الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رجلان ما تنالهما شفاعتي: إمام ظلوم غشوم، وآخر غال في الدين مارق منه (1)»
(1) أخرجه ابن أبي عاصم في السنة (1/ 2) والطبراني في الكبير (20/ 214) وقال الهيثمي في المجمع (5/ 236). رواه الطبراني بإسنادين في أحدهما منيع، وقال ابن عدي: له أفراد وأرجو أنه لا بأس به، وبقية رجاله ثقات، والحديث صححه الألباني. انظر. السنة لابن أبي عاصم حديث رقم (41)
المبحث الثامن: الفرق المخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة في الشفاعة:
وفيه مطلبان:
المطلب الأول: الخوارج والمعتزلة:
أولا: مذهبهم في الشفاعة: تقدم ذكر أنواع الشفاعة عند أهل السنة والجماعة التي وردت بها الأدلة من الكتاب والسنة، وكان من بينها الشفاعة لأهل الكبائر.
وقد أنكرت الخوارج والمعتزلة الشفاعة لأهل الكبائر، فمنعوا الشفاعة لمن يستحق العذاب، أو أن يخرج من النار من
يدخلها (1)، فعندهم:" أن من دخل النار فليس بخارج منها "(2).
ولم ينفوا الشفاعة لأهل الثواب في زيادة الدرجات (3)، كما لم ينكروا الشفاعة العظمى (4).
يقول ابن المنير في تعليقه على الزمخشري مبينا مذهبه الاعتزالي في ذلك: " ما أنكرها -أي الشفاعة- القدرية إلا لإيجابهم مجازاة الله تعالى للمطيع على الطاعة وللعاصي على المعصية إيجابا عقليا على زعمهم، فهذه الحالة في إنكار الشفاعة نتيجة تلك الضلالة "(5).
وقد أنكر الخوارج الشفاعة في أهل الكبائر في آخر عصر الصحابة، وأنكرها المعتزلة في عصر التابعين، وقالوا بخلود من دخل النار من عصاة الموحدين، الذين يشهدون أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ويشهدون أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم، ويقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة، ويصومون رمضان، ويحجون البيت الحرام، ويسألون الله الجنة، ويستعيذون به من النار في كل صلاة ودعاء، غير أنهم ماتوا مصرين على
(1) مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية (1/ 116).
(2)
كتاب الشريعة للآجري ص (331) وانظر. مقالات الإسلاميين لأبي الحسن الأشعري (1/ 168، 334).
(3)
مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية (1/ 116) وانظر: شرح النووي لصحيح مسلم (3/ 35).
(4)
الكشاف للزمخشري (3/ 366).
(5)
الإنصاف على هامش الكشاف (1/ 152).
معصية عملية، عالمين بتحريمها، معتقدينه، مؤمنين بما جاء فيه من الوعيد الشديد، فقضوا بتخليدهم في جهنم مع فرعون وهامان وقارون (1).
وقد اشتهر عندهم أن أهل الكبائر لا يغفر الله تعالى لهم، ولا يخرجهم من النار بعد أن يدخلوا، لا بشفاعة ولا غيرها (2)، فمن دخل جهنم يخلد فيها؟ لأنه إما كافر، وإما صاحب كبيرة ومات بلا توبة (3).
يقول القاضي عياض رحمه الله تعالى: " مذهب أهل السنة جواز الساعة عقلا وتحققها سمعا بصريح قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا} (4) وقوله: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} (5)، وأمثالهما، وبخبر الصادق صلى الله عليه وسلم، وقد جاءت الآثار التي بلغت بمجموعها التواتر بصحتها في الآخرة لمذنبي المؤمنين، وأجمع السلف الصالح ومن بعدهم من أهل السنة عليها، ومنعت الخوارج والمعتزلة منها، وتأولت الأحاديث الواردة فيها، واعتصموا بمذاهبهم في تخليد المؤمنين في النار محتجين بقوله تعالى:{فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} (6)،
(1) انظر: معارج القبول للحكمي (2/ 256).
(2)
مجموع الفتاوى لابن تيمية (1/ 318).
