الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفتاوى
* من
فتاوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ
* من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
* من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ
* من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
صفحة فارغة
من فتاوى الشيخ / محمد بن إبراهيم آل الشيخ
مفتي الديار السعودية رحمه الله
الاعتراف بالخالق تعالى وأدلة وجوده
س: ما رأيكم في وجود الله سبحانه وتعالى حسب اعتقادكم لا حسب مطالعاتكم؟
ج: اعتقادنا وجود الله الإله الحق سبحانه لا إله إلا هو، واعترافنا بذلك أمر فطري وضروري، وكل إنسان ذي فطرة سليمة يعترف بذلك ومجبول على الإقرار به لما يشاهده في نفسه من خلقه على هذه الصورة الجميلة السوية المعتدلة الكاملة الشكل والوظيفة، وعجائب الإبداع في خلقه أضخم من إدراكه هو وأعجب من كل ما يراه حوله، ثم ما يشاهده من الحدوث والخلق والتسخير في مخلوقات الله الأخرى كالسماوات بما هي عليه من ارتفاع على غير عمد نراها، وما فيها من الكواكب الكبار والصغار النيرة من السيارة وغير السيارة ومن الثوابت، ودورانها في الفلك العظيم في كل يوم وليلة، كما أن لها في نفسها سيرا يخصها، وكالبحار المكتنفة للأرض من كل جانب، والجبال الموضوعة فيها لتقر وتسكن مع اختلاف أشكالها وألوانها، وكالأنهار السارحة من قطر إلى قطر للمنافع، وما ذرأ الله في الأرض من الحيوانات المتنوعة، والنبات المختلف الطعوم والروائح والأشكال والألوان مع اتحاد طبيعة التربة والماء، وكذلك اختلاف الليل والنهار والشمس والقمر وتعاقبها بنظام لا يختلف ولا
يتبدل، كل ذلك دليل على وجود الله العلي القدير وقدرته العظيمة وحكمته ورحمته بخلقه ولطفه بهم وإحسانه إليهم وبره بهم، لا إله غيره ولا رب سواه، عليه توكلت وإليه أنيب. هذا وشواهد المخلوقات على وجود الله سبحانه كثيرة لا تحصر.
ولما حضر أناس إلى الإمام أبي حنيفة رحمه الله وسألوه عن وجود الله سبحانه وتعالى، قال لهم: دعوني فإني مفكر في أمر أخبرت عنه، لقد ذكر لي أن سفينة في البحر موقرة فيها أنواع من المتاجر وليس بها أحد يحرسها ولا يسوقها، وهي مع ذلك تذهب وتجيء وتسير بنفسها وتخترق الأمواج العظام حتى تتخلص منها وتسير حيث شاءت بنفسها من غير أن يسوقها أحد. فقالوا: هذا شيء لا يقوله عاقل. فقال لهم الإمام أبو حنيفة: ويحكم؟! هذه الموجودات بما فيها من العالم العلوي والسفلي وما اشتملت عليه من الأشياء المحكمة أليس لها صانع؟ فبهت القوم ورجعوا إلى الحق وأسلموا على يديه لله رب العالمين.
هذه المصنوعات من أدلة التوحيد، فإنها مما يحقق أن الله على كل شيء قدير، وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن. وقدرته تعالى ومشيئته ليست محصورة في وقت بل هي دائمة باستمرار، بل مما يحقق شهادة أن محمدا رسول الله، ولكن لمن شهد أنه رسول الله حقا وصدق بأخباره ورسالته، فإنه يرى في الوجود الآن نوع ما أخبر به لا عينه، فإنه أخبر بتقارب الأسواق، وأن الدجال يقطع الأرض في وقت قصير، وقوله صلى الله عليه وسلم:«فيبصرهم الناظر ويسمعهم الداعي (1)» .
(1) صحيح البخاري أحاديث الأنبياء (3340)، صحيح مسلم الإيمان (194)، سنن الترمذي صفة القيامة والرقائق والورع (2434).