المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌بوليوس قيصر رواية تمثيلية من أشهر الروايات ، وأحكمها وضعاً ، - مجلة «الزهور» المصرية - جـ ٣

[أنطون الجميل]

فهرس الكتاب

- ‌العدد 22

- ‌السنة الثالثة

- ‌ترجمة الشيخ محمد بن عبد الوهاب

- ‌الخواتم

- ‌رسائل غرام

- ‌في رياض الشعر

- ‌تربية الطفل

- ‌شيء عن الفن

- ‌في جنائن الغرب

- ‌ثمرات المطابع

- ‌أزهار وأشواك

- ‌لمن هذا الشعر

- ‌العدد 23

- ‌الكهانة

- ‌نابوليون الأول وحرب روسيا

- ‌في رياض الشعر

- ‌رسائل غرام

- ‌شيء عن الفن

- ‌نوابغ مصر الأحياء

- ‌حادث في الصحافة

- ‌تربية الطفل

- ‌لمن هذا الشعر

- ‌ثمرات المطابع

- ‌مصر وسوريا

- ‌جريح بيروت

- ‌قصيدة شاعر الأمير

- ‌خطبة سعادة الأستاذ أحمد زكي باشا

- ‌تحية الشام لمصر

- ‌العدد 24

- ‌كسوف الشمس

- ‌الكهانة

- ‌رسائل غرام

- ‌نابوليون الأول وحرب روسيا

- ‌في رياض الشعر

- ‌رواية عطيل

- ‌نوابغ مصر الأحياء

- ‌تربية الطفل

- ‌إلى قراء الزهور

- ‌السيدات والقلم

- ‌جريدة الأخبار

- ‌معرض الزهور السابع عشر

- ‌ثمرات المطابع

- ‌إبراهيم أدهم باشا

- ‌أزهار وأشواك

- ‌العدد 25

- ‌النذل

- ‌القدَر والمقدّر

- ‌خواطر

- ‌رسائل غرام

- ‌لقمان الدويبات

- ‌المودَّة

- ‌في رياض الشعر

- ‌نقيب الأشراف

- ‌تربية الطفل

- ‌مصر وسوريا

- ‌نوابغ مصر

- ‌أزهار وأشواك

- ‌ثمرات المطابع

- ‌العدد 26

- ‌الجنايات والاجتماع

- ‌الحزم

- ‌رجل الدم والحديد

- ‌دمعة الروح

- ‌مشاهير علماء نجد

- ‌أيها القمر

- ‌في رياض الشعر

- ‌في بلاد الأندلس

- ‌من إدارة الزهور

- ‌تربية الطفل

- ‌شؤون لبنانية

- ‌مس كايل

- ‌صور الشعر

- ‌كلّلي

- ‌ثمرات المطابع

- ‌أزهار وأشواك

- ‌العدد 27

- ‌القنصل الروماني والوالي العثماني

- ‌مقالات باكون

- ‌في رياض الشعر

- ‌نجيب وأمين الحداد

- ‌حياة الأخوين

- ‌أزهار وأشواك

- ‌من كل حديقة زهرة

- ‌ثمرات المطابع

- ‌بوليوس قيصر

- ‌العدد 28

- ‌الرتب والنياشين

- ‌مقالات باكون

- ‌المودة الكاذبة

- ‌النساء الرجال

- ‌في رياض الشعر

- ‌الفكاهة في الشعر

- ‌حول النياشين

- ‌جريمة الرجل

- ‌أمثال وأقوال

- ‌أزهار وأشواك

- ‌صوَر هذا الجزء

- ‌موت الكنار

- ‌جرائدهم وجرائدنا

- ‌ثمرات المطابع

- ‌يوليوس قيصر

- ‌العدد 29

- ‌البلقان والحرب

- ‌جمال الدين الأفغاني

- ‌نشيد نهر الصفا

- ‌الشكوكيُّون

- ‌الرتب والنياشين

- ‌في رياض الشعر

- ‌أزهار وأشواك

- ‌ثمرات المطابع

- ‌بوليوس قيصر

- ‌العدد 30

- ‌العام الجديد

- ‌المرأة المترجلة

- ‌تاريخ الجندية العثمانية

- ‌خطرات

- ‌في رياض الشعر

- ‌في جنائن الغرب

- ‌عيد الميلاد

- ‌في حسناء اسمها وردة

- ‌طربوشي بنتوفلي

- ‌الحقد

- ‌مستقبلنا

- ‌فؤادي والذكرى

- ‌رواية

- ‌ثمرات المطابع

- ‌أزهار وأشواك

- ‌مواليد شهر يناير ك2

- ‌فكاهة

- ‌العدد 31

- ‌الجمهورية الفرنساوية

- ‌حرفة الأدب

- ‌كيف نقيس الزمان

- ‌خطرات

- ‌فر رياض الشعر

- ‌فرسايل

- ‌في جنائن الغرب

- ‌الزهور

- ‌قصر سان جيمس

- ‌في حدائق العرب

- ‌ثمرات المطابع

- ‌مواليد شهر فبراير شباط

- ‌رأي في اللغة

الفصل: ‌ ‌بوليوس قيصر رواية تمثيلية من أشهر الروايات ، وأحكمها وضعاً ،

‌بوليوس قيصر

رواية تمثيلية من أشهر الروايات ، وأحكمها وضعاً ، وأعظمها وقعاً في النفوس لمؤلفها نابغة هذا الفن شكسبير الروائي الانكليزي الشهير. نقلها إلى العربية بعبارة مطابقة تماماً للأصل الانكليزي حضرة الكاتب المجيد سامي الجربدني المحامي وسننشرها تباعاً ابتداء من هذا الجزء بمناسبة النهضة التمثيلية الحديثة.

