الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإذا سواد كثير قال: هؤلاء أمتك، وهؤلاء سبعون ألفا قدامهم لا حساب عليهم ولا عذاب، قلت: ولم؟ قال: كانوا لا يكتوون، ولا يسترقون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون " فقام إليه عكاشة بن محصن فقال: ادع الله أن يجعلني منهم فقال: " اللهم اجعله منهم " ثم قام إليه رجل آخر فقال: ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: " سبقك به عكاشة (1)».
ومنها: حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يدخل الجنة زمرة هم سبعون ألفا تضيء وجوههم إضاءة القمر ليلة البدر فقام عكاشة (3)» . الحديث.
(1) أخرجه البخاري في صحيحه (كتاب الرقاق) باب يدخل الجنة سبعون ألفا بغير حساب (7/ 199) ومسلم في صحيحه (كتاب الإيمان) باب الدليل- على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب ولا عذاب (1/ 399)
(2)
أخرجه البخاري في صحيحه (كتاب الرقاق) باب يدخل الجنة سبعون ألفا بغير حساب (7/ 199) ومسلم في صحيحه (كتاب الإيمان) باب الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب ولا عذاب (1/ 197).
(3)
الزمرة. الجماعة من الناس. الصحاح للجوهري (2/ 671). (2)
6 -
الشفاعة في أهل الكبائر من أمته ممن دخلوا النار بذنوبهم أن يخرجوا منها:
أهل الكبائر: هم العصاة من أهل التوحيد، الذين دخلوا النار بذنوبهم، فيشفع لهم الرسول صلى الله عليه وسلم وغيره لإخراجهم من النار بعد دخولها.
ومن الأدلة على هذه الشفاعة: حديث معبد بن هلال
العنزي قال: اجتمعنا ناس من أهل البصرة، فذهبنا إلى أنس بن مالك، وذهبنا معنا بثابت البناني إليه يسأله لنا عن حديث الشفاعة، فوافقناه يصلي الضحى، فاستأذنا، فأذن لنا - وهو قاعد على فراشه - فقلنا لثابت: لا تسأله عن شيء أول من حديث الشفاعة، فقال: يا أبا حمزة هؤلاء إخوانك من أهل البصرة جاءوك يسألونك عن حديث الشفاعة، فقال: حدثنا محمد صلى الله عليه وسلم قال: «إذا كان يوم القيامة ماج الناس بعضهم في بعض فيأتون آدم فيقولون: اشفع لنا إلى ربك، فيقول: لست لها ولكن عليكم بإبراهيم، فإنه خليل الرحمن، فيأتون إبراهيم فيقول: لست لها ولكن عليكم بموسى فإنه كليم الله، فيأتون موسى، فيقول: لست لها ولكن عليكم بعيسى، فإنه روح الله وكلمته، فيأتون عيسى فيقول: لست لها ولكن عليكم بمحمد صلى الله عليه وسلم، فيأتوني، فأقول: أنا لها، فأستأذن على ربي، فيؤذن لي، ويلهمني محامد أحمده بها لا تحضرني الآن، فأحمده بتلك المحامد، وآخر له ساجدا، فيقال: يا محمد ارفع رأسك، وقل يسمع لك، وسل تعط، واشفع تشفع، فأقول: يا رب أمتي أمتي، فيقال: انطلق فأخرج منها من كان في قلبه مثقال شعيرة من إيمان (1)، فأنطلق فأفعل، ثم أعود فأحمده بتلك المحامد، ثم آخر له ساجدا، فيقال: يا محمد ارفع رأسك وقل
(1) أخرجه البخاري (كتاب التوحيد) باب شفاعة الرب عز وجل يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم (8/ 202) ومسلم في صحيحه (كتاب الإيمان) باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها (1/ 183).
