الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ملاحظات دقيقة وقرصات انتقادية ، وهي غالباً موقعة بإمضاء محدّث وله أبحاث حسنة في شؤون طائفتهِ القبطية؛ وقد لا تعجبك المقالة منهُ على أنك قلما تضجر أو تسأم منها. وهو كثير المطالعة ، يقرأ كلَّ ما تصل إليهِ يدُهُ مما يطبع باللغة العربية ، وله ذاكرة قوَّية تجعله بمثابة قاموس للحوادث المصرية على عهدهِ ، ويصعب على الشيخ يوسف أن يجد مساعداً للتحرير أطوع من توفيق حبيب وأقرب منهُ لفهم أفكاره ، كما أنهُ يصعب على توفيق حبيب أن يجد صاحب جريدة يترك له الحرية في الكتابة كصاحب الأخبار ، ولذلك قد مرَّت عليهما بضع سنوات وهما جليسان إلى طاولة تحرير هذه الجريدة ، وكلاهما راضٍ عن صاحبه
معرض الزهور السابع عشر
في الإسكندرية
في الإسكندرية جمعية زراعية أوربية النشأة ، وطنية العمل ، تقيم في كل سنة معرضين تشهر بهما عملها ، أحدهما في أواخر شهر ابريل وتسمية معرض الزهور ، والآخر في أواخر شهر نوفمبر وتسمية معرض الأقحوان والأول يطلق عليه اسمه بالغلبة لأنه يكون معرضاً للزهور وطوائف متنوعة من النباتات ، وأصناف شتى من البقول والفواكه والخضروات. والثاني يطابق اسمه مسماه لأنهُ لا يعرض فيهِ غير
طوائف الأقحوان. وما أكثر أشكالها وألوانها. وكلا المعرضين يفتح في وقتهِ يومين متواليين - السبت والأحد - وبديهي أن الجمعية إنما تختار هذين اليومين لأنهما يوما الراحة والتنزه في الإسكندرية ، ويكثر إقبال الجمهور فيهما على مشاهدة معروضاتها الجميلة فشهر ابريل نيسان الحالي هو شهر معرض الزهور. وقد فتح هذا المعرض في يومي السبت والأحد الواقعين في 20و21 منهُ وأقبل الألوف من الناس يتمتعون برؤية زهوره وبقوله منسقةً أبدع تنسيق وقد جرت العادة السنوية أن يحتفل بافتتاح معرض الزهور بحضر أمير البلاد أو نائب ينوب عن سموه من أمراء العائلة الخديوية ، ولكن في هذه السنة كانت حفلة افتتاحه بسيطة على خلاف العادة فقد جرت بحضور أعضاء الجمعية وجماعة من أصحاب المعروضات وجمهور من الزائرين. ولم يرأسها أحد من الأمراء ولا النظار غير أن ذلك لم يؤثر في رونق المعرض ولا أنقص من جماله في نظر الجمهور
قبل أن نصف معرض الزهور يجمل بنا أن نورد لقراء الزهور نبذة موجزة عن نشأة الجمعية صاحبة هذا المعرض لأنهُ من ثمار أعمالها: كثير من الناس من يظنُّ أنَّ الجمعية الزراعية في الإسكندرية هي نفس الجمعية الزراعية في القاهرة ، أو هي فرعٌ منها. والحقيقة أنها مستقلة عنها تمام الاستقلال ، وعملُ هذه يختلف عن عمل تلك. ووجه الشبه بينهما ، من حيث الاشتغال بالزراعة ، أن الأولى هي بمثابة البستاني الفلاّح. وكلتاهما تقوم بعملها تحت رعاية الجناب العالي الخديوي رئاسة دولة الأمير حسين باشا كامل. ومصر في حاجة إليهما معاً قبل أن تنشأ هذه الجمعية في الإسكندرية منذ سبع عشرة سنة خطر لبعض وجهاء الانكليز من موظفي الحكومة المصرية والنازلين في هذه المدينة أن
يقيموا معرضاً للزهور هنا على نمط المعارض الزهرية التي تقام في انكلترا. فاستعدوا لذلك
وانشأوا معرضاً صغيراً من هذا النوع في النادي العمومي الانكليزي المعروف بنادي جنود والبحر. فكان كأنهُ معرض للنزالة البريطانية في الثغر إذ لم يهتمّ بهِ غيرها من سكان الإسكندرية إلَاّ قليلاً. وبعد سنةٍ من الزمن أقاموا معرضاً آخر في نفس المكان فكان هذا أفضل من المعرض الأول سنة 1896 رأى أولئك الغواة أن يوسّعوا دائرة عملهم ويؤلّفوا جمعيةً زراعية للمثابرة على ترقية توليد النبات والزهور في هذا القطر ، وإقامة المعرض في كل سنة. وكان كذلك. فأنهم ألّفوا الجمعية برئاسة الأميرال بلامفليد الذي كان مديراً لمصلحة المواني والمنائر في