المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الأول: الحلف بملة غير الإسلام - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٨١

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌الفتاوى

- ‌المستحب أن يصلح أقرباء الميت وجيرانه طعاما لأهله

- ‌زيارة القبور

- ‌تحريم زيارة النساء للقبور

- ‌قوله: إلا لنساء

- ‌قوله: غير قبره صلى الله عليه وسلم وقبري صاحبيه

- ‌حكم وقوف النساء عند دخولهن المسجدعلى قبر النبي وسلامهن على قبر اجتزن به

- ‌بناء مظلة عند المقبرة للمعزين

- ‌من فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله

- ‌ تكميل زكاة الحلي إذا كان المخرج أقل من الواجب

- ‌لا يجب إخراج زكاة الحلي منها

- ‌زكاة الحلي على مالكها

- ‌حكم زكاة الذهب بعد بيعه

- ‌كيفية زكاة الذهب المرصع بفصوص وأحجار كريمة

- ‌من فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ

- ‌من ينام عن الصلاة ثم يصليها بعد خروج وقتها

- ‌كان الزوجان لا يصليان ثم التزما، فهل يجددان عقد الزواج

- ‌زوجها لا يصلي رغم نصيحتها له، هل تستمر معه

- ‌من مات وعليه صلاة

- ‌من ترك صلاة هل تقبل صلواته الأخرى

- ‌ غيبة الذين لا يؤدون الصلاة إطلاقا والاستهزاء بهم

- ‌هل تارك الصلاة مخلد في النار

- ‌حكم بول الغنم وروثها

- ‌ حكم الصلاة في ثوب فيه بقع من جرح دم

- ‌طهارة المكان

- ‌من فتاوىاللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

- ‌ هدم المسجد وإعادة بنائه

- ‌ الصلاة في مسجد مبني من دورين

- ‌البحوث

- ‌معرفة التوحيد والعلم به:

- ‌المبحث الثاني: العمل بالتوحيد:

- ‌المبحث الثالث: الاجتماع على التوحيد:

- ‌المبحث الرابع: الدعوة إلى التوحيد:

- ‌الأحكام الفقهية المتعلقة بالأيمان الالتزامية

- ‌مقدمة:

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول: في المتفق عليه من الأيمان التي يحلف بها الناس

- ‌المطلب الأول: الحلف بالله بأسمائه وصفاته

- ‌المطلب الثاني: في الحلف بغير الله:

- ‌المبحث الثاني: الأيمان المختلف فيها وهي الأيمان الالتزامية:

- ‌المطلب الأول: الحلف بملة غير الإسلام

- ‌المطلب الثاني: الحلف بالتحريم أو بالحرام:

- ‌الفرع الأول: الحلف على تحريم غير الزوجة:

- ‌الفرع الثاني: الحلف على تحريم الزوجة:

- ‌المطلب الثالث: الحلف بالطلاق والعتاق والنذر والظهار والإيجاب، هل يأخذ حكم اليمين أم لا

- ‌المطلب الثاني: الحلف بالتحريم أو بالحرام:

- ‌الفرع الأول: الحلف على تحريم غير الزوجة:

- ‌الفرع الثاني: الحلف على تحريم الزوجة:

- ‌المطلب الثالث: الحلف بالطلاق والعتاق والنذر والظهار والإيجاب، هل يأخذ حكم اليمين أم لا

- ‌الخاتمة وتتضمن أهم النتائج:

- ‌موقف الإسلام من الاختلاط(شبهات وردود)

- ‌مقدمة:

- ‌تمهيد:

- ‌مناقشة الشبهات في قضية الاختلاط:

- ‌ فقه الصحابة رضوان الله تعالى عليهم الأدلة الشرعية الدالة على تحريم الاختلاط وامتثلوا لها

- ‌ الزعم بأنه لم يمنع الاختلاط إلا في المجتمعات الإسلامية الانفصالية التي سادت في عصور الانحطاط

- ‌ القول بأن تعويل الإسلام في تحقيق أهدافه وقيمه في تطهير العلاقات بين الجنسين من التحلل والفساد إنما يقوم فقط على التوعية والتربية العقائديتين

- ‌ الأصل في قرار النساء في البيوت أنه عبادة ووقاية

- ‌الخاتمة:

- ‌حكم الإسقاط من الدين المؤجل عوضا عن التعجيل، والمعروفة فقها بـ «ضع وتعجل»

