الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحجر الأسود احتياطا، إلا أن يشق ذلك لزحام ونحوه فإنه يكتفي بالبناء من حيث انتهى؛ لأن الواجب الطواف سبعة أشواط، ولا موجب لإلغاء بعض الشوط إذا كان القطع مأذونا فيه، والله أعلم.
المطلب السادس: المشي مع القدرة:
لا خلاف بين العلماء أن المشي في الطواف مع القدرة عليه هو الأفضل والأولى (1)؛ لأن هذا هو الغالب من حال النبي صلى الله عليه وسلم سواء كان ذلك في عمره أم في حجه. فإن الثابت أنه طاف للقدوم ماشيا كما في حديث جابر في صفة حجه صلى الله عليه وسلم؛ إذ جاء فيه: «. . . حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا. . . (2)» الحديث رواه مسلم.
ولا خلاف بينهم أن العاجز عن المشي، أو المحتاج للركوب بسبب مرض أو نحوه، أن له أن يطوف راكبا أو محمولا ولا شيء عليه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم طاف للإفاضة راكبا على بعيره، (3) لما روى ابن عباس رضي الله عنه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف في حجة الوداع على
(1) نقل الماوردي الإجماع على ذلك. انظر الحاوي 4/ 151، المجموع 8/ 27.
(2)
أخرجه مسلم في الحج، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم 8/ 174.
(3)
انظر: زاد المعاد 2/ 279، المبسوط 4/ 45.
بعير، يستلم الركن بمحجن (1)» متفق عليه.
وكان ركوبه- عليه الصلاة والسلام بسبب غشيان الناس له، وازدحامهم عليه، ولم يكن يتخذ حرسا يمنعون الناس، فعن عائشة رضي الله عنها قالت:«طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع حول الكعبة على بعيره، يستلم الركن؛ كراهية أن يضرب عنه الناس (2)» .
وعن جابر رضي الله عنه قال: «طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على راحلته بالبيت، وبالصفا والمروة، ليراه الناس، وليشرف، وليسألوه، فإن الناس غشوه (3)»
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كثر عليه الناس، يقولون: هذا محمد، هذا محمد، حتى خرج العواتق من البيوت. قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يضرب الناس بين يديه، فلما كثر عليه ركب (4)» . . . الحديث.
كما أمر بذلك أم سلمة- رضي الله عنها إذ كانت مريضة.
فعنها أنها قالت: «شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أشتكي. فقال:
(1) أخرجه البخاري في الحج، باب استلام الركن بالمحجن (58) 2/ 162، ومسلم في الحج، باب جواز الطواف على بعير 9/ 18.
(2)
أخرجه مسلم في الحج، باب جواز الطواف على بعير 9/ 19.
(3)
غشوه: أي ازدحموا عليه وكثروا. انظر: النهاية لابن الأثير 3/ 369، شرح مسلم للنووي 9/ 19.
(4)
أخرجه مسلم، باب استحباب الرمل في الطواف 9/ 11.