المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

20 منه قليلو الثقة بالنجاح 21 منه ضعيفو الإرادة ، عديمو - مجلة «الزهور» المصرية - جـ ٣

[أنطون الجميل]

فهرس الكتاب

- ‌العدد 22

- ‌السنة الثالثة

- ‌ترجمة الشيخ محمد بن عبد الوهاب

- ‌الخواتم

- ‌رسائل غرام

- ‌في رياض الشعر

- ‌تربية الطفل

- ‌شيء عن الفن

- ‌في جنائن الغرب

- ‌ثمرات المطابع

- ‌أزهار وأشواك

- ‌لمن هذا الشعر

- ‌العدد 23

- ‌الكهانة

- ‌نابوليون الأول وحرب روسيا

- ‌في رياض الشعر

- ‌رسائل غرام

- ‌شيء عن الفن

- ‌نوابغ مصر الأحياء

- ‌حادث في الصحافة

- ‌تربية الطفل

- ‌لمن هذا الشعر

- ‌ثمرات المطابع

- ‌مصر وسوريا

- ‌جريح بيروت

- ‌قصيدة شاعر الأمير

- ‌خطبة سعادة الأستاذ أحمد زكي باشا

- ‌تحية الشام لمصر

- ‌العدد 24

- ‌كسوف الشمس

- ‌الكهانة

- ‌رسائل غرام

- ‌نابوليون الأول وحرب روسيا

- ‌في رياض الشعر

- ‌رواية عطيل

- ‌نوابغ مصر الأحياء

- ‌تربية الطفل

- ‌إلى قراء الزهور

- ‌السيدات والقلم

- ‌جريدة الأخبار

- ‌معرض الزهور السابع عشر

- ‌ثمرات المطابع

- ‌إبراهيم أدهم باشا

- ‌أزهار وأشواك

- ‌العدد 25

- ‌النذل

- ‌القدَر والمقدّر

- ‌خواطر

- ‌رسائل غرام

- ‌لقمان الدويبات

- ‌المودَّة

- ‌في رياض الشعر

- ‌نقيب الأشراف

- ‌تربية الطفل

- ‌مصر وسوريا

- ‌نوابغ مصر

- ‌أزهار وأشواك

- ‌ثمرات المطابع

- ‌العدد 26

- ‌الجنايات والاجتماع

- ‌الحزم

- ‌رجل الدم والحديد

- ‌دمعة الروح

- ‌مشاهير علماء نجد

- ‌أيها القمر

- ‌في رياض الشعر

- ‌في بلاد الأندلس

- ‌من إدارة الزهور

- ‌تربية الطفل

- ‌شؤون لبنانية

- ‌مس كايل

- ‌صور الشعر

- ‌كلّلي

- ‌ثمرات المطابع

- ‌أزهار وأشواك

- ‌العدد 27

- ‌القنصل الروماني والوالي العثماني

- ‌مقالات باكون

- ‌في رياض الشعر

- ‌نجيب وأمين الحداد

- ‌حياة الأخوين

- ‌أزهار وأشواك

- ‌من كل حديقة زهرة

- ‌ثمرات المطابع

- ‌بوليوس قيصر

- ‌العدد 28

- ‌الرتب والنياشين

- ‌مقالات باكون

- ‌المودة الكاذبة

- ‌النساء الرجال

- ‌في رياض الشعر

- ‌الفكاهة في الشعر

- ‌حول النياشين

- ‌جريمة الرجل

- ‌أمثال وأقوال

- ‌أزهار وأشواك

- ‌صوَر هذا الجزء

- ‌موت الكنار

- ‌جرائدهم وجرائدنا

- ‌ثمرات المطابع

- ‌يوليوس قيصر

- ‌العدد 29

- ‌البلقان والحرب

- ‌جمال الدين الأفغاني

- ‌نشيد نهر الصفا

- ‌الشكوكيُّون

- ‌الرتب والنياشين

- ‌في رياض الشعر

- ‌أزهار وأشواك

- ‌ثمرات المطابع

- ‌بوليوس قيصر

- ‌العدد 30

- ‌العام الجديد

- ‌المرأة المترجلة

- ‌تاريخ الجندية العثمانية

- ‌خطرات

- ‌في رياض الشعر

- ‌في جنائن الغرب

- ‌عيد الميلاد

- ‌في حسناء اسمها وردة

- ‌طربوشي بنتوفلي

- ‌الحقد

- ‌مستقبلنا

- ‌فؤادي والذكرى

- ‌رواية

- ‌ثمرات المطابع

- ‌أزهار وأشواك

- ‌مواليد شهر يناير ك2

- ‌فكاهة

- ‌العدد 31

- ‌الجمهورية الفرنساوية

- ‌حرفة الأدب

- ‌كيف نقيس الزمان

- ‌خطرات

- ‌فر رياض الشعر

- ‌فرسايل

- ‌في جنائن الغرب

- ‌الزهور

- ‌قصر سان جيمس

- ‌في حدائق العرب

- ‌ثمرات المطابع

- ‌مواليد شهر فبراير شباط

- ‌رأي في اللغة

الفصل: 20 منه قليلو الثقة بالنجاح 21 منه ضعيفو الإرادة ، عديمو

20 منه قليلو الثقة بالنجاح

21 منه ضعيفو الإرادة ، عديمو الثبات

22 منه ذوو عقول نقّادة يدققون في كل شيء

23 منه كبراء النفوس

24 منه يرتقون مناصب الحكومة العالية

25 منه ظريفو الحديث ، كثيرو الكلام

26 منه ميالون إلى الاشغال اليدوية

27 منه يحبون الحروب ويقتحمون أخطارها

28 منه متعجرفون يحبون الحرية

29 منه ذوو سموّ في الأفكار وأصالة في الرأي

30 منه أقوياء القلوب

31 منه شديدو الحرص يضيعون الفرص لشدة حرصهم

ا. غ

‌فكاهة

إلى مدارس البنات

الشاب - إني أحب أن أتزوج بابنتك ولكن هل يمكنكِ أن تخبريني عن معارفها؟

الوالدة - قد حازت شهادات الامتيازات في الفوسيولوجيا والبكتريولوجيا والبداغوجيا وال. . .

الشاب - كفى كفى يا سيدتي. إنها لا توافقني. لأني أريد فتاة تعرف الطبخولوجيا والكنسولوجيا وكافة أشغال البيوتولوجيا

ص: 496

وبما تعرفونه أنت جميعاً. إني أريكم جراح قيصر وهي تقوم مقامي فتخطب فيكم. أما لو كنت بروتوس. وكان بروتوس أنطونيوس ، إذن لرأيتم أمامكم رجلاً يُغلي الدم في عروقكم ويضع لساناً في كل جرح من جراح قيصر وينفخ في حجارة رومه روحاً تحرّضها على الثورة.

الجميع - نثور. سنثور عليهم

العامي الأول - سنحرق بيت بروتوس

العامي الثالث - تعالوا. تعالوا نفتش عن القتلة

أنطونيوس - سمعكم. سمعكم. دعوني أقل كلمة بعد أيها الأخوان

الجميع - اسكتوا. اصغوا لأنطونيوس. أنطونيوس الشريف الشريف

أنطونيوس - أيها الأصدقاء ، إنكم تفعلون ما لا تعلمون. أتعرفون لِِمَ تحبون قيصر هذا لحبّ. قد نسيتم. ها أنا مذكركم: نسيتم الوصية التي ذكرتها لكم.

