- ‌ثمرات المطابع

- ‌بوليوس قيصر

- ‌العدد 30

- ‌العام الجديد

- ‌المرأة المترجلة

- ‌تاريخ الجندية العثمانية

- ‌خطرات

- ‌في رياض الشعر

- ‌في جنائن الغرب

- ‌عيد الميلاد

- ‌في حسناء اسمها وردة

- ‌طربوشي بنتوفلي

- ‌الحقد

- ‌مستقبلنا

- ‌فؤادي والذكرى

- ‌رواية

- ‌ثمرات المطابع

- ‌أزهار وأشواك

- ‌مواليد شهر يناير ك2

- ‌فكاهة

- ‌العدد 31

- ‌الجمهورية الفرنساوية

- ‌حرفة الأدب

- ‌كيف نقيس الزمان

- ‌خطرات

- ‌فر رياض الشعر

- ‌فرسايل

- ‌في جنائن الغرب

- ‌الزهور

- ‌قصر سان جيمس

- ‌في حدائق العرب

- ‌ثمرات المطابع

- ‌مواليد شهر فبراير شباط

- ‌رأي في اللغة

الفصل: ‌جمال الدين الأفغاني

وإصرارها على امتلاك ميناء على بحر الأدرياتيك ومقاومة النمسا لها ، ومن إلحاح رومانيا بتوسيع منطقتها في أملاك بلغاريا حتى ثغر فارنه على البحر الأسود أيضاً جزاء وقوفها على الحياد ورغبة هذه في التنازل لها عن بعض أجزائها من الجهة الأخرى فقط وهلمَّ جرّاً ، أما الأيام فستكشف ما انطوى وإن غداً لناظره قريب.

‌جمال الدين الأفغاني

في نظر الدكتور شبلي شميّل

يشتغل الدكتور شميل في هذه الأثناء بوضع كتاب كبير عنوانه حوادث وخواطر أو هو مجموعة مذكراته كما بدل عليه الاسم. وقد اقتطعنا منه الفصل التالي جمال الدين الأفغاني الشهير. قال عفا الله عنه:

. . . أما جمال الدين فكان من نوابغ عصره عالماً واسع الإطلاع في علوم الأقدمين وفلسفتهم ذا ذكاءٍ مفرط وأدب رائع مع شجاعة في القول لا تصدر إلَاّ عن نفوس مستقلَّة كريمة وكان ذا حديث طلي شهي لا يمل منه سامعه مع فصاحة عربية في التزام القواعد واختيار الألفاظ ولكنها ممزوجة ببعض لكنةٍ أعجمية تنمُّ عن أصله الغريب وإنما وقعها على الأذن كان محبوباً. ونظره كان جذاباً وله عينان إلى السواد غائرتان قليلاً تتقدان ذكاءٍ. وهو لم يكن يعرف لغةً من لغات الإفرنج الحافلة بالأفكار الجديدة والعلوم الحديثة ولكنهُ كان مقدرة عجيبة في التحصيل

ص: 411

حتى أنهُ ليستفيد منك الشيء الجديد ويصبهُ في قالب المعلوم المختمر فيه ويوهمك أنهُ معروفٌ له منذ زمان طويل. وجمال الدين لم يكتب في ما أعلم شيئاً وإنما كان يلقي على آخرين مقالات ضافية تنشر في جريدة مصر تحت أسمائهم. ولولا الشيخ محمد عبده يده الكاتبة لما كان لصوته صدى ولبقيت تعاليمه في صدور أكثر الذين تلقوها عنه وماتت معهم إذ كانت كل تعاليمه حديثاً يلقيه بحسب مقتضى الحال. فهو فيلسوف من الفلاسفة المشائين أو بالجري الرواقيين ورواقه كان رواق القهوة التي بجنب قهوة البورصة القديمة المتقدم ذكرها. ولعلَّ تلاميذه لا ينسون في مستقبل الأيام إن يحيوا ذكره بينهم في ذلك المكان. وقبل جريدة مصر كانت شهرة جمال الدين مقتصرة على الأخصاء وأعماله محصورة في دائرة مريديه وأما جريدة مصر فكانت سبباً كبيراً لإذاعة صيته ونشره في الآفاق. ولما عرَّفت أديب بجمال الدين كانت معرفتي بهذا الأخير حديثة العهد. فقد كنتُ أسمع بهِ وأنا في الإسكندرية فلما أتيتُ إلى مصر وددتُ أن أتعرَّف بهِ. وكان يتردد كثيراً على بيت حنا عيد قنصل دولة البلجيك. فلما أبديت رغبتي هذه لعيد المذكور ضرب لي موعداً للاجتماع به عنده في إحدى السهرات. ولما تعارفنا أخذنا ننتقل من حديث إلى حديث إلى أن ابتدرتهُ بالسؤال الآتي ولم يكن سبق لي كتابة أو تصريح في

