الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والملاحظ أنه بقدر الاهتمام بالمنهج يهيئ الله القبول للعالم والاستفادة منه. ولأضرب لذلك نموذجا واحدا من عشرات الأمثلة والنماذج، ذلكم هو منهج العالم العلم الفذ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، مما حصل له من الأثر العام والخاص ما يقل نظيره في فنون العلم المختلفة، ولا يزال علماؤنا إلى اليوم يستفيدون من منهجه في العقيدة والرد على المخالفين، وفي الأحكام والاستدلال والمناقشة والفتوى وغيرها، مما أكسبهم ثروة علمية ومنهجية قوية يندر نظيرها، وهكذا شأن العلماء العاملين والمحققين المبدعين. وفي المقابل تجد مئات العلماء المغمورين ممن لم يكن لهم الأثر البالغ بسبب تجاهل قضية المنهج وعدم وضوحها في الغالب. والله المستعان.
المبحث الرابع: نظرة في مناهج الأصوليين:
لقد اعتنى علماء الإسلام وأئمة الدين- عبر العصور- بعلم الأصول، فألفت فيه المؤلفات، وتعددت فيه المدارس، وتباينت المناهج.
فمن العلماء من اعتنى بتحرير القواعد الأصولية، وإقامة الأدلة النقلية عليها واهتم بإيضاح منهجه في الاستدلال، وتأييده بالشواهد من اللغة العربية، وأكثر من الأمثلة بغية الإيضاح والبيان وركز على الناحية التطبيقية، مع أسلوب جزل العبارة، حكيم النزعة، عند نقاش
المخالفين (1).
ومنهم من سار على هذا المنهج، ولكن نحى منحى التوسع والقوة مع المخالفين، والحدة عند مناقشة أدلة الخصم (2).
واستقر الأمر على منهجين معروفين مشهورين هما: منهج الحنفية، ومنهج المتكلمين. ولا يكاد أحد من طلاب هذا الفن يجهل هذين المنهجين، وأصحابهما وما ألف فيهما.
وقد سار العلماء بعد ذلك على ضوء هذين المنهجين واكتفوا بالاختصار والتلخيص على أحد المنهجين- في الغالب- وقد يجمع بعضهم بين المنهجين (3).
إلا أنه مما لا ينكر، وجود اتجاهات اثر أصحابها العودة بهذا العلم إلى أصله الأول الذي انبثق التأليف منه، فتركوا الالتزام بهذين المنهجين مع جمعهم لمحاسن كل منهما، وتوخوا التحقيق في المسائل، وجردوا هذا العلم مما علق به، من الإغراق في العقليات، والغوص في الجدليات، واهتموا بجواهره ودرره، فأكثروا من بناء المسائل الأصولية على الأدلة النقلية، والقواعد الشرعية، وحرصوا
(1) وفي مقدمتهم الإمام الشافعي رحمه الله في كتابه (الرسالة)
(2)
كما نهج ذلك الإمام ابن حزم الظاهري في كتابه (الإحكام في أصول الأحكام).
(3)
كصدر الشريعة في تنقيح الأصول، والسبكي في جمع الجوامع، وابن الهمام في التحرير، وغيرهم