الفصل الثالث

المشهد الأول

رومه. أمام الكابيتول. مجلس الشيوخ مجتمع فوق في الكابيتول. جم

جمع غير قليل بينهم أرتيميدوروس والمنج. هتاف

يدخل قيصر وبروتوس وكاسيوس وكاسكا وديسيوس ومتلوس وتريبونيوس وسنَّا وأنطونيوس ولبيدوس وبوبوليوس وبوبليوس

قيصر - مخاطباً المنجم ها قد جاء اليوم الخامس عشر من شهر مارس

المنجم - نعم قيصر. ولكنهُ لم يذهب بعد

أرتيميدوروس - السلام قيصر. اقرأ هذه الورقة

ديسيوس - مقدماً له ورقة أخرى أن تريبونيوس يرجوك أن تعيد قراءة هذا العرض إذا رأيتَ من وقتك متسعاً

أرتيميدوروس - أي قيصر. اقرأ ورقتي قبل؛ فإنها تمسُّ نفسه. اقرأها يا قيصر العظيم.

قيصر - يجب تأخير ما يمسنّا عن سواه

أرتيميدوروس - إياك والتأخير! اقرأها حالاً

قيصر - ما هذا؟ أجُنَّ الرجل؟

بوبليوس - تنحَّ يا هذا جانباً

كاسيوس - أفي الأسواق تتهافتون على عرض مطالبكم؟ تعالوا إلى الكابيتول يصعد قيصر إلى المجلس يتبعهُ الآخرون

ص: 441

بوبوليوس - مخاطباً كاسيوس أتمنى لغرضكم أن ينجح اليوم

كاسيوس - أيّ غرضٍ عنيت؟

بوبوليوس - طب نفساً يقربمن قيصر

بروتوس - مخاطباً كاسيوس ما قال لك بوبوليوس؟

كاسيوس - تمنى لنا نجاح غرضنا. إني أخشى افتضاح أمرنا

بروتوس - أنهُ يقرب من قيصر. انظر. ارقبهُ

كاسيوس - مخاطباً كاسكا كاسكا. كن سريعاً في العمل ، فإننا نخشى الكشاف الأمر. ما العمل يا بروتوس؟ إن افتضح أمرنا قتلتُ نفسي. فواحدٌ منا ليس براجع إلى أهله اليوم: إما أنا ، وإما قيصر!

بروتوس - تشدد! انظر إلى بوبوليس. أنهُ لا يتكلم عنا فهو يبتسم وملامح وجه قيصر لم يعلُها تغيُّرٌ أو انقلاب.

كاسيوس - قام تريبونيوس بمهمتهِ خيرَ قيام. لقد اصطحب انطونيوس وخرج بهِ خارجاً. يخرج انطونيوس وتريبونيوس

ديسيوس - أين سمبر؟ ليذهب في الحال يقدّم شكواه إلى قيصر

سنّا - كاسكا! أنت أوَّلُ من يرفع يده

قيصر - أمستعدون جميعاً؟ من عرف منكم اعوجاجاً فلينئ بهِ ، فإ، قيصر ومجلسه يقوّمانه تقويماً.

سمبر - أي قيصر الرفيع العظيم كليَّ الاقتدار! إن سمبر يطرح أمامك قلبه الوضيع. . . يركع

قيصر - منعتك هذا. قد يفعل التملّق وتعفير الجباه فعله في صغار الناس فيثيرُ عاطفة نفوسهم ، فينسخون شرائع وأوامر أصدروها ، يغيّرون فيها ويبدلون شأن الأطفال. لا تعرّتك نفسك فتحسب أنّ بين جنبي قيصر دماً كدم البهل يذيبه

ص: 442

الكلام اللين والانحناء الواطئ والتملّق السافل المعوّج ، فيثنيهِ عن عزمهِ. لقد صدر الأمر ونفي أخوك. فإذا أنت ركعت وداهنت وتضرعت لأجله ، انتهزتك وطردتك كالكلب من أمامي. أن قيصر لا يقاصُّ بلا سبب ، وكذلك لا يعفو بلا سبب

