الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المحتويات
الافتتاحية
أقسام المياه لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ 7
الفتاوى
من فتاوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله 35
من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله 55
من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله ابن محمد آل الشيخ 75
من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 93
البحوث
معتقد أهل السنة والجماعة في الشفاعة للدكتور / عبد الله بن سليمان الغفيلي 119
عقيدة الإمام محمد بن إدريس الشافعي للدكتور / محمد بن عبد الرحمن الخميس 193
الرأي السديد فيما إذا وافق يوم الجمعة يوم العيد للدكتور / عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين 253
الحكمة في تذييل آيات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للدكتور / حسين بن محمد شريف هاشم 297
الإدغام الصرفي للدكتورة / فائزة بنت عمر علي المؤيد 355
صفحة فارغة
أقسام المياه
لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على دربه واقتفى أثره إلى يوم الدين، أما بعد:
إخوة الإسلام، فإن الله سبحانه قد شرع لنا دين الإسلام ومن علينا بأن أكمله وأتمه ورضيه لنا دينا، وما توفي النبي صلى الله عليه وسلم، إلا وقد بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق الجهاد، فجزاه الله عنا خير ما جزى نبيا عن أمته، وقد تلقى هذا الدين والعلم عنه أصحابه رضي الله عنهم، فبلغوه كما سمعوه وأدوا أمانته فرضي الله عنهم وأرضاهم، وهكذا من بعدهم إلى أن وصل إلينا محفوظا مبينا، وكان الناس في تلقي هذا العلم والنور على درجات، أكملها من فقه في دين الله ونفعه ما بعث الله به نبيه صلى الله عليه وسلم، وأخسرهم صفقة من لم يرفع به رأسا، فعن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ
والعشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصابت منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به (1)» أخرجه الشيخان واللفظ للبخاري.
فظهر من هذا الحديث أن أفضل خلق الله هو: من فقه في دين الله ونفعه الله بما بعث به نبيه صلى الله عليه وسلم من الهدى ودين الحق، وهو مع ذلك علم العلم ثم علمه فانتفع به في نفسه ونفع به غيره من خلق الله، وهذا دأب العلماء الربانيين الصالحين المصلحين - نظمنا الله في سلكهم وهدانا لسلوك طريقهم وجادتهم -.
وقد جاء في البخاري أيضا من حديث معاوية رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين (2)» فعلامة إرادة الله الخير بعبده أن يفقهه في دينه، هذا وإن لعلمائنا رحمهم الله سلفا وخلفا يدا طولى في بيان دين الله. عقيدة وشريعة على مر القرون، حتى وصل إلينا سهلا ميسرا عذبا نميرا في بطون الكتب، لا تحتاج إلا إلى همة في البحث والتعلم، مع الضراعة إلى الله سبحانه وسؤاله التوفيق والسداد، ثم إن من المعلوم أن العلماء في المسائل الفقهية خاصة لا زالوا يختلفون، وأسباب خلافهم كثيرة جدا، ذكر طرفا منها شيخ
(1) صحيح البخاري العلم (79)، صحيح مسلم الفضائل (2282)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 399).
(2)
صحيح البخاري العلم (71)، صحيح مسلم الإمارة (1037)، سنن ابن ماجه المقدمة (221)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 93)، موطأ مالك كتاب الجامع (1667)، سنن الدارمي المقدمة (226).
الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه النافع: (رفع الملام عن الأئمة الأعلام) ومن جملة الأسباب: أن يكون العالم أو الإمام لم يبلغه في المسألة الدليل الذي بلغ العالم الآخر فيقول بخلاف قوله. ومنها: أن يبلغه الدليل لكنه يفهمه فهما بخلاف ما فهمه غيره من العلماء، أو يظن نسخه أو ترجيحه أو غيرها من الأسباب المبسوطة في مظانها، والواجب على طالب العلم إذا ورد عليه مثل هذه المسائل أن يجتهد في البحث واستقصاء الأدلة وما يرد على الأدلة من مناقشات ويكرر النظر ويدققه حتى يخرج بالرأي الذي تطمئن إليه نفسه، ويدين به ربه سبحانه، ثم مع هذا ليتق الله في علماء الأمة وليسلم لسانه من أعراضهم، أو الطعن في قصورهم ونياتهم، أو تتبع زلاتهم وهناتهم، فإن العالم كما لا يتبع في زلته فإنه لا يتبع بزلته؛ بل يعتذر عنه ويستغفر له ويظن فيه الظن الحسن ما دام على الجادة الحق سائرا وعن كتاب ربنا وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم صادرا وإليها واردا، فذاك حق له الدعاء والاستغفار، والله تعالى يقول في شأن المؤمنين:{وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (1).
فنسأل الله لعلمائنا المغفرة والرحمة، كما نسأله سبحانه أن يرفع درجاتهم ويعلي منازلهم ويتجاوز عن سيئاتهم ويحشرنا
(1) سورة الحشر الآية 10