- ‌المسألة الأولى:المراد بالمسألة وأهميتها:

- ‌المسألة الثانية: علاقة «ضع وتعجل بالصلح على الإبراء»:

- ‌المسألة الثالثة: الخلاف في المسألة مع الاستدلالات، ويتضمن أربعة فروع:

- ‌الفرع الأول: تحرير محل النزاع في المسألة:

- ‌المسألة الرابعة: أثر الاشتراط على المسألة:

- ‌الخاتمة:

- ‌الإمام العلامة الشيخ عبد العزيز بن بازوأصول منهجه في الفتوى

- ‌المقدمة:

- ‌التمهيد:

- ‌أصول منهج سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز في الفتوى:

- ‌المبحث الثاني: العناية بصحة الحديث سندا ومتنا:

- ‌المبحث الثالث: الاعتماد على آثار الصحابة وفعل السلف الصالح:

- ‌المبحث الرابع: الجمع بين الرواية والدراية:

- ‌المبحث الخامس: الاستدلال بالقواعد الأصولية ورعاية مقاصد الشريعة:

- ‌المبحث السادس: مراعاة العلل الشرعية للأحكام وتغير أحوال الزمان والمكان:

- ‌المبحث السابع: اعتبار القواعد الشرعية في التيسير ورفع الحرج دون تساهل:

- ‌المبحث الثامن: الاستشارة في الفتوى والاستفادة من أهل الخبرة:

- ‌المبحث التاسع: الأخذ بالاجتهاد الجماعي والدعوة إليه:

- ‌المبحث العاشر: العالمية والاجتهاد في النوازل والمستجدات:

- ‌المبحث الحادي عشر: التركيز على مسائل الاعتقاد:

- ‌المبحث الثاني عشر: الاهتمام بالقضايا الاجتماعية والأخلاقية:

- ‌المبحث الثالث عشر: مزج الفتوى بالدعوة والتربية:

- ‌المبحث الرابع عشر: الحرص على جمع الكلمة ووحدة الصف:

- ‌المبحث الخامس عشر: الدقة والإلمام بحيثيات المسألة والتفصيل لها

- ‌المبحث السادس عشر: الوضوح والبعد عن الإغراق في الاختلافات:

- ‌المبحث السابع عشر: الورع والتوقف والأخذ بالأحوط في المشتبهات:

- ‌المبحث الثامن عشر: الثبات في الفتوى عند وضوح الدليل والرد على المخالف:

- ‌المبحث التاسع عشر: الأدب مع العلماء المخالفين وإحسان الظن بهم:

- ‌المبحث العشرون: عدم الإنكار على المخالف في مسائل الاجتهاد التي لا نص فيها:

- ‌الخاتمة

- ‌إبطال تلبيسات الرفاعي

- ‌بيان في أن اجتماع الأمةيكون بالتمسك بالكتاب والسنة

- ‌بيان حول مشاهدة قنوات السحر والاتصالبها واستشارتها في العلاج وحل المشكلات

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌المطلب الأول: الحلف بملة غير الإسلام

ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت (1)».

فظاهر الحديث يدل على تخصيص الحلف بالله خاصة (2).

2 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من حلف فقال في حلفه باللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله

(3)» الحديث.

فيكون قوله لا إله إلا الله واستغفاره لله كفارة لذلك (4).

3 -

وعن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من حلف بملة غير الإسلام فهو كما قال (5)» .

(1) رواه البخاري في صحيحه «البخاري مع الفتح» 11/ 530، باب لا تحلفوا بآبائكم رقم الحديث 6646.

(2)

فتح الباري 11/ 536.

(3)

رواه البخاري في صحيحه «البخاري مع الفتح» 11/ 536، باب لا يحلف باللات والعزى ولا بالطواغيت رقم الحديث 6650.

(4)

فتح الباري 11/ 536.

(5)

رواه البخاري في صحيحه «البخاري مع الفتح» 11/ 537، باب من حلف بملة سوى ملة الإسلام رقم 6652.

ص: 101

‌المبحث الثاني: الأيمان المختلف فيها وهي الأيمان الالتزامية:

(1).

‌المطلب الأول: الحلف بملة غير الإسلام

(1) والمقصود بها أن يلتزم شيئا هو لا يريده من أجل منع نفسه من الفعل أو حث نفسه على الفعل.