سمبر - أما من صوت أكرم من صوتي يستعذبهُ قيصر فيصغي إليهِ ويعفو عن أخي المنفي؟

بروتوس - أي قيصر. أُقبّل يدك غير مداهن ، وأرجوك أن تهب أخا سمبر حريته

قيصر - متعجباً ماذا؟ بروتوس؟

كاسيوس - عفوك قيصر عفوك! أني أترامى على قدميك وأتسوَّلُ منك عفواً عن سمبر

قيصر - لو كنتُ نظيركم لتأثرتُ؛ أو لو كنتُ ممن يرجو الغيرَ لتحوَّلتُ عن عزمي مرضاة رجائهم. ولكني ثابتٌ في عزمي ثبوتَ نجم الشمال الذي لا يضاهيهِ في الفلك نجمٌ ثبوتاً. السماءُ ملأى بكواكب لا تعدُّ ولا تحصى. كلها تحترق ضياءً وليس بينها سوى واحدٍ لا يحول ولا يتزعزع. كذا الدنيا مملوءةٌ رجالاً. رجالها من لحم ودم ذوو عقول ذكية ، ولا أعرف فيهم غيرَ واحدٍ راسخاً لا ينازع ولا يتحرَّك. فلأرينكم أني ذلك الرجل. إني نفيتُ سمبرَ حازماً ، وسأبقيهِ في منفاه حازماً

سنّا - أواه قيصر. . .!

قيصر - عني! أتحاوِلُ أن ترفع جبال الأولمب؟

ديسيوس - يا قيصر العظيم!

قيصر - ألا ترى بروتوس يركع على غير جدوى؟

كاسكا - أيتها الأيدي تكلمي عني! يطعنهُ كاسكا أولاً وبعده بقية

ص: 443

المتآمرون ثم يطعنهُ بروتوس في الآخر

قيصر - وأتتَ أيضاً يا بروتوس؟ فليسقط قيصر! يلتفّ بردائه ويسقط ميتاً

سنّا - يا للحرية! يا للخلاص! لقد مات الاستبداد! اركضوا ونادوا بالأمر في الأسواق.

كاسكا - ليذهب بعضكم إلى المنابر ويهتف يا للعتق! يا للحرية! يا للنجاة!

بروتوس - مخاطباً الأعيان والشعب المختلط بنابلهم خوفاً لا تخافوا أيها الأعيان وأنتم أيها الشعب اطمأنوا بالا. قفوا لا تهربواز لقد وفى الطمع دَينه

كاسكا - اصعد إلى المنبر يا بروتوس

ديسيوس - وكاسيوس أيضاً

بروتوس - أين بوبليوس؟

سنّا - هنا وقد أضاع رشدهُ

سمبر - خذوا حذركم. فقد يفاجئنا أحد أصدقاء قيصر. اعتصموا بالاتحاد

بروتوس - دعوا الحذّر والاعتصام جانباً. وأنتَ بوبليوس تشجَّع. أننا لا نريد بك شرّاً ، ولا نريد بأحدٍ من الرومانيين شرّاً

كاسكا - ابتعد عنا يا بوبليوس لئلاّ يهجم علينا ويلحقون بشيبتك أذًى

بروتوس - نعم اذهب. فلا يحملُ عبء هذا الأمر إلاّ فاعلوه. يرجع تريبونيوس

كاسيوس - أين أنطونيوس؟

تريبونيوس - فرَّ إلى بيتهِ رُعباً الرجال والنساء والأولاد يصيحون ويصخبون كأنهُ يوم النشر

بروتوس - إيهٍ أيتها الأقدار ها نحن مترقبون أمركِ فينا. كلنا يعلم أن مصيره إلى الموت ولكنهُ يجهل ميعاد قدوم الساعة

ص: 444

كاسيوس - من يقتطعُ عشرين سنة من ثوب حياتهِ ، فإنهُ يقتطعها من خوف الموت لا من الحياة نفسها

بروتوس - إذن. الموت دواءٌ وما نحن إلاّ أصدقاء قيصر إذ اختصرنا له خوفه من الموت. فلننحنِ أيها الرومانيون ولنغسل أيدينا في جراح قيصر نخضبّها حتى الأكواع. غمسوا فيها سيوفكم ، وهبّوا بنا إلى الساحة نرفع سلاحنا الأحمر فوق روسنا وننادي يا للسلام ويا للعتق ويا للحرية!

كاسيوس - انحنوا واغتسلوا. ستعيد الأجيال المقبلة تمثيل دورنا هذا بألسنٍ مجهولةٍ وفي بلدان لم تخلق بعد

بروتوس - نعم وسُيدمي مراراً قيصرُ خذن الترابِ المطروح الآن عند تمثال بومباي

كاسيوس - وعلى عدد تلك المرار سيلقّبنا المستقبلُ بالقوم الذين أنالوا وطنهم الحرية

ديسيوس - أتذهبون؟

كاسيوس - نعم. بروتوس يقودنا ، وأحسنُ قلوب رومه وأشجعها تسير على عقبهِ يدخل خادم

بروتوس - سكوتاً: مَن القادم؟ صديق لأنطونيوس

الخادم - راكعاً أي بروتوس. بذا أمرني أنطونيوس: أخرُّ ساجداً وأعفّر وجهي وأقول إن بروتوس نبيلٌ حكيم شجاعٌ وأمين وكذلك كان قيصر قديراً جسوراً محبّاً وعظيماً. إني أحبُّ

