الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مجاهدين آمنوا به واتبعوه وحملوا رسالته عاملين بها، وداعين إليها وناشرين لها، ومجاهدين في سبيل الله حق جهاده، معلين كلمته، وحافظين لكتابه، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ يقول الله تبارك وتعالى:{وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ} (1){ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} (2).
وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم اختار هؤلاء الدعاة لأنفسهم إماما يخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في إدارة شئون دولتهم فأحسنوا الاختيار، مما جعل غير المسلمين يشهدون بذلك؛ إذ يقول لويس سيديو ( L. Sedillot) : اختار المسلمون بعد وفاة محمد صلى الله عليه وسلم زعيما ليحمل الناس على احترام الشريعة، فأبدعوا سلطانا ساميا خضع له العرب بلا جدال، ولا يعني هذا أن العرب أحدثوا نظاما استبداديا يقوم به فرد، وإنما أقاموا حكومة شعبية مستندة إلى شريعة إلهية، يديرها ولي أمر منتخب مقيد في سلطته بأوامر القرآن لا يعدوها.
(1) سورة فاطر الآية 31
(2)
سورة فاطر الآية 32
المطلب الثاني: أهمية المبادرة في اختيار إمام للمسلمين:
إن من تمام معرفة الصحابة الكرام رضي الله عنهم بأهمية
اختيار إمام يحمي الدعوة، ويدير شؤون الدولة الإسلامية، ويحميها من الاضطراب والتخلخل- مبادرتهم إلى اختيار الخليفة الراشد أبي بكر الصديق رضي الله عنه خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وذلك أنه لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم في ضحى يوم الاثنين (12 ربيع الأول 11هـ) لم تمض ساعات قليلة من وفاته حتى سارع المسلمون في التفكير لاختيار ومبايعة خليفة له. فلم تغب شمس ذلك اليوم الذي توفي فيه إلا وقد نصبوا أبا بكر الصديق رضي الله عنه خليفة للمسلمين. وبعد أن استقر الأمر، واجتمعت الكلمة قاموا بتجهيز رسول الله صلى الله عليه وسلم فغسلوه وكفنوه وصلوا عليه ثم دفنوه.
وإن هذه المبادرة لهي خطوة موفقة، ألهم الله تعالى صحابة رسوله صلى الله عليه وسلم لها، إذ قدموا اختيار الخليفة الحاكم على دفن أحب الناس إلى قلوبهم محمد صلى الله عليه وسلم، وإن هذا ليعطينا دلالة واضحة على معرفة الصحابة الكرام أهمية وجود الإمام الحاكم الذي يتولى أمر المسلمين، ويحكم بأمر الله عز وجل حتى لو اقتضى الأمر تأخير جنازة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فلا يجوز أن يترك منصب الإمامة ولو لساعات قليلة من غير تولية، بل يجب أن يختار ويبايع إمام للمسلمين، وأن يقدم هذا الأمر على كل أمر، كما فعل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن الإمامة هي نيابة عن صاحب الشريعة في حفظ الدين وسياسة الدنيا به، وهي تسمى خلافة وإمامة، والقائم بها خليفة وإماما، فأما تسميته إماما فتشبيها بإمام الصلاة في اتباعه والاقتداء به، ولهذا يقال: الإمامة الكبرى، وأما