الجميع - صحيح. حق. الوصية. امكثوا نسمع الوصية

أنطونيوس - ها كم الوصية مختومة بخاتم قيصر. إنهُ أوصى لكل روماني: لكل واحد منكم بخمسة وسبعين درهماً

العامي الثاني - يا لقيصر كليّ الشرف. سنثأر لقتله

العامي الثالث - يا لقيصر ذي الملك

أنطونيوس - صبراً صبراً

الجميع - اسكتوا يا قوم

أنطونيوس - وقد أوصى لكم بجميع حدائقه وجنائنه القائمة على هذا الجانب من نهر التيبير. كلها لكم. متعة لكم ولأولادكم من بعدكم تتنزهون وترتاضون بها ما شئتم. . . ذلكم قيصر. فمتى تجدون له نظيراً؟

الجميع - لا نظير لهز لا نظير له. هلموا بنا. هلموا نحرق جثته في بيت الآلهة

ص: 497

ونشعل منها مشاعل نضرم بيوت القتلة من نارها. احملوا الجثة.

العامي الثاني - هاتوا ناراً

العامي الثالث - حطّموا المقاعد

العامي الرابع - كسّروا النوافذ. كسروا الأخشاب. كسروا كل شيء يخرج الشعب حاملين جثة قيصر

أنطونيوس - فلتعمل الفتنة الآن عملها. وأنت أيها الشرُّ هانذا قد أوقفتك على قدميك فاختر لنفسك سبيلاً يدخل خادم ماذا جرى يا غلام؟

الخادم - حضر أوكتافيوس لرومه يا مولاي

أنطونيوس - أين هو؟

الخادم - في بيت قيصر ومعه لبيدوس

أنطونيوس - سأوافيه إلى هناك في الحال. لقد جاء في الميعاد المرغوب. إن الحظ لباسم فلنغنم الساعة ونتمنى عليه المنى

الخادم - سمعتُ اوكتافيوس يقول أن بروتوس وكاسيوس قرَّا من رومه مذعورين كم أصيب بمسِّ من الجنون

أنطونيوس - ربما لحظا ما فعلتهُ بالشعب وكيف هيجتهُ عليهما. سرْ بي إلى أوكتافيوس يخرجان

المشهد الثالث

شارع يدخل سنّا الشاعر

سنا - لنفسه لا يحلو لي الخروج جائلاً في الأسواق. ولكنَّ دافعاً يدفعني إليه. تخيلاتُ لشؤم تجول في خاطري فقد حلمتُ الليلةَ إني تعشيتُ مع قيصر يدخل الشعب

ص: 498

العامي الأول - ما اسمُك؟

العامي الثاني - إلى أين تقصد؟

العامي الثالث - وأين تسكن؟

العامي الرابع - أمتزوّجٌ أنتَ أم عزَب؟

العامي الثاني - أجب كلاًّ منا بصراحة

العامي الأول - وبالاختصار

العامي الرابع - وبحكمة

العامي الثالث - نعم وبالصدق. ذلك خيٌر لك وأبقى

سنا - ما اسمي؟ إلى أين أقصد؟ أين أسكن؟ أعزبٌ أنا أم ذو أهل؟. . . وعليًّ أن أجيبكم بصراحة وباختصار وبحكمة وبصدق. فلنبدأ بالحكمة. إني بحكمةٍ غير متزوّج

العامي الثاني - مغضباً أتعني أن المتزوجين حمقى؟ ستنالُ جزاءَك مني على هذه انتهِ قل بصراحة

سنا - بصراحة؟ إني ذاهب في جنازة قيصر

العامي الأول - أعدوٌّ أنتَ أم صديق؟

سنا - صديق

العامي الثاني - لقد أجبتَ بصراحة

العامي الرابع - منزلك؟ بالاختصار

سنا - بالاختصار؟ قرب الكابيتول

العامي الثالث - اسمك؟ بالصدق

سنا - بالصدق؟ اسمي سنا

ص: 499

العامي الأول - مزّقوه إرباً إرباً. إنهُ أحد المتآمرين

سنا - أنا سنا الشاعر. أنا سنا الشاعر

العامي الرابع - مزّقوه إرباً لرداءة شِعره. مزّقوه لرداءَةٍ شعرهٍ

سنا - لستُ سنا المتآمر

العامي الرابع - سيَّان. أن اسمه. انزعوا اسمه من قلبهِ ودعوه يذهب

العامي الثالث - مزّقوه. مزّقوه. تعالوا. هاتوا المشاعل. هلموا إلى بيت بروتوس. إلى بيت كاسيوس. احرقوا

الجميع - بعضكم إلى بيت ديسيوس وبعضكم إلى بيت كاسكا والبعض إلى بيت ليجاريوس. تعالوا. هلموا بنا. تعالوا. . . . يخرج الجميع

الفصل الرابع

المشهد الأول

بيت في رومه أنطونيوس وأوكتافيوس ولبيدوس جلوس إلى مائدة

أنطونيوس - إذن كلُّ هؤلاء سيموتون. إن أسماءَهم لمحصاة

اوكتافيوس - وأخوك أيضاً سيموت. أتوافق على ذلك يا لبيدوس

لبيدوس - أوافق

اوكتافيوس - فاحصهِ معهم يا أنطونيوس

لبيدوس - مخاطباً أنطونيوس بشرط أن لا تُبقي على ابن أختك بوبليوس

أنطونيوس - إنهُ لن يعيش. وها قد علمت اسمه. فاذهب الآن يا لبيدوس إلى بيت قيصر وائتنا بوصية لنقرّ على ما سنبدّل فيها ونغيّر

لبيدوس - أتلبثون هنا ريثما أعود؟

ص: 500

اوكتافيوس - هنا أو في الكابيتول يخرج لبيدوس

أنطونيوس - ما أجدر هذا الرجل بأن يقوم لدينا مقام ساعٍ يروح ويجيء لأغراضنا. إنهُ تانه لا كفاءة له ولا استحقاق. أيخلق بنا أن نقاسم هذا العالم مثالثة فينال حصةً كحصة كلّ منا؟

اوكتافيوس - هذا ما ارتأيته أنت. وقد استشرته في إصدار أحكامنا السوداء بالموت

أنطونيوس - إني بلوت الدهر أكثر منك يا اوكتافيوس. فإن نحن أغدقنا التكريم على هذا الرجل فما ذاك إلاّ لنخفف أعباء الحمل عنا ونتخذه حماراً لنا يحمل النضار إلى حيث ندفعه أو نقوده فإذا ما حطَّ الرحال نزعنا عنه حمله الثمين وتركنا له حصته تعباً وكدّاً تحت النير ثم إطلاقاً إلى مراع زريئة يأكل مرقصاً أذنبه من الطرب

اوكتافيوس - قد يتمُّ لك ما تريد. ولكنهُ جنديٌّ مجرّب باسل

أنطونيوس - نعم وهكذا حصاني. ولذا تراني أكيلُ له العلف كيلاً وأعلمه الكرَّ والفرَّ والهجوم والوقوف فأُخضع قوته البدنية لإرادتي. وكذا شأن لبيدوس معنا. إنهُ فارغ العقل يقتات على الحثالة والنفاية والتقليد فيبدأ حيث انتهى الآخرون شيئه ونحفظ شيئنا. اسمع الآن لمهامٍ عظمى أنقلها إليك: إن برتوس

وكاسيوس يجمعان جموعها الآن فعلينا أن نسرع ونشدّد محالفتنا وننتقى أصدقاءَنا ونجهد قواتنا ونتشاور في خير السبل لملاقاة أخطار وكشف مخبآت الأقدار

اوكتافيوس - لنفعل ما تقول. فإن الأعداء تحيط بنا وتكاد تردينا وكثيرون يبذلون لنا الابتسام وقلوبهم ملآى بضغائن لا تحصى. يخرجان

ص: 501

المشهد الثاني

معسكر قرب سارديس. أمام خيمة بروتوس

يدخل بروتوس ولوسيليوس وجنود. يقابلهم تيتينيوس وبنداروس

بروتوس - يا هو! قف!

لوسيليوس - كلمة المرور! قف!