بروتوس وأكرمهُ وقد خفتُ قيصر فأحببتهُ وأكرمتهُ. فليسمحْ بروتوس وليؤمنْ لي سبيل قدومي إليهِ أستفسرهُ سبب قتل قيصر ، وله عليَّ العهد إني لا أحبُّ قيصر ميتاً بأكثر ما أحبُّ بروتوس حيّاً؛ بل أتبع بروتوس في سبيله غير المطروق بقلب مؤمن صادق بذا نطق سيدي انطونيوس

ص: 445

بروتوس - لنعَم الرومانيُّ الحكيم الشجاع سيدك. ما ظننتهُ بأقلَّ مما هو عليهِ قط. أبلغهُ يحضر إلينا إذا شاء ، فنقنعهُ ثمَّ بنقلبُ إلى أهله آمناً.

الخادم - سآتي بهِ في الحال يخرج الخادم

بروتوس - سيكون منّا. أنا واثق من ذلك

كاسيوس - حبذا لو تمَّ ذلك. فإني أوجس في نفسي خيفةً منهُ ، وما خانتني فراستي وتشاؤمي قط.

بروتوس - ها قد جاء انطونيوس. يدخل انطونيوس أهلاً بماركوس انطونيوس

انطونيوس - ينظر جثة قيصر ملقاة ، يركع إلى جانبها أي قيصر ذا السلطان! أيطرحونك أرضاً؟ أتتكمش فتوحاتك وانتصاراتك وغزواتك إلى مثل هذا القدر الصغير؟ وداعاً ينهض إني أجهل مآربكم أيها السادة فلا أعلم من تستسمنون بعد قيصر فتدمون. إن كنتم إياي تقصدون ، فلستُ بواجدٍ زمناً للموت أليق من زمنٍ مات فيهِ قيصر. ولا آلةً على نصف شرفِ آلةٍ أغناها أنبلُ دمٍ في هذه الدنيا. إن كنتم تضمرون لي العداء فأتوسل إليكم أن تظهروه الآن وسواعدكم الحمرُ تتبخر وتدخّن. لو عشتُ ألفاً ما لقيتُ نفسي بأجدر بالموت مني الآن مطروحاً إلى جانب قيصر ترديني الأسياد نخبة رجال هذا العصر

بروتوس - لا ترجُ موتك على أيدينا يا أنطونيوس. إنك تنظر إلى هذه الأيدي وما جنتهُ فتخالنا قساة سفّاحين ، ولكنك لا تعلم ما انطوت عليهِ قلوبنا. إنك لو استطعت النظر إليها لرأيتها ملآى بالحنان والرأفة. نعم فإننا ما فتكنا بقيصر إلَاّ شفقةً على اضطهاد رومه. فالشفقة على هذه طردت من قلوبنا الشفقه عليهِ وابتلعتها كما تبتلع النارُ ناراً أقلّ منها التهاباً. أما أنت يا أنطونيوس فإنّا نرحب بك

ص: 446

ونقبلك بيننا على الرحب والسعة. نفتح لك قلوبنا ونحميك بسواعدنا ، فترجع سيوفنا مفلولةً عنك

كاسيوس - وسيكون لك الرأي الأعلى في تدبير مهام المُلك الجديد

بروتوس - صبرَك حتى نسكّن روع الجمهور الذي يكاد يجنُّ خوفاً ثم أخبرك لما أقدمتُ على قتل وأنا صديقه الصادق

أنطونيوس - لا أشكُّ في حكمتكم. هاتوا كلٌّ منكم يده الحمراء. هاتها أنت أولاً يا بروتوس ثم أنت يا كاسيوس. وأنت ديسيوس وأنت متلوس وأنت سنّا. يدك أيها الشجاع كاسكا. وأنت يا تريبونيوس هاتها الآخر في دورك ولكنك لست بالآخر في درجة حبي لك. ماذا أقول أيها السادة؟ إن قدميَّ تكادان تزلاّن بي عن موطئ الشرف فما أنا في أعينكم إلاّ واحداً من اثنين - أما جبان أو منافق. مخاطباً قيصر حقاً لقد أحببتك يا قيصر. فما الذي تقوله لو أطلّت علينا روحك الهامدة؟ أليس الأمر أشدَّ وقعاً عليك من قتلهم إياك؟ ليت لي عدد جراحك عيوناً تذرف الدمع كالدم المتدفق من جسدك. لذلك موقفٌ أليق بي من تبادل عبارات الوفاق مع أعدائك. عفوك يوليوس. هنا اصطادوك أيها الوعل الجسور. هنا سقطت ، وهنا يقف صيادوك مخضبين بدمائك. ايه أيها العالم إنك كنت غاباً لهذا الوعل وكان الوعل أعزَّ أبنائك. يا لك من غزالٍ تكاثرت عليهِ أمراء الصيد فأردوه!

