الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والعمل على توجيهها بما يناسب مبادئ الإسلام وقيمه العليا، فالحديث عن منع الاختلاط أمام اتجاه هذه التطورات لا يدل على وعي كاف باتجاهاتها) (1).
(1) المرجع السابق، ص110.
مناقشة الشبهات في قضية الاختلاط:
إذا أمعنا النظر في الأفكار والطروحات التي عرضنا لها آنفا يتضح لنا جليا أن صاحبها يرى أنه لا بد من خروج المرأة المسلمة من بيتها ومخالطتها الرجال الأجانب للمشاركة في العمل في المؤسسات الاقتصادية والسياسية والصحية والتعليمية والثقافية بهدف تبليغ الدعوة الإسلامية، وذلك لما يلي:
1 -
لأن الإسلام لم يمنع اختلاط الجنسين، ولم يمنعه النبي صلى الله عليه وسلم ولا صحابته الكرام، فقد كانت مجتمعاتهم مختلطة في المساجد والأسواق ومجالس العلم وساحات الجهاد ومجالس التشاور في أمور المسلمين، ولم يمنع الاختلاط إلا في المجتمعات الإسلامية الانفصالية التي سادت في عصور الانحطاط.
2 -
ولعدم صحة الاستدلال بقوله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} (1) على منع الاختلاط، وذلك لاختلاف العلماء في معنى الآية، فذهب بعضهم إلى أنها من (الوقار)، وذهب البعض الآخر إلى أنها من (القرار)،
(1) سورة الأحزاب الآية 33
ولاختلافهم أيضا في تعيين المخاطب بها: هل هن نساء النبي صلى الله عليه وسلم كما هو سياق الآية أم عامة النساء.
3 -
ولأن الإسلام لا يصل إلى أهدافه في تطهير العلاقات بين الجنسين من التحلل والفساد عن طريق تكثيف الحجب وتحويل البيوت إلى سجون للنساء والحكم عليهن جميعا بما حكم به اللاتي أتين الفاحشة. بل إن تعويل الإسلام في تحقيق أهدافه وقيمه تلك إنما يقوم أساسا على التوعية والتربية العقائديتين وإشاعة أجواء الطهر والعفة والتعاون على الخير في العلاقات البشرية.
4 -
ولأن النصوص الشرعية لم تحدد عملا معينا للمرأة، وليس في الإسلام ما يوجب عليها القيام برعايتها لبيتها وزوجها وأطفالها.
5 -
ولأن خروج المرأة من بيتها ومخالطتها الرجال الأجانب في العمل هو ما تمليه ضرورات التطور وما يستلزمه انتقال المجتمعات الإسلامية من الوضع الريفي إلى الوضع المدني، فلا بد من فهم مظاهر التطور هذه واستيعابها وفق مبادئ الإسلام؛ بعيدا عن روح الخوف والحذر وسد الذرائع، تلك الروح التي سادت في عصور الانحطاط وكبلت المجتمع الإسلامي.
وأقول – مستعينا بالله – هذه الدعوى فيها العديد من المغالطات التي لبس فيها الحق بالباطل، وأرد عليها تباعا من النقاط التالية:
أولا: لقد دل الكتاب والسنة على منع الاختلاط بين الجنسين
وتحريمه وتحريم جميع الوسائل المؤدية إليه، ودليل ذلك في الكتاب:
1 -
قوله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} (1){وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا} (2)، حيث أمر سبحانه أمهات المؤمنين – وجميع المسلمات والمؤمنات داخلات في ذلك – بالقرار في البيوت لما في ذلك من صيانتهن وإبعادهن عن وسائل الفساد، لأن الخروج لغير حاجة قد يفضي إلى شرور عدة كالتبرج والخلوة بالأجنبي، ثم أمرهن بالأعمال الصالحة التي تنهاهن عن الفحشاء والمنكر، وذلك بإقامتهن الصلاة وإيتائهن الزكاة وطاعتهن لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ثم وجههن إلى ما يعود عليهن بالنفع في الدنيا والآخرة، وذلك بأن يكن على اتصال دائم بالقرآن الكريم وبالسنة النبوية المطهرة اللذين فيهما ما يجلو صدأ القلوب ويطهرها من الأرجاس والأنجاس ويرشد إلى الحق والصواب.
