الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا يقدم مسبوق على سابق، ولا مفضول على فاضل. وبذلك فضل أول هذه الأمة على آخرها. ولو لم يكن لمن سبق إلى الإيمان فضل على من أبطأ عنه للحق آخر هذه الأمة بأولها (1).
التعليق:
رحم الله الشافعي على هذا الكلام النفيس، الذي يفصل فيه القول لإثبات دخول الأعمال في مسمى الإيمان، وكذلك إثباته أن الإيمان قول وعمل، واستدلاله بدلالات الكتاب والسنة، وكذلك بإثباته لزيادة الإيمان ونقصانه، كما هو اعتقاد السلف رحمهم الله تعالى، وكذلك تفاضل المؤمنين في الدرجات، فهو بهذا على اعتقاد السلف رحمهم الله تعالى، بل هو من كبار أئمة السلف وشيوخهم فرضي الله عنه وأرضاه.
الخلاصة:
1 -
الإيمان عند الشافعي رحمه الله تعالى قول وعمل، ويزيد وينقص كما هو مقتضى النصوص في الباب.
2 -
المؤمنون يتفاضلون في الثواب والمنزلة على حسب استكمالهم لأمور الإيمان.
(1) مناقب الشافعي، 1/ 387 - 393.
عقيدته في الصحابة:
إن حرص أهل العلم على إدراج مسألة الصحابة في أصولهم إنما ظهرت بعد أن أظهر أهل البدع الباطلة القول بعدم إمامة أبي
بكر وعمر، والطعن في الصحابة، وانتقاصهم، والقدح فيهم فمن هنا حرص الأئمة على بيان عقيدتهم في شأن الصحابة، ومن هؤلاء الشافعي رحمه الله تعالى.
الصحابة لهم من الفضل ما ليس لأحد من بعدهم: (1) أورد البيهقي عن الشافعي أنه قال: " أثنى الله تبارك وتعالى على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في القرآن والتوراة والإنجيل، وسبق لهم على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفضل ما ليس لأحد بعدهم، فرحمهم الله، وهنأهم بما آتاهم من ذلك ببلوغ أعلى منازل الصديقين والشهداء والصالحين، فهم أدوا إلينا سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وشاهدوه والوحي ينزل عليه، فعلموا ما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم عاما وخاصا، وعزما وإرشادا وعرفوا سنته ما عرفنا وجهلنا، وهم فوقنا في كل علم واجتهاد، وورع وعقل، وأمر استدرك به علم واستنبط به، وآراؤهم لنا أحمد وأولى بنا من آرائنا عندنا لأنفسنا والله أعلم "(1).
التعليق على هذا النص المبارك: لقد بين لنا الإمام الشافعي رفيع منزلة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دينا وعلما وعملا واجتهادا وفهما للنصوص وأنهم يقدمون ويفضلون على جميع الأمة على الإطلاق ومن أهم ما يتضمنه هذا النص:
(1) مناقب الشافعي 1/ 442.
هو أن فهم الصحابة للنصوص واجتهادهم أولى من فهمنا واجتهادنا؛ ويستنبط من هذه القاعدة أنه لا بد لأهل السنة أن يعملوا بالسنة ولكن بفهم سلف أهل السنة وهم الصحابة، وهذه قاعدة عظيمة النفع في باب الاعتقاد وباب الفقه وأصوله، فإن كثيرا من أهل البدع انحرفوا عن السنة؛ لأنهم فهموا السنة بفهمهم هم لا بفهم الصحابة وسلف الأمة رضي الله عنهم، وبسبب الفهم الخاطئ وعدم الأخذ بفهم السلف وقعت الجهمية والمعتزلة والماتريدية والخوارج والمرجئة والصوفية والقبورية وغيرهم من الفرق المبتدعة في أنواع من العقائد الفاسدة التي تناقض التوحيد.
التفاضل بين الصحابة: (2) وأخرج البيهقي للربيع قال: " سمعت الشافعي يقول في التفضيل: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي "(1).
(3)
وأخرج البيهقي عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال: " سمعت الشافعي يقول: أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي، رضي
(1) مناقب الشافعي 1/ 432.
الله عنهم " (1) حكم الصلاة خلف الرافضي والقدري والمرجئ:
(4)
وأخرج الهروي عن يوسف بن يحيى البويطي قال: " سألت الشافعي أأصلي خلف الرافضي؟ قال: لا تصل خلف الرافضي ولا القدري ولا المرجئ، قلت: صفهم لنا، قال: من قال: الإيمان قول فهو مرجئ، ومن قال: إن أبا بكر وعمر ليسا بإمامين فهو رافضي، ومن جعل المشيئة إلى نفسه فهو قدري "(2).
التعليق: يرحم الله الشافعي على هذه النصوص القيمة، والتي يظهر فيها فضل الصحابة رضي الله عنهم، وسابقتهم في الإسلام، ومبلغ ورعهم وعمق علمهم وكذلك إثباته لإمامة الشيخين الجليلين، أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وكذلك تفضيله لأبي بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم جميعا، على ما هو مذهب أهل السنة رحمهم الله تعالى في هذا الباب، وكذلك يبدو من النص الأخير نهيه رحمه الله عن الصلاة خلف الرافضة الذين ينتقصون الشيخين أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، فرضي الله عنه وأرضاه.
(1) مناقب الشافعي 1/ 433.
(2)
ذم الكلام (ق- 213) وأورده الذهبي في السير 10/ 31.