كاسيوس - أنطونيوس

أنطونيوس - عفوك كاسيوس. إن أعداء قيصر لا يقولون فيهِ أقلَّ مما قلتُ فما بالك بأصدقائهِ. إن قولهم لتواضع بالغ حدّه

كاسيوس - لا ألومك على مدحك قيصر ، ولكني أودُّ أن أعلم أصديق أنت

ص: 447

فترجي ، أم عدوّ فيذهب كلٌّ سبيله!

أنطونيوس - لو لم أكن صديقاً ما وضعتُ يدي بأيديكم. إنما لقد أضلّتني شجوني حينما نظرتُ قيصر ملقى. إني صديق كلٍّ منكم ، وكصديق أرجوكم أن تقنعوني بأن قيصر كان خطِراً

بروتوس - إن لم نقنعك بذلك كان عملنا وحشيّاً لا مسوّغ له. أي أنطونيوس أنَّ الذي دعانا إلى قتل قيصر لكافٍ لإقناعك ولو كنتَ ابناً له

أنطونيوس - هذا كلما أطلب. وأتوسل إليكم أن تسمحوا لي أنا صديقه أن أذهب بجثتهِ إلى الساحة العمومية ، وأقول كلمتي في جنازتهِ

بروتوس - ليكن لك ما تريد

كاسيوس - لي كلمة أقولها لك يا بروتوس يكلمه على جانب إنك لا تعلم ما تصنع. لا تسمح له بذلك. إنك لا تعلم أي التأثير يكون لكلامه في الشعب

بروتوس - لا. لا إني سأقف فيهم خطيباً أولاً وأُبيّن لهم أسباب قتل قيصر ، وأذكر أن أنطونيوس سيقيم له الاحتفال اللائق بدفنهِ بإذن منا. ذلك أشفع لعملنا وأضمن

كاسيوس - لا أعلم ما سيكون. ليس الأمر من رأيي

بروتوس - لأنطونيوس هاك جثة قيصر. خذها! إنك ستتكلم بعد أن أكون قد انتهيت ، فإذا تكلمت قل إنك تفعل ذلك بأمرنا. امدح قيصر ما شئت ولكن لا تذمنا ، وإلاّ فلا يكون لك شأن في الجنازة

أنطونيوس - إني لا أطلب أكثر من هذا

بروتوس - هيئ الجثة واتبعنا يخرج الجميع عدا أنطونيوس

أنطونيوس - مخاطباً جثة قيصر غفرانك أيها التراب الدامي! غفرانك أن نظرتني أتبادل الودَّ والأدب مع هؤلاء الجزارين! إنك لبقية أشرف رجل عاش

ص: 448

في الدنيا. ويلٌ لليد التي سفكت هذا الدم الثمين! إنّ جروحك يفتح شفاهها العقيقة كالأفواه الخرساء تستنطقني نبوةً هي لعنةٌ تكرسف الناس. ستمتلئ جوانب ايطاليا حروباً. وسيقوم الأخ على اخيهِ والابن على أبيهِ والمملكة شعبها بعضهم بعض عدوّاً. سيأمن الناس الدم والدمار والخوف فتبسم الأم أن رأت أولادها تتخطفهم أيدي الحروب. ستزول الشفقة من قلوب الناس لتعودها رؤية الفظائع. وثمَّ روح قيصر تزأر ثائرة يصحبها إله الشرّ الجهنمي منادياً بالويل والثبور على هذه البلاد فتنطلق كلاب الحرب تعدو وراء فرائسها تنهش بلا رحمة حتى تملأ جوانب الأرض جيفاً ليس من يدفنها. يدخل خادم أخادم أوكتافيوس قيصر أنت؟

الخادم - نعم يامولاي

أنطونيوس - أن قيصر أرسل يستقدمه لرومه

الخادم - نعم. وهو قادم. وقد أمرني أن أقول لك. . يرى جثة قيصر ويلي! قيصر!

أنطونيوس - لقد تأثر قلبك. در جانباً وابكِ. أن الحزن مجلبةً للحزن وها عيناي أدمعتا إذ رأتا الحزن يجول في عينيك. . . أقادمٌ مولاك؟

الخادم - سيبيت الليلة على بعد سبعة فراسخ من رومه

أنطونيوس - عُد إليهِ مسرعاً وأرو له الرواية. ليست رومه بالبلد الأمين لاكتافيوس بعد ، أنها نابحة ملآنة خطراً. عُدْ. عُدْ. قلْ له يلبث مكانه ولا يأتي. لا. قف قليلاً. لا تذهب قبل أن أحمل الجثة إلى الساحة العمومية. سأرى هناك أثر خطابي في الناس ، وعلى أيّ محملٍ يحملون فعلةَ هؤلاء الرجال السفاحين ، ثم نذهب ونروي الأمر لاوكتافيوس. هات يدك ساعدني. يخرجان بجثة قيصر

ص: 449

المشهد الثاني

يدخل بوتوس وكاسيوس ولفيف من الأهالي

الأهالي - صارخين هاتوا برهانكم. اقنعونا اقنعونا

برتوس - اتبعوني ودعوني أقف فيكم خطيباً أيها الأصدقاء. كاسيوس!

