الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقال: لا بل شربت عسلا عند زينب بنت جحش ولن أعود له فنزلت: (2)» متفق عليه.
الراجح: الذي يظهر لي رجحانه هو القول الثاني، فالشارع سمى تحريم الحلال يمينا وفرض له تحلة، والتحلة هي الكفارة، فدل على أنه يجب في ذلك الكفارة عند الحنث كما تجب في اليمين المتفق عليها.
(1) جمع مغفور وهو صمغ حلو كالناطف وله رائحة كريهة ينضحه شجر يقال له العرفط. شرح النووي لمسلم 10/ 75. (5)
(2)
سورة التحريم الآية 1 (1){يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ}
الفرع الثاني: الحلف على تحريم الزوجة:
الحلف على تحريم الزوجة فيه أقوال أشهرها سبعة وهي:
القول الأول: أنها يمين يكفرها كفارة اليمين، وهذا القول مروي عن عكرمة وعطاء ومكحول وقتادة والحسن وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير ونافع والأوزاعي وأبي ثور (1).
القول الثاني: أنه لغو لا يترتب عليه شيء، وهو مروي عن الشعبي ومسروق وابن عباس في رواية عنه، وبه قال أهل الظاهر وأكثر أصحاب الحديث، وهو أحد قولي المالكية اختاره أصبغ بن الفرج (2).
(1) مصنف عبد الرزاق 6/ 399، 6/ 400، والمحلى 10/ 129، وأعلام الموقعين 3/ 71.
(2)
المحلى 10/ 126، وأعلام الموقعين 3/ 65.
القول الثالث: أنه إن أراد الطلاق فعلى ما نوى، لكن إن أراد واحدة فبائنة، وإن أراد الظهار فظهار، وإن أراد الكذب صدق، وإن أراد التحريم أو لم يرد شيئا فإيلاء وهذا قول الحنفية (1)، إلا أن المتأخرين منهم صرفوا لفظة التحريم إلى الطلاق حتى قالوا يقع بغير نية وألحقوه بالصريح (2).
القول الرابع: أنه طلاق ثلاثا إلا إن نوى أقل فحسب نيته، وقيل يلزمه واحدة بينة وهذا هو المشهور عند المالكية (3).
القول الخامس: أنه إن نوى الطلاق كان طلاقا وكان ما نواه، وإن نوى الظهار كان ظهارا، وإن نوى التحريم ففيه كفارة يمين، وكذا إن أطلق ففيه كفارة يمين على الأظهر عند الشافعية (4).
القول السادس: أنه ظهار ولو نوى طلاقا أو يمينا على الصحيح من المذهب عند الحنابلة (5).
(1) الهداية 2/ 75، والبناية 5/ 193، وفتح القدير 5/ 91.
(2)
الاختيار 3/ 156.
(3)
المنتقى 4/ 9، وقوانين الأحكام الشرعية ص180.
(4)
المنهاج وشرحه نهاية المحتاج 6/ 423، ومغني المحتاج 3/ 282.
(5)
المحرر 2/ 55، والمغني 10/ 396، 397، 11/ 61، والإنصاف 9/ 197.
القول السابع: أنه ظهار ولو نوى به الطلاق وإن حلف به كان يمينا مكفرة، وهو قول الإمام أحمد في رواية عنه (1) وهو الذي يراه شيخ الإسلام ابن تيمية (2) ويرى أنه المشهور من مذهب الإمام أحمد.
(1) المحرر 2/ 55، وأعلام الموقعين 3/ 72.
(2)
مجموع الفتاوى 33/ 160، وأعلام الموقعين 3/ 72.
ويظهر من الأقوال السابقة أنه إذا نوى الظهار فهو ظهار عند الأئمة الأربعة في المشهور عنهم، وكذا قال ابن قدامة في المغني:«أنه إذا قال أنت علي حرام فإن نوى به الظهار فهو ظهار في قول عامتهم» (1).
أدلة القول الأول: - الذي يرى أن تحريم الزوجة يمين فيها كفارة -.
1 -
أنه مروي عن أبي بكر وعمر وابن عباس وعائشة وزيد بن ثابت وابن مسعود وابن عمر رضي الله عنهم (2).
قال ابن القيم: «صح ذلك عن أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وابن عباس وعائشة وزيد بن ثابت وابن مسعود وعبد الله بن عمر» (3).
2 -
أنه ظاهر القرآن فإن الله تعالى ذكر فرض تحلة الأيمان عقب تحريم الحلال فلا بد أن يتناوله يقينا فلا يجوز جعل تحلة
(1) 11/ 61.
