الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإن أنت حفظت وصيتي فلا يك غائب أحب إليك من الموت، وهو آتيك، وإن أنت ضيعت وصيتي فلا يك غائب أبغض إليك من الموت، ولست بمعجزه.
بهذه الكلمات العظيمة المؤثرة عهد الصديق إلى الفاروق أمر الأمة والدعوة، وقلده المسؤولية، فكان لها أهلا وناصرا، فرضي الله عنهما وأرضاهما.
الخاتمة:
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام علي النبي الأمي إمام المرسلين وسيد الخلق أجمعين، أما بعد:
فلله الحمد والمنة، وله الفضل على إتمام هذه النعمة، حيث استكمل هذا البحث موضوعاته بعد جهد واطلاع، أسأل الله تعالى أن يجعله في ميزان الحسنات، وأن يقبله من الباقيات الصالحات.
وإذ بلغ البحث نهايته فإن من المناسب أن أسرد النتائج التي وصل إليها هذا البحث، وهي على النحو التالي:
ا- أن الأمة المصطفاة لوراثة كتاب الله والدعوة إليه هي أمة محمد صلى الله عليه وسلم يتقدمها خير القرون.
2 -
معرفة الصحابة الكرام رضي الله عنهم بأهمية اختيار الإمام
وخطورة ترك الأمة ولو لساعات من غير أن يتولى أمرها إمام يحميها ويدير شئونها.
3 -
أن بيعة الصديق رضي الله عنه كانت برضى الصحابة الكرام رضي الله عنهم، وأن للدعوة أثرا في اتفاق آرائهم حول أبي بكر رضي الله عنه.
4 -
أن أبا بكر رضي الله عنه قد قام بأعمال جليلة لحفظ الدعوة ونشرها زمن خلافته.
5 -
أن الصديق رضي الله عنه كما اهتم بالدعوة حال توليه الخلافة، فقد اهتم بها حتى في ساعات احتضاره ووداعه للدنيا؛ فلم يزل حريصا على ما يحفظ للدعوة وجندها وحدتها وقوتها.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.
صفحة فارغة
العلامة الشيخ عبد الرزاق عفيفي ومعالم منهجه الأصولي
للدكتور / عبد الرحمن بن عبد العزيز بن عبد الله السديس (1).
المقدمة:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وصلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثره واهتدى بهداه وسلك سبيله إلى يوم الدين.
أما بعد: فإن للعلماء في هذا الدين مكانة كبرى، ومنزلة
(1) الأستاذ المساعد بكلية الشريعة بجامعة أم القرى وإمام وخطيب المسجد الحرام.
عظمى، فهم ورثة الأنبياء، وخلفاء الرسل، والأمناء على ميراث النبوة، هم كواكب الأرض المتلألئة وشموسها الساطعة، وأطنابها القوية، وأوتادها المتينة، هم للأمة مصابيح دجاها، وأنوار هداها، هم الأعلام الهداة والأئمة التقاة، أضواء تنجلي بهم غياهب الظلم، وأقطاب تدور عليهم معارف الأمم، تتبدد بنور علمهم سحب الجهل، وغيوم العي، هم أهل خشية الله، كما قال سبحانه:{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} (1)، قرنهم الله بنفسه في الشهادة على وحدانيته فقال تعالى:{شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (2)، وضمن الله لهم العلو والرفعة، فقال جل وعلا:{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} (3).
كما أنهم شهداء الله في أرضه وخلفاء رسوله في أمته، والمحيون لما مات من سنته، بهم حفظ الله الدين، وبه حفظوا. وما عزت الأمم وبلغت القمم وشيدت الحضارات وقامت الأمجاد إلا بالعلماء، مثلهم في الأرض كمثل النجوم يهتدى بها في ظلمات البر والبحر، فإذا انطمست النجوم أوشك أن تضل الهداة (4) وفي المسند والسنن
(1) سورة فاطر الآية 28
(2)
سورة آل عمران الآية 18
(3)
سورة المجادلة الآية 11
(4)
ورد بهذا المعنى حديث خرجه أحمد في المسند 3/ 157.
من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب (1)» .
يقول الإمام أحمد رحمه الله في معرض فضائلهم ومآثرهم: (يدعون من ضل إلى الهدى ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضال تائه قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس وما أقبح أثر الناس عليهم، ينفون عن دين الله تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين).
وإنما تبوأ العلماء هذه المكانة لما يضطلعون به من تبليغ علوم الشريعة التي هي مادة حياة القلوب والمقربة لعلام الغيوب، فبالعلم الشرعي تبنى الأمجاد وتشاد الحضارات وتبلغ القمم وتمحى غياهب الظلم، قال تعالى:{أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} (2).
(1) انظر: 5/ 196 من المسند، 3/ 317 من سنن أبي داود، كتاب العلم، باب الحث على طلب العلم، 4/ 153 من سنن الترمذي، كتاب العلم، باب فضل الفقه على العبادة.
(2)
سورة الأنعام الآية 122
وإن من أهم علوم الشريعة وأجلها قدرا وأعظمها أثرا وأكثرها فائدة وأكبرها عائدة علم أصول الفقه؛ لأنه الطريق لاستنباط الأحكام الشرعية، فهو منهل الأئمة ومأوى المجتهدين ومورد المفتين، لا سيما عند النوازل والمستجدات.
ولقد زخر تاريخ الإسلام بكوكبة من علماء الأصول في مختلف العصور، مثلوا منارات عالية في سماء العلم والمعرفة، كما شهد عصرنا الحاضر نخبة مميزة من علماء الأصول يعدون امتدادا لسلفهم من الأصوليين، بل إنه نتيجة لاستقرار المناهج الأصولية ونضج التفكير الأصولي المرتبط بالمنهج الصحيح لدى صفوة منهم أصبح من المهم إبراز منهج هؤلاء ودراسة حياتهم العلمية ومناهجهم الأصولية، لما لذلك من الأثر الكبير والخير الوفير على الباحثين وطلاب العلم عامة، والمهتمين منهم بالأصول على سبيل الخصوص.
ولقد كان من أعلام هذا العصر في العلوم الشرعية كافة وعلم الأصول خاصة شخصية علمية أصولية نادرة جديرة بالدراسة والإبراز والاهتمام، ذلكم هو العلامة الأصولي الشيخ عبد الرزاق عفيفي رحمه الله.
ونظرا لما يمثله الشيخ رحمه الله من مكانة علمية وأصولية، ولما يتمتع به من منهج متميز وحاجة المكتبة الأصولية فيما أرى إلى بحث مستقل يبرز منهجه ويجلي طريقته، فقد عزمت على أن أقدم بحثا في ذلك؛ إسهاما في البحث العلمي ومشاركة في إبراز المنهج الأصولي لعلمائنا الأفذاذ، وفاء بحقهم علينا وربطا للأجيال بعلمهم ومنهجهم، وقد رأيت أن يكون عنوان هذا البحث (الشيخ عبد الرزاق عفيفي