بروتوس - أي لوسيليوس. هل صار كاسيوس قريباً منا

لوسيليوس - قريب وها بنداروس قدم يبلغك تحيات مولاه

بروتوس - طابت تحياته. إن انقلاب حال مولاك يا بنداروس وسوء مشورة أتباعه جعلاني أندم على فعل ما قد فعلنا. أما وقد صار بالقرب منا فسأري غليلي الإكرام

لوسيلوس - جلملني وأكرمني ولكنهُ احتاط لنفسه في الحديث وتكتم على خاف عادتهِ

بروتوس - لقد وصفتَ صديقاً أخذت حرازةُ مودّته بالبرود. فإذا مرض الودُّ وسرى في عروقهِ الفساد لبس لباس الكلفة والمجاملة المفتعلة أما الحب الصحيح الفطريّ فخلوٌ من هذه الحيل. مَثل الفارغ من الرجال مَثلُ جود يجمح قبل إطلاق العنان فتتخيلُ القوة وراء طغيانهِ وزهوهِ فإذا ما أدميتَ جنينهِ ضرباً بالركاب ذَبل عرفُهُ وتبين لك عند التجربة برذوناً خدَّاعاً. أقادمٌ جيشهُ معه؟

لوسيليوس - الفرسان قادمون معهُ وهم معظم الجيش أما البقية فيبيتون الليلة في سارديس صوت مشي جيش عن بعد

ص: 502

بروتوس - اسمعوا. إنهُ لقادم. هلموا لملاقاته يدخل كاسيوس بقوَّاته

كاسيوس - يا هو. قفوا

بروتوس - قفوا. يا هو. كلمة السرّ

الجندي الأول - قفوا

الجندي الثاني - قفوا

الجندي الثالث - قفوا

كاسيوس - لقد أسأتَ إليَّ الأخ النبيل

بروتوس - احكمي أيتها الآلهة بيننا. أيسيءُ إلى أصدقائهِ رجلٌ لا يقدر أن يسيءَ إلى أعدائهِ

كاسيوس - إن تحت ظاهرك الوقور كثيراً من الخطايا. فإذا ما اقترفها. . .

بروتوس - مقاطعاً رويدك كاسيوس رويدك وابدِ شكواك سرّاً لا جهراً فإني أعرفك حق المعرفة. لا يليق بنا أن نظهر أمام جيشينا بمظهر المتنافرين المتخاصمين لنمنعنّهم رؤية غير الألفة فيما بيننا. مُرْهم يتفرقوا ثمَّ تعال إلى خيمتي وأطل في وصف شكلويك فإني لكَ من السامعين

كاسيوس - بنداروس! مر القواد يرحلوا بجيوشهم قليلاً عن هذا المكان

بروتوس - افعل فعله يالوسيليوس. واحم خيمتنا عن كل قادم إلى أن نتمَّ حديثنا. دعْ لوسيوس وتيتينيوس يحرسا الباب يخرجون

المشهد الثالث

خيمة بروتوس. يدخل بروتوس وكاسيوس

كاسيوس - هاك ما أسأتَ إليَّ بهِ: إنك حقرتَ لوسيوس بيلاّ وعاقبتهُ على رشوةٍ أخذها من أهل سارديس فكتبتُ أشفع فيهِ إليك لأني أعرفهُ قازدريتَ الكتبَ وطرحتها جانباً

ص: 503

بروتوس - أنتَ المسيء إلى نفسك إذ دافعتَ عن مثل هذه القضية

كاسيوس - لا يجمل بنا في مثل هذه الأحوال الحرجة إن تعاقب على مثل هذه الجرائم التافهة

بروتوس - بل أنتَ خليق بالعقاب يا كاسيوس لأجل يدك ذات الحكة ولأجل بيعك المناصب لغير الأكفاء

كاسيوس - أمثلي توصف يده بذات الحكة؟ وايمِ الآلهة لو لم يكن القائلَ بروتوس لكان هذا القول آخر كلامهِ

بروتوس - إن اسم كاسيوس يُلبس الرشوةَ لباساً من النبل فيغطّي القصاصُ رأسهُ ويتوارى

كاسيوس - القصاص!

بروتوس - اذكرْ شهر مارس. اذكرْ اليوم الخامس عشر منه. أما سال دم يوليوس الكبير انتقاماً للعدل؟ مَن مِن طاعنيه سَفُل فضرب إكراماً لغير الحق؟ ايهِ لكَ. أواحدٌ منا نحن الذين أردوا أعظم رجال العالم لتأييده الصوص يدنس يده برشوةٍ سافلة ويبيع شرفه الواسع الضخم بشيء زريٍّ يمسك بين الأصابع هكذا؟ إذن لتمنيتُ إن أكون كلباً يطاول القمر نباحاً ولا أكون ذلك الروماني

كاسيوس - لا تهيجني يا بروتوس فلن احتمل هذا منك. إنك تنسى نفسك فتحملني فوق طاقتي. أنا جنديّ أكثر منك اختباراً وأعظم كفاءةً وأحرى منك باشتراط الشروط

بروتوس - اذهب فما أنت بكاسيوس

كاسيوس - بل أنا هو

بروتوس - قلت لك لا

كاسيوس - لا تستفزَّ غضبي أو أنسى نفسي. احترس لنفسك ولا تبالغ في تحريضي

ص: 504

بروتوس - عني أيها الرجل الخفيف

كاسيوس - لم يعد بالإمكان. . .

بروتوس - أصغِ لكلامي. فما أنا بحاسب حساباً لغضبك الطائش. أو أخاف تحديق رجلٍ مجنون؟

كاسيوس - ايهٍ أيتها الآلهة. أأطيق بعد كل هذا صبراً

بروتوس - نعم وأكثر من هذا. أرغ وأزبد حتى تشقَّ قلبك المتعجرف. اذهب إلى عبيدك أرِهم غضبك ودع أرقّاءك يرجفون خوفاً. أتظنني أكترث لك فأتهيبك أو أقف أمامك ذليلاً في حالة غضبك؟ وايم الآلهة إنك ستبتلع سُمَّ كيدك ولو أرداك. أما أنا فسأسخر بك بعد الآن وأجعلك أضحوكتي كلما اشتدّ غضبك

كاسيوس - أإلى هذا الحد انتهينا؟

بروتوس - أرِني إنك ذلك الجندي الذي يفوقني. أيّد دعواك بالحجة فاسرّ لك وأفرح. نعم إني أحب أن أتعلم من رجال النبل

كاسيوس - إنك تسيء إليَّ من كل الوجوه. ما ادَّعيتُ بأني جندي أفضل منك بل قلت إني

أكبر منك. هل قلت أفضل منك؟

بروتوس - وما يهمني لو قلت

كاسيوس - ما كان قيصر في حياته ليجسر على إغرائهِ

كاسيوس - لا أجسر؟

بروتوس - لا

كاسيوس - لا أجسر على إغرائه؟

بروتوس - لا. لم تجسر خوفاً على حياتك

كاسيوس - لا تحمّل صداقتي فوق وسعها فقد أفعل ما أندم عليهِ

ص: 505

بروتوس - إنك قد فعلت ما يستوجب الندم. أي كاسيوس ، تهديدك لا يخفيني فإني لا بس من أمانتي درعاً قويّة تردّه عني فيمرُّ بي الريح لا اعبأ بهِ. لقد أرسلت أطلب منك ذهباً فمنعته وأنا أعجز من جمع المال بطرقٍ سافلة. فو السماء! لأوثر أن أصكَّ فؤادي نقوداً وأسبك من دمي دراهم على أن أنزع من أيدي الفلاحين الخشنة أموالهم الزرية بغي حق. أرسلت أطلب منك مالاً أوزعه على جنودي فمنعت ذلك عني. أيليق هذا بكاسيوس: هل كنت أجيبه بهذا الجواب أنا؟ ايهٍ أيتها الآلهة. أرسلي زوابعك ومزّقيني إرباً إرباً إن كنت طمّاعاً أجلس عن أصدقائي مالاً حقيراً

كاسيوس - ما رددت طلبك

بروتوس - بل رددته

كاسيوس - لم أفعل. إن الذي نقل إليك الخبر لمجنون. قد مزَّقتَ فؤادي على الصديق ستر مساؤى صديقه أما بروتوس فيبالغ في ذكرها ويعظّم

