الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما إذا كانت هذه الخمسة متصلة بالحيض فهي من جملة الحيض، وتحتسب من العادة، وعليك ألا تصلي فيها ولا تصومي.
وهكذا لو جاءت هذه الكدرة أو الصفرة بعد الطهر من الحيض فإنها لا تعتبر حيضا، بل حكمها حكم الاستحاضة، وعليك أن تستنجي منها كل وقت، وتتوضئي وتصلي وتصومي، ولا تحتسب حيضا، وتحلين لزوجك؛ لقول أم عطية – رضي الله عنها:«كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئا (1)» أخرجه البخاري في صحيحه، وأبو داود وهذا لفظه، وأم عطية من الصحابيات الفاضلات اللاتي روين عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أحاديث كثيرة – رضي الله عنها والله ولي التوفيق.
(1) أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الحيض، باب الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض، برقم (326)، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب في المرأة ترى الكدرة والصفرة بعد الطهر، برقم (307)، وهذا لفظه.
المبحث السادس عشر: الوضوح والبعد عن الإغراق في الاختلافات:
تتسم فتاوى سماحة الشيخ بالوضوح فلا تجد فيها ألفاظا مجملة، تجعل السائل يقع في حيرة من فهمها، فكثيرا ما كان يكتفي في فتاويه بالحكم
وذكر الدليل، وعدم ذكر الخلاف في المسألة التي لا يكون وراءها طائل أو فائدة بالنسبة للمستفتي، وإليك بعض الأمثلة على ذلك:
(أ) سئل عن جواز أن يبول الإنسان واقفا (1):
فأجاب – رحمه الله: لا حرج في البول قائما، ولا سيما عند الحاجة إليه؛ إذا كان المكان مستورا لا يرى فيه أحد عورة البائل، ولا يناله شيء من رشاش البول؛ لما ثبت عن حذيفة – رضي الله عنه:«أن النبي – صلى الله عليه وسلم – أتى سباطة قوم فبال قائما (2)» .
ولكن الأفضل: البول عن جلوس؛ لأن هذا هو الغالب من فعل النبي – صلى الله عليه وسلم –، ولأنه أستر للعورة، وأبعد عن الإصابة بشيء من رشاش البول.
(ب) وسئل عن حكم الوضوء من أكل لحم الإبل (3):
فأجاب – رحمه الله: الصواب قول من قال: إن أكل لحم الإبل ينقض الوضوء؛ لأنه ثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: «توضؤوا من لحم الإبل، ولا توضؤوا من لحوم الغنم (4)» ، وسئل
(1)«مجموع فتاوى ومقالات متنوعة» (10/ 35).
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب البول قائما وقاعدا، برقم (224)، ومسلم في كتاب الطهارة، باب المسح على الخفين، برقم (273).
(3)
«مجموع فتاوى ومقالات متنوعة» (10/ 156).
(4)
أخرجه أحمد في المسند (4/ 351) من حديث أسيد بن حضير – رضي الله عنه –، برقم (19306)، وأبو داود بنحوه في كتاب الطهارة، باب الوضوء من لحوم الإبل، برقم (184) من حديث البراء بن عازب – رضي الله عنه.
- عليه الصلاة والسلام: «أنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: إن شئت، ثم سئل: أنتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: نعم (1)» .
(ج) وسئل عن طريقة التيمم الصحيحة (2):
فأجاب – رحمه الله: التيمم الصحيح مثل ما قال الله – عز وجل: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} (3)، المشروع: ضربة واحدة للوجه والكفين.
وصفة ذلك: أنه يضرب التراب بيديه ضربة واحدة ثم يمسح بهما وجهه وكفيه، كما في الصحيحين، أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال لعمار بن ياسر – رضي الله عنهما:«إنما يكفيك أن تقول بيديك: هكذا، ثم ضرب بيديه الأرض، ومسح بهما وجهه وكفيه (4)» .
ويشترط أن يكون التراب طاهرا، ولا يشرع مسح الذراعين، بل يكفي مسح الوجه والكفين؛ للحديث المذكور.
(1) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه في كتاب الحيض، باب الوضوء من لحوم الإبل، برقم (360) من حديث جابر بن سمرة – رضي الله عنه.
(2)
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (10/ 189).
(3)
سورة المائدة الآية 6
(4)
أخرجه البخاري في كتاب التيمم، باب التيمم ضربة، برقم (347)، ومسلم في كتاب الحيض، باب التيمم، برقم (368) واللفظ له.