(2)
انظر: مصنف عبد الرزاق 6/ 399، والسنن الكبرى للبيهقي 7/ 331، والمحلى لابن حزم 10/ 126.
(3)
أعلام الموقعين 3/ 70.
الأيمان لغير المذكور قبلها ويخرج المذكور عن حكم التحلة التي قصد ذكرها لأجله.
أدلة القول الثاني: القائل بأنه لغو لا شيء فيه -
1 -
ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: «إذا حرم امرأته فليس بشيء لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة (1)» .
ونوقش بأن قوله ليس بشيء أي لا تحرم عليه، بدليل ما روى البخاري بسنده عن ابن عباس أنه قال في الحرام:«يكفر» ، وقال ابن عباس:«لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة (2)» .
2 -
أنه عمل ليس عليه أمر الله ولا رسوله فيكون لغوا (3).
(1) رواه البخاري في صحيحه «البخاري مع الفتح» 9/ 374، باب لم تحرم ما أحل الله لك رقم الحديث 5266.
(2)
رواه البخاري في صحيحه «البخاري مع الفتح» 8/ 656، الحديث رقم 4911.
(3)
المحلى 10/ 126.
ويمكن مناقشته بأن كونه ليس عليه أمر الله ورسوله لا يلزم أن لا يلزم فيه حكم شرعي، بدليل الظهار فإنه ليس عليه أمر الله ورسوله وتجب فيه الكفارة.
أدلة القول الثالث: القائل إنه إذا أراد الطلاق فواحدة وإن أراد الظهار فظهار وإن أراد الكذب صدق وإن أراد التحريم أو لم يرد شيئا فإيلاء.
أنه إن أراد الطلاق فواحدة بائنة لأنه من الكنايات، وإن نوى الثلاث فثلاث، وإن أراد الظهار فظهار؛ لأن الظهار نوع حرمة وقد نواه فيصدق، وإن أراد التحريم أو لم يرد شيئا فهو إيلاء؛ لأن تحريم الحلال يمين هذا هو الأصل (1).
وأما على قول المتأخرين من الحنفية من صرف لفظة التحريم إلى الطلاق حتى قالوا يقع بغير نية فإلحاقا له بالصريح لكثرة الاستعمال فيه والعرف (2).
أدلة القول الرابع: القائل بأنه طلاق ثلاث إلا إن نوى أقل فحسب نيته وقيل يلزمه واحدة بائنة إلا إن نوى فحسب نيته.
1 -
أنه لفظ جرى عرف الاستعمال له على وجه الطلاق فوجب أن يكون طلاقا أصل ذلك لفظ الطلاق ولا تجب به كفارة
(1) الاختيار 3/ 156، وانظر فتح القدير 5/ 90 - 92، والبناية 5/ 193 - 194.
(2)
الاختيار 3/ 156.
يمين؛ لأنه لفظ مفسر عري عن القربة واليمين فلم تجب فيه كفارة يمين على الإطلاق وأصل ذلك لفظ الطلاق (1).
2 -
أن هذا لفظ طلاق فلم تجب به كفارة يمين على الإطلاق وأصل ذلك لفظ الطلاق (2).
وأما الدليل على أنه لو قال نويت واحدة أنه لا ينوي في المدخول بها ويلزمه الثلاث: أن الواحدة لا تحرمها بل له ارتجاعها وإنما تحرمها الثلاث، فإذا كان اللفظ الذي هو التحريم إنما يقتضي معنى الثلاث حمل على ذلك ولم يصدق في قوله أردت الواحدة وهي لا تحرمها، وذلك أن لفظ التحريم إنما يقتضي قطع العصمة وتحريم الزوجية بينهما، وذلك لا يكون في المدخول بها إلا بالثلاث (3).
أدلة القول الخامس: القائل إنه إن نوى الطلاق كان طلاقا وإن نوى الظهار كان ظهارا وإن نوى التحريم ففيه كفارة يمين وكذا إن أطلق ففيه كفارة يمين.
(1) المنتقى 4/ 9.
(2)
المصدر السابق الصفحة نفسها.
(3)
المصدر السابق الصفحة نفسها.
أنه يكون طلاقا إن نواه ويكون ظهارا إن نواه أن كلا منهما يقتضي التحريم فجاز أن يكنى بالحرام (1).
وأما إن نوى التحريم ففيه كفارة يمين لما روى ابن عباس أنه قال في الحرام يكفر (2)، فعليه كفارة يمين أي مثلها مثل كفارة اليمين؛ لأن ذلك ليس يمينا؛ لأن اليمين إنما تنعقد باسم من أسماء الله أو صفة من صفاته، ولكن تجب الكفارة لقوله تعالى:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} (3) إلى قوله: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} (4)، أي أوجب عليكم كفارة ككفارة أيمانكم (5).