هذا الموضوع بعد. قلت: ما قول سيدي الشيخ لفظة الأستاذ

ص: 412

لم تكن قد جرت بعد على الألسنة كما هي اليوم في المعبود الأول الذي اتخذه الإنسان من بين أشياء هذا الوجود؟. وكأني لحظتُ أنه أُخذ بهذا السؤال عى غرَّة كأنه لم يخطر له ببال من قبل. فتقلقل قليلاً كأنه يريد أن يتمكن في مجلسه ولم يطل به ذلك حتى دخل في مقدمة مستفيضة أغنتهُ ومتله الصمت طويلاً وأعانتهُ على تصوير الحكم بما فسحت له من الوقت ومتله لم يكن يلزم له أكثر من ذلك لما له من سرعة الخاطر وحدَّة الذهن. ولا أذكر شيئاً من هذه المقدمة وإنما أذكر أنه

ص: 413

انتهى بها القول إن المعبود الأول للإنسان الأول كان يقتضي أن يكون في ثنايا الغيوم المتلبدة أو هي نفسها أما أنا فلم أكن من رأيه وكأني نظرت إلى الإنسان نظراً أعرق في الحيوانية. فاعتبرتُ الإنسان الأول لاصقاً بأرضه يتخبط في ما أمامهُ متخوفاً من كل شيء إذ كان يجهل كل شيء فاتخذ معبودة الأول من أشيائها ولم يرتفع بصره إلى ما فوق إلَاّ بعد ذلك بكثير. واعتبرت حينئذ العبادة الفتيشية أول عبادات الإنسان وجعلتها في الغابات الكثيفة ذات الشأن في الميثولوجية القديمة وفي الأشجار الكبيرة المنفردة القائمة في العراء يُستظلُّ بها من الرمضاء كما تدل عليهِ بقايا ذلك فيهِ حتى اليوم. وهذا الحكم لم يقم بي اعتباطاً من دون تفكير سابق بل قام في نفسي على أثر زيارتي لمدينة بعلبك في سنة 1870 حين رجوعي من أنطاكية وكنت قد أرسلتُ إليها في بعثة من قبل المدرسة الكلية حين كنتُ أدرس الطب لإغاثة منكوبيها في الزلزال الذي نكبت بهِ تلك المدينة في تلك السنة. وكان رفيقي في هذا السفر ذهاباً وإياباً أدورد فاندَيْك المعروف عند المصريين ابن الشهير كرنيليوس فاندَيْك صاحب الفضل الأكبر على سورية وسائر الأقطار العربية في نهضتها العلمية الحديثة. فلما وصلنا بعلبك بعد سفر أربعة عشر يوماً في مروج خصيبة يتعالى فيها الحشيش الطبيعي إلى إقامة الإنسان ولكن يد حكامها الطغاة أقحلتها وتركتها قفراء من السكان لم نشأ أن تقيم في المدينة وفضَّلنا أن نبيت ليلتنا في قلعة بعلبك نفسها وكان القمر بدراً والسماء صافية فبين الآثار الكثيرة

