الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ليحملهم على مصالحهم، ويردهم عن مضارهم، وهو مخاطب بذلك ولا يخاطب بالأمر إلا من له قدرة عليه (1).
(1) انظر: المقدمة، ابن خلدون، مصدر سابق، ص 153.
الفرع الأول: اتفاق الصحابة الكرام على بيعة الصديق رضي الله عنه:
بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة، وتهيؤوا لاختيار خليفة للمسلمين، واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر رضي الله عنه، فقال عمر رضي الله عنه: يا أبا بكر، انطلق بنا إلى إخواننا من الأنصار. فجاءوهم في السقيفة فإذا هم مجتمعون، وبينهم رجل مزمل يتغطى بثيابه، فقال عمر: من هذا؟ فقالوا: سعد بن عبادة (ت: 14هـ). فقال: ما له؟ قالوا: هو وجع مريض، فجلسوا معهم، فلما استقروا في السقيفة، قام خطيب الأنصار، فأثنى على الله تعالى بما هو أهله، ثم قال:(أما بعد: فنحن أنصار الله عز وجل وكتيبة الإسلام، وأنتم يا معشر المهاجرين رهط وجماعة منا، وقد جاءت جماعة منكم معشر المهاجرين يريدون أن يختزلونا من أصلنا، ويأخذوا حقنا، ويخرجونا من هذا الأمر).
ففي صورة من صور تواضع جند الدعوة وحسن احترامهم لإخوانهم ظلوا يستمعون إلى متحدث الأنصار حتى أتم كلامه من غير أن يقاطعوه مع عدم فناعتهم بكل ما يقول، فلما أتم المتحدث حديثه
أراد عمر رضي الله عنه أن يتكلم، فقال الصديق رضي الله عنه: على رسلك! ثم قال: أما بعد، فما ذكرتم من خير فأنتم أهله، ولكن العرب لم تعرف هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش؛ لأنهم أوسط العرب نسبا ودارا، وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين؛ فأخذ بيد عمر وبيد أبي عبيدة رضي الله عنهما (ت: 18هـ). . وعند ذلك قام أحد الأنصار فقال: أنا جذيلها المحكك، وعذيقها المرجب، منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش. فكثر اللغط، وارتفعت الأصوات، فخشي عمر أن يختلف الناس، فقال: يا معشر الأنصار، ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر أبا بكر أن يؤم الناس؟ فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر؟ فقالت الأنصار: نعوذ بالله أن نتقدم أبا بكر. فقال عمر: ابسط يدك يا أبا بكر، فبسط أبو بكر يده فبايعه، ثم بايعه المهاجرون ثم بايعه الأنصار. فانحسم الأمر، واجتمعت الكلمة على صديق الأمة الذي طالما ناصر الدعوة، وضحى بكل شيء في سبيلها، وقد عرف أتباع الدعوة هذا الفضل له، فاتفقوا على اختياره.