الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم لعلك أن تقول: إن بعض النساء قد تكون أقوى قلبا من الرجال، وعكسه لبعض الرجال.
قيل: الحكم إذا علق بمظنة استوى وجودها وعدمها.
وقد زعم أن ما في حديث (فزوروها) يتناول النساء، وهذا جهل وغلط.
النهي له وجهان لكل وجه علة، فالنهي بالنسبة إلى الجميع عن الزيارة مطلق، ثم أذن للرجال؛ لزوال العلة، ولما فيه من الإحسان للميت بالدعاء له، وتذكر الآخرة، ولم يؤذن للنساء؛ لعلة أخرى لم تزل، فالعلة الأولى زالت برسوخ الإيمان، وانقطاع التعلق بالقبور المسببة للوثنية، لقوله (نهيتكم). وهنا نهي آخر خاص بالنساء وعلة أخرى وهو من أجل ما اتصفن به من الخور والضعف وعدم الصبر؛ ولهذا في الحديث «ارجعن مأزورات غير مأجورات، فإنكن تفتن الحي وتؤذين الميت (1)» فتنة الحي ظاهرة لا سيما الشباب، وإيذاؤهن الميت بالبكاء والصراخ.
ويمنعن من زيارة قبره صلى الله عليه وسلم أيضا
(1) ابن ماجه ما جاء في الجنائز (1578).
قوله: غير قبره صلى الله عليه وسلم وقبري صاحبيه
.
وهذا ذكر هنا، والصحيح في المسألة منعهن من زيارة قبره لأمرين:
(أولا) عموم الأدلة، والنهي إذا جاء عاما فلا يجوز لأحد تخصيصه إلا بدليل، ثم العلة موجودة هنا.
وجاء فيما يتعلق بضريح المصطفى أشياء خاصة من نهيه أن يتخذ قبره عيدا، ودعاؤه صلى الله عليه وسلم وخشيته ذلك «اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد (1)» ، وأجاب الله دعوته، وحمى ضريحه، وتربته، بأن هيأ أسبابا تمنع الجهال البعيدين من شم سنته.
(أولا) أن الواقع أنه دفن في مكان محوط ومغلق، وبعد ذلك سد باب ذلك الموضع، ثم بعد ذلك زيد أشياء وهو الشبك والجدران التي وضعت حماية للنبي صلى الله عليه وسلم وكرامة لقبره أن يباشر بالأرجاس التي بعث بمحقها وإزالتها.
مع أن هنا شيئا آخر وهو أن زيارة قبره صلى الله عليه وسلم لا مأمور، ولا مقدور. ما جاء الأمر بزيارة قبره خاصة. وصنيع الصحابة
(1) رواه مالك في الموطأ.