الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجوب واشتراط الصفات السابقة، وإنما لم أقل باشتراطهما، أو اشتراط أدائهما بطهارة الطواف، لمخالفتهما لحقيقة الطواف، وللأدلة الدالة على جواز تأخير أدائهما إلى الخروج من الحرم- كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى، والله أعلم.
الفرع الثاني: مكان أداء ركعتي الطواف:
لا خلاف بين العلماء أن المستحب أن يؤدي ركعتي الطواف خلف المقام، إن تيسر له ذلك دون أن يتأذى أو يؤذي غيره اقتداء بأدائه- عليه الصلاة والسلام لهما.
واختلفوا هل يشترط أداؤهما في مكان معين، أم يجوز أداؤهما ولو خارج الحرم؟ على ثلاثة أقوال:
القول الأول: لا يشترط أداؤهما في مكان معين، بل يصح أداؤهما في كل مكان تصح فيه الصلاة، سواء داخل الكعبة أم خارجها، وسواء داخل المسجد أم خارجه، وسواء داخل الحرم أم خارجه، بل لو أخرهما حتى رجع إلى بلده، أداهما فيه.
وإلى هذا ذهب: أبو حنيفة، والشافعي، وأحمد، إلا أن الشافعي استحب أن يريق دما إذا أخرهما حتى رجع إلى بلده.
القول الثاني: يصح أداؤهما ولو خارج الحرم، إلا أنه لا يجوز فعلهما في الحجر أو داخل البيت أو فوقه، ويشترط أن يكون أداؤهما بطهارة الطواف، فإن صلاهما فيه، أعادهما خارجه بشرطه. فإن رجع إلى بلده، صلاهما وبعث يهدي.
وإلى هذا ذهب: مالك.
صفحة فارغة
القول الثالث: لا يصح أداؤهما خارج الحرم. وهل يشترط أداؤهما خلف المقام؟ روايتان.
وإلى هذا ذهب: سفيان الثوري.
الأدلة:
1 -
استدل أصحاب القول الأول بما يلي:
الأول: بحديث أم سلمة رضي الله عنها: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو بمكة وأراد الخروج- ولم تكن أم سلمة رضي الله عنها طافت بالبيت وأرادت الخروج- فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أقيمت صلاة الصبح فطوفي على بعيرك، والناس يصلون. ففعلت ذلك، فلم تصل حتى خرجت (1)» .
(1) أخرجه البخاري في الحج، باب من صلى ركعتي الطواف خارجا من المسجد (71) 2/ 165
وجه الاستدلال منه:
الإخبار بأنها لم تصل حتى خرجت، وإقرار النبي صلى الله عليه وسلم لها دليل صريح على عدم اشتراط الصلاة داخل المسجد أو خلف المقام (1).
الثاني: وبما ثبت: " أن عمر رضي الله عنه طاف بالبيت بعد صلاة الصبح، فركب حتى أناخ بذي طوى، فصلى ركعتين ".
الثالث: وبأثر ابن عمر رضي الله عنهما: " أنه كان يطوف بالبيت سبعا، ثم يدخل البيت، فيصلى فيه ركعتي الطواف "(2).
2 -
حجة أصحاب القول الثاني:
لم أقف لهم على حجة فيما ذهبوا إليه، لكن لعلهم ذهبوا إلى أن البيت لا يصح فيه الصلوات الواجبة، كالفريضة، وركعتا
(1) قال الحافظ في الفتح 3/ 487: (قوله في آخره: فلم تصل حتى خرجت أي من المسجد أو من مكة. . .).
(2)
أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 5/ 60 (9000، 9001).