الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذه الآيات وغيرها مما لم أذكرها تدل على ثبوت الشفاعة لمن حقق الشروط التي سيأتي ذكرها في المبحث الثالث.
المطلب الثاني: الأدلة على ثبوت الشفاعة من السنة:
وردت أحاديث كثيرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم تدل على ثبوت الشفاعة، منها: حديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يجمع الله الناس يوم القيامة فيهتمون لذلك. فيقولون: لو استشفعنا على ربنا حتى يريحنا من مكاننا هذا. قال: فيأتون آدم صلى الله عليه وسلم فيقولون: أنت آدم أبو الخلق، خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك. اشفع لنا عند ربك حتى يريحنا من مكاننا هذا. فيقول: لست هناكم فيذكر خطيئته التي أصاب فيستحيي ربه منها. ولكن ائتوا نوحا أول رسول بعثه الله. قال: فيأتون نوحا صلى الله عليه وسلم فيقول: لست هناكم. فيذكر خطيئته التي أصاب فيستحيي ربه منها. ولكن ائتوا إبراهيم صلى الله عليه وسلم الذي اتخذه الله خليلا، فيأتون إبراهيم صلى الله عليه وسلم، فيقول: لست هناكم. ويذكر خطيئته التي أصاب فيستحي ربه منها. ولكن ائتوا موسى صلى الله عليه وسلم الذي
(1) أخرجه البخاري في صحيحه (كتاب التوحيد) باب كلام الرب عز وجل مع الأنبياء وغيرهم (8/ 200، 201) ومسلم في صحيحه (كتاب الإيمان) باب أدنى آهل الجنة منزلة (1/ 180).
(2)
وفي رواية الإمام مسلم. " فيلهمون لذلك ". (1)
كلمه الله وأعطاه التوراة. قال: فيأتون موسى صلى الله عليه وسلم، فيقول: لست هناكم. ويذكر خطيئته فيستحيي ربه منها. ولكن ائتوا عيسى روح الله وكلمته، فيأتون عيسى روح الله وكلمته، فيقول: لست هناكم. ولكن ائتوا محمدا صلى الله عليه وسلم، عبدا قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فيأتوني فأستأذن على ربي فيؤذن لي. فإذا أنا رأيته وقعت ساجدا، فيدعني ما شاء الله. فيقول: يا محمد، ارفع رأسك سل تعطه، اشفع تشفع. فأرفع رأسي فأحمد ربي بتحميد يعلمنيه ربي. ثم أشفع فيحد لي حدا فأخرجهم من النار. وأدخلهم الجنة. ثم أعود فأقع ساجدا ما شاء الله أن يدعني ثم يقال: ارفع رأسك يا محمد، قل تسمع سل تعطه، اشفع تشفع. فأرفع رأسي فأحمد ربي بتحميد يعلمنيه. ثم أشفع فيحد لي حدا فأخرجهم من النار وأدخلهم فلا أدري في الثالثة أو في الرابعة- قال: فأقول: يا رب في النار ما بقي في النار إلا من حبسه القرآن أي وجب عليه الخلود (1)».
ومنها: حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قلت: «يا رسول الله، من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؛ قال: لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك؛ لما رأيت من حرصك على الحديث، أسعد الناس بشفاعتي يوم
(1) معناها: أنا لست أهلا لذلك. (2)
القيامة من قال: لا إله إلا الله خالصا من قلبه أو نفسه (1)».
يقول ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى: " تأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة وقد سأله: «من أسعد الناس بشفاعتك يا رسول الله؟ " قال: " أسعد الناس بشفاعتي من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه (2)» كيف جعل أعظم الأسباب التي تنال بها شفاعته تجريد التوحيد، عكس ما عند المشركين أن الشفاعة تنال باتخاذهم أولياءهم شفعاء، وعبادتهم وموالاتهم من دون الله فقلب النبي صلى الله عليه وسلم ما في زعمهم الكاذب، وأخبر أن سبب الشفاعة هو تجريد التوحيد، فحينئذ يأذن الله للشافع أن يشفع "(3).
ومنها: حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار يقول الله: من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان فأخرجوه، فيخرجون قد امتحشوا، وعادوا حمما (6) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ألم تروا أنها
(1) أخرجه البخاري في صحيحه (كتاب الرقاق) باب صفة الجنة والنار (7/ 207).
(2)
صحيح البخاري العلم (99)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 373).
(3)
مدارج السالكين (1/ 341).
(4)
أخرجه البخاري في صحيحه (كتاب الرقاق) باب صفة الجنة والنار (7/ 204).
(5)
امتحشوا: احترقوا بالنار. لسان العرب (6/ 344). (4)
(6)
(5)، فيلقون في نهر الحياة فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل أو قال: حمية السيل حميل السيل: الغثاء الذي يحمله السيل من طين وغيره. النهاية في غريب الحديث (1/ 442).
شبت صفراء ملتوية».
ومنها: حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: «أول ما يدعى يوم القيامة آدم فتراءى ذريته فيقال: هذا أبوكم آدم فيقول: لبيك وسعديك، فيقول: أخرج بعث جهنم من ذريتك، فيقول: يا رب كم أخرج؟ فيقول: أخرج من كل مائة تسعة وتسعين. فقالوا: يا رسول الله: إذا أخذ منا من كل مائة تسعة وتسعون فماذا يبقى منا؟ قال: إن أمتي في الأمم كالشعرة البيضاء في الثور الأسود (1)» .
ومنها: حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: «لكل نبي دعوة مستجابة، فتعجل كل دعوته، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة، فهي نائلة إن شاء الله من مات لا يشرك بالله شيئا (2)» .
ومنها: حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر عنده عمه أبو طالب فقال: «لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من النار يبلغ كعبيه يغلي منها أم دماغه (3)» وعقيدة أهل السنة والجماعة في الشفاعة أنهم يؤمنون بكل
(1) أخرجه البخاري في صحيحه (كتاب الرقاق) باب الحشر (7/ 196).
(2)
أخرجه مسلم في صحيحه (كتاب الإيمان) باب اختباء النبي صلى الله عليه وسلم دعوته لشفاعة أمته (1/ 189).
(3)
أخرجه البخاري في صحيحه (كتاب الرقاق) باب صفة الجنة والنار (7/ 203).