الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5 -
أن قاعدة الشرع رفع الحرج، وبناء الأحكام على التيسير، وفي تجويز هذه الصورة رفع للحرج عن الطرفين، أما المدين فأمره ظاهر، حيث إن الحاجة قد تدعو في وقت للتورق أو أي صورة من صور المداينات، وتندفع في وقت آخر بتيسير سبب من الأسباب، ففي إلزامه بالبقاء على العقد الذي يستنزف دخله، ويشغل ذمته، ويرهق وضعه المادي ضرر، كما أن الدائن يستفيد من المبلغ إذا وصله جملة، حيث يشكل أصلا استثماريا يدر عائدا مناسبا، ففي منعه من ذلك حرج لا تأتي بمثله الشريعة.
المسألة الرابعة: أثر الاشتراط على المسألة:
وبعد ترجيح هذا القول لا بد من الوقوف عند مسألة تعرض لها المجمع الفقهي، حيث اعتبر لصحة «ضع وتعجل» ألا يكون ذلك باتفاق مسبق، وبشرط آخر وهو ثنائية العلاقة بين العاقدين، فلا يتدخل طرف ثالث (1).
أما الشرط الثاني فهو تقييد جيد، ويتمشى مع قاعدة سد الذرائع، فهو يمنع الحيلة على الإقراض الربوي.
أما القيد الأول فلم أجد لمن ذكره أصلا يستند إليه، أو دليلا ظاهرا يعضده، إلا ما ذكره بعضهم من أن ذلك يجعل المسألة في معنى شرطين في عقد، حيث لم يقاطعه على شيء معلوم، وهو مبادلة الأجل ببعض
(1) انظر: مجلة المجمع، العدد (7) 2/ 218.
المقدار فيكون ربا محرما (1).
وقد أشرت عند تحرير محل النزاع أن فرض المسألة بدون شرط لم يخالف فيه إلا المالكية، على ما ذكره بعضهم، ومع ذلك فقد ورد في المدونة ما يفيد أنه عند عدم الاشتراط لا يخالف حتى مالك فيه (2).
والشرط المعتبر عند الفقهاء، ما قارن العقد أو حصل في زمن الخيارين (خيار الشرط وخيار المجلس) عند من يقول به، وكذا السابق إذا كان عرفا مشتهرا؛ لأن المعروف عرفا كالمشروط شرطا.
وبناء على سياق الخلاف والترجيح السابق يكون ترجيحا لجواز هذا التصرف حتى مع الاشتراط؛ لأنه بدون شرط لم يخالف فيه أحد، ويبقى الجواب عن التعليل الذي مر، حيث إن اجتماع شرطين في عقد ذكره بعضهم مفسرا به النهي عن بيعتين في بيعة، وقد رجح ابن القيم وغيره من العلماء أن التفسير المطابق للنص في قوله «فله أوكسهما أو الربا» هو تفسيره بالعينة، وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم الأصل في
(1) انظر: المبسوط 21/ 31 - 32.
(2)
انظر: المدونة 4/ 123، معللا جواز الصورة بعدم اشتراط التعجيل.