بروتوس - لا. لا. بل أردها ردّاً إذ أراك توجهها إليَّ

كاسيوس - لم تعد تحبني

بروتوس - بل ذنوبك لا أحبّ

كاسيوس - عين الرضا كليلة عن كل عيب

بروتوس - بل عين للمداهن كليلة لا ترى الذنوب ولو علت علوّ الأولمب

كاسيوس - ايهٍ أنطونيوس. ايه أوكتافيوس. هلما انتقما من كاسيوس وحده الآن فقد ملَّ

الدنيا وعافتها نفسه. ها صديقهُ يكرههُ وأخوه لا يعبأ بهِ بل يسترقّهُ كالأسير يعدُّ هفواتهِ يسجلها عليهِ ويعيد ذكرها ويكررها فترسخ في ذهنهِ فيرمي بها وجه صديقه. ليتني أستطيع أن أذرف حياتي دمعاً. هاك خنجري. هاك صدري

ص: 506

العاري صدراً يضمُّ قلباً أعزَّ من مناجم بلوتوس وأثمن من الذهب فانزعهُ مني إن كنتَ رومانياً فإن الذي أبى عليك الذهب يجود لكَ بقلبهِ. اطعّني كما طعنتَ قيصر فلقد كان في أشدّ ساعاتِ كرهك إياه أحبّ مني

بروتوس - ردَّ خنجرك إلى غمده. اغضب متى شئت فسأفح لك المجال. افعل ما تريد فإني أعدُّ مساوئك سليقةً فيك. ويحك كاسيوس. إن مثل نفسك الساذجة مثل حجر القدح يطير شراره إذا حُكَّ ثم يهمد ويبرد

كاسيوس - رجلاً سخرةً لصاحبه صرت. فالحزن وسرعة الغضب هيّجاني

بروتوس - أي كاسيوس. وأنا أيضاً كنت سريع الغضب عندما خاطبتك بتلك اللهجة

كاسيوس - أتعترف بذلك. هات يدك

بروتوس - وقلبي معها

كاسيوس - آه يا بروتوس

بروتوس - مالك؟

كاسيوس - أليس لي عندك ذرةُ حبّ تشفع بي عندما يشط بي خلقي الموروث عن أمي فأنسى نفسي

بروتوس - نعم. فإذا ما أسأتَ إليَّ بعد اليوم حسبتُ السببَ توبيخ أمك لك فأتركك حتى تهمد

الشاعر - ينادي من الخارج دعني أدخل لأرى القائدين. يلوح لي أن شقاقاً وقع بينهما فلا يجدر أن نبقيهما معاً

لوسيليوس - من الخارج لستَ بداخل عليهما

ص: 507

الشاعر - من الخارج لا يمنعني إلاّ الموت. يدخل الشاعر يتبعهُ لوسيليوس وتيتينيوس ولوسيوس

كاسيوس - ما بالكم؟ ما الأمر؟

الشاعر - يا للعار أيها القائدان! ما تقصدان؟ كونا صديقين وليحب أحدكما الآخر فذلك أليق

بأمثالكم وأجدر. صدقاني. فإني عشتُ ورأيت سنين كثيرة

كاسيوس - هازئاً بهِ ما أرطن تلحينك يا مخالف سنن الناس!

بروتوس - اخرج يا غلام. اذهب أيها الوقح!

كاسيوس - رفقاً بهِ يا بروتوس فإنها لعادة بهِ

بروتوس - قد أرفق بهِ في غير هذا المكان فلكل مقم مقال وما شأن هؤلاء المجانين المتشاعر في الحرب؟ اخرج يا هذا

كاسيوس - اخرج. اخرج. اذهب يخرج الشاعر

بروتوس - مخاطباً لوسيليوس وتيتينيوس قولا لقواد الفرق يهيئون مراقد لجيوشهم الليلة

كاسيوس - ارجعا إلينا حالاً واحضروا مسلا معكما يخرج لوسيليوس وتيتينيوس

بروتوس - لوسيوس! إليَّ بكأسٍ من الخمر. يخرج لوسيوس

كاسيوس - ما ظننت الغضب يبلغ منك ما بلغهُ لآن

بروتوس - أي كاسيوس أسقمني كثرة أحزاني

كاسيوس - إن جعلت ليأس يتغلب عليك فقد أضعت حكمتك

بروتوس - ما حمل رجلٌ حزنه حملي. . . ماتت بورسيا

كاسيوس - بورسيا؟ آخ

بروتوس - ماتت

كاسيوس - وكيف نجوت أنا من القتل عندما أغضبتك. يا لفقد جارح غير محمول! كيف ماتت؟

ص: 508

بروتوس - ماتت قلقاً لطول غيابي وحزناً على انتصارات أوكتافيوس وأنطونيوس. عندما علمت بالنصر أحرزاه أضاعت رشدها قم اغتنمت فرصة غياب خادماتها فذهبت إلى نار موقدة وابتلعتها

كاسيوس - أهكذا ماتت؟

بروتوس - هكذا

كاسيوس - رحماكِ أيتها الآلهة الخالدة يدخل لوسيوس بالخمر وبالمشعال

بروتوس - لا تعد لي ذكرها. أعطني كأساً من الخمر أدفن بها كلَّ غمّ وهمّ نخبك يا كاسيوس يشرب

كاسيوس - ما اظمأ قلبي لشرب نخبك النبيل. املأ يا لوسيوس حتى يفيض الخمر من الكأس فإني لا أرتوي مهما شربت حبّاً ببروتس يشرب

بروتوس - ادل يا تيتينيوس. يخرج لوسيوس ويدخل تيتينيوس ومسلّا أهلاً بمسلاّ تعالوا نجلس حول هذا المشعال نبحث في شؤوننا

كاسيوس - أكذا تذهبين يا بورسيا؟

بروتوس - رجوتك لا تزد. أي مسلاّ لقد تلقّيت كتباً تنبئ بزحف أنطونيوس وأكتافيوس علينا بجيشٍ عظيم ووجهتهم فيلبي

مسلاّ - جاءَني مثل هذه الكتب

بروتوس - ألم تزد لك شيئاً عن كتبي؟

مسلاّ - إن أوكتافيوس وأنطونيوس ولبدوس قتلوا مايةً من أعضاء مجلس الشيوخ واحد منهم

بروتوس - هنا اختلفت الرسائل. فعندي إنهم حكموا على سبعين بالقتل وشيشرون واحد منهم

كاسيوس - أشيشرون منهم؟

ص: 509

مسلاّ - نعم قثتل شيشرون بأمرهم. هل أرسلتْ لك امرأتك كتاباً يا مولاي؟

بروتوس - لا يا مسلاّ

مسلاّ - ألم يرد ذكرها في الكتب التي جاءتك

بروتوس - لا. لم يرد شيء

مسلاّ - هذا غريب

بروتوس - ولما تسأل؟ هل جاءك نبأ عنها؟

مسلاّ - كلا يا مولاي

بروتوس - أستحلفك برومانيتك أن تصدقني الخبر

مسلاّ - فاسمعْ وتلقَّ الخبر الحقَّ كروماني. إنها ماتت وكان موتها غريباً

بروتوس - وداعاً يا بورسيا وداعاً. كلنا مسوقون للموت يا مسلا ولا يعزيني عن فقدها إلاّ اعتقادي بأنهُ لم يكن لها عن الموت مندوحة

مسلاّ - وكذا يتحمل عظماء الرجال المصائب العظام

كاسيوس - ليس في استطاعتي احتمال مثل مصابك رغم تسليم عقلي وعلمي بصحة أقوالك

بروتوس - دعنا من هذا. وهيوا بنا إلى العمل! ما تقولان في زحفنا على فيلبي في الال

كاسيوس - لا أظنهُ صواباً

بروتوس - والسبب؟

كاسيوس - هاكهُ: خيرٌ لنا أن يتولى العدوُّ خطة الهجوم فتهك قوى جنده

ص: 510

وتُبدَّد ذخيرتهُ ويصيبهُ الضرّ. أما نحن فنتربص مكاننا متوفرة لنا أسباب الراحة والدفاع وسهولة الحركة

