المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌عقد الاستصناعإعدادالدكتور عبد الله محمد عبد الله - مجلة مجمع الفقه الإسلامي - جـ ٧

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌العدد السابع

- ‌بحثالأسوَاق المالِيَّةفيمِيزان الفقه الإسلَاميإعدَادالدكتور علي محيي الدّين القره داغي

- ‌الأسهم، الاختِيارات – المستَقبَليّاتأنواعهَا وَالمعامَلات التي تجري فيهَاإعدَادالدكتور محمَّد علي القري بن عيد

- ‌الاختِياراتإعدادفضيلة الشيخ محمّد المختار السّلامي

- ‌عقُود الاختياراتإعدَادفضيلة الدكتور وهبة مصطفى الزحيلي

- ‌الاختِياراتإعدَادفضيلة الدكتور الصديق محمّد الأمين الضرير

- ‌الاختِياراتدَراسَة فِقهيّة تحليليّة مُقَارنَةإعدَادعَبد الوهاب ابراهيم أبو سليمان

- ‌الاختيارَات في الأسوَاق الماليَّةفي ضَوء مُقرّرات الشريعَة الإسلَاميِّةإعدَادالدكتور عبد الستار أبو غدّة

- ‌عقُود المستَقبليات في السّلعفي ضَوء الشّريعَةِ الإسلاميَّةإعداَدالقاضي محمَّد تقي العثماني

- ‌بطَاقَة الائتمان وَتكييفها الشَّرعيإعدادالدكتور عبد السّتار أبُوغُدَّة

- ‌بطَاقات الائتمانإعدَادالدكتور محمَّد علي القري بن عيد

- ‌بِطاقَة الائتِماندرَاسة شرعِيَّة عَمليَّة مُوجَزةإعدَادالدكتور رفيق يونس المصري

- ‌المشاركة في شركات أصل نشَاطها حَلَالإلاّ أنّهَا تتعَامل بالحَرامإعدَادالشيخ عبد الله الشيخ محفوظ بن بية

- ‌التعامُل مَع شركات تَقوُم بأعمال مَشروعَةوَتتعامَل مَع البُنوُك بالفَوائدإعداَدفضيلة الشيخَ عبد الله الشيخ المحفوظ بن بية

- ‌بَحثٌ عَن بَطاقات الائتمان المصرفيّةوالتكييف الشرعي المعمُول به فيبَيت التمويل الكويتي

- ‌دَراسَة مُقَدّمة إلىالنّدوة الثانِية للأوَراقِ المالِيّةمِن بنك البحَرين الإسلَاميحَولتَحرير محافظ الأوَراق الماليّة للبُنوك الإسلاميّةمِن المَالِ المشتبَه في حِلِّهوَالمعالجَة المالية المقترحَة لعَزل أثر التعَامُل بالفَائدةعَلى عَائداتِ الأسهُم

- ‌أسئلة عَلى الأسهم وَالاختيارات وَالمستَقَبليّاتمُقَدّمَة مِنَ البنك الإسلامي للتَنميَة

- ‌التّوصيَات الصَّادرة عَن النَّدوة الفِقهيَّة الاقتصَاديَّةالمنعقدَة بَينمجمَع الفِقِه الإسلَامي وَالبنك الإسلَامي للتِنميَة

- ‌البَيَان الخِتامي وَالتّوصيَاتللنّدوة الثانيَة للأِسَواقِ المالِيَّةالمنعقدَة بدَولة البحَرين

- ‌البيع بالتقسيطالمحور الأول: (المداينة ونظرة الإسلام إليها) .المحور الثاني: (بين صلح الحطيطة وحسم الكمبيالة) .المحور الثالث: (ضابط الإعسار الذي يوجب الإنظار) .إعدادالدكتور نزيه كمال حماد

- ‌أحكام البيع بالتقسيطوسائله المعاصرة في ضوء الفقه الإسلاميإعدادفضيلة القاضي محمد تقي العثماني

- ‌البيع بالتقسيطالمحور الثاني: الحطيطة والحلولإعدادالدكتور رفيق يونس المصري

- ‌توثيق الدين والمعاملات المالية الأخرىإعدادالدكتور محمد عطا السيد سيد أحمد

- ‌البيع بالتقسيطالمحور الثانيتوثيق الدين في الفقه الإسلاميإعدادالدكتور نزيه كمال حماد

- ‌عقد الاستصناعومدى أهميته فيالاستثمارات الإسلامية المعاصرةإعدادفضيلة الشيخ مصطفي أحمد الزرقاء

- ‌عقد الاستصناعإعدادالأستاذ الدكتور علي السالوس

- ‌عقد الاستصناعإعدادالدكتور وهبة مصطفى الزحيلي

- ‌عقد الاستصناعإعدادالدكتور علي محيي الدين القره داغي

- ‌عقد الاستصناعإعدادالدكتور عبد الله محمد عبد الله

- ‌الاستصناع ودوره فيالعمليات التمويلية المعاصرةإعدادالدكتور عبد السلام العبادي

- ‌أثر الاستصناعفي تنشيط الحركة الصناعيةإعدادالدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

- ‌عقد الاستصناعإعدادفضيلة الشيخ كمال الدين جعيط

- ‌الاستصناع والمقاولاتفي العصر الحاضرإعداد فضلة الشيخ مصطفى كمال التارزي

- ‌الاستصناعتعريفه - تكيفه - حكمه - شروطهأثره في تنشيط الحركة الاقتصاديةإعدادالدكتور سعود بن مسعد بن مساعد الثبيتي

- ‌عقد الاستصناعوعلاقته بالعقود الجائزةإعدادالدكتور محمد رأفت سعيد

- ‌بيع الوفاء وعقد الرهنإعدادفضيلة الشيخ مصطفى أحمد الزرقاء

- ‌ موضوع بيع الوفاء

- ‌بيع الوفاءإعدادالشيخ خليل محيي الدين الميس

- ‌بيع الوفاء عند الإماميةإعدادحجة الإسلام الشيخ محمد علي التسخيري

- ‌(مدى انتفاع الاقتصاد من بيع الوفاء)أوتوظيف بيع الوفاء في اقتصاد العصرإعدادالدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