الإسكندرية ، وأرسلوا إلى الجناب الخديوي يلتمس منهُ أن يشمل جمعيتهم برعاية السامية ، فُسرَّ سموه من المشروع وجعل الجمعية تحت رعايتهِ؛ وانتخب دولة الأمير حسين كامل باشا رئيس شرف للجمعية ، والأمير عمر باشا طوسون وكيلاً لها واتفقت الجمعية مع شركة فنادق ننكوقتش على إقامة أول معرض رسميّ في تلك السنة في فندق سان ستيفانو في يومي السبت والأحد الواقعين في 223 ابريل نيسان و24 منهُ ، وطلبت إلى سمو الأمير أن يفتتح هذا المعرض ، ولكنَّ سموَّهُ اعتذر وقتئذٍ عن الحضور وأناب عنهُ دولة البرنس حسين باشا كامل فرأس حفلة الافتتاح كان المعرض الأول صغيراً فأقيم في قاعة البهو من بناية كازينوسان ستيفانو. ولكنَّ الجمهور هرع لمشاهدة الزهور التي تعرض في منتزه عام؛ فضربت الجمعية على الدخول رسماً قدرُهُ خمسة غروش صاغ عن كل شخص ، وجمعت من تلك الضريبة مبلغاً كبيراً ، لأنَّ عدد الذين زاروا المعرض بلغ نحواً من خمسة آلاف. ولا يزال هذا الرسم بعينه مورداً من موارد الجمعية. وفي سنة 1897 تبنَّت جمعية الزراعة البريطانية في لندن جمعية الإسكندرية ، وأباحت لها استعمال مداليتيتن من مدالياتها فلورا وبنكسيان - من سنة 1897 إلى سنة 1903. ثم استقلَّت جمعية لندن بمدالياتها ، وضربت مداليات مخصوصة للجمعيات التي تستمدّ رعايتها ،
ومنها جمعية الإسكندرية. ولما رأت الجمعية الزراعية الخديوية في القاهرة ترّقي جمعية الثغر في السنة التالية ، أرسلت إليها أربع جوائز لتقدّمها للفائزين من العارضين. ومن ذلك الوقت صارت تمدُّها بالمساعدة المستمرّة. وكانت الجمعية تدعو لمعارضها الأولى أفواجاً من تلاميذ المدارس من ذكور وإناث ، وتوزّع
عليهم باقات الزهور عند انصرافهم إلة منازلهم ، ولكنها أبطلت تلك العادة عند نجاح معارضها
أما معرض الأقحوان فقد أُنشئ في سنة 1902؛ وكان إيراده لأول مرّة أكثر من نفقاته. وكان افتتاحه في يومي السبت والأحد - 29و30 أكتوبر - ولا يزال يجيء في وقته تالياً معرض الزهور وقد اضطَّرت الجمعية قديماً إلى إقامة معارضها في فندق أبات القديم وبورصة البرنس طوسون دار الجمعية اليونانية في الإسكندرية ، ومنذ عدة سنوات لم تعد تقيم معرضاً في غير سان ستيفانو. وإدارة الفندق المذكور لا تتناول من الجمعية أجراً على إشغالها ساحة بنايتها بخمائل الأزهار ، بل تكتفي بما تستورده بسبب المعرض من أثمان المشروبات والمأكولات ، وهو شيء كثير. أما إيراد الدخول فتأخذه الجمعية كما تقدّم.
كانت الجمعية عند نشأتها فقيرة تجمع من أعضائها من المال ما تستعين بهِ على القيام بعملها في الزراعة ، ولكنها كانت حكيمة مقتصدة لا تشتغل إلَاّ بقيمة ما تستوردهُ. ولم تخطو خطواتٍ سريعة في ميدان العمل إلَاّ منذ سنة 1907 ، فإن الحكومة منحتها في تلك السنة إعانة سنوية قدرها 600جنيه ، فوسعت دائرة زراعتها ، وعيَّنت لها سكرتيراً خاصاً هو المستر فش الذي لا يزال يشغل مركزه فيها بكل كفاءة. ثم أعطتها بلدية الإسكندرية بقعة أرضٍ في حديقة النزهة لنجري التجارب الزراعية فيها ، وجعل السكرتير مكتبه في تلك الحديقة الواسعة للإشراف على العمل ، ومنذ تلك السنة صارت تستغلّ زراعتها
وفي سنة 1909 استأجرت من مصلحة الأوقاف الخديوية عشرين فدانً من أرض عزبة خورشيد القريبة من الإسكندرية لمدة ثلاث سنوات ، الفدان بأجرة 13جنيهاً في السنة. وفي سنة 1911 زادت الحكومة إعانتها فجعلتها 800جنيه وعنيت هذه الجمعية منذ نشأتها بتهذيب مغروسات البساتين وغروس ما لا يعرفهُ المصريون من أشجار الفاكهة الأجنبية ، والنباتات المتنوّعة في أرض مصر. وقد توصَّلت بقوَّة تجاربها الكيماوية والفنيّة العديدة إلى إدخال بضعة أصناف جديدة على ما نراه عندنا من البقول والفاكهة والأزهار. ونذكر على سبيل الاستشهاد فيما يأتي بعض ما رأيناه من الجديد في المعرض الأخير: الليمون الحامض النباتي ، وهو أشبه بالليمون البلدي والرشيدي إلَاّ أنهُ أكبر حجماً ولا نوى فيهِ ، والبطاطس الانكليزي وهو نوع من أجود أنواع هذا الصنف والباميا البيضاء ، واللفت