بروتوس - أفضل من هذا الرأي الصائب رأيٌ أفضل منهُ. إن الأهالي القاطنين بين فيلبي وبيننا لا يضمرون لنا الودّ الصحيح بل حاقدون علينا للضرائب التي ابتززناها منهم فإذا ما سار العدوُّ فيهم قادماً إلينا انضموا إليهِ فيزداد بهم عدداً وقوةً وإقداماً. أما إذا سبقنا العدوَّ إلى فيليبي فإننا نمنع عنهُ هذه الميّزة ونحول بينه وبينهم

كاسيوس - سمعك يا أخي

بروتوس - اذكرْ إننا قد جمعنا كلَّ ما يمكننا جمعهُ من جيشَ وعدَّة وبلغ استعدادنا مداه فلم يبقَ لنا بعد هذا الصعود إلاّ النزول. أما العدوُّ فيزداد يوماً بعد يوم. إن أعمال الناس مدّاً إذا ركبوه في أُبانهِ سار بهم إلى الفلاح أما إذا تباطئوا وأهملوه فإنهم يبقون كلَّ رحلتهم في رقراقٍ من التعاسة. نحن الآن عائمون في أعلا مدّ البحر فلنسر مع التيار في سبيله وإلاّ أضعنا فرصتنا

كاسيوس - فليكن ما تريد ولنذهب لملاقاة الأعداء في فيليبي

بروتوس - زحفَ علينا سواد الليل ونحن غارقون في الكلام. لابدَّ للطبيعة إن تأخذ مجراها فلنرضها بقليل من النوم. هل لكم من كلامه تقولونهُ؟

كاسيوس - لا. طاب ليلك. سنبكّر غداً في القيام ثم نرحل

بروتوس - (منادياً الخادم لوسيوس! يدخل الخادم أعطيني جلبابيّ. يخرج الخادم وداعاً مسلاّ. طاب ليلك يا تيتينيوس. وأنتَ أيها النبيل كاسيوس أتمنى لك نوماً هنيئاً

كاسيوس - لقد بدأنا ليلتنا بالخصام أيها العزيز بروتوس فإياك أن تدع مثل ذاك الشقاق

يحول بيني وبينك بعد الآن

ص: 511

بروتوس - عادت الأمور إلى مجاريها

كاسيوس - مُسيت بالخير

بروتوس - وأنت أيها الأخ العزيز

تيتينوس ولوسيليوس - طاب ليلك أيها المولى بروتوس

بروتوس - وداعاً جميعاً يخرج لجميع عدا بروتوس يدخل لوسيوس بالجلباب

بروتوس - هاتِ الجلباب. أين آلةُ الطرب؟

لوسيوس - هنا في الخيمة

بروتوس - ما بالك تتكلم ناعساً. مسكين لا لوم عليك فقد أضناك الوقوف للحراسة. ادعُ كلوديوس وادع معهُ غيره يناموا هنا على فُرشٍ في خيمتي

لوسيوس - فارو! كلوديوس! يدخلان

فارو - هل نادي مولاي؟

بروتوس - اضطجعنا في الخيمة فقد أنهضكما عما قليل وأرسلكما إلى أخي كاسيوس

- عفوك. بل نبقى واقفين نتلقى أوامرك

بروتوس - لا. لا أريد ذلك بل اضطجعنا وإلاّ غيّرتُ فيكما ظني مخاطباً لوسيوس ها الكتابُ الذي طلبتهُ منك يا لوسيوس فإني في جيب جلباني. يضطجع كلوديس وفارو

لوسيوس - أكدتُ لمولاي أنهُ لم يعطينه قط

بروتوس - لا تؤاخذني يا غلام فإني كثير النسيان. هلاّ فتحتَ عينيك المتثاقلين قليلاً وعزفتَ على الآلة أو دقتين

لوسيوس - أمرك مطاع يا مولاي

بروتوس - إني أتعبك فوق طاقتك ولكنك مطواع

ص: 512

لوسيوس - ذلك واجب عليّ

بروتوس - يجب ألاّ أسألك فوق ما تستطيع فإن دم السباب يتطلب الراحة

لوسيوس - لقد نمت منذ هنيهةٍ يا مولاي

بروتوس - حسناً فعلت وستنام عما قليل أيضاً فلست بممسكك طويلاً. وسأحسن إليك إن

عشتُ عزف على الآلة لحنٌ منوّم ينام الخادم يا لك من نعاسٍ قتّال. هل لمست غلامي بعصاك الثقيلة فأنمتهُ على أوتاره. هنيئاً لك النوم يا غلام فلست بمزعجك وموقظك. إن كبوتَ لوجهك كسرت آلتك. سآخذها منك. طاب ليلك يا غلام يعود للقراءة في كتابه الم أطوِ الورقة عندما انقطعت عن القراءة. دعني أرَ. ها هي يدخل خيال قيصر ما أردأ نور هذه الشمعة. ها! من القادم؟ إن ضعف عينيَّ يصوّر لي هذا الخيال المزعج لقد جاء عليّ. من أنت؟ آله؟ أم مثلك؟ أم شيطان؟ فقد برّدت الدم في عروقي وأوقفت شعر رأسي. يتكلم من أنت؟

الخيال - ولمَ أتيت؟

الخيال - لأخبرك أنك ستراني في فيليبي

بروتوس - أأراك مرةً أخرى؟

الخيال - نعم في فيليبي

بروتوس - إذن سأراك في فيليبي يخرج الخيال لقد هدأ روعي إذ اضمحليت سيكون لي معك شأن أيها الخيال المشوم

لوسيوس! يا غلام! فارو! كلوديس! انهضوا جميعاً

لوسيوس - الأوتار رديئة يا مولاي

بروتوس - يظن أنهُ لا يزال يضرب على الأوتار. أفق يا لوسيوس

ص: 513

لوسيوس - مولاي

بروتوس - هل كنت تحلم عندما صرخت في نوك؟

لوسيوس - ما علمت إني صرخت يا مولاي

بروتوس - نعم صرختَ. هل رأيت شيئاً؟

لوسيوس - لا يا مولاي

بروتوس - عد إلى نومك يا لوسيوس. كلوديس! وأنت يا غلام انهض!

فارو - مولاي

كلوديس - مولاي

بروتوس - لماذا صحتما في نومكما؟

الاثنان معاً - هل فعلنا ذلك يا مولاي

بروتوس - نعم. هل رأيتما شيئاً

فارو - لم أرَ شيئاً يا مولاي

كلوديس - ولا أنا يا مولاي

بروتوس - اذهبا لكاسيوس بلّغاه سلامي وقولا له يُعدّ جيوشه ويتقدمنا فسنلحق بهِ

الاثنان - سنفعل يا مولاي

ص: 514

الفصل الخامس

المشهد الأول

سهول مدينة فيليبي. يدخل أوكتافيوس وأنطونيوس بعساكرهما

اوكتافيوس - ها قد تحققتْ اوكتافيوس وأنطونيوس. قلتَ إن الأعداء لا ينزلون لملاقاتنا بل يلازمون المرتفعاتِ والتلال فخاب ظنك. ها كتائبهم تقترب وغرضهم مفاجئتنا القتال قبل أن ندعوهم إليهِ

أنطونيوس - اسكت. أنا في ضمائرهم وأعلم لأي غرض يرمون. يودّون لو أتيح لهم الذهاب إلى غير هذه الأماكن ولكنهم ظنوا أنهم يخيفوننا بهذه المظاهرات الهائلة فنتوهمهم على شجاعةٍ وقوةٍ عظيمتين. ساءَ ما يخمّنون يدخل ساعٍ