- ‌الوفاء بما يتعلق ببيع الوفاءشيخ الإسلام أبو عبد الله محمد بيرم الثاني(المتوفى 1247هـ)تقديم وتحقيقمحمد الحبيب ابن الخوجة

- ‌بيع الوفاءفي الفقه الإسلاميإعدادمحيي الدين قادي

- ‌بيع الوفاءإعدادد. عبد الله محمد عبد الله

- ‌أحكام الرهنوحكم الإنتفاع بالمرهونإعدادالدكتور محمد عطا السيد سيد أحمد

- ‌بيع الوفاء وحكمهإعدادفضيلة الشيخ الشريف محمد عبد القادر

- ‌بيع الوفاءإعدادفضيلة الشيخ المفتي محمد رفيع العثماني

- ‌بيع الثنيا أو بيع الوفاءإعدادالأستاذ محمود شمام

- ‌عقد الرهنوأوجه الشبه بينه وبين عقد الوفاءإعدادالدكتور حمداتي شبيهنا ماء العينين

- ‌العلاج الطبيمبحث التداويإذن المريض وعلاج الحالات الميئوس منهاإعدادالدكتور محمد علي البار

- ‌حكم التداوي في الإسلامإعدادالدكتور علي محمد يوسف المحمدي

- ‌العلاج الطبيإعدادالدكتور محمد عدنان صقال

- ‌الحقوق الدولية في الإسلامإعدادفضيلة الشيخ محمد علي التسخيري

- ‌المعاهدات والاتفاقاتمنالعلاقات الدولية في أثناء السلمإعدادسماحة الدكتور عبد العزيز الخياط

- ‌أصول العلاقات الدوليةبين الإسلام والتشريعات الوضعيةإعدادالدكتور محمد الدسوقي

- ‌السلم، والحرب، والعلاقات الدوليةفي الإسلامإعدادالدكتور محمد رأفت سعيد

- ‌رسالةمعالي الدكتور محمد معروف الدواليبيحولالغزو الفكري

- ‌دراسة حول الغزو الثقافي للعالم الإسلاميبداياته، دوافعه، أبعاده، سبل مواجهتهإعدادالدكتور عبد السلام داود العبادي

- ‌الغزو الفكريفي المعيار العلمي الموضوعيإعدادالدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

- ‌الغزو الفكري وأساليب المواجهةإعدادالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌الغزو الفكريإعدادالدكتور أبو بكر دكوري

- ‌الغزو الفكرىفى التصور الإسلامىإعدادالدكتور أحمد عبد الرحيم السايح

- ‌المسلمون وتحديات الفكر المعاصرإعدادالشيخ القاسم البهيقي المختار

- ‌الغزو الفكري في حياة المسلمينمنافذ دخُوله.. وَوَسَائل مُقاومتهإعدادالدكتور عُمَر يُوسف حَمزة

الفصل: ‌عقد الاستصناعإعدادالدكتور عبد الله محمد عبد الله

‌عقد الاستصناع

إعداد

الدكتور عبد الله محمد عبد الله

محكمة التمييز - الكويت

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

توطئة:

يمثل عقد الاستصناع في فقه الحنفية مكانة بارزة ويشغل جانبًا من اهتمام فقهائهم لذا لا نجد مؤلفا في هذا الفقه إلا ويبرز الكتابة في عقد الاستصناع اهتمامًا بشأنه ولما يقدم هذا العقد من حلول عملية للمشكلة الاقتصادية التيى تتطلب مزيدًا من التيسير وعدم الحرج على أرباب الصنائع والأموال على خلاف المذاهب الفقية الأخرى التي ربطت عقد الاستصناع بعقد السلم وفيه ما فيه من قيود على حركة التعامل إذ أن إخضاع عقد الاستصناع لعقد السلم يوجب بادئ ذي بدء تسليم رأس مال عقد السلم أو ثمن المبيع حال إنشاء العقد وقبل التفرق من مجلس العقد كالشافعية والحنابلة وبعضهم رخص في تراخي تسليم رأس المال كالمالكية لمدة معلومة وهو وإن كان أخف من سابقه إلا أنه لا يعطي حلولًا عملية أو تيسيرًا ملحوظًا للمتعاملين كما نجده في الفقه الحنفي.

هذا فضلًا عن أن بعض المذاهب الفقهية كالشافعية لم يجيزوا السلم في أمور كثيرة وصلها بعضهم إلى ثلاثين شيئًا. (1) .

ولما رأى أئمة المذاهب الثلاثة هذا العسر والعوائق أمام أنشطة رجال المال وأرباب الأعمال والصنائع إذا ما تقيدوا بعقد السلم وما يحمله هذا العقد في طياته من شروط صعبة في المجال العملي ويشكل تعويقًا لأعمال أهل التجارة والصناعة على السواء. قالوا: لا مانع من أن يبتاع المادة التي يريدها ويستأجر على صنعها، قال الشافعي رحمه اله بعد أن ذكر الأمور التي يصح فيها السلم وشروطها ثم ذكر ما لا يجوز فيه السلم، قال: "وإنما يجوز في هذا أن يبتاع النعلين والشراكين ويستأجر على الحذو وعلى خراز الخفين، ولا بأس أن يبتاع منه صحافًا أو قداحًا من نحو معروف وبصفة معروفة ومقدر معروف من الكبر والصغر والعمق والضيق ويشترط أي عمل (2) .

وكذلك نرى مثل ذلك في الفقه الحنبلي جاء في المغني واختلف في تفسير الشرطين المنهي عنهما، فروي عن أحمد أنهما شرطان صحيحان ليسا من مصلحة العقد، فحكى ابن المنذر عنه وعن إسحاق فيمن اشترى ثوبًا واشترط على البائع خياطته وقصارته أو طعامًا واشترط طحنه وحمله إن اشترطا أحد هذه الأشياء فالبيع جائز. (3) .

ويورد المالكية خلافًا فيما لو تعاقد المريض والطبيب على أن يداويه مدة معلومة والدواء من الطبيب فقيل: يجوز وقيل: لا يجوز لما فيها من اجتماع الجعل والبيع. وثانيهما: أن يقول له أعاقدك بكذا على علاج هذا المريض حتى يبرأ فإن برئ كان له الجعل وإن لم يبرأ فلا شيء له ويكون الدواء من عند الطبيب فقيل يجوز وقيل لا يجوز لما فيه من الغرر (4) .

