الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في رياض الشعر
في عزّ مُلك الصّبي
نشرنا في الجزء الأخير من سنة الزهور الثانية أبياتاً لسعادة إسماعيل باشا صبري يعزّي بها سعادة السير يوسف سابا باشا ناظر المالية المصرية عن فقده ولده فريداً وهو في ربيع الحياة. وننشر اليوم أبياتاً في المعنى لحضرة خليل أفندي مطران الشاعر الشهير:
ما في الأسى من تفتّت الكبدِ
…
مثلُ أسى والد على ولدِ
كم بطلٍ وهو ذو صيَدٍ
…
فردَّه الثكل غير ذي صيدِ
أهونُ من رزئه عليهِ أذّى
…
كفاح جيش أو ملتقي أسدِ
سابا لك الله وهو ألطف من
…
يأسو جريحاً وأنت ذو رشدِ
إن قلوباً محيطة بك من
…
كرامة ساهمتك في الكمدِ
لهفي على ذلك الحبيب ذوي
…
منهصرَ الغصن لم ينل بيدِ
ماد نسيم به فمات وفي
…
معطفهِ رقة من الميَدِ
مات كنُضر الفروع يلزمها
…
بعد الردى حسنها إلى أمدِ
في جاه أوراقه وبين حلي
…
أزهاره من مبشر وندي
في عزّ ملك الصبي وحاشية
…
من غر آماله بِلا عددِ
في منتهى مجده وصولتهِ
…
إذ يقتل السعد لاهياً ويدي
ويصدم المكر غير ملتفتٍ
…
ويقحم الدهر غير مرتعدِ
ويتركِ اللوم حائراً وجلاً
…
منعقداً في لسان منتقدِ
يا راحلاً في الغداة عن نعم
…
تترى وعن بسطة وعن رغد
وتلوكاً رسمَه لفاقده
…
مصوراً بالجراح في الخلدِ
لا أنكرت روحك التي أمنت
…
ما فارقت من مخاوف الجسدِ
وبينما كان الشاعر ينظم هذه الأبيات الرقيقة إذا استوقفت قلمهُ ألحان محزنة تصدح بها موسيقى كانت سائرة في الطريق ، فإذا هو بجنازة تسير خلف طبل من عمره. فأثر هذا الموكب الكثيب السائر على نغمات الموسيقى المفجعة في نفس الشاعر وهو لا يعرف ذلك الفتى المتوفى فقال: وهذا يأخذ حصتهُ في الطريق ، وكتب فيهِ الأبيات التالية:
مشهدٌ سُيّر في طبل وبوقِ
…
عظةٌ جُنَّت فغنَّت في الطريقِ
عِظة الموت وما عهدي بها
…
أن تزفَّ النعش في تدليل سوقِ
لا ولا عهدي بها خاطبةً
…
عن ثغور من نحاسٍ وحلوقِ
ويح تلك القطع الصفراء في
…
صوتها حسُّ جراحٍ وحروقِ
من ترى علمها ما مزجت
…
من وجيفٍ وعويل ونعيقِ
ألقت الفجعة فاستولت على
…
كل سمعٍ وأجفّت كل ريقِ
تلك شكوَى عن فؤاد ثاكل
…
صاخب الآلام رنّان الخفوقِ
يا أباً يبكي ابنهُ ملتمساً
…
ذلك التنبه للحس الصعيقِ
واضحٌ عذرك مهما تفتنن
…
للعدوّ الصلب والخدن الرفيقِ
آه من نار الجوى فهي التي
…
تفجر البركان من قلب رقيقِ
آه من صدع النوى فهو الذي
…
يرسل الأحزان كالسيل الدفوقِ
أن تذيبوا هكذا أكبادنا
…
يا بنينا فالردى أقسى العقوقِ
خليل مطران
لؤلؤ الدمع
لا تذكريني فإنَّ الذكر يُرجع لي
…
عاداتِ وجديّ في أياميَ الأولِ
وعالجيني بيأسٍ منكِ ينفعني
…
البرءُ باليأس يُنسي السُقمَ بالأملِ
طاب التجافي فلا تأساكِ قسمتهُ
…
إذا مللتِ فما يُشكيكِ من مللي
لسائم الود أمَّا يَنصرم بدلٌ
…
منهُ وليسَ لراعي الودّ من بدلِ
دعي لياليَّ. أوطاني تطالبني
…
بها فلا تشغلي نفسي بلا شغلِ
وكفكفي الدمعَ. هذا الدمع يفتنني
…
أشجى الشكايات عندي أدمعُ المقلِ
هي اللآلئ تطفو في المحاجر لا
…
تختار للسبحِ إلا موضعَ الكحلِ
لو لم أكن شاعراً أصبحت حاسدها
…
فلؤلؤ الدمع منهُ لؤلؤ الغزلِ
ولي الدين يكن
الخال
قلتُ لخالِ بين حاجبيها
…
أنت الذي تلعبُ بالسيفينِ
فقال لا لكنني عنبرةٌ
…
تمدُّ من دخانها قوسينِ
أصونُ بالبخورِ حسن وجهها
…
خوفاً عليهِ من سهام العينِ
عبد الحميد الرافعي
نفس الكريم
مهلاً أبا الفضلِ لا تجزع فقد وُجدت
…
مكدراتُ الليالي للأساطين
ولا تقل عقَّني دهري فما خُلقت
…
نفسُ الكريمِ لغير الصبرِ واللين
فإن تجد في وداد الناس شائبة
…
أو في حديثهم سمَّ الثعابين
فقل سلاماً ولا تبذل لهم عَشَاً
…
نصحاً فما النصحُ من عُوفِ المجانين
أتبره (السودان)
محمد فاضل
ذات البرقع الأحمر
مّرت بنا في طريق نسألها
…
جاءت من الأرض أم جاءت من الأفقِ
كأنها وقناع الوجه يحجبها
…
شمسٌ تدلُّ عليها حمرةُ الشفقِ
أمين البستاني
كيف كنا
ولقد كنا وما كنا سوى
…
مثلما يستجمع العينين خَد
أو جناحي طائر روَّعه
…
شرك الصياد يوماً فشرد
البرق
بشارة عبد الله الخوري
كان معي
كان معي ثم دعاه الهوى
…
فمرَّ بالحيّ ولم يرجعِ
فهل إذا ناديته باسمه
…
يُفيق من سكرتهِ أو يعي
فأنت يا عصفورة المنحني
…
بالله غني طرباً واسجعي
وأنتِ يا نسمة وادي الغضى
…
مّري بريّاك على مضجعي
وأنتِ يا عين إذا لم تفي
…
بذمة الدمع فلا تهجعي
محمد سامي البارودي