ويمكن أن يناقش قولهم هنا إنها ليست يمينا وإنما يجب فيها ما يجب باليمين أي كفارة ككفارة اليمين - يناقش بأن الشارع سمى تحريم الحلال يمينا، وجعل لها تحلة وهي الكفارة فكيف لا تكون يمينا.
ثم إن العبرة بالمعنى فطالما أنه يجب فيها هنا ما يجب في كفارة اليمين دل على أن المعنى والحكم فيهما واحد.
أدلة القول السادس: القائل بأنه ظهار ولو نوى طلاقا أو يمينا.
(1) مغني المحتاج 3/ 282، ونهاية المحتاج 6/ 423.
(2)
تقدم تخريجه ص115.
(3)
سورة التحريم الآية 1
(4)
سورة التحريم الآية 2
(5)
مغني المحتاج 3/ 283، ونهاية المحتاج 6/ 423.
أنه تحريم للزوجة بغير طلاق فوجبت به كفارة الظهار كما لو قال أنت علي كظهر أمي (1).
أما كونه ظهارا ولو نوى طلاقا أو يمينا؛ أنه صريح في تحريمها فكان ظهارا وإن نوى غيره (2).
أدلة القول السابع: القائل بأنه ظهار ولو نوى به الطلاق وإن حلف به كان يمينا مكفرة.
أما الدليل على أنه ظهار ولو نوى به الطلاق فكما تقدم في القول الذي قبل هذا أنه صريح في تحريمها فكان ظهارا (3).
وأما الدليل على أنه لو حلف به كان يمينا: أن الحالف بالحرام تجزئه كفارة يمين كما تجزئ الحالف بالنذر إذا قال إن فعلت كذا وكذا فعلي الحج أو فمالي صدقة (4).
الراجح:
الذي يظهر لي من الأقوال المتقدمة أن أرجحها هو القول السابع.
(1) المغني 10/ 396، 397.
(2)
المصدر السابق الصفحة نفسها.
(3)
المغني 10/ 397.
(4)
مجموع الفتاوى 33/ 160، 161.
فقال: لا بل شربت عسلا عند زينب بنت جحش ولن أعود له فنزلت: (2)» متفق عليه.
الراجح: الذي يظهر لي رجحانه هو القول الثاني، فالشارع سمى تحريم الحلال يمينا وفرض له تحلة، والتحلة هي الكفارة، فدل على أنه يجب في ذلك الكفارة عند الحنث كما تجب في اليمين المتفق عليها.
(1) جمع مغفور وهو صمغ حلو كالناطف وله رائحة كريهة ينضحه شجر يقال له العرفط. شرح النووي لمسلم 10/ 75. (5)
(2)
سورة التحريم الآية 1 (1){يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ}
الفرع الثاني: الحلف على تحريم الزوجة:
الحلف على تحريم الزوجة فيه أقوال أشهرها سبعة وهي:
القول الأول: أنها يمين يكفرها كفارة اليمين، وهذا القول مروي عن عكرمة وعطاء ومكحول وقتادة والحسن وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير ونافع والأوزاعي وأبي ثور (1).
القول الثاني: أنه لغو لا يترتب عليه شيء، وهو مروي عن الشعبي ومسروق وابن عباس في رواية عنه، وبه قال أهل الظاهر وأكثر أصحاب الحديث، وهو أحد قولي المالكية اختاره أصبغ بن الفرج (2).
(1) مصنف عبد الرزاق 6/ 399، 6/ 400، والمحلى 10/ 129، وأعلام الموقعين 3/ 71.
(2)
المحلى 10/ 126، وأعلام الموقعين 3/ 65.
القول الثالث: أنه إن أراد الطلاق فعلى ما نوى، لكن إن أراد واحدة فبائنة، وإن أراد الظهار فظهار، وإن أراد الكذب صدق، وإن أراد التحريم أو لم يرد شيئا فإيلاء وهذا قول الحنفية (1)، إلا أن المتأخرين منهم صرفوا لفظة التحريم إلى الطلاق حتى قالوا يقع بغير نية وألحقوه بالصريح (2).
القول الرابع: أنه طلاق ثلاثا إلا إن نوى أقل فحسب نيته، وقيل يلزمه واحدة بينة وهذا هو المشهور عند المالكية (3).