وإن كان في هذا المسلك ما يخفف من شدة وطأة شروط عقد السلم وآثاره إلا أننا نرى في الأسلوب الذي نحاه فقهاء الأحناف مرونة وتيسيرًا لا تتحقق في المذاهب الأخرى.

(1) حاشية الشرقاوي على التحرير 2/37.

(2)

الأم، للشافعي: 3/131.

(3)

4/202.

(4)

الفواكه الدواني: 2/165.

ص: 848

عقد الاستصناع في التشريعات الوضعية:

أولًا – مجلة الأحكام العدلية:

نظمت مجلة الأحكام العدلية كثيرًا من المسائل المتعلقة بالمعاملات وذلك تيسيرًا على القضاة كما جاء في تقرير عالي باشا الصدر الأعظم وكان مما تناوله بالتنظيم عقد الاستصناع وذلك في الفصل الرابع من الباب السابع في المواد من 388 – 392 وتناولت أهم مسائله من الكتب المعتمدة في الفقه الحنفي بل أخذت الأوفق من الآراء في المذهب الحنفي لروح العصر، وجاء في ختام التقرير المشار إليه فيما يتعلق بعقد الاستصناع قوله: وعند الإمام الأعظم للمستصنع الرجوع بعد عقد الاستصناع وعند الإمام أبي يوسف رحمه الله أنه إذا وجد المصنوع موافقًا للصفات التي بينت وقت العقد فليس له الرجوع والحال في هذا الزمن قد اتخذت معامل كثيرة تصنع فيها المدافع والبواخر ونحوها بالمقاولة وبذلك صار الاستصناع من الأمور الجارية العظيمة فتخيير المستصنع في إمضاء العقد أو فسخه يترتب عليه الإخلال بمصالح جسيمة وبما أن الاستصناع مستند إلى التعارف ومقيس على السلم المشروع على خلاف القياس بناء على عرف الناس لزم اختيار قول أبي يوسف رحمه الله تعالى في هذا مراعاة لمصلحة الوقت كما حرر في المادة الثانية والتسعين بعد الثلاثمائة من هذه المجلة.

ثانيًا – في القوانين الوضعية الأخرى:

تناول السنهوري عند كلامه على عقد المقاولة طبقًا لتعريف المادة 646 من التقنين المدني المصري التي عرفت عقد المقاولة بأنها "عقد يتعهد بمتقضاه أحد المتعاقدين أن يصنع شيئًا أو أن يؤدي عملًا لقاء أجر يتعهد به المتعاقد الآخر، فقال: انفصل عقد المقاولة بهذا التعريف عن عقدين آخرين كانا مختلطين به في التقنين المدني القديم، ولا يزالان مختلطين به في التقنين المدني الفرنسي وهما عقد الإيجار وعقد العمل، فقد كان التقنين المدني القديم يجمع بين هذه العقود الثلاثة تحت اسم الإيجار ثم يسمى عقد الإيجار بإجارة الأشياء وعقد العمل بإجارة الأشخاص وعقد المقاولة بإجارة أرباب الصنائع (1) .

(1) الوسيط: ج 7 المجلد الأول ص6.

ص: 849

وفي الجزء الخامس من مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني المصري الجديد في العقود المسماة. والعقود الواردة على العمل – وعقود الغرر وعقد الكفالة. قالت عند الكلام على المقاولة والتزام المرافق العامة إن مجرد التغيير الذي تم في عنوان هذا الفصل، وإبدال اسمه القديم ايجار أهل الصنائع باسم جديد هوعقد المقاولة لكاف في الدلالة على مدى التطور الذي لحق هذا العقد وتشعب نواحيه وتعدد أشكاله وصوره العملية في الوقت الحاضر. فقد كان القصد قديمًا من وضع أحكام هذا الفصل هو تنظيم العلاقة القانونية بين مستصنع وصانع يعهد إليه بعمل ما.

ولهذا نجد التقنين المصري – أهلي ومختلط – يتكلم عن عقد الاستصناع وعقد العمل في باب واحد إيجار الأشخاص وأهل الصنائع. (1) .

ومن هذا يظهر أن عقد الاستصناع المعروف في الفقه الحنفي يقرب كثيرًا عقد المقاولة في التقنينات الوضعية الحديثة.

ويقول السنهوري بعد أن استعرض مختلف الآراء في تكييف عقد المقاولة ومقارنته بالعقود الأخرى، قال: ورأي ثالث يذهب إلى أن العقد يكون مقاولة أو بيعًا بحسب نسبة قيمة المادة إلى قيمة العمل، فإن كانت قيمة العمل. تفوق كثيرًا قيمة المادة كالرسام يورد القماش أو الورق الذي يرسم عليه والألوان التي يرسم بها وهذه الخامات أقل بكثير من قيمة عمل الرسام فالعقد مقاولة، أمَّا إذا كانت قيمة المادة تفوق كثيرًا قيمة العمل كما إذا تعهد شخص بتوريد سيارة بعد أن يقوم فيها ببعض إصلاحات طفيفة فالعقد بيع وهذا هو الرأي الذي ذهبنا إليه عند الكلام في البيع ونزيده إيضاحًا فنقول: إن الأمر ظاهر في المثلين المتقدمين حيث تصغر قيمة المادة إلى حد كبير بالنسبة إلى عمل الفنان فتكون تابعة للعمل ويكون العقد مقاولة،

حيث تكبر هذه القيمة إلى حد بعيد بالنسبة إلى العمل في السيارة التي تحتاج إلى إصلاحات طفيفة فيكون العقد بيعًا. ولكن كثيرًا ما يقع أن تكون للمادة قيمة محسوسة إلى جانب قيمة العمل حتى لو كانت أقل قيمة منه وذلك كالخشب الذي يورده النجار لصنع الأثاث والقماش الذي يورده الحائك لصنع الثوب ويصبح العقد في هذه الحالة مزيجًا من بيع ومقاولة سواء كانت قيمة المادة أكبر من قيمة العمل أو أصغر، ويقع البيع على المادة وتسرى أحكامه فيما يتعلق بها وتقع المقاولة على العمل وتنطبق أحكامها عليه (2) .