اذهب إلى الشارع الآخر وفرّق الجماعات. ليبقَ الذين يودُّون سماعي هنا. أما الذين يبغون اللحاق بكاسيوس فليتبعوه. إنّا سننبئكم عن سبب قتل قيصر جهاراً

العامي الأول - أنا سألبث مكاني واسمع بروتوس

العامي الثاني - وأنا سأسمع كاسيوس ثو نقابل برهان هذا ببرهان ذاك يخرج كاسيوس يتبعه بعض الأهالي ويصعد بروتوس إلى المنبر

العامي الثالث - اصبروا حتى النهاية. اسمعوا أيها الرومانيون مواطنيَّ وأصدقائي. اسمعوا لي دعواي. وأنصتوا حتى تتمكنوا من السماع. إذا قلت فصدّقوني ، لأن لي من شرفي ما يحملكم على الثقة بي فإن وثقتم بشرفي آمنتم بكلامي. زنوني بميزان حكمتكم واشحذوا عقولكم حتى تقيموا الميزان مستقيماً. . . هل في هذا الجمهور صديق لقيصر؟ إن كان بينكم صديق حميم ، فإني أرفع صوتي وأُناديه قائلاً: إن محبتي لقيصر لم تكن بأقل من محبتكم. . . سيقول هذا الصديق: إذن لمَ قتلت قيصر؟ ها كم جوابي: ما قتلت قيصر كرهاً لقيصر ، بل قتلته حباً برومه! أوددتم لو متم أرقاء وبقي قيصر حياً؛ أم إن يموت هو لتعيشوا جميعكم أحرارً. . .؟ إنَّ قيصر أحبني ، فأنا أبكيه ، إنهُ كان حظاً مبخوتاً. فأنا أفرح له؛ إنهُ كان شجاعاً ، فأنا أكرمهً؛ م \ نعم ، ولكنهُ كان مطماعاً فقتلته. ها دموعي جزاء محبته إياي ، ها فرحي وسروري لطالعه المسعود ، ها إكرامي وإجلالي لشجاعته ، وها كم الموت جزاءً

ص: 450

عدلا لطمعه؟ هل بينكم من انحط فصار يودُّ لو كان عبداً رقيقاً؟ إن

وجدت فيكم الرجل فقد وجدت خصمي. هل بينكم من لا يودّ أن يكون رومانيّاً؟ إن وجدت فيكم الرجل فقد وجدت خصمي. هل بينكم من سَفُل فصار لا يحب وطنه؟ إن وجدت فيكم الرجل فقد وجدت خصمي. . . هانذا واقف انتظر الجواب. . .

الجميع - إنه غير موجود. إنه غير موجود يا بروتوس!

بروتوس - إذن فليس لي فيكم خصم. إني لم أفعل بقيصر غيرَ ما كنتم تفعلونه أنت به. لقد دُوّنِ خبر موته في سجل الكابيتول وذّكِرت معه مفاخره وانتصاراته غير مبتورة ولا مقتضبة! وكذلك ذكرت معايبه التي استحقّ الموت من أجلها غير مُبالغ فيا ولا مُغالي. يدخل أنطونيوس وآخرون يحملون جثة قيصر ها جثة قيصر قدمت يبكيها أنطونيوس الذي سينال بعد موت صديقه محلاً رفيعاً في الحكومة وإن لم تكن له يد في قتله. إليكم ختام القول. إني كما قلت أعزَّ أصدقائي إيثاراً لأمر رومه ، كذلك قد خبأت الخنجر نفسه أغمده في صدري إذا دعاني إليه داعي حبّ وطني.

الجميع - ليحيي بروتوس! ليحيي! ليحيي!

العامي الأول - احملوه على الأكتاف إلى بيته!

العامي الثاني - أقيموا له تمثالاً مع أجداده!

العامي الثالث - أحلّوه محل قيصر!

العامي الرابع - أنهُ قد جمع محاسن قيصر ، فلنتوّجه!

العامي الأول - سنسيرُ وراءه إلى بيتهِ هاتفين منادين

بروتوس - يا بني وطني!

العامي الثاني - سكوتاً. أن بروتوس يتكلم

العامي الاول - سكوتاً يا قوم

ص: 451

بروتوس - دعوني أذهب وحدي أيها المواطنون الصالحون. امكثوا أنتم واسمعوا ما يقوله لكم أنطونيوس عندما يمدح قيصر. لقد سمحنا له أن يقوم مؤبناً فالبثوا مواضعكم ولا تلحقوا بي. دعوني أذهب وحدي يخرج

العامي الأول - امكثوا يا قوم ودعونا نسمع أنطونيوس يخرج

العامي الثاني - ليصعد إلى المنبر فنسمعهُ. اصعد يا أنطونيوس النبيل

أنطونيوس - إني مدين لكم من فضل بروتوس. . . يصعد إلى المنبر

العامي الرابع - ماذا يقول عن بروتوس؟

العامي الثالث - إنهُ يحسب نفسه مديناً لنا وذلك من فضل بروتوس

العامي الرابع - لقد أحسن صنعاً. فخير له أن لا يشير بكلمة سوء إلى بروتوس

العامي الأول - تالله لقد كان قيصر عاتياً!