الساعي - تهيأا أيها القائدان فالعدوُّ قادم بمظهر فخمٍ رافعاً راية حربه الحمراء فبداراً إلى العمل

أنطونيوس - اوكتافيوس! تقدَّم بجيشك على مهلٍ وكن على يسار الميدان

اوكتافيوس - بل سألزم الميمنة وألزم أنتَ الميسرة

أنطونيوس - أتقاومني والموقف حَرج

اوكتافيوس - لا أقاومك ولكني سأفعل ما قلتُ سير جنود في الخارج

صوت طبلز يدخل بروتوس وكاسيوس بعساكرهما ولوسيليوس وتيتينيوس ومسلاّ وآخرون

بروتوس - ها هم واقفون وأظنهم يرغبون في المداولة

كاسيوس - ألبث مكانك يا تيتينيوس فسنخرج إليهم ونكلمهم

اوكتافيوس - هل نبدأ القتال يا أنطونيوس؟

أنطونيوس - لا بل نلزم خطة الدفاع. تقدّم فإن قوادهم يرغبون في المداولة

ص: 515

اوكتافيوس - لا تتحركوا وانتظروا إشارة القتال

بروتوس - الكلام قبل امتشاق الحسام. أليس كذلك بني وطني؟

اوكتافيوس - ليس لأننا مثلكم نفضل الكلام على الحسام

بروتوس - الكلام الطيب خير من الضرب الخائب يا اوكتافيوس

أنطونيوس - إنك تلحق ضرباتك الخائبة بكلامٍ طيب يا بروتوس فبينا أنت تنادي ليحي قيصر إذا بك تطعنه الطعنة النجلاء قلبه

كاسيوس - أما شرباتك يا أنطونيوس فلم نعلم وجهتها بعد ولكننا نعلم عن كلامك أنهُ يسرق من النحل شهدها

أنطونيوس - لكنه يُبقي على إبَرها

بروتوس - نعم ويحرمها طنينها فأنك سرقتهُ منها وانتحلتهُ لنفسك فصرت تتهدد قبل أن تلسع

أنطونيوس - أنا أنتم أيها الأنذال فلم تتهدوا قيصر قبل أن تكسّرت نصالكم بعضها على بعض في جسده. بل كشرتم عن أسنانكم كالقردة وتذللتم كالكلاب وانحنيتم تقبلون أقدامه كالعبيد بينا كاسكا اللعين كالكلب من الوراء يضربه في عنقه. يا لكم من مداهنين!

كاسيوس - مداهنون؟ أحمد نفسك يا بروتوس الآن فلم يكن هذا اللسان ليسيء بمثل سللت سيفي على المتآمرين فمتى تظنونه يرجع إلى غمده؟ ليس براجع قبل أن يثأر جراح قيصر الثلاثة والثلاثين أو يسقط قيصر آخر بسيوف الخائنين

بروتوس - أي قيصر إنك لن تموت بيد الخائنين إلاّ إذا كنت قد أتيت بهم في صحبتك

ص: 516

اوكتافيوس - صحيح فإني لم أخلق لأموت بسيف بروتوس

بروتوس - لو كنتَ خيرَ من قام في عشيرتك أيها الشاب لما لقيتَ موتاً أشرفَ من موتٍ يجيئك على يدي

كاسيوس - ولدٌ غرٌّ طائش لا يستأهل الشرف يصحبهُ مراء منغمسٌ في الملذات

أنطونيوس - لا تزال كما كنتَ كاسيوس الأحمق السفيه

اوكتافيوس - هلمَّ بنا يا أنطونيوس. وأنتم أيها الخونة إن أعجبكم القتال اليومَ فانزلوا إلى

ساحتهِ أو تربصوا تى تميلَ إليهِ نفوسكم يخرج اكتافيوس وأنطونيوس وعساكرها

كاسيوس - اعصفي أيتها الرياح الآن وأزبدي أيتها الأمواج ولتشقَّ السفينةُ عبابكِ. ها قد اشتدت الأنواء وصار القول الفصل للأقدار

بروتوس - لوسيليوس! تعال. لي كلمة أسرّها إليك

لوسيليوس - مولاي يتهامسان

كاسيوس - مسلاّ

مسلاّ - أمرك أيها القائد

كاسيوس - اسمع يا مسلَاّ هذا يوم ميلادي. في مثل هذا اليوم وُلد كاسيوس هات يدك واشهد أني مثل بومباي قد أُرغمتُ على خوض غمار معركةٍ فاصلةٍ يتوقفُ عليها كياننا

إنك تعرفيني تلميذاً لا بيقورس ولمذهبه. أما الآن فقد تغيّرتُ وصرت اعتقد بنبؤات الأشياء فأنّا عندما رحلنا عن سارديس في طريقنا إلى هنا تبعنا نَسرانِ قويّان وسقطا على قوائم راياتنا الأمامية وظلاّ يرافقاننا ويتناولان طعامهما من أيدي

ص: 517

عساكرنا حتى بلغنا فيليبي فطارا واختفيا عن الأبصار وجاءتنا بدلاً منهما العقبان والغربان والأصقر تحوم على رؤوسنا كأنها ترقب فينا فريسة هالكة وتمدُّ لنا من ظلال أجنحتها كنفاً مخيفاً يبيت جيشنا تحته متأهباً للموت

مسلاّ - لا تصدق هذه الأمور

كاسيوس - لا أصدّقها إلاّ بعض التصديق فإني عقدت النية على ملاقاة الأخطار بصدر رحيب

بروتوس - وهو كذلك يا لوسيليوس

كاسيوس - أي بروتوس كليّ النبل ليت الآلهة تقف في صفوفنا وننتصر فنعيش ما بقينا بسلام متحابين. ولكنَّ أعمالنا في سرّ الغيب فقد يقع لنا شؤم الانكسار وهذا آخر كلام بيننا فما الذي عزمتَ عليه أن انكسرنا

بروتوس - أتمسك بالمبدأ الحكيم الذي لمتُ كاتو على مخالفته إذا انتحر ، وأتدرّع بالصبر مترقباً أحكام القوى العليا في شؤوننا الدنيا لأني أرى من الجبن والدناءة تعجيل امرئ في القضاء على نفسه فراراً من وقوع ما يخشاه

كاسيوس - فإذا دارت علينا الدائرة رضيت لنفسك أن يقودك المنتصرون في شوارع رومه؟

بروتوس - لا يا كاسيوس. لا يا ابن رومه. إن بروتوس لن يساق إلى رومه أسيراً. إنهُ أأبى من ذلك نفساً. اليوم خاتمة أعمال بدأنا بها في خامس عشر مارس ولست أدري إن كان يُتاح لنا لاجتماع بعد. لذلك أودعك الوداع الأخير. الوداع ، الوداع يا كاسيوس. إن قُدّر واجتمعنا فسيكون اجتماعنا محظوظاً وإلاّ فأكون قد ودعتك وداعاً جميلاً

ص: 518

كاسيوس - الوداع. الوداع يا بروتوس إن قدّر واجتمعنا فسيكون اجتماعنا محظوظاً وإلاّ فأكون قد ودعتك وداعاً جميلاً

بروتوس - هلمَّ بنا. آه لو استطعنا علم ما يكنّه لنا هذا اليوم قبل مجيئه. إنما حسبنا أنهُ سينقضي وحينذاك تعلم النتيجة. هيا بنا يخرجان

المشهد الثاني

ساحة القتال. صوت بوق. يدخل بروتوس ومسلاّ

بروتوس - أسرع يا مسلاّ. امتطٍ جوادك واذهب بأوامري إلى الجنود المرابضة على الجانب الآخر. ليهجموا في الحال فإني ألحظ الضعف بادياً على جناح اوكتافيوس فإذا فاجأناه بصدمة قوّية تضعضع وتشتت شمله. اركب وأسرع يا مسلاّ دع الجميع يهجموا يخرجان