ص: 101

إذا قال هو يهودي أو نصراني أو مجوسي إن فعل كذا وكذا، أو هو بريء من الإسلام، أو من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو من القرآن إن فعل، أو قال هو يعبدك أو يعبد الصليب أو يعبد غير الله إن فعل أو نحو هذا، اختلف العلماء في ذلك على قولين:

القول الأول: أنها يمين وعليه الكفارة إذا حنث، روي ذلك عن زيد بن ثابت وعطاء وطاوس والحسن والشعبي والثوري (1)، وبه قال أبو حنيفة (2) وأحمد في رواية عنه (3) وهي المذهب (4)، واختارها شيخ الإسلام ابن تيمية وقال:«بأنه قول أكثر أهل العلم» (5).

القول الثاني: أنها لا تعتبر يمينا فلا تجب فيها كفارة بالحنث، وهو قول مالك (6) والشافعي (7) وأحمد في رواية عنه (8).

(1) المغني 13/ 464، والحاوي 15/ 263.

(2)

الهداية 2/ 74، فتح القدير 5/ 77، وبدائع الصنائع 3/ 8.

(3)

المغني 13/ 464، وشرح الزركشي 7/ 86، والفروع 6/ 341.

(4)

الإنصاف 11/ 31.

(5)

مجموع الفتاوى 35/ 274.

(6)

الإشراف لعبد الوهاب 2/ 880، والتفريع 1/ 382، والذخيرة 4/ 15.

(7)

نهاية المحتاج 8/ 168، والحاوي 15/ 263، وكفاية الأخيار 2/ 350.

(8)

المغني 13/ 464، وشرح الزركشي 7/ 86، والإنصاف 11/ 31.

ص: 102

أدلة القول الأول:

1 -

استدلوا بقول الله تعالى: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} (1).

2 -

وبما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فأت الذي هو خير وكفر عن يمينك (2)» .

وجه الدلالة من الآية والحديث عدم التفريق بين يمين ويمين (3).

وكذلك يستدل بالأدلة الدالة على مشروعية اليمين من الكتاب والسنة فإنها تعم كل حلف على يمين كائنا ما كان (4).

ونوقش بأنها محمولة على اليمين بالله لأنها اليمين المشهورة في عرف الشرع والاستعمال (5).

3 -

بما روى الزهري عن خارجة بن زيد عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أنه سئل عن الرجل يقول هو يهودي أو نصراني أو بريء من الإسلام في اليمين يحلف بها فيحنث قال: عليه كفارة يمين (6)» .

(1) سورة المائدة الآية 89

(2)

تقدم تخريجه ص98.

(3)

انظر: الحاوي 15/ 263.

(4)

مجموع الفتاوى 35/ 278، 279.

(5)

الحاوي 15/ 264.

(6)

رواه البيهقي في سننه 10/ 30.

ص: 103

ونوقش بما قاله البيهقي: بأنه لا أصل له من حديث الزهري ولا غيره تفرد به سليمان بن أبي داود الحراني وهو منكر الحديث ضعفه الأئمة وتركوه (1).

4 -

القياس على تحريم المباح فإنه يمين بالنص، وذلك أنه صلى الله عليه وسلم حرم مارية على نفسه فأنزل الله تعالى:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} (2) ثم قال: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} (3)؛ ووجه الإلحاق أنه لما جعل الشرط وهو فعل كذا علما على كفره ومعتقده حرمة كفره فقد اعتقده أي الشرط واجب الامتناع، فكأنه قال: حرمت على نفسي فعل كذا كدخول الدار، ولو قال دخول الدار مثلا علي حرام كان يمينا فكان تعليق الكفر ونحوه على فعل مباح يمينا (4).

5 -

ولأن البراءة من هذه الأشياء توجب الكفر بالله فكان الحلف يمينا كالحلف بالله تعالى (5).

6 -

أن لزوم اليمين بالله لتوكيد حرمتها، وهذا المعنى موجود فيما عقده من الكفر بالله، فوجب أن يستويا في اللزوم والكفارة (6).

(1) السنن 10/ 30.

(2)

سورة التحريم الآية 1

(3)

سورة التحريم الآية 2

(4)

فتح القدير 5/ 77، وانظر الهداية 2/ 75، والبناية 5/ 181.

(5)

المغني 13/ 465، وانظر مجموع الفتاوى 35/ 275.

