الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كان هذا لا يتأتى إلا إذا كان الأول ساكنا والثاني متحركا والمثلان المتجاوران ليس بالضرورة أن يلتقيا على هذه الصورة، فكما أنهما قد يأتيان ساكنا ومتحركا، فقد يأتيان متحركا ومتحركا، وقد يأتيان متحركا وساكنا، ولذا انقسم الإدغام إلى ثلاثة أقسام. . . بانقسام صور المثلين:
القسم الأول: وهو الذي يكون فيه المثل الأول ساكنا والثاني متحركا
، فالإدغام هنا واجب، سواء كانا في كلمة من فعل نحو: قدر وقطع، أو اسم نحو: المد والشد، أم كان في كلمتين نحو: اسمع علما، ولم يذهب بكر، قال الله عز وجل:{وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ} (1).
يقول ابن يعيش: " يحصل الإدغام ضرورة سواء أريد أو لم يرد؛ إذ لا حاجز بينهما من حركة ولا غيرها، نحو لم يرح
(1) سورة المائدة الآية 61
حاتم، ولم أقل لك، فالإدغام حصل فيهما ضرورة؛ لأن الأول اتصل بالثاني من غير إرادة لذلك، ألا ترى أن إسكان الأول لم يكن للإدغام فوجد شرط الإدغام بحكم الاتفاق من غير قصد، وذلك بأن اعتمد اللسان عليهما اعتمادة واحدة؛ لأن المخرج واحد ولا فصل " (1).
وشروط هذا القسم أربعة: (2).
أحدها: أن لا يكون أول المثلين هاء سكت، فإن كان هاء سكت لم يدغم، لأن الوقف على الهاء منوي الثبوت (3)، أما القراءة بالإدغام (4) في قول الله عز وجل:{مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ} (5){هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ} (6) فهي ضعيفة من جهة القياس.
الثاني: أن لا يكون الأول همزة منفصلة عن الفاء -كما ذكرت سابقا- وذلك نحو: لم يقرأ أحد، فإن الإدغام في ذلك رديء.
الثالث: أن لا يكون الأول مدة في الآخر، فإن كان مدة في الآخر لم يدغم، وذلك كما في نحو قولهم ظلموا واقدا، واضربي ياسرا، ونحو قوله عز وجل:{قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} (7)
(1) شرح المفصل 10/ 121.
(2)
انظر: مجموعة الشافية 1/ 327 - 329. حاشية الصبان 4/ 345.
(3)
انظر: القطع والائتناف 311. المكتفي في الوقف والابتدا 254.
(4)
انظر: إتحاف فضلاء البشر 2/ 558، 559.
(5)
سورة الحاقة الآية 28
(6)
سورة الحاقة الآية 29
(7)
سورة البقرة الآية 246
{أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ} (1) وإنما لم يدغم مثل ذلك لئلا يذهب المد بسبب الإدغام (2).
أما إن كان الأول حرف لين أدغم " وذلك كما في نحو اخشي ياسرا، واخشوا واقدا، قال الله تعالى:{فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ} (3).
الرابع: أن لا يكون المثلان واوين أو ياءين، والواو الأولى أو الياء الأولى منهما مبدلة عن همزة؛ نحو: تووي [من: تؤوي] ورييا [من: رئيا]، إذا خففت همزتهما فلا يلزم الإدغام؛ لأن المثل الأول فيهما عارض، والقراءة بالإدغام في قوله تعالى:{وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا} (4) مأخوذة من الري؛ وهو: امتلاء الشباب.
وهذا القسم من الإدغام لم يشر إليه ابن مالك في ألفيته،
(1) سورة البلد الآية 14
(2)
انظر: الكتاب 2/ 409 - 411.
(3)
سورة التغابن الآية 6
(4)
سورة مريم الآية 74