يسمع لك، وسل تعط، واشفع تشفع، فأقول: يا رب أمتي أمتي، فيقال: انطلق فأخرج منها من كان في قلبه مثقال ذرة أو خردلة من إيمان، فأنطلق فأفعل، ثم أعود فأحمده بتلك المحامد، ثم أخر له ساجدا، فيقال: ارفع رأسك وقل يسمع لك، وسل تعط، واشفع تشفع، فأقول: يا رب أمتي أمتي، فيقول: انطلق فأخرج من كان في قلبه أدنى أدنى مثقال حبة من خردل من إيمان فأخرجه من النار، فأنطلق فأفعل» فلما خرجنا من عند أنس، قلت لبعض أصحابنا: لو مررنا الحسن - وهو متوار في منزل أبي خليفة فحدثنا بما حدثنا أنس بن مالك، فأتيناه وسلمنا عليه فأذن لنا، فقلنا له: يا أبا سعيد جئناك من عند أخيك، أنس بن مالك، فلم نر مثل ما حدثنا في الشفاعة، فقال: هيه، فحدثناه بالحديث، فانتهى إلى هذا الموضع، فقال: هيه. فقلنا: لم يزد لنا على هذا، فقال: لقد حدثني- وهو جميع منذ عشرين سنة، فلا أدري أنسي أم كره أن تتكلوا، فقلنا: يا أبا سعيد فحدثنا، فضحك وقال: خلق الإنسان عجولا، ما ذكرته إلا وأنا أريد أن أحدثكم، حدثني كما حدثكم به، قال: «ثم أعود الرابعة فأحمده بتلك المحامد، ثم أخر له ساجدا، فيقال: يا محمد ارفع رأسك،
وقل يسمع، وسل تعطه، واشفع تشفع، فأقول: يا رب ائذن لي فيمن قال: لا إله إلا الله، فيقول: وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي لأخرجن منها من قال: لا إله إلا الله (1)».
ومنها: حديث أنس بن مالك أيضا رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يجمع الله الناس يوم القيامة، يقولون: لو استشفعنا على ربنا حتى يريحنا من مكاننا هذا، قال: فيأتون آدم " إلى أن قال صلى الله عليه وسلم: " فيأتونني، فأستأذن على ربي، فإذا رأيته وقعت له ساجدا، فيدعني ما شاء ثم يقال لي: ارفع رأسك، وسل تعطه، وقل يسمع، واشفع تشفع، فأرفع رأسي، فأحمد ربي بتحميد يعلمنيه ربي، ثم أشفع فيحد لي حدا، ثم أخرجه من النار وأدخلهم الجنة، ثم أعود فأقع ساجدا مثله (في الثالثة والرابعة) حتى ما يبقى في النار إلا من حبسه القرآن أي وجب عليه الخلود (2)» .
ومنها: حديث عمران بن حصين رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يخرج قوم من النار بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم فيدخلون الجنة، يسمون الجهنميين (3)» .
(1) أخرجه البخاري (كتاب التوحيد) باب شفاعة الرب عز وجل يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم (8/ 202) ومسلم في صحيحه (كتاب الإيمان) باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها (1/ 183).
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
أخرجه البخاري في صحيحه (كتاب الرقاق) باب صفة الجنة والنار (7/ 203).
ومنها: حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي (1)» .
ومنها حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خيرت بين الشفاعة، أو يدخل نصف أمتي الجنة، فاخترت الشفاعة؛ لأنها أعم وأكفى، أترونها للمتقين؛ لا ولكنها للمتلوثين الخطائين (2)» .
فهذه الأحاديث وغيرها تدل على ثبوت هذه الشفاعة، وقد اتفق أهل السنة والجماعة، من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وسائر أئمة المسلمين على قبول ما جاء فيها، ولم ينكرها إلا أهل البدع والأهواء من الخوارج والمعتزلة وغيرهم.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: " أجمع
(1) أخرجه أبو داود في سننه (5/ 106)(كتاب السنة) باب في الشفاعة، والترمذي في سننه (4/ 625) (كتاب صفة القيامة) (باب 11 منه) وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، والإمام أحمد في مسنده (3/ 213) والحاكم في المستدرك (1/ 69) وقال. هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذا اللفظ. وصححه الحافظ ابن كثير في تفسيره (1/ 487)
(2)
أخرجه الإمام أحمد في مسنده (2/ 75) والبيهقي في كتاب الاعتقاد ص (202) واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (6/ 1104). قال المنذري. رواه أحمد والطبراني، وإسناده جيد. الترغيب والترهيب (4/ 448) وقال الهيثمي. رواه أحمد والطبراني، ورجال الطبراني رجال الصحيح غير النعمان بن قراد، وهو ثقة، مجمع الزوائد (10/ 378).