وهذا الذي أطلق عليه المرحوم السنهوري بأنه مزيج من عقد البيع والمقاولة هو ما نسميه استصناعًا. إذا كانت المادة والصنع من الصانع أما إذا كانت المادة من المستصنع فهو عقد إجارة فحسب إن كان شراء المادة من غير الصانع أو كانت من المستصنع الذي طلب الصنع وعقد بيع وإجارة إن كان شراء المادة من الصانع طبقًا لمذهب غير الحنفية أما عند الأحناف فهو عقد استصناع لاغير.

(1) القانون المدني: 5/655.

(2)

الوسيط: ج7 المجلد الأول ص26، 27.

ص: 850

ثالثًا – إلى جانب عقد المقاولة في التقنيات الوضعية المدنية والتجارية يبرز في القوانين البحرية عقد بناء السفن وهو لا يختلف في نتيجة عن عقد المقاولة فقد تكون المواد والمهمات اللازمة للبناء من طالب البناء ويقدم المقاول أو شركة البناء الخبرة الفنية واليد العاملة التي تتولى تحويل تلك المواد والمهمات إلى سفينة صالحة للملاحة لقاء أجر وليس لطالب البناء أي إشراف فِعْلِيٍّ على المقاول الذي يقوم ببناء السفينة فهذا العقد هو عقد مقاولة في القانون وهو عقد إجارة في نظر الفقه الإسلامي وقد يقدم الباني العمل والمواد اللازمة للبناء مقابل مبلغ نقدي إجمالي يلتزم بدفعه طالب البناء وهي الصور الغالبة في العصر الحاضر حيث تتخصص في بناء السفن شركات كبرى تتمتع بالكفاءة الفنية العالية والملاءة المالية ويكتفي طالب البناء بتكليف شركة إشراف لتقوم بمراقبة الباني للتأكد من احترامه للشروط والمواصفات الواردة في عقد البناء سواء من حيث كيفية الصنع أو نوعية الأدوات والمواد المستعملة، وقد اختلف في القانون في تكييف هذا العقد هل هو عقد مقاولة أو عقد بيع وإذا كان بيعًا هل هو عقد بيع معلق على شرط أم هو بيع لشيء مستقبل ويرجح رجال القانون بأنه عقد بيع أشياء مستقبلة لأن السفينة وقت التعاقد لم تكن موجودة وقد انصب البيع على شيء مستقبل هي السفينة عند تمام بنائها (1) .

وهو عقد استصناع في الفقه الحنفي وعقد سلم لدى المذاهب الثلاثة الأخرى وستظهر طبيعة هاتين النظريتين عند الكلام على طبيعة العقدين في الدراسة إن شاء الله.

(1) الوسيط في القانون البحري الكويتي، للدكتور إبراهيم مكي: 1/117 – 119. الوسيط شرح القانون البحري الكويتى، للدكتور يوسف صرخوه: 1/116 - 117.

ص: 851

بسم الله الرحمن الرحيم

عقد الاستصناع

المحور الأول، ويتناول المباحث الآتية:

1-

تعريفه.

2-

معناه وهل هو مواعدة أو بيع.

3-

دليل مشروعيته.

4-

الشروط التي تلحقه أو تفارقه ومدى تأثيرها على حكمه.

5-

حكمه.

أولًا – التعريف:

عرف الاستصناع بتعريفين يترتب عليهما بعض الفروق.

أما التعريف الأول فهو عقد على مبيع في الذمة. وأما التعريف الثاني فهو عقد على مبيع في الذمة شرط فيه العمل.

والفرق بين التعريفين أن الصانع لو أحضر عينًا كان عملها قبل العقد، ورضي به المستصنع لجاز، ولو كان شرط العمل من نفس العقد لما جاز لأن الشرط يقع على عمل في المستقبل لا في الماضي.

وقد صحح المحققون التعريف الثاني، لأن الاستصناع طلب الصنع فما لم يشترط فيه العمل لا يكون استصناعًا، فكان مأخذ الاسم دليلًا عليه، ولأن العقد على مبيع في الذمة يسمى سلمًا وهذا يسمى استصناعًا واختلاف الأسماء دليل اختلاف المعاني في الأصل.

وأما إذا أتى الصانع بعين صنعها قبل العقد ورضي به المستصنع فإنه يجوز بعقد آخر – لا بعقد الاستصناع – وهي التعاطي بتراضيهما وهو جائز استحسانًا والقياس يقتضي عدم الجواز، لأنه بيع المعدوم، وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن بيع ما ليس عند الإنسان ورخص في السلم، وهذا ليس بسلم لأنه لم يضرب له أجل.

ووجه الاستحسان الإجماع الثابت بالتعامل، فإن الناس في سائر الأعصار قد تعاملوا فيه من غير نكير.

ص: 852

ثانيًا – الاستصناع هل هو بيع أو مواعده؟

ذهب فقهاء الأحناف إلى أن الاستصناع بيع فقد عددوا أنواع البيوع وذكروا منها الاستصناع وقالوا في توجيه ذلك:

إن الاستصناع مشتمل على معنى عقدين جائزين، وهو السلم والإجارة، لأن السلم عقد على مبيع في الذمة، والإجارة على استئجار الصانع للعمل، وما اشتمل على معنى عقدين جائزين لا يكون مواعدة، ولأنه بعد الفراغ منه والإرادة إذا كان موافقًا للشروط يكون لازمًا على القول الأوفق والمواعدة لا لزوم فيها. والمعقود عليه هو العين لكن بشرط أن يكون عمل الصانع بعد العقد. وعلى هذا لو تقاول مع نجار على أن يصنع له زورقًا أو سفينة وبين طولها وعرضها وأوصافها اللازمة وقبل النجار انعقد الاستصناع بيعًا لا عدة.

ثالثًا – دليل مشروعيته:

إن المتأمل في أحكام الشريعة الغراء يتبين له أن هناك جملة من الأحكام شرعها البارئ عز وجل تتسم بالعموم ولا تختص ببعض المكلفين دون بعض ولا بحال من الأحوال دون أخرى مثل وجوب الصلوات والصوم والزكاة والحج وتحليل الطيبات وتحريم الخبائث وصحة تصرف الإنسان فيما يملكه قال تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} .