القول الخامس: أنه إن نوى الطلاق كان طلاقا وكان ما نواه، وإن نوى الظهار كان ظهارا، وإن نوى التحريم ففيه كفارة يمين، وكذا إن أطلق ففيه كفارة يمين على الأظهر عند الشافعية (4).
القول السادس: أنه ظهار ولو نوى طلاقا أو يمينا على الصحيح من المذهب عند الحنابلة (5).
(1) الهداية 2/ 75، والبناية 5/ 193، وفتح القدير 5/ 91.
(2)
الاختيار 3/ 156.
(3)
المنتقى 4/ 9، وقوانين الأحكام الشرعية ص180.
(4)
المنهاج وشرحه نهاية المحتاج 6/ 423، ومغني المحتاج 3/ 282.
(5)
المحرر 2/ 55، والمغني 10/ 396، 397، 11/ 61، والإنصاف 9/ 197.
القول السابع: أنه ظهار ولو نوى به الطلاق وإن حلف به كان يمينا مكفرة، وهو قول الإمام أحمد في رواية عنه (1) وهو الذي يراه شيخ الإسلام ابن تيمية (2) ويرى أنه المشهور من مذهب الإمام أحمد.
(1) المحرر 2/ 55، وأعلام الموقعين 3/ 72.
(2)
مجموع الفتاوى 33/ 160، وأعلام الموقعين 3/ 72.
ويظهر من الأقوال السابقة أنه إذا نوى الظهار فهو ظهار عند الأئمة الأربعة في المشهور عنهم، وكذا قال ابن قدامة في المغني:«أنه إذا قال أنت علي حرام فإن نوى به الظهار فهو ظهار في قول عامتهم» (1).
أدلة القول الأول: - الذي يرى أن تحريم الزوجة يمين فيها كفارة -.
1 -
أنه مروي عن أبي بكر وعمر وابن عباس وعائشة وزيد بن ثابت وابن مسعود وابن عمر رضي الله عنهم (2).
قال ابن القيم: «صح ذلك عن أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وابن عباس وعائشة وزيد بن ثابت وابن مسعود وعبد الله بن عمر» (3).
2 -
أنه ظاهر القرآن فإن الله تعالى ذكر فرض تحلة الأيمان عقب تحريم الحلال فلا بد أن يتناوله يقينا فلا يجوز جعل تحلة
(1) 11/ 61.
(2)
انظر: مصنف عبد الرزاق 6/ 399، والسنن الكبرى للبيهقي 7/ 331، والمحلى لابن حزم 10/ 126.
(3)
أعلام الموقعين 3/ 70.
الأيمان لغير المذكور قبلها ويخرج المذكور عن حكم التحلة التي قصد ذكرها لأجله.
أدلة القول الثاني: القائل بأنه لغو لا شيء فيه -
1 -
ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: «إذا حرم امرأته فليس بشيء لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة (1)» .
ونوقش بأن قوله ليس بشيء أي لا تحرم عليه، بدليل ما روى البخاري بسنده عن ابن عباس أنه قال في الحرام:«يكفر» ، وقال ابن عباس:«لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة (2)» .
2 -
أنه عمل ليس عليه أمر الله ولا رسوله فيكون لغوا (3).
(1) رواه البخاري في صحيحه «البخاري مع الفتح» 9/ 374، باب لم تحرم ما أحل الله لك رقم الحديث 5266.
(2)
رواه البخاري في صحيحه «البخاري مع الفتح» 8/ 656، الحديث رقم 4911.
(3)
المحلى 10/ 126.
ويمكن مناقشته بأن كونه ليس عليه أمر الله ورسوله لا يلزم أن لا يلزم فيه حكم شرعي، بدليل الظهار فإنه ليس عليه أمر الله ورسوله وتجب فيه الكفارة.
أدلة القول الثالث: القائل إنه إذا أراد الطلاق فواحدة وإن أراد الظهار فظهار وإن أراد الكذب صدق وإن أراد التحريم أو لم يرد شيئا فإيلاء.
أنه إن أراد الطلاق فواحدة بائنة لأنه من الكنايات، وإن نوى الثلاث فثلاث، وإن أراد الظهار فظهار؛ لأن الظهار نوع حرمة وقد نواه فيصدق، وإن أراد التحريم أو لم يرد شيئا فهو إيلاء؛ لأن تحريم الحلال يمين هذا هو الأصل (1).
وأما على قول المتأخرين من الحنفية من صرف لفظة التحريم إلى الطلاق حتى قالوا يقع بغير نية فإلحاقا له بالصريح لكثرة الاستعمال فيه والعرف (2).
