الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جريح بيروت
وهي أبيات تمثل حالة جريح من جرحى حادثة بيروت الأخير وضعها لهذه الليلة سعادة إسماعيل باشا صبري وحافظ أفندي إبراهيم الممثلون: الجريح البيروتي: جورج أفندي أبيض
ليلى زوجته: الست إبريز ستاني
العربي: فؤاد أفندي سليم
الطبيب المصري: عبد الرحمن أفندي رشدي
الجريح:
ليلاي ما أنا حيٌّ
…
يُرجى ولا أنا ميتُ
لم أقضِ حق بلادي
…
وها أنا قد قضيتُ
شفيتُ نفسي لو أني
…
لما رُميتُ رَميتُ
بيروت لو أن خصماً
…
مشى إليَّ مشيتُ
أو داس أرضكِ باغِ
…
لدسته وبغيتُ
أو حلَّ فيكِ عدوٌّ
…
منازلٌ ما اتقيت
لكن رماكِ جبانٌ
…
لو بان لي لا شتفيتُ
ليلايَ لا تحسبيني
…
على الحياة بكيتُ
ولا تظني شكاتي
…
من مصرعي إن شكوتُ
ولا يخيفنكِ ذكرى
…
بيروت إني سلوتُ
بيروت مهد غرامي
…
فيها وفيكِ صبوتُ
جررت ذيل شبابي
…
لهواً وفيها جريتُ
فيها عرفتكِ طفلاً
…
ومن هواكِ انتشيتُ
ومن عيون رباها
…
وعذب فيكِ ارتويتُ
فيها لليلى كناسٌ
…
ولي من العزّ بيتُ
فيها بني لي مجداً
…
أوائلي وبنيتُ
ليلى سراج حياتي
…
خبا فما فيهِ زيتُ
قد أطفأتهُ كراتٌ
…
ما من لظاهنَّ فوتُ
رمى بهنَّ بغاةٌ
…
أصبنني فثويتُ
ليلى:
لو تٌفتدي بحياتي
…
من الردى لفديتُ
ولو وقاك وفيٌّ
…
بمهجتي لوقيتُ
إن عشتَ أو متَّ أني
…
كما نويتَ نويتُ
الجريح:
ليلاي عيشي وقرّي
…
إذا الحمامُ دعاني
ليلايَ ساعات عمري
…
معدودة بالثواني
فكفكفي من دموع
…
تفري حشاشة فإن
ومهّدي ليَ قبراً
…
على ذرى لبنان
ثم اكتبي فوق لوح
…
لكل قاصٍ ودان
هنا الذي مات غدرا
…
هنا فتى الفتيان
رمَتهُ أيدي جناةٍ
…
من جيرة النيران
قرصان بحر تولوا
…
من حومة الميدان
لم يخرجوا قيد شبر
…
عن مسبح الحيتان
ولم يطيقوا ثباتاً
…
في أوجه الفرسان
فشمَّروا لانتقام
…
من غافل في أمان
وسوَّدوا وجه روما
…
بالكيد للجيرانِ
تبًّا لهم من بغاثٍ
…
فرَّوا من العقبانِ
لو أنهم نازلونا
…
في الشام يوم طعانِ
رأوا طرابلس تبدو
…
لهم بكلِّ مكانِ
يا ليتني لم أُعاجَلْ
…
بالموتِ قبل الأوانِ
حتى أرَى الشرق يسمو
…
رغم اعتداء الزمانِ
ويستردُّ جلالاً
…
لهُ ورفعة شانِ
وليعلم الغرب أنَّا
…
كأمّة اليابانِ
لا نرتضي العيش يجري
…
في ذلة أو هوانِ
أراهم أنزلونا
…
منازل الحيوان
وأخرجونا جميعاً
…
عن رتبة الإنسان
وسوف تقضي عليهم
…
طبائع العمرانِ
فيصبح الشرق غرباً
…
ويستوي الخافقان
لا هُمَّ جدّدْ قوانا
…
لخدمة الأوطانِ
فنحن في كل صقعٍ
…
نشكو بكل لسانِ
يا قوم إنجيل عيسى
…
وأمة القرآنِ
لا تقتلوا الدهر حقداً
…
فالملك للديَّانِ
ليلى:
إني أرى من بعيد
…
جماعةً مقبلينا
لعلَّ فيهم نصيراً
…
لعلَّ فيهم معينا
هوّن عليك تملسكْ
(يدخل الطبيب المصري ورجاله مع رجل عربي)
الطبيب:
= إني سمعت أنينا
أظن هذا جريحاً
…
يشكو الأسى أو طعينا
بالله ماذا دهاهُ
…
يا هذهِ خبّرينا
ليلى:
لقد دهتهُ المنايا
…
من غارة الخائنينا
صبُّوا عليهِ الرزايا
…
لم يتقوا الله فينا
فخفّفوا من أذاه
…
أن كنتم فاعلينا
الطبيب:
لا تيأسي - وتجلّدْ
…
أراك شهماً ركينا
أبشر فإنك ناجٍ
…
واصبر مع الصابرينا
(ثم يفحصه ويلتفت إلى أخوانه ويقول)
أوَّاه أني أراهُ
…
للموت أمسى رهينا
جراحه بالغات
…
تعيي الطبيب الفطينا
وعن قريبٍ سيقضي
…
غضَّ الشباب حزينا
العربي:
أفٍّ لقوم جياعٍ
…
قد أزعجوا العالمينا
قِراهمُ أينَ حلُّوا
…
ضربٌ يقدُّ المتونا
عقّوا المرؤة هدّوا
…
مفاخر الأولينا
عاثوا فساداً وفرّوا
…
يستعجلون السفينا
وألبسوا الغرب خزياً
…
في قرنهِ العشرينا
وألجموا كلَّ داعٍ
…
وأحرجوا المصلحينا
فيا أوربّة مهلاً
…
أين الذي تدَّعينا
ماذا تريدين منا
…
والداء أمسى دفينا
أين الحضارة؟ إنّا
…
بعيشنا قد رضينا
لم نؤذِ في الدهر جاراً
…
ولم نخاتل خدينا
مسرّة الشام إنّا
…
إخوانكم ما حيينا
ثقوا فإنا وثقنا
…
بكم وجئنا قطينا
إنا نرى فيك عيسى
…
يدعو إلى الخير فينا