وقد سمى الله مكث المرأة في بيتها قرارا، وهذا المعنى من أسمى المعاني الرفيعة، ففيه استقرار لنفسها وراحة لقلبها وانشراح لصدرها، وخروجها عن هذا القرار يفضي إلى اضطراب نفسها وقلق قلبها وضيق صدرها وتعريضها لما لا تحمد عقباه.
(1) سورة الأحزاب الآية 33
(2)
سورة الأحزاب الآية 34
2 -
وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (1)، حيث أمر عز وجل نبيه عليه الصلاة والسلام – وهو المبلغ عن ربه – أن يقول لأزواجه وبناته وعامة نساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن، وذلك يتضمن ستر باقي أجسامهن بالجلابيب إذا أردن الخروج لحاجة لئلا تحصل لهن الأذية من مرضى القلوب.
فإذا كان الأمر بهذه المثابة فما بالك بنزولها إلى ميدان الرجال واختلاطها معهم وإبداء حاجتها إليهم بحكم الوظيفة، والتنازل عن كثير من أنوثتها لتنزل إلى مستواهم، وذهاب كثير من حيائها ليحصل بذلك الانسجام بين الجنسين المختلفين معنى وصورة.
3 -
وقوله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} (2){وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} (3)، حيث يأمر سبحانه نبيه عليه الصلاة والسلام أن يبلغ المؤمنين والمؤمنات أن يلتزموا بغض البصر وحفظ الفرج عن الزنى، ثم أوضح سبحانه أن هذا الأمر أزكى لهم.
(1) سورة الأحزاب الآية 59
(2)
سورة النور الآية 30
(3)
سورة النور الآية 31
ومعلوم أن حفظ الفرج من الفاحشة إنما يكون باجتناب وسائلها، ولا شك أن اختلاط النساء بالرجال؛ والرجال بالنساء في ميادين العمل وغيرها وإطلاق البصر – الذي هو من لوازم هذا الاختلاط – من أعظم وسائل وقوع الفاحشة، وهذان الأمران المطلوبان من المؤمن يستحيل تحققهما منه وهو يعمل مع المرأة الأجنبية كزميلة أو مشاركة له في العمل في مختلف مجالاته وميادينه. فاقتحامها هذا الميدان أو اقتحامه الميدان معها لا شك أنه من الأمور التي يستحيل معها غض البصر وإحصان الفرج والحصول على زكاة النفس وطهارتها.
وهكذا أمر الله المؤمنات بغض البصر وحفظ الفرج وعدم إبداء الزينة إلا ما ظهر منها وأمرهن الله بإسدال الخمار على الجيوب المتضمن ستر رؤوسهن ووجوههن، لأن الجيب محل الرأس والوجه، فكيف يحصل غض البصر وحفظ الفرج وعدم إبداء الزينة عند نزول المرأة إلى ميدان الرجال واختلاطها معهم في الأعمال، والاختلاط كفيل بالوقوع في هذه المحاذير، وكيف يحصل للمرأة المسلمة أن تغض بصرها وهي تسير مع الرجل الأجنبي جنبا إلى جنب بحجة أنها تشاركه في الأعمال أو تساويه في جميع ما يقوم به؟!!.
والإسلام يحرم جميع الوسائل والذرائع الموصلة إلى الأمور المحرمة، ولذلك نجده حرم على النساء خضوعهن بالقول للرجال لكونه يفضي إلى الطمع فيهن كما في قوله تعالى:{يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} (1)،
(1) سورة الأحزاب الآية 32
يعني مرض الشهوة، فكيف يمكن التحفظ من ذلك مع الاختلاط؟!!.
ومن البدهي أن المرأة إذا نزلت إلى ميدان الرجال لا بد أن تكملهم وأن يكلموها، ولا بد أن ترقق لهم الكلام وأن يرققوا لها الكلام، والشيطان من وراء ذلك يزين ويحسن إلى الفاحشة حتى يقعوا فريسة له، والله حكيم عليم حين أمر المرأة بالحجاب والبعد عن الاختلاط، وما ذلك إلا لأن الناس فيهم البر والفاجر والطاهر والعاهر، فالحجاب واجتناب الاختلاط يمنع بإذن الله من الفتنة ويحجز دواعيها وتحصل به طهارة قلوب الرجال والنساء والبعد عن مظان التهمة (1).
