الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرابعة: أن الله تعالى مع كونه فوق خلقه عاليا على عرشه قريبا من خلقه، فلا منافاة بين علوه على عرشه وقربه من خلقه.
الخامسة: أنه يستفاد من تلك العبارة للشافعي، أن كلمة " السنة " كانت تطلق عند السلف كثيرا ويراد منها مسائل العقيدة، التي هي مسائل أصول الدين.
السادسة: أنه يستفاد منها كذلك أن مصطلح "أهل الحديث" كان معروفا كذلك عندهم وأنه مرادف لقولنا الآن: "أهل السنة والجماعة". ولهذا يجب على الناس الحرص على إحياء هذا الاسم، وخصوصا طلبة العلم والباحثين ونحوهم.
عدم التكلف والتعمق في البحث في أمور التوحيد التي لا يبلغها العقل:
(3) وأورد الذهبي عن المزني قال: قلت: إن كان أحد يخرج ما في ضميري وما تعلق به خاطري من أمر التوحيد فالشافعي؛ فصرت إليه وهو في مسجد مصر، فلما جثوت بين يديه قلت: هجس في ضميري مسألة في التوحيد، فعلمت أن أحدا لا يعلم علمك فما الذي عندك؟ فغضب، ثم قال: أتدري أين أنت؟ قلت: نعم. قال: هذا الموضع الذي أغرق الله فيه فرعون، أبلغك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالسؤال عن ذلك؟ قلت. لا، قال: هل تكلم فيه الصحابة؟ قلت: لا، قال: تدري كم نجما في السماء؟ قلت: لا، قال: فكوكب منها تعرف جنسه، طلوعه، أفوله، مم خلق؟ قلت: لا، قال:
فشيء تراه بعينك من الخلق لست تعرفه تتكلم في علم خالقه؟ ثم سألني عن مسألة في الوضوء فأخطأت فيها ففرعها على أربعة أوجه فلم أصب في شيء منه فقال. شيء تحتاج إليه في اليوم خمس مرات. تدع علمه، وتتكلف علم الخالق إذا هجس في ضميرك ذلك؟ فارجع إلى قول الله تعالى:{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} (1){إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} (2) الآية. فاستدل بالمخلوق على الخالق، ولا تتكلف علم ما لم يبلغه عقلك (3).
في هذه القصة فوائد مستنبطة منها:
1 -
أن كلمة التوحيد كانت معروفة ومستعملة عند السلف، وقد تقدم في الأثر السابق أن كلمة السنة كانت معروفة كذلك.
2 -
أن الشافعي رحمه الله أرشد صاحبه المزني بالاستدلال بالمخلوق على الخالق، وهذه طريقة الشرع، كما قال عز وجل:{أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ} (4) الآية.
3 -
عدم التكلف والتعمق والبحث في الأمور التي لا يبلغها العقل، وهذه نصيحة عظيمة من الإمام الشافعي، لو أن المتكلمين قد عملوا بها ولم يتكلفوا علم الغيوب التي لم
(1) سورة البقرة الآية 163
(2)
سورة البقرة الآية 164
(3)
سير أعلام النبلاء 10/ 31.
(4)
سورة الأعراف الآية 185