الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في رياض الشعر
ما برحنا انجازاً لوعودنا السابقة باذلين الجهد في زيادة عدد الكتاب والشعراء الذين يحلّون الزهور بنفثات أقلامهم حتى أصبح قرَّاؤنا يفاخرون بمن يكتب لهم مجلتهم الشهرية. وإلى جمهور كتَّاب الزهور المعروفين نضيف اليوم أدبياً كبيراً رفعهُ شعره على قلتهِ إلى منزلة سامية بين حملة الأقلام ونعني بهِ حضرة المحامي المشهور داود بك عمون فقد ظفرنا منهُ بأوراقٍ مطوّية سنوالي نشرها:
يوم فلادمير
أو دعوى الحق الإلهي
لا تلوموا تلك السيوفَ الدوامي
…
جَلَتِ الشكَّ عن عقول الآنامِ
علَّمتهم أن لا حياة لشعب
…
رازحٍ تحت مطلقِ الأحكامِ
أيُّ نصفٍ ترجون من حاكم يحس
…
بُ هذي الرقابَ كالأنعامِ
ورث الملكَ بالرجال وبالما
…
ل كأن الرجال بعضُ الحطام
فإذا اهتمَّ منةً بالرعايا
…
فاهتمام الجزَّار بالأغنامِ
قيصرُ الرّوس قام بين البرايا
…
ناشراً دعوةَ الهدى والسلامِ
ذاكراً أننا بنو رجلٍ فر
…
دٍ خلقنا للحبِّ لا للخصامِ
موعزاً بانعقاد مؤتمر التحكيم
…
يقضي في المعضلات الجسامِ
ضحكَ الضاحكون منها وعدَّوه
…
اأمانيَّ نيلها بالمنامِ
رُبَّ أمرٍ صعب المنال بعيدٍ
…
صيَّرتهُ العقول سهل المرامِ
هبهُ حلماً فالسعي فيهِ جميل
…
وجمالُ الحياة بالأحلامِ
هذه الأرض ترتجيكَ فحققْ
…
ظنَّها فيكَ يا سليل الكرامِ
لكَ في منحها السلامَ أيادٍ
…
خالداتٌ غرٌّ مدى الأيامِ
ولبثنا عيوننا شاخصاتٌ
…
ناظرين انجلاء ذاك الغمامِ
فإذا بالسلام حربٌ عوان
…
كلَّ يومٍ نيرانها في اضطرامِ
قيصرَ الروسِ لا تضيّق على الصف
…
ر مداهم فالصفر أهل انتقامِ
لكَ مُلكٌ رحب الفضاء فسيحٌ
…
فتعهد أجزاَءه بالنظامِ
أفمنها أوجستَ من شعبك الموتو
…
رِ خوفاً دفعتهُ للصدامِ؟
لا رعاكِ الإله يا أرض منشو
…
را ولا لمَّلمت ثراكِ الهوامي
ما لعقبانكِ اتخمنَ وغدرا
…
نكِ أصبحنَ بالدماء طوامي
كم خميسٍ وافاكِ يمرحُ زهواً
…
ثمَّ لم يبقَ منهُ غير العظامِ
شهر الحرب شاهروها وباتوا
…
في أمانٍ والقتل في الأقوامِ
سئمَ الروسُ فتكها بئست العي
…
شة من ذلةٍ لموتٍ زؤامِ
قال مقدامهم هلمّوا إلى الوا
…
لد نشكو مظالم الحكامِ
ومشوا للمليكِ عُزلاً ومد
…
لين إليهِ بحرمةٍ وذمامِ
فتلقتهمُ جنود أبيهم
…
برشاش الردى وحدِّ الحسام
ملأت منهم الشوارع اشلا
…
ءُ كراديس فهي كالآكامِ
قيصرَ الروس إن شعبك أولا
…
دكَ فاربأ واشفق على الأرحامِ
قيصرَ الروس خفْ دعاء الثكالي
…
وبكاء الأطفال والأيتامِ
أفهذا الحق الإلهيُّ أن يقت
…
ل شعبٌ أتاكَ لاسترحامِ
زالَ ما كنتَ تدعيهِ من الح
…
قّ بما سال من دماءِ حرامِ
داود عمون
سجن الهوى
أصلُ سُقمي من العيون السقيمةْ
…
وانحنائي من القدودِ القويمةْ
تلك غرَّت بالانكسار فؤادي
…
ورمتهُ فما استطاعَ الهزيمةْ
وهوى لِينِ هذه قد عزَّة دعاني
…
لدواعي الغرامِ لَيْنَ الشكيمة
صرتُ من بعد عزَّة وإباء
…
أجدُ الذلَّ في الهوى خيرَ شيمةْ
ما غزَت أعينُ الحسان قلوباً
…
قطُّ إلَاّ ومهجتي في الغنيمةْ
لا ولا شمتُ من ثغورِ الغواني
…
لمعَ برقٍ إلَاّ ودمعيَ ديمهْ
علَّمتني نظمَ الفرائد لكن
…
تيَّمتني منها اللآلي اليتيمةْ
أنا أبكي ومهجتي في سعير
…
وهي في عذبها البراد بسيمةْ
وبروحي رشاً رخيم المعاني
…
حبُّهُ حلَّ من فؤادي صميمةْ
أهَيفَ القدّ باهرَ الحسنِ يزهو
…
بجبين أضحى الهلالِ خديمهْ
إن تبدَّي أو ماس تيهاً وعجباً
…
لم يدعْ للهلالِ والغصن قيمهْ
وعلى خدّه من المسكِ خالٌ
…
أشتهي لثمهُ وأهوى شميمهْ
غير أني أخاف نبل جفونٍ
…