المشهد الثالث

ناحية أخرى من ساحة القتال. صوت بوق. يدخل كاسيوس وتيتينيوس

كاسيوس - ويل لهم يا تيتينيوس. ويل لهؤلاء اللئام كيف ولّوا الأدبار ، هاك حامل رايتي رأيتهُ يتأهب للفرار فانقلبت عدوّاً له فقتلتهُ وخلصتُ الراية

تيتينيوس - لقد تسرَّع بروتوس بالهجوم وعندما رجحت كفّتهُ كفّة اوكتافيوس توغل جيشه في السلب وتخلّفوا عن نجدتنا تاركين أنطونيوس يحيق بنا. يدخل بنداروس

ص: 519

بنداروس - فراراً مولاي. ابتعد عن هذا المكانز أنطونيوس في خيامك أسرع أيها النبيل كاسيوس وابتعد

كاسيوس - إننا بُعد كافٍ. انظر تيتينيوس. أخيامي هذه التي أرى النار مشبوبةً فيها

تيتينيوس - خيامك يا مولاي

كاسيوس - إن كنت تحبني يا تيتينيوس فاركب جوادي واغمد مهمازيك في جنبيهِ إلى أن يبلغ بك تلك الكتائب المقبلة. تبيَّنها وعد إليَّ واخبرني أمِن الأصدقاء أو من الأعداء هي

تيتنيوس - سأعود إليك بأسرع من مرّ الفكر يخرج

كاسيوس - وأنتَ يا بنداروس أرقَ قمة هذه الرابية وارقب تيتينيوس في سيره وانقل إليَّ ما تراهُ في ساحة القتال فإني لم أكن حادَّ البصر قط. يصعد بنداروس إلى الرابية ويبقى كاسيوس وحده في مثل هذا اليوم ولدتُ. دار بي دولاب الزمان دورته فحقَّ لي أن أنتهي حيثُ ابتدأتز لقد أكمل جواد حياتي شوطه. ما الخبر يا غلام؟

بنداروس - من عل الرابية آه يا مولاي!

كاسيوس - ما الخبر؟

بنداروس - أرى فرساناً تسرع لتحيط تيتنيوس ولكنهُ لا يزال جادّاً نحوهم كادوا يأخذونهُ. لقد ترجل بعض منهم. ترجل هو أيضاً. لقد أسروه. اسمع. إنهم يهتفون فرحاً هتاف في الخارج

كاسيوس - انزل وكفَّ عن النظر. ما أجبنَ قلبي. أأعيش لأرى أعزَّ أصدقائي يؤخذ أمامي؟ ينزل بنداروس اقترب يا غلام. إني أخذتك أسيراً في بارثيا ولكي أبقي على حياتك جعلتك تغلط لي الإيمان أن لا تخالف لي أمراً. تعال

ص: 520

واوفِ بقسمك الآن وكنّ حرّاً. اطعن صدري بهذا السيف الذي مزَّقتُ بهِ أحشاء قيصر. لا تتردَّد. خذْ مقبضهُ في يدك فإذا ما غطّيتُ وجهي سدّدْ ساعدك واطعن. (يطعنه العبد ها قد تُئرتَ يا قيصر الآن بنفس السيف الذي أرداك يموت

بنداروس - لقد أصبحتُ حرّاً. فو اللهِ لآثرتُ العبودية لو استطعتُ عصيان أمرهِ. واكاسيوه! سيرحل بنداروس عن هذه البلاد إلى حيث لا تراه عينُ رومانيّ يخرج

يدخل تيتينيوس مع مسلاّ

مسلاّ - الحرب سجال يا تيتينيوس فقد قهر بروتوس اوكتافيوس وفازت جنود أنطونيوس على كاسيوس

تيتينيوس - ستسرّ هذه الأنباء قلب كاسيوس

مسلاّ - أين تركته

تيتينيوس - في يأس شديد مع عبده بنداروس على هذه الرابية

مسلاّ - أليس هو ذاك المضطجع على الأرض؟

تيتينيوس - ما هكذا تضطجع الأحياء. واهٍ يا قلبي

مسلاّ - أهذا هو؟

تيتينيوس - بل ما كان هو. لم يعد كاسيوس بموجود. ايهٍ أيتها الشمس الغاربة لقد غاب كاسيوس في دمه القاني كما تغيبين أنتِ وسط أشعتك الحمراء. غربت شمس رومه وتبدّل نهارنا بغيوم وأمطار وأخطار. قضي الأمر. إن تيقّنه اندحاري دفعه إلى هذا العمل

مسلاّ - بل شكُّهُ في الانتصار قد دفعه إلى هذا العمل! ويحك أيها الخطأ المبغوض يا ابن اليأس؟ لِما تضع تصورات مكذوبة في عقول الناس السليمة؟

ص: 521

ويحك ما أسهل مجيئك! إنك لا تغشى السرير مبشراً بميلاد مبخوت حتى تنذر بموت الوالدة!

تيتينيوس - بنداروس! أين أنت؟

مسلاّ - ابحث عنه ريثما اذهب لملاقاة بروتوس أخرق أذنيه بهذا النبأ الأليم. نعم أخرق أذنيه. فوقع السيوف القاطعة والسهام المسمومة أسهل على بروتوس من خبر هذا المنظر

تيتينيوس - أسرع يا مسلاّ أما أنا فسأبحث عن بنداروس يخرج مسلاّ واكاسيوس الشجاع! لما بعثتني رسواً؟ إني لقيت أصدقاءك فضفروا لي إكليل النصر أحمله إليك! أما سمعت هتاف فرحهم؟ ويحي إنك أسأت تأويل كل شيء! هاك الإكليل. ضعه على جبينك. أخوك بروتوس أمرني أن أعطيكه وها أنا منفذ أمره. تعال يا بروتوس وانظر كيف توجّتُ كاسيوس. غفرانكِ أيتها الآلهة الآن! إن واجباً رومانياً قد دعاني. تعال يا سيف كاسيوس فتش عن قلب تيتينيوس ينتحر

صوت بوق. يدخل مسلاّ ومعهُ بروتوس وكاتو الشاب وستراتو وفولمنيوس ولوسيليوس

بروتوس - أين أين جثتهُ يا مسلاّ؟

مسلاّ - هناك يندبها تيتينيوس

بروتوس - أرى تيتينيوس مستلقياً على ظهره!

كاتو - ميت!

بروتوس - أي يوليوس قيصر! ألا تزال قديراً. أيطوف بنا خيالك فيحدّد سيوفنا لنمزّق بها أحشاءنا؟ صوت بوق ضعيف

كاتو - لله درُّك يا تيتينيوس الشجاع! انظر كيف كلّل رأس كاسيوس

ص: 522

بروتوس - أبلقٍ في الرومان اثنان كهذين؟ وداعاً يا آخر أبناء رومه! إن رومه لضنينة بمثلك! أي أخواني. إني مدين لهذا الراقد بأكثر مما تروني أذرف من الدمع. سأفيك حقك يا كاسيوس سأفيكه. هلموا الآن وأرسلوا جثته تدفن في ثاسوس فإني أخشى انحلال عزيمتنا إن نحن أقمنا مأتمه بيننا. تعال يا لوسيليوس وأنت يا كاتو هلمَّ إلى ساحة القتال. أعدَّا كتائب الجيش يا لابيو وفلافيوس فإنما الساعة الثالثة الآن ولا بد من خوض غمار معركة ثانية قبل حلول الظلام يخرج الجميع

المشهد الرابع

ناحية أخرى من ميدان القتال. صوت بوق. يدخل جنود من الفريقين يتحاربون ثم يدخل بروتوس وكاتو ولوسيليوس وآخرون

بروتوس - اثبتوا قليلاً بعد يا أبناء وطني. ارفعوا رؤوسكم وانشطوا

كاتو - لقيطٌ لئيمٌ من يتخلَّف! مَنْ يتبعني؟ سأكرُّ منادياً باسمي في ساحة الطعان وأنتسب! أنا ابن ماركوس كاتو! عدوُّ الظالمين وصديقُ وطني! أنا ابن ماركوس كاتو! أنا هو! يهجم على الأعداء

بروتوس - وأنا بروتوس! ماركوس برتوس أنا! بروتوس صديق رومه الحميم! اعلموا أني بروتوس! يهاجم قسماًَ من جنود الأعداء فيفرّون ويتبعهم. ويتكاثر الجمع على كاتو. يطعنهُ أحدهم فيقع ميتاً

لوسيليوس - أسقطتَ يا كاتو الشابّ النبيل؟ ما أشبهَ موتك بموت تيتينيوس الشجاع! إننا سنكرمك يا ابن كاتو

جندي - يهجم على لوسيليوس سلّم وإلَاّ متَّ!

