الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بأن الطواف صلاة، دليل على أنه يشترط في الطواف ما يشترط في الصلاة، إلا ما استثناه الدليل، وليس هناك ما يقتضي استثناء اشتراط الموالاة.
4 -
ما ثبت عن الصحابة رضي الله عنهم وتابعيهم بإحسان من قطع الطواف، ينبغي ألا يتوسع فيه، بل يقيد ذلك بالحاجة، وألا يطول القطع.
5 -
الأولى بمن يطوف طوافا واجبا أن يحتاط لطوافه، فلا يشرع فيه إذا غلب على ظنه أنه لا يتمه. والله أعلم.
الفرع الثاني: الأمور التي يجوز قطع الطواف لها:
اختلف العلماء الذين اشترطوا الموالاة في الطواف، ومنعوا قطعه إلا لحاجة، ما هي الأمور التي يجوز قطع الطواف لها؟
وسأتناول ذلك في مسألتين:
المسألة الأولى: قطع الطواف للصلاة
.
المسألة الثانية: قطع الطواف لتجديد الطهارة.
مسألة: قطع الطواف للصلاة: (1).
اتفق العلماء على جواز قطع الطواف لصلاة الفريضة إذا أقيمت الصلاة، وأن هذا القطع لا يخل بشرط الموالاة عند من
(1) الأولى بالشخص ألا يشرع في الطواف إذا خاف أن تقام الصلاة وهو في أثنائه.
يشترطه، إلا ما روي عن الحسن البصري رحمه الله أنه قال: يستأنف، ولا يبني على ما مضى.
قال الموفق: (وقول الجمهور أولى، لأن هذا فعل مشروع في أثناء الطواف، فلم يقطعه، كاليسير).
واختلفوا في قطعه لغير المكتوبة؛ كصلاة الجنازة إذا حضرت على قولين:
القول الأول: أن له أن يقطع الطواف لصلاة الجنازة إذا حضرت، ويبني على طوافه.
وإلى هذا ذهب: أحمد، وأشهب من المالكية. .
القول الثاني: لا يجوز قطع الطواف إلا لصلاة الفريضة، فلو قطعها لجنازة ونحوها، استأنف.
وإلى هذا ذهب مالك.
الأدلة:
ا- استدل أصحاب القول الأول بما يلي:
الأول: أن الطواف عبادة لا يفسدها التفريق اليسير مع
الذكر، فلا يفسدها التفريق لصلاة جنازة، كالتفريق للاستراحة ونحو ذلك مما هو يسير (1).
الثاني: أن صلاة الجنازة تفوت بالتشاغل عنها، فشرع قطع الطواف لها كإدراك الجماعة مع الإمام.
الثالث: وأخرج سعيد بن منصور عن عطاء أنه كان يقول في الرجل يطوف بعض طوافه، ثم تحضر الجنازة:(يخرج فيصلي عليها، ثم يرجع فيقضي ما بقي عليه من طوافه)(2).
2 -
واستدل أصحاب القول الثاني بما يلي:
قالوا: إنه قطع الطواف لفعل لم يتعين عليه وجوبه، فامتنع عليه بناؤه (3).
الرأي المختار:
الذي أختاره هو: أن الأولى بالطائف ألا يقطع طوافه لشيء إذا كان الطواف واجبا. وذلك احتياطا لصحة طوافه، وخروجا من الخلاف، أما إن قطعه لصلاة جنازة، فلا يلزمه استئنافه؛ وذلك لما يلي:
1 -
أن القطع لصلاة الجنازة ليس طويلا، فيعفى عنه كالتفريق اليسير للاستراحة ونحوها.
(1) انظر: مواهب الجليل 3/ 75، 76
(2)
أورده الحافظ في الفتح 3/ 484، والطبري في القرى ص 268.
(3)
انظر: مواهب الجليل 3/ 76. بلغة السالك 2/ 249.
2 -
أن هذا القطع لصلاة تفوت بالتشاغل عنها، فلا بأس بقطع الطواف لها كإدراك الجماعة مع الإمام. والله أعلم.