منهُ تولي الضنا وتوهي العزيمةْ
سامحَ الله حبّهُ كم دهاني
…
دونَ صحبي بالمعتقداتِ المقيمةْ
كبَّل القلب بالقيود وألقا
…
هُ بسجن الهوى لغير جريمةْ
ليتهُ إذ دعا الفؤادَ أسيراً
…
لم يكن صيَّر الغرام غريمةْ
تبذلُ العينُ دمعها في هواه
…
ولهذا قد سُمّيَتْ بالكريمةْ
عبد الحميد الرافعي
هل الهموم قلوب
ألقى الجمال عليكَ آيةَ سحرهِ
…
فغدوتَ ما شاء الجمالُ حبيبا
حتى الهموم سَمتْ إليك بودّها
…
من كان يحسبُ للهموم قلوبا
خليل مطران
إلى بحمدون
عبرات البين
من دونكِ البينُ يا ليلى ومن دوني
…
وبعض ما كان قبل البين يكفيني
خطأ إليَّ خُطى الآجال ساريةً
…
في القلب والقلبُ لا يدري إلى حينِ
خطى كنسف الجبال الراسيات على
…
نفسي وكالدمع دمع الحزن في اللين
تمشي على الأمل الزاهي فتحطمهُ
…
وقد يرفُّ رفيفاً كالرياحينِ
وتغمر الحبَّ ظلاًّ بعدما صبغتْ
…
مني الشباب حواشيهِ بتلوينِ
يا بينُ ما ضربات الدهر غير خطىً
…
تمشي بها في المحبّين المساكينِ
شيئان مالهما في الناس تعزيةٌ
…
ولا تعزّيهما يوماً بمظنونِ
قلب بأضلاع مشتاقٍ تجاذبهُ
…
يدُ الفراق وعقل عند مجنونِ
يا بينُ ويحك ما أبصرت قطّ سوى
…
شخصَي حبيبينِ من هذي الملايينِ
رفقاً بلؤلؤةٍ في جانبَي صَدفٍ
…
ضُمَّا عليها كضمّ القلبِ للدّينِ
فلو ترى الهائم المسكين مرتعداً
…
من النوى كذبيحٍ تحت سكّينِ
روح ضئيل وشخص جامد وهوى
…
بَرْحٌ وهمُّ سليبِ العقل مفتونِ
ملقىً لدى الناس لو أبصرت حالتهُ
…
في الناسِ أبصرتَ ميتاً غير مدفونِ
ليتَ الفراق نجابي من عواذلها
…
ولو إلى مطرحٍ في القبر يطويني
كأسٌ ظمئت لها حتى إذا عرضت
…
شرقتُ منها بما قد كان يُرديني
مصطفى صادق الرافعي
الفتاة العمياء
سادتي إنَّ في الوجود نفوساً
…
ظلمتها الأقدار ظلماً شديدا
هيَ تشقى من غير ذنب جنتهُ
…
ولكم مذنبٍ يعيش سعيدا
رحم الله أعيناً لم تشاهدْ
…
منذُ كانت إلَاّ لياليَ سودا
تتمنى لو فُتّحت فتملَّتْ
…
من جمالِ الوجود هذا الشهودا
تتناجى حمائم الروض صبحاً
…
لا نراها ونسمعُ التغريدا
ويكون الربيع منا قريباً
…
فنظنُّ الربيع منا بعيدا
حين ترنو إلى الوُرود عيونٌ
…
ليت شعري كم تستطيب الورودا
أبويَّ اللذين أوجدتماني
…
أتريدانِ شقوتي؟ لن تريدا
عشتما في ظلالِ شملٍ جميعٍ
…
أنا وحدي وجدتُ شملي بديدا
وإذا كنتُ قد ولدتُ فقيداً
…
ليتني كنتُ قد فقدتُ وليدا
سادتي إننا صبرنا امتثالاً
…
ما ضجرنا ولا شكونا الجدودا
فانظروا نظرةَ الكرام إلينا
…
وارحموا أدمعاً تخذُّ الخدودا
ولي الدين يكن
أوهى قرنه الوَعٍلُ
هذي طراباُسٌ صحراؤها جدَتٌ
…
للطامعينَ ومسرى ريحها عِللُ
يذودُ عن حوضها أسٌ مقذفةٌ
…
لا ينزلُ النصرُ إلَاّ حيثما نَزلوا
أشاوسٌ من بني الإعراب ما لثموا
…
إلَاّ ثغورَ مواضيهم ولا نَهلوا
ما قامَ يطمعُ في أملاكهم شرهٌ
…
إلَاّ تحكَّم من أعضادِه الشللُ
وضاقت الأرض عنه وهي واسعةٌ
…
وأظلمتْ بمرامي عينهِ السبُلُ
كناطحٍ صخرةَ يوماً ليوهنها
…
فلم يَضرْها وأوهى قرنهُ الوعلُ
شبلى ملَاّط
روعة نبأ
روى البرق منعاهُ فأصعق بالنبا
…
يدكُّ من الصبر الجميل ويخربُ
بليلٍ من الأشجان ضلوٍ هلالهُ
…
وعقد الثريَّا دمعُهُ المتصبّبُ
كأنَّ السماك الرامح اعتقل القنا
…
لثار أخٍ والنسر في الجوّ موكب
كأن بني نعشٍ على نعش من ثوى نوائح ترثي المكرمات وتندب
كأن بشير الصبح اجفل رهبةً
…
من الأرض يدنو تارةً وينكّبُ
كأن عبوس الأفق يلطم خدَّهُ
…
فلاح عليهِ أحمر اللون أصهبُ
كأن الضحى قد شقَّ جلبابهُ أسى
…
فلم يدرِ أنَّي بعدهُ يتجلببُ
نسيب ارسلان