العامي الثالث - أكيد. مباركٌ لنا خلاص رومه منهُ

العامي الثاني - اسكتوا. دعونا نسمع ما يقول أنطونيوس

أنطونيوس - أيها الرومانيون الكرماء!

الجميع - اسكتوا. دعونا نسمعهُ

أنطونيوس - أيها الرومانيون مواطنيَّ وأصدقائي. أعيروني سمعكم. لقد جئتُ لأدفنَ قيصر لا لأؤبّنهُ. إن الشرّ يعيش بعد فاعله أما الخير فيدفن إلى جانب رفاتهِ. فليكن حال قيصر كذلك. . . .! خطب فيكم بروتوس النبيلُ فأراكم أن قيصر كان يطمح ببصره إلى الملك. إنْ صحَّت التهمة فأنها لبيرة على قيصر ، وقد نال عليها جزاءهُ كبيراً. ها أنا واقف لديكم الآن أقول كلمتي في قيصر. لقد سمح لي بذلك بروتوس النبيل ورفاقه النبلاء. إن قيصر كان صديقي - صديقا عادلاً أميناً - ولكن بروتوس يظنه كان مطماعاً ، وليس بروتوس بالرجل المشكوك

ص: 452

في كلامهِ. لقد جاءَ قيصر من فتوحاتهِ بأسارى لا يحصى عددهم ، فإذا ما فداهم القادون ملأ بالأموال خزائن رومه فهل كان ذلك من قيصر طمعاً؟ كان قيصر يذرف الدمع أن رأى فقيراً باكياً. واللهِ أن للطمع غير هذه الأخلاق! أما رأيتم يوم لوباركال وقد قدَّمتُ له التاج ثلاثاً فردَّني خائباً ثلاثاً؟ أهذا ما يسمونهُ طمعاً؟ ولكن بروتوس يقول أن قيصر كان مطماعاً ، وليس بروتوس بالرجل المشكوك في كلامهِ. ما أنا مفنّداً بروتوس ولكنني أسرد الرواية كما أعلنها. إنكم قد أحببتموه كلكم فيما مضى وحاشا لحبكم أن يكون بلا سبب. فماذا الذي يقبضكم عنهُ الآن فلا تندبونهُ. ايهِ أيها الإدراك. أين أنتَ. أتركتَ رؤوس بني آدم وفررتَ إلى الوحوش الضارية؟ عونك. عونك إن قلبي فارقني ولحقَ بقيصر في هذا التابوت. حنانيك قلبي عُدْ إليَّ

العامي الأول - نأرى معظمَ كلامه معقولاً

العامي الثاني - لو تدبرت الأمر لوجدتَ أقيصر قد ظُلِم

العامي الثالث - إذن فسيظلم غيره بعده

العامي الرابع - هل تنبهتَ إلى ما قال عن التاج؟ أنهُ لم يقبل التاج. إذن لم يكن طامحاً إلى الملك

العامي الأول - إن صحَّ القول فسيعلم الذين ظلموا أيَّ منقلب ينقلبون

العامي الثاني - مسكين أنطونيوس! لقد احمرَّت عيناه كالنار من البكاء

العامي الثالث - أنهُ لأنبل رجلٍ قام في رومه

العامي الرابع - اسمعوا. لقد عاد يتكلم

أنطونيوس - بالأمس كنّا وكلمةُ قيصرَ تقفُ في وجه العالم كله لا تردّ واليوم نحن وها هو ملقى إلى الحضيض أوضعَ من أن يُرمق بنظرةِ إكرام. . . أيها السادة!

ص: 453

لو أردتُ أن أحرّك عاطفة قلوبكم وأفكاركم. أو أن أثيرَ غضبكم لخطّأتُ بروتوس ولخطأتُ كاسيوس ولخطأتُ غيرهما كثيرين. ولكنني لا أفعل ذلك أبداً أنهم نبلاء أشراف. كيف أجسر أن أخطّئهم. إني أوثر أن أخطّئ الميت وإن أخطّئ نفسي وإن أخطئكم جميعاً على أن اسبَ الخطأ لرجالٍ كرام مثل هؤلاء. أرأيتم هذه الوثيقة بيدي. إنها مختومة بخاتم قيصر. وجدتها في خزانتهِ. هي وصيتهُ لو سمع أهلُ رومه مضمونها. عفوكم فلستُ بقارئها لكم. لو سمع أهلُ رومه مضمونها لجأوا إلى قيصر يلثمون جراحهُ ، ولخضّبوا مناديلهم بدمهِ الكريم ، لا بل لتسوَّلوا شعرة من شعرهِ يحفظونها أثراً خالداً أبناؤهم من بعدهم

العامي الرابع - اقرأ الوصية. اسمعنا الوصية يا أنطونيوس

الجميع معاً - الوصية! الوصية! اسمعنا وصية قيصر!