(3)
لوامع الأنوار (2/ 217)، وانظر: الملل والنحل للشهرستاني (1/ 45، 114، 115).
(4)
سورة طه الآية 109
(5)
سورة الأنبياء الآية 28
(6)
سورة المدثر الآية 48
وقوله تعالى: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ} (1) وهذه الآيات في الكفار، أما تأويلهم أحاديث الشفاعة بكونها في زيادة الدرجات وإجزال الثواب فباطل، وألفاظ الأحاديث صريحة في بطلان مذهبهم وإخراج من استوجب النار " (2).
وقد أنكر الصحابة رضي الله عنهم ذلك عليهم، وحدثوهم بما سمعوا من النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك.
ومما يدل على إنكار الصحابة رضي الله عنهم ما جاء في صحيح مسلم من حديث أبي عاصم، قال: حدثني يزيد الفقير قال: كنت قد شغفني رأي من رأي الخوارج، فخرجنا في عصابة ذوي عدد نريد أن نحج، ثم نخرج على الناس، قال: فمررنا على المدينة فإذا جابر بن عبد الله يحدث القوم -جالس إلى سارية- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فإذا هو قد ذكر الجهنميين، قال: فقلت له: يا صاحب رسول الله، ما هذا الذي تحدثون؟ والله يقول:{إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ} (3) و {كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا} (4)، فما هذا الذي تقولون؟ قال: فقال:
(1) سورة غافر الآية 18
(2)
إكمال المعلم (3/ 862)، وانظر. شرح صحيح مسلم (3/ 35).
(3)
سورة آل عمران الآية 192
(4)
سورة السجدة الآية 20
أتقرأ القرآن؟ قلت: نعم، قال: فهل سمعت بمقام محمد صلى الله عليه وسلم؟ (يعني الذي يبعثه الله فيه) قلت: نعم، قال: فإنه مقام محمد صلى الله عليه وسلم المحمود الذي يخرج الله به من يخرج، قال: ثم نعت وضع الصراط ومر الناس عليه، قال: وأخاف أن لا أكون أحفظ ذاك، قال: غير أنه قد زعم أن قوما يخرجون من النار بعد أن يكونوا فيها، قال: يعني فيخرجون كأنهم عيدان السماسم قال: فيدخلون نهرا من أنهار الجنة فيغتسلون فيه فيخرجون كأنهم القراطيس فرجعنا، قلنا: ويحكم! أترون الشيخ يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فرجعنا، فلا والله ما خرج منا غير رجل واحد (1).
يقول القاضي عبد الجبار -وهو أحد كبار المعتزلة - مقررا، مذهب المعتزلة في الشفاعة: " لا خلاف بين الأئمة في أن شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم ثابتة للأمة، إنما الخلاف في أنها تثبت لمن؟ فعندنا أن الشفاعة للتائبين من المؤمنين، وعند
(1) أخرجه مسلم في صحيحه (كتاب الإيمان) باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها (1/ 179، 180).
المرجئة أنها للفساق من أهل الصلاة " (1).
وقد استدل الخوارج والمعتزلة على قولهم بآيات الوعيد في القرآن الكريم الدالة على عموم تعذيب أصحاب الذنوب والمعاصي في النار، وعدم إخراجهم منها، وأن هذا يدل على ثبوت الشفاعة يوم القيامة لأهل العذاب.
وقد انبنى هذا على مذهبهم المشهور في تخليد أصحاب الكبائر في النار إذا ماتوا من دون توبة؟ وذلك لأن الخوارج يكفرونهم، وأما المعتزلة فيخرجونهم من الإيمان ولا يدخلونهم في الكفر، فهم في منزلة بين المنزلتين (2) ولكنهم يخلدونهم في النار في الآخرة.
قال القاضي عبد الجبار: " دلت الدلالة على أن العقوبة تستحق على طريق الدوام، فكيف نخرج الفاسق من النار بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: ومما يدل على ذلك قوله تعالى: {أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ} (3)(4).
(1) شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار بن أحمد ص (688).
(2)
انظر: مثلا كتاب شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار ص (695) فما بعدها.
(3)
سورة الزمر الآية 19
(4)
شرح الأصول الخمسة ص (689).