الذي يستعمل لاستخراج السكر ، وأنواع كثيرة من البقول والخضروات. وكثير من أنواع الزهور والرياحين وأخصها الجيرانيوم وزهر الايرس الإسباني. وهي تشتغل الآن بتلقيح البرتقال البلدي بالبرتقال اليافاوي المعروف بالشموطي وتحسين الصنف المعروف باليوسف أفندي المصري وقد أهدت إليها إدارة الزراعة في الولايات المتحدة عدَّة أنواع من أشجار البرتقال والخوخ والدرَّاقن. استحضرت من اليابان أنواعاً من الأشجار والبقول وهي تستعمل في زراعتها السباخ الكيماوي وأخصُّ تراكيبه ما كان ممزوجاً بفوسفات حمض الكلس والبوتاس ونترات السودا. وتستخدم أحدث الأدوات الزراعية وتبيعها للطالبين. وكانت منذ بضع سنوات توزع البذور على الزراعيين مجاناً تشجيعاً لهم على إتباع خطواتها في العمل. أما الآن فتبيع البذور وغيرها برأس المال ولولا ذلك لكانت أرباحها وافرة معرض الزهور الذي أقيم في هذا الشهر هو مجموعة نموذجات متنوّعة مما تغرسهُ الجمعية في أرضها - ما ذكر وما لم يذكر - ومما يزرعهُ غواة الزراعة ورجال الحقول من شتى الأزهار والنباتات والبقول على اختلاف أنواعها وأشكالها وألوانها
ساحة المعرض هي ساحة كازينوسان ستيفانو الداخلية المشرفة على البحر من الجهة الشمالية. وقد نسفت فيها أنواع المعروضات تنسيقاً هو كل جمالها الفني ولا يخفى أن الزهرة لا يعوزها شيٌ لتكون جميل: فهي جميلة في منبتها في الحق ، وجميلة في يد القاطف ، وجميلة في قاعة الاستقبال؛ ولكن مجموعة الزهور والنباتات
يعوزها الترتيب في وضعها لتكون جميلة ، ما دام الجمال في تناسب الأشياء؛ وهذا ما كان متوفراً في معرض الزهور الأخير ساحة المعرض تقسم إلى نصفين بينهما كشك للموسيقى. إذا وقفتَ في أوَّلها متجهاً إلى الشرق تجد أمامك في النصف الأوَّل خمائل الزهور ، وفصائل النباتات ذات الورق الأخضر تدبّج البقعة بأشكالها الهندسية الجميلة في ثلاثة صفوف: صفّ إلى اليسار للجهة البحرية ، وصفّ إلى اليمين والثالث في الوسط أما النصف الآخر فأهمُّ ما فيهِ معرض المجلس البلدي وهو بمثابة بساط من الزهر مرسوم على مربع كبير من الأرض رسماً قد لا تكوّن اليد في التصوير أجمل منهُ للعين. ولا تسل عما فيهِ من أنواع الزهور والنبات ، فإن عدَّ أصنافها ، إذا لم نقل لا يتيسر لغير علماء النبات - وهو العذر الحقيقي - نقول أنهُ يستغرق وقتاً ويستوجب شرحاً طويلاً وهناك ثلاثة أقسام أخرى للمعروضات: قسم
مخصوص للسيدات وهو يشتمل على أنواع الورد من أبيض وأصفر وأحمر ، والأقحوان ، والمنشور وغير ذلك ، موضوعة كلها على موائد كبيرة في ظروف زجاجية مستطيلة بترتيب جميل. وقسم يشتمل على صنفين أحدهما للورد المقطوف والثاني لزهر الايرِس. والقسم الثالث هو محلّ البقول والخضروات والفواكه وقد خصصت له في المعرض خيمة واسعة لا تقلّ مساحتها عن 200ذراع مربع وقد قسمت المعروضات من الوجهة الفنية إلى أربعة أقسام رئيسية 1 - معروضات الشوالي للغواة 2 - الأزهار المقطوفة وهي تشمل الورد والايرس 3 - أزهار الموائد 4 - البقول والأثمار وغيرها. وقدّمت للعارضين المتسابقين مداليات وجوائز عديدة على ما امتاز من معروضاتهم المتنوّعة. والأربعة الذين نالوا الجوائز الأولى في الأقسام المذكورة هم بحسب ترتيب الأقسام: مدام شارلوت دبانه ، والمستر هنري سفر ، ومدموازل جشر ابنة رئيس المحكمة المختلطة ، وسرهوبكنسون قرينة حكمدار بوليس الإسكندرية