(6)

الحاوي 15/ 263، وانظر مجموع الفتاوى 35/ 276 وما بعدها فإنه ذكر هذا المعنى.

ص: 104

أدلة القول الثاني:

استدلوا:

1 -

بقوله تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} (1)، فجعلها الله غاية الأيمان وأغلظها فلم تتغلظ اليمين بغير الله (2).

2 -

ولأنها يمين تعرت من اسم الله تعالى وصفاته فلم يلزم بالحنث فيها كفارة أصله قوله والنبي والكعبة (3).

ويمكن مناقشة الدليلين المتقدمين بما يلي:

أن كون الحلف بالله يمينا توجب الكفارة لا يلزم منه أن ما عدا ذلك ليس يمينا للكفارة عند الحنث، ولذلك اتفقوا على تسميتها يمينا.

وأما القياس على الحلف بالنبي والكعبة فهو قياس مع الفارق فهو هنا بمخلوق، بخلاف الحلف بملة سوى الإسلام فهو من باب الأيمان الالتزامية وهي داخلة في معنى اليمين كما تقدم في أدلة القول الأول.

(1) سورة الأنعام الآية 109

(2)

الحاوي 15/ 263.

(3)

الإشراف لعبد الوهاب 2/ 880.

ص: 105

3 -

أنه لم يرد في هذه اليمين نص، ولا هي في قياس المنصوص، فإن الكفارة إنما وجبت في الحلف باسم الله تعظيما لاسمه وإظهارا لشرفه وعظمته، ولا تتحقق التسوية (1).

ويمكن مناقشة هذا الاستدلال: بأن الشارع جعل تحريم الحلال يمينا - كما سيأتي - وهو ليس حلفا باسم الله تعالى - فدل على أن معنى اليمين لا يقتصر فيه على ما كان حلفا بالله باسمه أو صفاته.

4 -

استدلوا بالأدلة التي جاء فيها النهي عن الحلف بغير الله على أنها تدل على عدم لزوم الكفارة في ذلك، فدل على أن هذه اليمين لا توجب كفارة (2).

ويمكن مناقشة هذا الاستدلال بأنه يوجد فرق بين الأيمان المختلف في إيجاب الكفارة فيها وهي الحلف بالطلاق والعتاق ونذر اللجاج والغضب، والحلف بملة سوى الإسلام، وبين الأيمان التي اتفق على عدم وجوب الكفارة فيها وهي الحلف بالمخلوقات كما سيأتي تفصيله.

(1) المغني 13/ 465.

(2)

انظر: الحاوي 15/ 263.

ص: 106

سبب الخلاف:

يقول ابن رشد: «وسبب اختلافهم هو اختلافهم في هل يجوز اليمين بكل ما له حرمة أم ليس يجوز إلا بالله فقط، ثم إن وقعت فهل تنعقد أم لا؟ فمن رأى أن الأيمان المنعقدة أعني التي هي بصيغ القسم إنما هي الأيمان الواقعة بالله عز وجل وبأسمائه قال لا كفارة فيها إذ ليست بيمين، ومن رأى أن الأيمان تنعقد بكل ما عظم الشرع حرمته قال فيها الكفارة؛ لأن الحلف بالتعظيم كالحلف بترك التعظيم، وذلك أنه كما يجب التعظيم يجب أن لا يترك التعظيم، فكما أن من حلف بوجوب حق الله عليه لزمه، كذلك من حلف بترك وجوبه لزمه» اهـ (1).

والذي يظهر لي أن سبب الخلاف هو هل النظر إلى الصيغة - أعني صيغة القسم - أم إلى المعنى؟ فمن نظر إلى الصيغة اقتصر على الحلف بالله بأسمائه وصفاته، ومن نظر إلى المعنى عداه إلى ما يدل على المنع والحض مما ليس هو حلفا بالمخلوقين، ولعل هذا هو مقصود ابن رشد لاتفاقهم على أن الحلف بالمخلوقين لا يوجب كفارة، والمتنازع فيه هنا ليس حلفا بمخلوق ولكن هل يتضمن معنى اليمين أو لا يتضمنها، والله أعلم.

الراجح:

الذي يظهر لي رجحانه والله أعلم أن الحلف بملة سوى الإسلام يمين لأنه متضمن لمعنى اليمين.

(1) بداية المجتهد 6/ 115.

ص: 107