وذكر في موضع آخر -مبينا وجه استدلالهم بهذه الآية- أن هذه الآية تدل على أنه صلى الله عليه وسلم لا يشفع للفجار والفساق لأنه لو شفع لهم لوجب أن يكون منقذا من النار، وقد نفى الله تعالى عنه ذلك (1).
ومن الآيات التي استدلوا بها أيضا قول الله تعالى: {رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} (2) تقدم استدلال الخوارج بهذه الآية في الحديث المتقدم قريبا.
وقال القاضي عبد الجبار: تدل الآية على أن الظالم لا تلحقه شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يتخلص من النار إذا مات على ظلمه وإصراره (3).
وقول الله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا} (4) وقد تقدم استدلال الخوارج بهذه الآية في الحديث السابق.
قال القاضي عبد الجبار: " لو كان الفاسق يخرج من النار إما بانقطاع ما يستحقه من النار، أو بالشفاعة لما صح ما ذكره الله تعالى من أنه كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها "(5).
(1) متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار ص (592).
(2)
سورة آل عمران الآية 192
(3)
متشابه القرآن ص (177).
(4)
سورة السجدة الآية 20
(5)
متشابه القرآن ص (561).
وقول الله تعالى: {يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ} (1).
قال القاضي عبد الجبار: " تدل الآية على نزول العذاب بكل مجرم، وعلى أنه لا مخلص له ذلك اليوم من العذاب، لأنه لو خلص منه بشفاعة أو غيرها لما جاز أن يوصف بهذه الصفة التي تقتضي القياس من التخلص من العقاب "(2).
وقول الله تعالى: {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ} (3).
قال القاضي عبد الجبار مبينا وجه الاستدلال بهذه الآية على مذهبهم: "إن من جاءه العذاب لا يكون له ناصر، وفي هذا إبطال القول بالشفاعة "(4).
ونرد على شبههم بأن نقول: إن الصحابة رضي الله عنهم والتابعين لهم بإحسان وسائر الأئمة يقرون بما جاءت به الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم والتي تبين أن الله سبحانه وتعالى يخرج من النار قوما من عصاة المؤمنين بعد أن يعذبهم، يخرجهم بشفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويخرج آخرين
(1) سورة المعارج الآية 11
(2)
متشابه القرآن ص (665).
(3)
سورة الزمر الآية 54
(4)
متشابه القرآن ص (597).
بشفاعة غيره، ويخرج قوما بلا شفاعة (1).
كما هو معتقد أهل السنة والجماعة في أهل الكبائر إذا ماتوا على الإيمان أنهم لا يخلدون في النار.
وذلك لأن أهل السنة لا يكفرون مرتكب الكبيرة كالخوارج، ولا يخرجونه من الإيمان كالمعتزلة، بل إن مرتكب الكبيرة عندهم مؤمن ناقص الإيمان، أو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته، فلا يعطى الاسم المطلق، ولا يسلب مطلق الاسم (2) وأنه في الآخرة إن مات من دون توبة فهو تحت مشيئة الله تعالى.
قال الإمام أبو عثمان الصابوني رحمه الله تعالى مقررا ذلك: " ويعتقد أهل السنة أن المؤمن وإن أذنب ذنوبا كثيرة، صغائر وكبائر؛ فإنه لا يكفر بها، وإن خرج عن الدنيا غير تائب منها، ومات على التوحيد والإخلاص فإن أمره إلى الله عز وجل: إن شاء عفا عنه، وأدخله الجنة يوم القيامة، سالما غانما، غير مبتلى بالنار، ولا معاقب على ما ارتكبه واكتسبه، ثم استصحب إلى يوم القيامة من الآثام والأوزار، وإن شاء عاقبه وعذبه مدة: بعذاب النار، وإذا عذبه لم يخلده فيها، بل أعتقه منها إلى نعيم
(1) تقدم ذكر الأحاديث ضمن الفصل الثاني.
(2)
انظر: العقيدة الواسطية لابن تيمية (16، 17).
دار القرار " (1).