وقد اصطلح أئمة الفقه والأصول على إطلاق اسم العزائم على هذا النمط من الأحكام وهناك طائفة أخرى شرعها الله تيسيرًا على عباده قصد التخفيف عليهم وقد أطلقوا عليها اسم الرخص وتشمل فيما تشمله بعض العقود التي لم تتحقق فيها الشروط العامة التي يتطلبها العقد من حيث انعقاده وصحته مثل عقد السلم وعقد الاستصناع وعقد الإجارة، فإن هذه العقود من قبيل العقد على معدوم، ومعلوم أن العقد على معدوم باطل شرعًا إلا أن الشارع الحكيم أجازها على خلاف القياس وفقًا لحاجة الناس وتيسيرًا عليهم، فيكون عقد الاستصناع جائزًا ويكون استثناء من الأصل الذي ورد النهي عنه كبيع ما ليس عند الإنسان (1) .

(1) الموافقات، للشاطبي: 1/300، 303، بتصرف.

ص: 853

رابعًا- الشروط التي تلخص عقد الاستصناع

أو تفارقه ومدى تأثيرها في حكمه:

لقد عالجت مجلة الأحكام العدلية الكثير من مسائل عقد الاستصناع وتناولها شراح المجلة بالبسط والبيان والتوضيح ومن هذه الشروط:

أولًا – بيان جنس المصنوع ونوعه وقدره وصنعته، مثلًا: لو أوصى صانعًا بأن يعمل له طشتًا، يلزم بيان الجنس الذي يعمل منه الطشت حديدًا أو نحاسًا ونوع الحديد ومقدار حجمه ولونه وكونه منقوشًا أو لا إلى غير ذلك بوجهٍ يرفع الجهالة لئلا يؤدي إلى المنازعة. وفي هذا المعنى جاء نص المادة (390) يلزم في الاستصناع وصف المصنوع وتعريفه على الوجه الموافق للمطلوب.

ونصت المادة (388) من المجلة على أنه إذا قال شخص لأحد من أهل الصنائع اصنع لي الشيء الفلاني بكذا قرشًا وقبل الصانع ذلك انعقد البيع استحسانًا مثلًا لو أرى المشتري رجله لخفاف وقال له اصنع لي زوجي خف من نوع السختياني الفلاني بكذا قرشًا وقبل الصانع، أو تقاول مع نجار على أن يصنع له زورقًا أو سفينة وبين طولها وعرضها وأوصافها اللازمة وقبل النجار انعقد الاستصناع. وكذلك لو تقاول مع صاحب معمل على أن يصنع له كذا بندقية كل واحدة بكذا قرشًا وبين الطول والحجم وسائر أوصافها اللازمة وقبل صاحب المعمل انعقد الاستصناع.

ثانيًا – اشتراط المدة في عقد الاستصناع لا يخرجه عن كونه استصناعًا وإنما يحمل على الاستعجال وهو قول الإمامين وبه أخذت مجلة الأحكام العدلية لكونه أرفق وعند الإمام أبي حنيفة إذا ذكر الأجل يصير سلمًا فيشترط فيه ما يشترط للسلم.

ووجه قول الإمامين: إنه بدون ذكر الأجل جائز غير لازم فبذكر الأجل فيه لايصير لازمًا لأن ذكر الأجل للتيسير فلا يتغير فيه العقد من الاستصناع إلى السلم، ولأن اللفظ حقيقة الاستصناع وقد أمكن العمل بحقيقة اللفظ، وذكر الأجل يقتضي أن يكون سلمًا لكنه ليس بمحكم فيه بل يحتمل أن يكون للتعجيل وإذا كان كذلك فقد اجتمع المحكم والمحتمل فيحمل الثاني على الأول (1) .

ووجه قول أبي حنيفة:

أن هذا مبيع دين والمبيع الدين لا يكون إلا سلمًا كما لو ذكر لفظ السلم.

بيانه: أن المستصنع فيه مبيع، والأجل لا يثبت إلا في الديون، فلما ثبت فيه الأجل عرفنا أنه مبيع دين، والعبرة للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني (2) .

(1) المبسوط شرح المجلة، للأتاسي: 2/403. ح 11/139.

(2)

المبسوط شرح المجلة، للأتاسي: 2/403. ح 11/139.

ص: 854

خامسًا – عقد الاستصناع:

تمهيد:

يطلق الحكم في لسان الفقهاء على ثلاثة أنواع:

النوع الأول: صفة الشيء الشرعية من جهة كونه مطلوب الفعل والترك – ويسمى الحكم في هذا النوع حكمًا تكليفيًّا نسبة إلى التكليف من الشارع بالفعل أو الترك – واشتهر عند الفقهاء إطلاق لفظ الصفة، والصفة الشرعية على هذا النوع ويشمل الوجوب والسنية والحرمة والكراهة.

النوع الثاني: صفة الشيء الشرعية من جهة الاعتداد به وترتب الآثار عليه وعدم ذلك، ويسمَّى الحكم في هذا النوع حكمًا وضعيًّا نسبة إلى وضع الشارع ويشمل الصحة والنفاذ واللزوم والوقف والفساد والبطلان.

النوع الثالث: الأثر المترتب على تحقق صفة من صفات النوع الثاني وذلك كما يقال حكم البيع الصحيح النافذ أنه ناقل للملكية فيملك المشتري المبيع ويستحق البائع الثمن وهذا النوع هو الذي يتصرف إليه كلمة الحكم (1) .

وعلى هذا – فإن حكم عقد الاستصناع بالاعتبار الأول أنه جائز وهو من قبيل الرخص المستثناة من أصل كلي يقتضي المنع مطلقًا كالقرض والقراض والمساقاة وبيع العرية بخرصها تمرًا وضرب الدية على العاقلة وما أشبه ذلك وعليه يدل قوله: نهي عن بيع ما ليس عندك ورخص في السلم (2) وقد ثبت بالسنة والإجماع وقد استصنع النبي صلى الله عليه وسلم الخاتم والمنبر إلَّا أنه مخالف للقياس لأنه بيع المعدوم وقد جوز بالنظر للحاجة (3) .