مسألة: قطع الطواف لتجديد الطهارة:
اختلف العلماء الذين اشترطوا الموالاة، فيمن احتاج لقطع طوافه، إما لانقطاع طهارته، وغلبة الحدث له، وإما لحاجته إلى إزالة الأذى عنه، فهل يعد ذلك مانعا من الموالاة؟ وهل يلزم من انتقضت طهارته استئناف الطواف؟
اختلف العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال:
القول الأول: إذا أحدث عمدا فإنه يبتدئ الطواف، لأنه أبطله بنقض طهارته، وكذا إن سبقه الحدث. وبهذا قال الحسن، ومالك، وأحمد في إحدى الراويتين، وهي الأصح. .
القول الثاني: إن سبقه الحدث فإنه يتوضأ ويبني، أما إن أحدث عمدا فإنه يبطل طوافه، ويستأنفه من جديد.
وبهذا قال الشافعي في القديم، وأحمد في الرواية الثانية (1). .
القول الثالث: إن أحدث عمدا، وقرب الفصل بنى وإن طال استأنف. وإلى هذا ذهب الشافعي في القديم، ورواية عن مالك.
الأدلة:
1 -
استدل أصحاب القول الأول بما يلي:
الأول: بفعل النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه والى بين الأشواط وقال:
(1) انظر: المغني5/ 249، المبدع3/ 222، المجموع 8/ 48، مغني المحتاج1/ 485
«لتأخذوا عني مناسككم (1)» . فدل ذلك على أن الموالاة شرط فيه، فمتى قطعه بفصل طويل ابتدأه، سواء كان عمدا أو سهوا (2).
الثاني: قالوا: إن الطهارة شرط لصحة الطواف، فإذا أحدث، أو سبقه الحدث، بطل طوافه كالصلاة (3).
2 -
واستدل أصحاب القول الثاني، القائلون بالتفريق بين من سبقه الحدث والمتعمد له بما يلي:
- قالوا: إن الموالاة تسقط عند العذر، كمن جلس ليستريح، أو للصلاة المقامة، فمن سبقه الحدث فهو معذور بقطع الطواف لتجديد الطهارة، ويجوز له البناء (4).
3 -
واستدل أصحاب القول الثالث، القائلون بجواز البناء إذا لم يطل الفصل بما يلي:
الأول: بما روي عن عطاء وإبراهيم، قالا فيمن رعف وهو يطوف بالبيت: يخرج فيتوضأ، قال إبراهيم: يبني على طوافه من المكان الذي قطع منه. وقال عطاء: إن فعل ذلك أجزأه، وأحب أن يستقبل ذلك من الحجر (5).
الثاني: قالوا: إن الطواف عبادة يجوز فيها التفريق اليسير،
(1) صحيح مسلم الحج (1297)، سنن النسائي مناسك الحج (3062)، سنن أبو داود المناسك (1970)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 337).
(2)
انظر: المبدع 3/ 222
(3)
انظر: المغني5/ 249، المبدع 3/ 222.
(4)
انظر: المغني 5/ 249، ويشترطون لهذا البناء ألا يشتغل بغير الوضوء، فإن اشتغل به لزمه الابتداء.
(5)
أخرجه سعيد بن منصور. وأورده الطبري في القرى ص 268.
فجاز فيها البناء لتجديد الطهارة إن لم يطل الفصل.
أو يقال: إن التفريق اليسير لتجديد الطهارة لا يخل بالموالاة كالتفريق للصلاة أو للاستراحة.
الرأي المختار:
الذي أختاره ما ذهب إليه أصحاب القول الأول، وهو: أن من انتقضت طهارته، فقد بطل طوافه، فعليه أن يستأنفه ولو لم يطل الفصل. وذلك لما يلي:
أ- أن الطهارة شرط لصحة الطواف، فمن انتقضت طهارته بطل طوافه، سواء تعمد ذلك أم سبقه الحدث.
2 -
أن سبق الحدث ليس عذرا لجواز البناء، بل يكون عذرا في عدم التأثيم، كالحدث في الصلاة لا يختلف المتعمد ومن سبقه الحدث في بطلان الصلاة. وإنما الاختلاف في تأثيم المتعمد لذلك في الصلاة.
3 -
أن القول بوجوب الابتداء لانتقاض الطهارة ليس بسبب طول