وأما الآيات التي احتج بها المنكرون للشفاعة فقد ذكر العلماء رحمهم الله تعالى أنها خاصة بالكفار.
قال الإمام أبو بكر الآجري رحمه الله تعالى: " إن المكذب بالشفاعة أخطأ في تأويله خطأ فاحشا، خرج به عن الكتاب والسنة، وذلك أنه عمد إلى آيات من القرآن نزلت في أهل الكفر، أخبر الله عز وجل أنهم إذا دخلوا النار فهم غير خارجين منها، فجعلها المكذب بالشفاعة في الموحدين، ولم يلتفت إلى أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم في إثبات الشفاعة: أنها إنما هي لأهل الكبائر، والقرآن يدل على هذا "(2).
ومن شبه الخوارج والمعتزلة العقلية: ما أورد القاضي عبد الجبار حيث قال: " ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " شفاعتي لأهل الكبائر لأمتي. . . " وهذا الخبر لم تثبت صحته، ولو صح فإنه منقول بطريق الآحاد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومسألتنا طريقها العلم، فلا يصح الاحتجاج به "(3).
ويرد على هذه الشبهة بأن نقول: تقدم إيراد هذا الحديث عند الاحتجاج على إثبات الشفاعة
(1) عقيدة السلف وأصحاب الحديث للصابوني ص (276)، وانظر: كتاب البعث والنشور للبيهقي ص (36) فما بعدها.
(2)
الشريعة للآجري ص (334، 335).
(3)
شرح الأصول الخمسة ص (690).
في أهل الكبائر، وذكرنا هناك أنه قد أخرجه جمع من أصحاب السنن والمسانيد عن عدد من الصحابة رضي الله عنهم، وأن بعض أئمة الحديث قد نصوا على صحته.
وأما دعوى المعتزلة عدم الاحتجاج بأحاديث الآحاد، وأنها لا تفيد العلم ولا سيما في أمور العقائد؟ فهذه من المسائل التي خالف فيها المعتزلة وغيرهم أهل السنة والجماعة.
فإن أهل السنة والجماعة يرون الاحتجاج بأخبار الآحاد في أمور العقائد والأحكام، وأنها تفيد العلم، ولا يفرقون بين الخبر المتواتر وخبر الآحاد إذا كان صحيحا ثابتا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
يقول الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى: " وبهذا تعلم أن ما أطبق عليه أهل الكلام ومن تبعهم أن أخبار الآحاد لا تقبل في العقائد ولا يثبت بها شيء من صفات الله -زاعمين أن أخبار الآحاد لا تفيد اليقين وأن العقائد لا بد فيها من اليقين- باطل، لا يعول عليه، ويكفي من ظهور بطلانه أنه يستلزم رد الروايات الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمجرد تحكيم العقل "(1).
وقد بحث عدد من علماء أهل السنة والجماعة هذه المسألة فبسطوا الأدلة فيها، وردوا على المخالفين.
(1) مذكرة أصول الفقه ص (105).
وأما حملهم لحديث شفاعة الرسول صلى الله عليه لأهل الكبائر إذا تابوا، كما قال القاضي عبد الجبار: المراد بالحديث السابق " شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي " أي إذا تابوا (1) فليس هناك دليل ولا تقييد بذلك لا في هذا الحديث ولا في غيره.
وهو مع أنه تأويل مخالف للنصوص الثابتة، فهو أيضا معنى فاسد؛ لأن الذي يتوب من الذنب لا يوصف به بعد ذلك، بل يبدل الله سيئاته حسنات فضلا منه وكرما.
وما دام أن التائب ذنبه مغفور له فلا يحتاج إلى شفاعة أحد، وإنما يحتاج إلى المغفرة أو الشفاعة من الذنب الذي مات ولم يتب منه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية موضحا ثبوت مغفرة الله تعالى للتائبين: " قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (2) فأخبر تعالى أنه لا يغفر الشرك، وأخبر أنه يغفر ما دون ذلك لمن يشاء، ولا يجوز أن يراد بذلك التائب، كما يقوله بعض من المعتزلة، لأن الشرك يغفره الله لمن تاب، وما
(1) شرح الأصول (690).
(2)
سورة النساء الآية 48