(1) أحكام الأحوال الشخصية في الشريعة الإسلامية، للشيخ عبد الرحمن تاج: ص61، 62، بتصرف.

(2)

الموافقات: 1/303 ومابعدها.

(3)

شرح المجلة للمحاسني على المادة (388) .

ص: 855

أما من حيث الاعتبار الثاني:

فقد اختلفت أنظار الأئمة فيه إلى ثلاث اتجاهات:

الأول – أنه لازم في حق الجانبين ولو قبل عمل المصنوع وإرادته للمستصنع.

قال الشرنبلالي في حاشيتة على درر الحكام المسمَّى غنية ذوي الأحكام في بغية درر الحكام تعليقًا على قوله: (وله أي للأمر الخيار) أي، دون الصانع وهو الأصح. وعن أبي حنيفة أن الصانع له الخيار وعن أبي يوسف لا خيار لواحد منهما – كذا في الهداية (1) . – وبهذا الرأي القائل باللزوم في حق الصانع والمستصنع أخذت مجلة الأحكام العدلية: نصت المادة 392 إذا انعقد الاستصناع فليس لأحد العاقدين الرجوع وإذا لم يكن المصنوع على الأوصاف المطلوبة المبينة كان المستصنع مخيرًا.

قال الشارح علي حيدر: فإذا انعقد فليس لأحد العاقدين على رواية أبي يوسف الرجوع عنه بدون رضا الآخر، فيجبر الصانع على عمل الشيء المطلوب وليس له الرجوع عنه لأن الذي يبيع مالًا لم يرد له خيار، وكذلك ليس للمستصنع أن يرجع عنه لأنه لو جعل له الخيار لَلَحِقَ البائع أضرار لأنه قد لا يرغب في المصنوع أحد غير المستصنع (2) .

وقال الأستاذ منير القاضي في شرحه على المجلة: هو عقد لازم ليس لأحد العاقدين الرجوع فيه. ثم قال: ولا يخفى أن مسلك المجلة هو الأوفق للمصلحة كما أنه أقرب إلى القواعد الفقهية فإن الاستصناع بيع والبيع من العقود اللازمة، كما أن توصيف المستصنع وبيان ما يعينه مُنَزَّل منزلة رؤيته فلا يبقى للمشترى خيار رؤية أيضًا، لأن المقصود من الرؤية حصول العلم وقد حصل ذلك بذكر أوصافه وقدره وجنسه ونوعه.

فإذا أتى الصانع بالمصنوع على الصفة المشروطة يكون ملكًا للمستصنع ملكًا لازمًا فليس له الرجوع كما أنه ليس للصانع أن يبيعه لآخر بعد أن أراه للمستصنع أما قبل إراءته إياه فيجوز له بيعه لآخر وعمل غيره للمستصنع وإذا كان الصانع قد أتى بالمصنوع لا على الأوصاف المطلوبة المبينة في العقد كان المستصنع مخيرًا بين قبوله ورده مع تكليف الصانع بتسليمه مصنوعًا موافقًا للأوصاف المطلوبة عند العقد (3) .

وقال المحاسني في شرحه على المادة (392) وإذا لم يكن المصنوع على الأوصاف المطلوبة المبينة كان المستصنع مخيرًا بخيار العيب أو بخيار الوصف إذا كان النقص من قبيل الوصف إن شاء قبله وإن شاء ردَّهُ، وليس للمستصنع خيار الرؤية عند أبي يوسف، وقد أخذت المجلة بقول الإمام المشار إليه (4) .

(1) 2/198.

(2)

1/361.

(3)

شرح المجلة، لمنير القاضي: 1/208.

(4)

شرح مجلة الأحكام العدلية، لمحمد سعيد المحاسني.

ص: 856

الاتجاه الثاني:

وهو للصاحبين وجمهور الفقهاء إلى أنه عقد غير لازم في حق كل واحد من العاقدين قبل رؤية المستصنع والرضاء به، فللصانع أن يمتنع من الصنع وأن يبيع المصنوع قبل أن يراه المستصنع وللمستصنع أن يرجع أيضًا قبل رؤية المبيع أو بعد رؤيته قبل الرضاء به.

الاتجاه الثالث:

وهو عدم اللزوم ولو بعد رؤية المستصنع للمصنوع وهو قول أبي حنيفة فيكون له خيار الرؤية عند إحضار المصنوع لأنه شراء ما لم يره (1) .

وأما بالاعتبار الثالث فإنه يترتب على عقد الاستصناع إذا تكاملت فيه جميع عناصره تملك المستصنع للشيء المصنوع ويستحق الصانع الثمن المتفق عليه.

(1) شرح الأتاسي:2/406.

ص: 857

المحور الثاني، ويتناول المباحث التالية:

1-

الاستصناع والسلم.

2-

العلاقة بين العقدين.

3-

شروط كل من الاستصناع والسلم.

اولًا – الاستصناع والسلم:

السلم ثابت بالكتاب والسنة والإجماع فقد ورد في القرآن الكريم قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} .

قال ابن العربي في حقيقة الدين: هو عبارة عن كل معاملة كان أحد العوضين فيها نقدًا والآخر في الذمة نسيئة. فإن العين عند العرب ما كان حاضرًا والدين ما كان غائبًا (1) .

وورد في الحديث من أسلم منكم فليسلم في كيل معلوم إلى أجل معلوم إلا أنهم قالوا إنه مخالف للقياس لأنه عبارة عن بيع المعدوم وفيه فائدة للمسلم إليه ولرب السلم لأن المسلم إليه كثيرًا ما يكون من الزراع المحتاجين للنقود ورب السلم من التجار فيدفع رب السلم النقود بمقابل أمل ارتفاع أسعار المبيع حين تسليمه له ويستفيد المسلم إليه بالنقود التي قبضها من رب السلم ويعتبر فيه خيار العيب خلافا لخيار الشرط وخيار الرؤية لأن السلم دين وهذه الخيارات لا تقع في الدين (2) .

والسلم لا يصح إلا فيما يمكن ضبطه وتعيينه قدرًا ووصفًا كالمكيلات والموزونات والمذروعات والعدديات المتقاربة، وأما العدديات المتضاربة في القيمة كالبطيخ والرمان فلا يجوز السلم فيها عددًا إلا ببيان صفتها المميزة لها.