4 -
وقوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} (2) الآية، فهذا يدل على أن سؤال أي شيء من النساء الأجنبيات إنما يكون من خلف ستر يستر الرجال عن النساء والنساء عن الرجال. وخير حجاب للمرأة بعد حجاب وجهها وجسمها باللباس هو بيتها الذي يحجبها عن الرجال الأجانب؛ بحيث لا يرون شيئا من لباسها ولا زينتها الظاهرة ولا الباطنة.
(1) انظر: سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز – الرسائل والفتاوى النسائية ص20 - 22.
(2)
سورة الأحزاب الآية 53
وأما دليل ذلك من السنة فهو ما يلي:
1 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها (1)» ، حيث يرشد هنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى ضرورة إبعاد الرجال عن النساء في الصلاة التي أقرب ما يكون فيها المسلم إلى ربه، حيث تضعف شهوات النفس وتخف وساوس الشيطان وإغواءه ويكون المسلم فيها والمسلمة أبعد عن مواضع الفتنة والريبة، فكيف في غير الصلاة؟!!، فهذا يدل على ضرورة منع الاختلاط بين الجنسين في ميادين العمل وغيرها.
2 -
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان، وأقرب ما تكون بروحة ربها وهي في قعر بيتها (2)» ، قال الطيبي: (والمعنى المتبادر أنها ما دامت في خدرها لم يطمع الشيطان فيها
(1) رواه الإمام مسلم في صحيحه في كتاب (الصلاة)، باب (تسوية الصفوف وإقامتها) ج4 ص159.
(2)
رواه الترمذي في سننه في (أبواب الرضاع)، الباب رقم (18) برقم (1183)، وقال:(حديث حسن صحيح غريب) ج2 ص319. وقال كل من الهيثمي والمنذري: رواه الطبراني في الأوسط من حديث عبد الله بن عمر، ورجاله رجال الصحيح. انظر: مجمع الزوائد ج4 ص314، والترغيب والترهيب ج1 ص304.
وفي إغواء الناس، فإذا خرجت طمع وأطمع، لأنها حبائله وأعظم فخوخه) (1)، وقال المنذري: فيستشرفها الشيطان (أي ينتصب ويرفع بصره إليها ويهم بها، لأنها قد تعاطت سببا من أسباب تسلطه عليها، وهو خروجها من بيتها)(2).
3 -
وما روي عن أم حميد الساعدية رضي الله عنها أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: «يا رسول الله إني أحب الصلاة معك، فقال: (قد علمت أنك تحبين الصلاة معي، وصلاتك في بيتك خير لك من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير لك من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير لك من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير لك من صلاتك في مسجدي (3)» .
فهذه الصحابية امرأة صالحة تقية ذات خلق ودين، ومع ذلك بين لها صلى الله عليه وسلم الحق والخير في أي الأماكن تكون صلاتها فيه أفضل وأبقى، وذكر لها على الترتيب الأماكن التي يتميز بعضها عن
(1) المناوي – فيض القدير ج6 ص266.
(2)
الترغيب والترهيب ج1 ص306.
(3)
رواه ابن خزيمة في صحيحه في كتاب (الإمامة في الصلاة)، الباب (177)، الحديث رقم (1689) ج3 ص95. كما رواه ابن حبان في صحيحه برقم (2214) ج3 ص318، وعزاه الحافظ ابن حجر في (الفتح) إلى الإمام أحمد والطبراني، وقال: (وإسناد أحمد، حسن، وله شاهد من حديث أبي مسعود عند أبي داود) ج2 ص350.