أدلة القول الرابع: القائل بأنه طلاق ثلاث إلا إن نوى أقل فحسب نيته وقيل يلزمه واحدة بائنة إلا إن نوى فحسب نيته.
1 -
أنه لفظ جرى عرف الاستعمال له على وجه الطلاق فوجب أن يكون طلاقا أصل ذلك لفظ الطلاق ولا تجب به كفارة
(1) الاختيار 3/ 156، وانظر فتح القدير 5/ 90 - 92، والبناية 5/ 193 - 194.
(2)
الاختيار 3/ 156.
يمين؛ لأنه لفظ مفسر عري عن القربة واليمين فلم تجب فيه كفارة يمين على الإطلاق وأصل ذلك لفظ الطلاق (1).
2 -
أن هذا لفظ طلاق فلم تجب به كفارة يمين على الإطلاق وأصل ذلك لفظ الطلاق (2).
وأما الدليل على أنه لو قال نويت واحدة أنه لا ينوي في المدخول بها ويلزمه الثلاث: أن الواحدة لا تحرمها بل له ارتجاعها وإنما تحرمها الثلاث، فإذا كان اللفظ الذي هو التحريم إنما يقتضي معنى الثلاث حمل على ذلك ولم يصدق في قوله أردت الواحدة وهي لا تحرمها، وذلك أن لفظ التحريم إنما يقتضي قطع العصمة وتحريم الزوجية بينهما، وذلك لا يكون في المدخول بها إلا بالثلاث (3).
أدلة القول الخامس: القائل إنه إن نوى الطلاق كان طلاقا وإن نوى الظهار كان ظهارا وإن نوى التحريم ففيه كفارة يمين وكذا إن أطلق ففيه كفارة يمين.
(1) المنتقى 4/ 9.
(2)
المصدر السابق الصفحة نفسها.
(3)
المصدر السابق الصفحة نفسها.
أنه يكون طلاقا إن نواه ويكون ظهارا إن نواه أن كلا منهما يقتضي التحريم فجاز أن يكنى بالحرام (1).
وأما إن نوى التحريم ففيه كفارة يمين لما روى ابن عباس أنه قال في الحرام يكفر (2)، فعليه كفارة يمين أي مثلها مثل كفارة اليمين؛ لأن ذلك ليس يمينا؛ لأن اليمين إنما تنعقد باسم من أسماء الله أو صفة من صفاته، ولكن تجب الكفارة لقوله تعالى:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} (3) إلى قوله: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} (4)، أي أوجب عليكم كفارة ككفارة أيمانكم (5).
ويمكن أن يناقش قولهم هنا إنها ليست يمينا وإنما يجب فيها ما يجب باليمين أي كفارة ككفارة اليمين - يناقش بأن الشارع سمى تحريم الحلال يمينا، وجعل لها تحلة وهي الكفارة فكيف لا تكون يمينا.
ثم إن العبرة بالمعنى فطالما أنه يجب فيها هنا ما يجب في كفارة اليمين دل على أن المعنى والحكم فيهما واحد.
أدلة القول السادس: القائل بأنه ظهار ولو نوى طلاقا أو يمينا.
(1) مغني المحتاج 3/ 282، ونهاية المحتاج 6/ 423.
(2)
تقدم تخريجه ص115.
(3)
سورة التحريم الآية 1
(4)
سورة التحريم الآية 2
(5)
مغني المحتاج 3/ 283، ونهاية المحتاج 6/ 423.
أنه تحريم للزوجة بغير طلاق فوجبت به كفارة الظهار كما لو قال أنت علي كظهر أمي (1).
أما كونه ظهارا ولو نوى طلاقا أو يمينا؛ أنه صريح في تحريمها فكان ظهارا وإن نوى غيره (2).
أدلة القول السابع: القائل بأنه ظهار ولو نوى به الطلاق وإن حلف به كان يمينا مكفرة.
أما الدليل على أنه ظهار ولو نوى به الطلاق فكما تقدم في القول الذي قبل هذا أنه صريح في تحريمها فكان ظهارا (3).
وأما الدليل على أنه لو حلف به كان يمينا: أن الحالف بالحرام تجزئه كفارة يمين كما تجزئ الحالف بالنذر إذا قال إن فعلت كذا وكذا فعلي الحج أو فمالي صدقة (4).
الراجح:
الذي يظهر لي من الأقوال المتقدمة أن أرجحها هو القول السابع.
(1) المغني 10/ 396، 397.
(2)
المصدر السابق الصفحة نفسها.
(3)
المغني 10/ 397.
(4)
مجموع الفتاوى 33/ 160، 161.