الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ناقل عن الملة، وهو قول المحققين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:«العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (1)» وقوله صلى الله عليه وسلم: «بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة (2)» .
وإذا كان هذا حكم من ترك صلاة واحدة فما الظن بمن ترك الصلاة عدة سنين. وحينئذ فلا يقضي هذا الرجل ما مضى من صلاته، لكن عليه أن يتوب إلى الله ويجدد إسلامه بأن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ويستقبل دينه بالمواظبة على فرائض الإسلام من إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان والحج وغير ذلك من فرائض الإسلام.
(1) سنن الترمذي الإيمان (2621)، سنن النسائي الصلاة (463)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1079)، مسند أحمد بن حنبل (5/ 346).
(2)
صحيح مسلم الإيمان (82)، سنن الترمذي الإيمان (2620)، سنن أبو داود السنة (4678)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1078)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 370)، سنن الدارمي الصلاة (1233).
كلام العلماء في حكم تارك
الصلاة تهاونا وكسلا والسكن معهم
من محمد بن إبراهيم إلى حضرة الأخ المكرم إ. ع. ع. سلمه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فقد وصلني كتابك الذي تستفتي به عن الرجل الذي وعظ في أحد المساجد وقال: من ترك الصلاة تهاونا وكسلا يقتل. وتسأل عن كلام العلماء في ذلك؟
فالجواب: الحمد لله. ذهب إمامنا أحمد بن حنبل
والشافعي في أحد قوليه وإسحاق بن راهويه، وعبد الله بن المبارك والنخعي والحكم وأيوب السختياني وأبو داود الطيالسي وغيرهم من كبار الأئمة والتابعين إلى أن تاركها كافر، وحكاه إسحاق بن راهويه إجماعا، ذكره عنه الشيخ أحمد بن حجر الهيتمي في شرح الأربعين، وذكره في كتاب (الزواجر عن اقتراف الكبائر) عن جمهور الصحابة. وقال الإمام أبو محمد بن حزم: سائر الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم من التابعين يكفرون تارك الصلاة مطلقا، ويحكمون عليه بالارتداد، منهم: أبو بكر وعمر وابنه عبد الله وعبد الله بن مسعود وابن عباس ومعاذ وجابر وعبد الرحمن بن عوف وأبو الدرداء وأبو هريرة وغيرهم من الصحابة، ولا نعلم لهم مخالفا من الصحابة، واحتجوا على كفر تاركها بما رواه مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة (1)» وعن بريدة بن الحصيب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (2)» رواه الإمام أحمد وأهل السنن. وعن عبادة بن الصامت قال: «أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لا تشرك بالله شيئا ولا تترك الصلاة عمدا فمن تركها عمدا فقد خرج من الملة (3)» رواه ابن أبي حاتم. وعن معاذ مرفوعا: «من ترك صلاة مكتوبة متعمدا فقد برئت منه ذمة الله (4)» وعن عبد الله بن شقيق العقيلي قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة. رواه
(1) صحيح مسلم الإيمان (82)، سنن الترمذي الإيمان (2620)، سنن أبو داود السنة (4678)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1078)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 370)، سنن الدارمي الصلاة (1233).
(2)
سنن الترمذي الإيمان (2621)، سنن النسائي الصلاة (463)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1079)، مسند أحمد بن حنبل (5/ 346).
(3)
سنن ابن ماجه الفتن (4034).
(4)
مسند أحمد بن حنبل (5/ 238).
الترمذي. فهذه الأحاديث كما ترى صريحة في كفر تارك الصلاة مع ما تقدم من إجماع الصحابة، كما حكاه إسحاق بن راهويه وابن حزم وعبد الله بن شقيق وهو مذهب جمهور العلماء والتابعين ومن بعدهم.
ثم أن العلماء كلهم مجمعون على قتل تارك الصلاة كسلا، إلا أبا حنيفة ومحمد بن شهاب الزهري وداود فإنهم قالوا: يحبس حتى يموت أو يتوب، وذكر فقهاؤنا الحنابلة: أن من جحد وجوبها كفر ولو فعلها، وإن تركها تهاونا وكسلا مع اعترافه بوجوبها فعلى الإمام أو نائبه أن يدعوه إلى فعلها؛ لاحتمال أن يكون تركه لها لعذر يعتقد سقوطها به، كالمرض ونحوه فيهدده فإن أبى أن يصليها حتى تضايق وقت الصلاة التي بعدها قتله؛ لقول الله تعالى:{فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} (1) إلى قوله: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} (2) فمن ترك الصلاة لم يأت بشرط التخلية فيبقى على إباحة القتل.
وأما السكنى مع زملاء يتساهلون في شأن الصلاة مهما أمكن عدم السكنى معهم فلا يجوز، إلا إذا غلب على ظن الساكن أنه بإرشاده لهم ونصحه لهم يتركون ذلك ويواظبون على الصلاة، ففي هذه الحالة عليه إرشادهم فإن قبلوا وإلا فلينتقل عنهم وليهجرهم. وقد سئل شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية عن غيبة تارك الصلاة، فقال: إذا قيل عنه: إنه تارك للصلاة، وكان
(1) سورة التوبة الآية 5
(2)
سورة التوبة الآية 5