الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بل وصلاة الظهر، أو أخروها عن وقتها، وأبدلها الكثير باللهو واللعب، والغناء والطرب، وضرب الطبول وآلات الملاهي، والعكوف على سماع أشرطة الأغاني، وتقليب الأحداق نظرا إلى الصور الفاتنة، والأفلام الخليعة، فصدق عليهم قول الله تعالى:{وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً} (1)، أي صفير وتصفيقا، نعوذ بالله من الخذلان، ونسأله العفو والغفران.
مخطط هذا البحث الوجيز:
أبتدئ أولا: بالنقل عن الأئمة وأهل المذاهب ما كتبوه حول هذه المسألة، وأذكر ثانيا: ما حضرني من الأدلة في ذلك ووجه دلالتها، ثم أذكر ثالثا: ما ترجح لي مع بيان وجه الترجيح، والجواب عن أدلة الآخرين، وأشير إلى الفرق الكبير بين حالة الأولين وحالة أهل هذا الزمان.
(1) سورة الأنفال الآية 35
مذهب الحنفية
في ذلك:
يظهر من مذهبهم عدم سقوط الجمعة، ويرون لزومها لكل مكلف حر ذكر مقيم، قال في الدر المختار وحاشيته: فلو اجتمعا - أي الجمعة والعيد لم يلزم إلا صلاة أحدهما، وقيل: الأولى صلاة الجمعة، وقيل: صلاة العيد. . . . . قلت: قد راجعت التمرتاشي فرأيته حكاه عن مذهب الغير، وبصورة التمريض فتنبه. أهـ. قال ابن عابدين في الحاشية: قوله: عن مذاهب الغير، أي مذهب غيرنا، أما مذهبنا فلزوم كل منهما. قال في الهداية ناقلا عن
الجامع الصغير: عيدان اجتمعا في يوم واحد، فالأول سنة، والثاني فريضة، ولا يترك واحد منهما اهـ. قال في المعراج: احترز به عن قول عطاء: تجزئ صلاة العيد عن الجمعة، ومثله علي وابن الزبير. قال ابن عبد البر: سقوط الجمعة بالعيد مهجور وعن علي أن ذلك في أهل البادية، ومن لا تجب عليهم الجمعة (1) اهـ.
ونقل الكاساني في البدائع عن صاحب الجامع الصغير أنه قال في العيدين اجتمعا في يوم واحد فالأول سنة (2) اهـ. يقرر أن العيد سنة، وصلاة الجمعة فرض، فلا تسقط، وقد روى الطحاوي في المشكل حديث زيد بن أرقم في الترخيص في الجمعة، ثم حمله على الرخصة لمن هم في خارج المصر كأهل العوالي، فإنهم لا جمعة عليهم، واستدل بما أسنده عن علي رضي الله عنه قال: لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر من الأمصار. وذكر أن هذا لا مجال للرأي فيه، فلا بد أن يكون توقيفا، وقاس رجوعهم على إباحة السفر يوم الجمعة (3).
وقد ظهر من كلام الحنفية أن الجمعة لا تسقط يوم عيد الفطر أو عيد الأضحى؛ لأن العيد سنة، والجمعة فرض واجب الإتيان لقول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} (4)
(1) رد المحتار 2/ 166.
(2)
بدائع الصنائع 1/ 275.
(3)
انظر. مشكل الآثار للطحاوي 2/ 52.
(4)
سورة الجمعة الآية 9