والقاعدة التي يرجع إليها أن مالا يمكن ضبط صفته ومعرفة قدره لا يصح السلم فيه لأنه يفضي إلى المنازعة، ويشترط لصحة السلم (إن كان المسلم فيه حنطة أو قطنًا أو خبزًا أو شعيرًا أو غير ذلك من الأشياء الي يمكن أن توجد ويمكن أن لا توجد) أن يكون موجودًا وقت العقد إلى وقت التسليم ليكون البيع بعيدًا عن الغرر بإمكان التسليم.

وذهب آخرون إلى جواز السلم فيما ليس بموجود في وقت العقد إذا أمكن وجوده في وقت حلول الأجل (3) .

أما الاستصناع فإنه يتفق وعقد السلم في أن كلًّا منهما بيع وأنه جوز على خلاف القياس إلا أن عقد الاستصناع يشترط فيه كون العين والعمل من الصانع وأن يقع فيما تعامل الناس به وإلَّا يكون سلمًا إذا عين له مدة، أو عقدًا فاسدًا إذا لم تعين مدته، ويجب تعريف المصنوع في الاستصناع ولا يجب دفع الثمن نقدًا ويختلف كذلك السلم عن الاستصناع من وجوه:

أولًا – السلم بيع من كل الوجوه والاستصناع بيع وإيجار وعمل.

ثانيًا – يبطل الاستصناع بوفاة أحد المتعاقدين خلافًا للسلم.

ثالثًا – يشترط في السلم دفع الثمن نقدًا وبيان الأجل وبالاستصناع لا يشترط ذلك (4) .

(1) أحكام القرآن: 1/247.

(2)

شرح المجلة، لعلي حيدر: 1/349؛ وكفاية الأخيار:1/159.

(3)

المعاملات الشرعية، لأحمد إبراهيم: 145، 146 – مجلة الأحكام العدلية وشرحها.

(4)

شرح المحاسني على المجلة: المادة (392) .

ص: 858

ثانيا – العلاقة بين العقدين:

بينا أن كلًّا من السلم والاستصناع من العقود التي تشتمل على غرر وجُوِّزَا لمسيس الحاجة إليهما فقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وهم يسلفون في التمر السنة والسنتين والثلاث فقال: " من أسلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم".

وينعقد إن كان مؤجلًا بلا خلاف بين الأئمة أما إن كان حالًّا فلا يصح عند الأئمة الثلاثة ويصح عند الشافعى لأنه إذا جاز في المؤجل مع الغرر فهو في الحال أجوز، لأنه أبعد عن الغرر.

كما يتفق العقدان في أنه لا بد من ضبطهما بالصفة التي تنفي الجهالة قال في الكفاية: لأن السلم عقد غرر وعدم الضبط بما ينفي الجهالة غرر ثان وغرران على شيء واحد غير محتمل (1) .، ونصت المادة 390 من مجلة الأحكام العدلية يلزم في الاستصناع وصف المصنوع وتعريفه على الوجه الموفق المطلوب قال شارحه علي حيدر: يلزم في الاستصناع وصف المصنوع وصفًا يمنع حدوث أي نزاع لجهالة شيء من أوصافه وتعريفه تعريفًا يتضح به جنسه ونوعه على الوجه المطلوب (2) .

تنبيه:

اختلف أقوال شراح المجلة على المادة (389) ونصها: كل شيء تعومل فيه استصناعه يصح فيه الاستصناع على الإطلاق، وأما ما لم يتعامل باستصناعه (إذا بين فيه المدة صار سلمًا ويعتبر فيه حنيئذٍ شرائط السلم وإذا لم يبين في المدة كان من الاستصناع أيضًا) .

قال المرحوم خالد الأتاسي في شرحه على هذه المادة:

والحاصل: أن ما تعورف في استصناعه ولم يبين له مدة أصلًا أو بين دون الشهر فهو استصناع بالاتفاق، وإن بين له مدة شهر أو أكثر فهو استصناع عندهما سلم عنده. وما لم يتعارف استصناعه إن بين فيه مدة السلم شهرًا أو أكثر فهو سلم بالاتفاق، وإن لم يبين فيه مدة فهو استصناع فاسد منهي عنه.

ثم عقب على ذلك فقال: "فهو وإن كان فاسدًا لكن بعد وقوعه يأخذ حكم الصحيح وقد أشارت المجلة إلى هذا بقولها (كان من قبيل الاستصناع) أي تجري فيه أحكام الصحيح وإن لم يكن استصناعًا مشروعًا، لأن من العقود ما يكون فاسدًا منهيًّا عنه وبعد وقوعه يأخذ حكم الصحيح كالمبيع بعقد فاسد يدخل في ملك المشتري بالقبض. والرهن الفاسد بشيوع أو غيره إذا كان سابقًا على الدين، يأخذ حكم الصحيح بعد وقوعه (3) .

(1) كفاية الأخيار: 1/159.

(2)

دور الحكام شرح مجلة الأحكام: 1/360.

(3)

شرح المجلة، للأتاسي: 2/405.

ص: 859

ويقول الأستاذ علي حيدر مسائل خمس في الاستصناع:

1-

إذا لم تبين المدة في الأشياء التي جرى التعامل باستصناعها فالعقد عقد استصناع بالإجماع.

2-

إذا كانت المدة المبينة أقل من شهر أي لم تبلغ المدة التي يصح بها السلم والأشياء مما جرى التعامل به على الاستصناع فهو كذلك عقد استصناع بالإجماع.

3-

إذا كانت المدة المبينة في الأشياء التي تستصنع عادة شهرًا أو أكثر من شهر فهو عقد استصناع عند الصاحبين وعقد سلم عند الإمام وتؤخذ هذه الأحكام من الفقرة الأولى.

4-

إذا كانت المدة لأقل من شهر أي للأجل الذي يصح به السلم والأشياء مما لم تستصنع عادة فهو سلم بالإجماع.

5-

إذا لم تبين المدة في الأشياء التي لم يجر التعامل بها على وجه الاستصناع فظاهر المجلة أنه عقد استصناع، والحق أنه عقد فاسد (1) وإذا كان فاسدًا فإنه يأخذ حكم الصحيح بعد وقوعه على ما سلف البيان.