بعض في الخير، وهي: بيتها، والمراد به هنا: المكان الذي تكون فيه المرأة أكثر سترا وبعدا عن أعين الناس، وهو مكان مبيتها مع زوجها الذي لا يراها فيه أحد سواه، ثم حجرتها – ويظهر من الحديث أنها أقل من البيت سترا وصونا –، وبعد حجرتها دارها، وهي التي تكون فيه بعيدة عن أنظار الرجال الأجانب، وبعد الدار مسجد قومها، لأنه أقرب المساجد إلى سكنها، والنزول إليه لا يقتضي منها السير كثيرا، فاستشراف الشيطان لها فيه أقل في المساحة والزمن، وبعد مسجد قومها يأتي مسجده صلى الله عليه وسلم، وهو أبعد فتضطر معه إلى السير لمسافة أطول، وحينئذ يكون استشراف الشيطان لها أطول مدة وأشد تمكينا، ولذا نصحها صلى الله عليه وسلم بالصلاة في بيتها، لأنه أشد الأماكن سترا لها وبعدا عن مخالطة الرجال الأجانب، ومنه يتبين حرص النبي صلى الله عليه وسلم على صيانة المرأة إلى هذا الحد الذي ليس وراءه ما بعده، لأنه مدرك لما ينتج عن خروجها من بيتها من أخطار على الفرد والأسرة والمجتمع.
وإذا كان خروج المرأة الصالحة التقية للصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجده غير مستحب، فما القول في خروج النساء إلى الأندية وميادين الدراسة والعمل وساحات السياسة ومسيرات الاحتجاج وغيرها مما ينادي أصحاب هذه الدعوى إلى خروج المرأة المسلمة إليها؟!!.
4 -
الأحاديث التي يحذر فيها النبي صلى الله عليه وسلم من الدخول على النساء والخلوة بهن، ومن ذلك: ما روي عن عقبة بن عامر
رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: أفرأيت الحمو؟؟ قال: الحمو الموت (2)» .
وما روي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم (3)» .
وما روي عن عامر بن ربيعة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان (4)» .
(1) رواه الإمام البخاري في صحيحه في كتاب (النكاح)، الباب (111)، الحديث رقم (5232) ج9 ص330. ورواه الإمام مسلم في صحيحه في كتاب (السلام)، باب (تحريم الخلوة بالأجنبية والدخول عليها) ج14 ص153.
(2)
الحمو: أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه. (1)
(3)
رواه البخاري في صحيحه في كتاب (النكاح)، الباب (111)، الحديث رقم (5233) ج9 ص330 – 331. ورواه مسلم في صحيحه في كتاب (الحج)، باب (سفر المرأة مع محرم إلى حج أو غيره) ج9 ص109 - 110.
(4)
رواه الإمام أحمد في المسند ج3 ص446، ورواه الترمذي في سننه من حديث عمر رضي الله عنه في (أبواب الفتن)، باب (ما جاء في لزوم الجماعة) برقم (2254) ج3 ص315، وقال:(حديث حسن صحيح غريب). ورواه الحاكم في المستدرك وقال: (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين) ج1 ص198.
ومن المعلوم لكل مجرب أنه يستحيل التحرز عن الوقوع فيما حذرت عنه هذه الأحاديث في تلك المجتمعات التي تجيز اختلاط الجنسين ببعضهما في ميادين العمل والتعليم ونحوها.
5 -
الأحاديث التي تأمر بغض البصر، وهي عديدة، منها: ما روي عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه أنه قال: «سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة، فأمرني أن أصرف بصري (1)» .
وما روي عن بريدة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: «يا علي لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وليست لك الآخرة (2)» .
وما روي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: «كان الفضل بن عباس رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه، فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، فجعل رسول الله
(1) رواه الإمام مسلم في صحيحه في كتاب (الآداب)، باب (نظر الفجأة) ج14 ص138 - 139.
(2)
رواه الإمام أحمد في المسند ج5 ص353، 357. ورواه أبو داود في سننه في كتاب (النكاح)، باب (ما يؤمر به من غض البصر) ج2 ص246، الحديث رقم (2149)، ورواه الترمذي في سننه في (أبواب الاستئذان والآداب)، باب (ما جاء في نظرة الفجاءة) ج4 ص191، الحديث رقم (2927)، وقال: (هذا حديث حسن غريب). ورواه الحاكم في المستدرك، وقال:(حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه)، ج2 ص212.