أنطونيوس - صبراً أيها الأصدقاء الكرام. فلستُ بقارئها. لا يلبق أن تعلموا كم كان قيصر يحبكم. ما أنتم من خشب. ما أنتم من حجارة. إن أنتم إلاّ رجال - خير لكم أن لا تعرفوا مضمونه. خير لكم أن لا تعلموا أنه أوصى لكم بما ملكتْ يداه! أهٍ ما أوخم العاقبة لو علمتم!

العامي الرابع - اقرأ الوصية. لا بد من سماعها يا أنطونيوس. محتمٌ عليك أن تقرأ وصية قيصر

أنطونيوس - أتصبرون على ذلك؟ أتستطيعون إن تمكثوا بعد؟ لقد جاوزت الحدَّ غذ ذكرتها لكم. إني أخشى إغضاب هؤلاء النبلاء الذين أغمدوا خناجرهم في صدر قيصر. إني أخشى

ذلك كثيراً

العامي الرابع - قل خونة. لا تقل نبلاء!

الجميع - الوصية! الوصية!

ص: 454

العامي الثاني - تباً لهم من قتلة. سفكة! الوصية! اقرأ الوصية!

أنطونيوس - لقد أحرجتموني فجبرتموني على قراءتها. دونكم جثة قيصر. التفّوا حواليها ودعوني أنزل إليكم فأريكم الرجل الذي كتب الوصية. هل تسمحون لي بالنزول؟

الجميع - انزل. انزل

العامي الثاني - انزل

العامي الثالث - سنفسح لك مجالاً بيننا

العامي الرابع - التفوا على شكل حلقة

العامي الأول - ابعدوا عن الجثة

العامي الثاني - افسحوا مجالاً لهذا النبيل أنطونيوس

أنطونيوس - لا تقربوا مني كثيراً. افسحوا لي قليلاً

كثيرون - لا تضيّقوا عليهِ. افسحوا المجال. ارجعوا

أنطونيوس - إن كان في مآقيكم دمع فاذرفوه الآن يشير إلى رداء قيصر كلكم يذكر هذا الرداء. هو رداء قيصر ارتداه ليلة صيفٍ وجلس في قباب مضروب على أثر عودته من نصرٍ مبين على أعدائكم. انظروا. هنا مرَّ خنجر كاسيوس. تبينّوا طعنة كاسكا الحاقد. إنها مزَّقت الرداء تمزيقاً. وهنا طعن بروتوس المحبوب طعنتهُ. بروتوس حبيب قيصر وملاكه الحارس. حدّقوا في طعنتهِ انظروا كيف نزع النصل المشومَ ففتح باباً خرج منهُ الدم يجري ليتحقق القارع القاسي. ايهٍ أيتها الآلهة! قولي كم كان قيصر يحب هذا الطاعن! إنها لأشدُّ طعنة أصابت قيصر. فإنهُ عندما رأى بروتوس يطعنهُ ، التفَّ بردائه وخبأ وجهه وسقط إلى جانب تمثال بومباي قتيلَ الغدر ونكران الجميل أكثر منهُ قتيلَ السيوف والخناجر. بالسقوط

ص: 455

قيصر من سقراط! أي مواطنيَّ الأعزاء أنّا سقطنا كلنا بسقوطه ، أنا وأنتم وكل الرومانيون. أما الغدر والخيانة فانتصرنا وعلثتا على ظهورنا. أراكم تذرفون الدمع كقطر الندى. لقد مسّت الرحمة قلوبكم. كلُّهذا وقد شاهدتم الرداء ممزَّقاً فما تصنعون لو نظرتم إلى

الجسد مهشماً يرفع الرداء عن جسد قيصر ها كم قيصر. ها جسده شوَّهتهُ أيدي القوم الخائنين

العامب الأول - يا لهول المنظر!

العامي الثاني - يا لقيصر النبيل!

العامي الثالث - يا لشؤم هذا اليوم!

العامي الرابع - أه أيها الخونة السافلون

العامي الأول - إنهُ لمنظر دمويٌّ فظيع

العامي الثاني - سننتقم له

الجميع - الانتقام! الانتقام. هلموا ننتقم. اركضوا. احرقوا. اقتلوا. اذبحوا. لا تدعوا خائناً يفلت

أنطونيوس - قفوا ، قفوا أيها المواطنون

العامي الأول - سكوتاً. اسمعوا لأنطونيوس النبيل

العامي الثاني - تسمعهُ. نتبعهُ \. نموت معهُ.

أنطونيوس - حلمكم أيها الأصدقاء الصالحون. حلمكم أخواني الأعزاء. ما قصدتُ أن أحرّك طوفان ثورتكم. إنَّ الذين أقدموا على هذه الفعلة لأقوامٌ نبلاء حكماء قد يكون لهم من أنفسهم عذر لا أعلمهُ يبرّرهم في أعينكم. لم أتِ لأحوّل قلوبكم عنهم فلست بالخطيب المفوّه مثل بروتوس. ما أنا إلاّ ذاك الرجل الساذج الذي يحب صديقه. والذين سمحوا لي بالكلام ذلك حقَّ العلم. ليس لي فهم ولم أتعلم الحكمة ولم أُعط موهبة الخطابة لأثيرَ فيكم دمكم. إني أهرفُ بما أعرف

ص: 456