الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فعلينا جميعا – معشر المسلمين – أن نتقي الله سبحانه، وأن نسير على طريقة السلف الصالح قبلنا في التمسك بالحق والدعوة إليه والتناصح فيما بيننا، والحرص على معرفة الحق بدليله، مع بقاء المحبة والأخوة الإيمانية، وعدم التقاطه والتهاجر من أجل مسألة فرعية قد يخفى فيها الدليل على بعضنا فيحمله اجتهاده على مخالفة أخيه في الحكم.
فنسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يزيدنا وسائر المسلمين هداية وتوفيقا، وأن يمنحنا جميعا الفقه في دينه، والثبات عليه ونصرته والدعوة إليه، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه ومن اهتدى بهداه وعظم سنته إلى يوم الدين.
المبحث الخامس عشر: الدقة والإلمام بحيثيات المسألة والتفصيل لها
.
كان سماحة الشيخ – رحمه الله – يتحرى ألفاظ الفتيا؛ لئلا تفهم على وجه خطأ، وكان – رحمه الله – يذكر الأمور الشرعية التي لم يتطرق إليها المستفتي في سؤاله حتى يكون المستفتي على إلمام بحيثيات المسألة.
(أ) سئل عن مصافحة النصراني أو اليهودي هل تبطل الوضوء؟ (1)
فأجاب – رحمه الله: إذا صافح المسلم النصراني، أو اليهودي، أو غيرهما من الكفرة فالوضوء لا يبطل بذلك، لكنه ليس له أن يصافحهم، وليس له أن يبدأهم بالسلام؛ لقول النبي – صلى الله عليه وسلم:
(1)«مجموع فتاوى ومقالات متنوعة» (10/ 154).
«لا تبدءوا اليهود ولا النصارى بالسلام (1)» ، والمصافحة أشد من البدء بالسلام، فلا يبدؤهم ولا يصافحهم إلا إذا بدؤوه هم بالسلام فصافحوه، فلا بأس بالمقابلة؛ لأنه لم يبدأهم، وإنما هم الذين بدءوا.
أما دعوتهم للوليمة وتناول الطعام فهذا فيه تفصيل:
فإن كان دعاهم لأجل الترغيب في الإسلام ونصيحتهم وتوجيههم للإسلام فهذا لا بأس به، وهكذا إن كانوا ضيوفا، أما أن يدعوهم إلى الطعام من أجل الصداقة والمؤانسة فلا ينبغي له ذلك؛ لأن بيننا وبينهم عداوة وبغضاء، كما قال – تعالى:{قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} (2).
(ب) وسئل عمن لم يجد وسيلة لتسخين الماء لبرودة الجو فتمسح دون غسل الرجلين (3):
فأجاب – رحمه الله:
(1) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام وكيف يرد عليهم، برقم (2167).
(2)
سورة الممتحنة الآية 4
(3)
«مجموع فتاوى ومقالات متنوعة» (10/ 199).
هذا فيه تفصيل: إن كنت تستطيع أن تجد ماء دافئا أو تستطيع تسخين البارد، أو الشراء من جيرانك، فالواجب عليك أن تعمل ذلك لأن الله يقول:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1).
فعليك أن تعمل ما تستطيع من الشراء أو التسخين أو غيرهما من الطرق التي تمكنك من الوضوء الشرعي بالماء، فإن عجزت وكان البرد شديدا، وفيه خطر عليك، ولا حيلة لك بتسخينه ولا شراء شيء من الماء الساخن ممن حولك فأنت معذور، ويكفيك التيمم؛ لقول الله تعالى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2)، وقوله سبحانه:{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} (3). والعاجز عن استعمال الماء حكمه حكم من لم يجد الماء.
(ج) وسئل عمن يخرج منها قبل الدورة الشهرية مادة بنية اللون وتستمر خمسة أيام، هل تصوم وتصلي أثناءها؟ (4)
فأجاب – رحمه الله: إذا كانت الأيام الخمسة البنية منفصلة عن الدم فليست من الحيض، وعليك أن تصلي فيها وتصومي وتتوضئي لكل صلاة؛ لأنها في حكم البول، وليس لها حكم الحيض، فهي لا تمنع الصلاة ولا الصيام، ولكنها توجب الوضوء كل وقت حتى تنقطع كدم الاستحاضة.
(1) سورة التغابن الآية 16
(2)
سورة التغابن الآية 16
(3)
سورة المائدة الآية 6
(4)
المصدر السابق (10/ 207).