ص: 523

لوسيليوس - إني أسلّم كي أموت. يعطينه نقوداً هذا كلهُ لك إن أنتَ عجَّلت في قتلي! اقتل بروتوس فتنال شرفَ قتله!

الجندي - لا نقتله ، بل نأخذه أسيراً

جندي أخر - افسحوا مجالاً. بلّغوا أنطونيوس أسر بروتوس

الجندي الأول - سأنقل الخبرَ. ها قد جاء القائد يدخل أنطونيوس لقد أسرنا بروتوس يا مولاي. لقد أسرنا بروتوس!

أنطونيوس - أين هو؟

لوسيليوس - في حرزٍ أمين يا أنطونيوس. إن بروتوس لأمنعُ من أن يقعَ لكم. ما من عدوٍّ يستطيع أخذه حيّاً. لتحرسهُ الآلهة من مثل هذا العار العظيم فإذا ما لقيتموهُ إن حيّاً أو ميتاً تلقونهُ هو وأشبهَ الناس بنفسهِ!

أنطونيوس - لجندي ليس هذا بروتوس يا صاح ولكنهُ لا يقلُّ عنهُ قيمةً. احتفظوا بهِ وقولوا له قولاً ليناً. ليت مثل هؤلاء الرجال أعواني لا أعدائي. اذهبوا ابحثوا عن بروتوس. أحيٌّ هو أم ميت. ثم تعالوا قصّوا علينا الخبر في خيمة اوكتافيوس يخرج الجميع

المشهد الخامس

ناحية أخرى من ميدان القتال

يدخل بروتوس ودارنيوس وكليتوس وستراتو وفولمنيوس

بروتوس - تعالوا يا بقيةَ إخواني نجلس إلى هذه الصخرة

كليتوس - لاح لنا ستاتيليوس بمشاله ولكنهُ لم يرجع بعد فقد يكون أُسر أو مات

بروتوس - لقد راج الموتِ اليوم وأصبح لفظهُ مألوفاً. اقعد يا كليتوس

ص: 524

وأصغ لي قليلاً يكلمهُ همساً

كليتوس - ماذا؟ أنا يا مولاي؟ لا ولو أعطيتُ ملك العالم!

بروتوس إذن فاسكت. اسكت لا تتكلم

كليتوس - بل أوثر قتل نفسي

بروتوس - اسمع يا داردانيوس يكلمهُ همساً

داردانيوس - أأنا أقدم على هذا العمل؟

كليتوس - داردانيوس!

داردانيوس - كليتوس!

كليتوس - أيّ شرٍّ طلب منك بروتوس عمله؟

داردانيوس - أن أقتله. انظر إنهُ شارد الفكر

كليتوس - لقد طفح هذا الإناء الشريفُ حزناً ففاض من عينيهِ

بروتوس - تعال أيها الطيب فولمنيوس. لي كلمةٌ أقولها لك

فولمنيوس - ماذا يريد مولاي؟

بروتوس - هاك ما أريد. لقد زارني طيفُ قيصر مرتين في الليل مرةً في سارديس وأخرى الليلة هنا في فيليبي. لقد جاءت ساعتي

فولمنيوس - لا. لا يا مولاي

بروتوس - بل أنا واثق من قربها. قد انقلب الزمانُ علينا ودحَرَنا الأعداء حتى حافةِ الهوَّة فصار الأليقُ بنا أن نثبَ نحن إليها من أن نتربص حتى نُقذفَ قذفاً. أنتَ رفيقي يا فولمنيوس وقد كنا معاً في المدرسة. فبحقِّ الوداد القديم هلاّ أمسكتَ سيفي فأرتمي عليهِ

فولمنيوس - ما تلك بمهمة صديق يا مولاي صوت بوق

كليتوس - الفرار الفرار يا مولاي! لا مقام هنا بعد

ص: 525

بروتوس - الوداع يا كليتوس. الودع يا داردانيوس. الوداع يا فولمنيوس. ستراتو! أكنت مستغرقاً في النوم كل هذه المدة؟ وداعاً لك. أي أبناء وطني! إن قلبي ليطرب عندما أراجع كل تاريخ حياتي فلا أرى رجلاً لم يكن يخلص لي ولذلك حقَّ لي الفخر هذا اليوم مع الانكسار أكثر من اوكتافيوس وأنطونيوس بالانتصار. الوداع الوداع فقد نطق لساني بكل ماضي حياتي. إن الظلام يغشى عينيَّ وعظامي تتنطلب الراحة التي كانت تسعى لنيلها

صوت بوق وأصوات اهربوا اهربوا

كليتوس - أهرب يا مولاي أنجُ

بروتوس - اخرجوا أنتم سألحق بكم يخرج كليتوس وداردانيوس وفولمنيوس

ابقَ أنت يا ستراتو بقرب مولاك. إنك لعبدٌ بارّ اصطبغت حياتك بصبغة الشرف. أدر وجهك عني وأمسك لي سيفي أقع عله \ يهِ. افعل يا ستراتو

ستراتو - هات يدك أولاً. الوداع يا مولاي

بروتوس - الوداع أيها الطيب ستراتو يقع على سيفه نم مستريحاً يا قيصر الآن فإني لم

أقدم على قتلك بنصف العزم الذي أقدمتُ بهِ على قتل نفسي يموت

صوت بوق. يدخل اوكتافيوس وأنطونيوس ومسلاّ ولوسيليوس والجند

اوكتافيوس - من الرجل

مسلاّ - هو عبد مولاي. أين مولاك يا ستراتو؟

ستراتو - حرٌّ من مثل العبودية التي أنت فيها مسلاّ. فلن يستطيع المنتصرون إلاّ إحراقهُ الآن فقد انتصر على نفسه ولم يدع لغيره شرف القضاء عليه

لوسيليوس - وكذا كان رجاؤنا فيهِ. شكراً لك يا بروتوس فقد حققت قولي فيك

اوكتافيوس - سأُلحق بي كلَّ من كان في خدمة بروتوس. أتبذلُ سعيك لي يا غلام؟

ص: 526

ستراتو - أقبل إذا شفع مسلاّ بي لديك

اوكتافيوس - اشفع بهِ يا مسلاّ

مسلاّ - كيف مات مولاي يا ستراتو؟

ستراتو - مسكتُ له السيف فوقع عليهِ

مسلاّ - خذه إليك يا اوكتافيوس خذ إليك من قام بآخر خدمة لمولاي علته بقيصر العظيم لحسدٍ وغيرة. أما هو فانضمَّ إليهم ابتغاء مصلحة الأمة وإرضاءَ لمعتقده الشريف. ما أكرم حياته وما أشرف عنصره. إن الطبيعة نفسها تنادي بأعلى صوتها وتقول ذلكم رجل كامل

أنطونيوس - فليكن إكرامنا له على قدر فضيلته وندفنهُ باحترام عظيم. أما الليلة فستبيتُ جثتهُ في خيمتي موضوع الإكرام العسكريَ نادوا بالجيوش تسترحْ وهلموا بنا نتقاسم مفاخر هذا اليوم السعيد يخرجون

ص: 527