ص: 414

المتهدمة توجد أعمدة من الغرانيت ذات علوٍّ شاهق لا تزال قائمة صقّاً واحداً في ساحة منبسطة. فلما وقفتُ أمامها في ضوء القمر الصافي وفي وسط ذلك السكون الرهيب والشباب غضٌّ والعواطف شديدة التأثر شعرتُ في نفسي بتهيب من منظرها الفخم لا يزال أثره بي حتى اليوم كدت أجثو منهُ على ركبتيَّ من

شدة الخشوع. فكأن هذا الشعور بي كان لي موضوعاً للتفكير بعد ذلك في أمر العبادات وإن منشأها في الإنسان إما تهيب عن إعجاب أو خوف عن ضعف. وأحرِ بالإنسان الأول اللاصق بأرضه أن يكون معبوده الأول منها على نحو ما تقدَّم. قلت أن جمال الدين كان من الفلاسفة الرواقيين أي أنهُ كان ينشر

ص: 415

تعاليمه في طي المحادثات الاعتيادية ولكنها كانت محادثات خلَاّبة في لذَّة المعنى وحسن الانسجام ولم يتهيأ له أن وقف خطيباً في قوم إلَاّ مرة واحدة أظهر فيها أنه خطيب مفوَّه أيضاً وكان ذلك بمسعى أديب إسحاق وفي تياترو زيزينيا على محضر من جمهور غفير من علية القوم من رجال ونساء من السوريين والمصريين. فألقى خطبة اجتماعية سياسية أبدع فيها معنى ومبنىً وجرأةً وبقي يرتجل الكلام نحو ساعتين من دون أن يبدو عليهِ أدنى تعب أو يتلعثم حتى خلب العقول وأقام الناس وأقعدهم كأنه رابطهم بسلاسل كلامه يلعب بهم كما يشاء. وقد أعجبني منه قوله فيها وهو يتكلم عن استبداد الملوك واستماتة الشعوب قال كأن الناس ليسوا شيئاً والملك هو كل شيء إن قام قاموا وإن قعد قعدوا!. ولما بلغني أن جمال الدين بعد أن نفي من مصر ببضع سنين كتب رسالةً باللغة الأفغانية في نفي مذهب الماديين ترجمها الشيخ محمد عبده إلى العربية دُهشت لعلمي بأن الرجل لم يكن من المتدينين. على أن جمال الدين كسائر الفلاسفة الأقدمين لم يكن يستطيع بمبادئة النظرية وفلسفته المجرَّدة أن يجزم جزم الطبيعيين في استنادهم إلى العلوم الحديثة اليوم فلم يكن يستطيع إلَاّ أن يكون من الشكوكيين أمثال المعرّي وأمثال فولتير الذين ينكرون الأنبياء ولكنهم يقفون مترددين في أمر الخلق هل هو حادثٌ أو قديم فيكونون تارةً من الإلهيين وطوراً من اللاأرديين لعدم تمكنهم من ضابط علميّ محسوس يضبط أحكامهم ويقوّي حجتهم في تردُّدهم اللهم إلَاّ أن يكونوا من الحصافيين النفعيين الذين يكونون في

ص: 416

اعتقادهم على هوى جليسهم تارةً أقرب إلى المعطلين وطوراً أقرب إلى المؤمنين أي أنهم يكونون كما وصفهم الإمام الغزالي حين قال: إن الآراء ثلاثة أقسام: رأي يشاركه فيهِ الجمهور فيما هم عليه. ورأي يكون بحسب ما يخاطب به كل سائل ومسترشد. ورأي يكون بين الإنسان ونفسه لا يطلع إلَاّ من هو شريكه في اعتقادهم اهـ ويصعب عليَّ جداً بعد اختياري الرجل بنفسي من جهة ثم سماعي عنه بعد دلك أن أبدي فيه حكماً جازماً ولكني أرجح جداً أنه لم يكن من المؤمنين.

الدكتور شميل

ص: 417