ثالثًا – شروط كل من الاستصناع والسلم:

يشترط في الاستصناع أن يكون العمل والعين من الصانع، وأن يكون في الأشياء المتعامل فيها أما التي لم يجر التعامل فيها فالعقد فيها فاسد إن لم يبين فيها مدة، ولكن بعد وقوعه يأخذ حكم الصحيح على ما سلف البيان (2) ولا يلزم في الاستصناع دفع الثمن وقت العقد، ويلزم وصف المصنوع وتعريفه ولا يشترط فيه تعيين الأجل وقد سبق بيان هذه الشروط في الفصول السابقة.

أما السلم فله شروط وقد قسم ابن جزي في قوانينه هذه الشروط إلى ثلاثة أقسام: قسم يشترك فيه رأس المال والمسلم فيه، وقسم ينفرد به رأس المال وقسم ينفرد به المسلم فيه.

(1) شرح علي حيدر: 1/360 وينظر المعاملات الشرعية، لأحمد إبراهيم: ص148.

(2)

شرح الأتاسي على المجلة: 2/404.

ص: 860

أما الشروط المشتركة فهي ثلاثة:

الأول – أن يكون كل واحد منهما مما يصح تملكه وبيعه احترازًا من الخمر والخنزير وغير ذلك.

الثاني – أن يكونا مختلفين جنسًا تجوز فيه النسيئة بينهما فلا يجوز السلم في الذهب والفضة أحدهما في الآخر لأن ذلك ربا كذلك تسليم الطعام بعضه في بعض ممنوع لأنه ربا. ويجوز تسليم العروض بعضها في بعض وتسليم الحيوان بعضه في بعض ومنع أبو حنيفة السلم في الحيوان.

الثالث – أن يكون كل واحد منهما معلوم الجنس والصفة والمقدار إما بالوزن فيما يوزن أو بالكيل فيما يكال أو بالذرع فيما يذرع أو بالعد فيما يعد أو بالوصف فيما لا يوزن ولا يكال ولا يعد.

وأما الشروط التي ينفرد بها رأس المال فهو أن يكون نقدًا ويجوز تأخيره عند المالكية لغير شرط ويجوز بشرط ثلاثة أيام ونحوها. واشترط غيرهم التقابض في المجلس.

وأما الشروط التي في المسلم فيه فهي:

أولا- أن يكون مؤخرًا إلى أجل معلوم وأجازه الشافعي على المحلول.

ثانيًا – أن يكون مطلقًا في الذمة فلا يجوز في شيء معين كزرع قرية بعينها.

ثالثًا – أن يكون مما يوجد جنسه عند الأجل اتفاقًا سواء وجد عند العقد أو لم يوجد واشترط أبو حنيفة وجوده عند العقد والأجل (1) .

(1) القوانين الفقهية، لابن جزي ص177، 178؛ الشرح الصغير: 3/262 وما بعدها؛ حاشية الشرقاوي على التحرير: 2/22 ومابعدها؛ كفاية الأخيار: 1/160 ومابعدها، المغني، لابن قدامة: 4/246 ومابعدها؛ كشاف الفتاح: 3/288 ومابعدها؛ درر الحكام شرح مجلة الأحكام، لعلي حيدر: 1/373 ومابعدها.

ص: 861

المحور الثالث

أثر الاستصناع في تنشيط الحركة الصناعية

عقد الإمام أبو الحسن الماوردي في كتابه أدب الدنيا والدين بحثًا في وجوه المكاسب فقال: وجهات المكاسب المعروفة من أربعة أوجه: نماء زراعة، ونتاج حيوان، وربح تجارة، وكسب صناعة.

وحكى الحسن بن رجاء عن المأمون قال: سمعته يقول: معايش الناس على أربعة أقسام: زراعة وصناعة وتجارة وإمارة.

وبعد أن تكلم عن الزراعة وأنها مادة أهل الحضر وسكان الأمصار والمدن ونتاج الحيوان وهو مادة أهل الفلوات وسكان الخيام والتجارة وهي فرع لمادتي الزرع والنتاج أسهب القول في الصناعة وأنها وثيقة الصلة بالأسباب الثلاثة وأنها تنقسم إلى ثلاثة أقسام: صناعة فكر وصناعة عمل وصناعة مشتركة بين فكر وعمل. وتكلم عن العمل الصناعي بأنه أعلاها رتبة لأنه يحتاج إلى معاطاة في تعلمه ومعاناة في تصوره.

وقال عكرمة في قوله تعالى: {وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ} ، قدر في كل بلدة منها ما لم يجعله في الأخرى ليعيش بعضهم من بعض بالتجارة من بلد إلى بلد (1) .

وقد امتن الله على نبيه داود عليه السلام فقال: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الحَدِيدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (2) .

(1) أدب الدنيا والدين: ص208.

(2)

سورة سبأ: الآيتان10و11.

ص: 862

أي: وجعلت الحديد في يده لينًا يسهل تصويره وتعريفه كما يشاء فيعمل منه الدروع وآلات الحرب على أتم النظم وأحكم الأوضاع فيجعل حلقاتها على قدر الحاجة.

قال قتادة: إن داود أول من عملها حلقًا وكانت قبل ذلك صفائح فكانت ثقالًا.

وبين سبحانه وتعالى أنه أنعم على ابنه سليمان كذلك وأنه أذاب له النحاس على نحو ما كان لداود من إلانة الحديد وسخر له الجن عملة بين يديه يعملون له شتى المصنوعات من قصور شامخات وصور من نحاس وجفان كبيرة كالأحواض وقدور لا تتحرك لعظمها.

وقد حث الإسلام على العمل فقد روى البخاري أن رجلًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يطلب منه صدقة فأمره النبي بالانتظار ثم دعا بقدوم ودعا بيد من خشب سواها بنفسه ووضعها فيها ثم دفعها للرجل وأمره أن يذهب إلى مكان ليحتطب ليكسب قوته وقوت عياله.

وقال عليه الصلاة والسلام: ((إن الله يحب العبد المحترف)) .

ويعقد صاحب كتاب التراتيب الإدارية فصولًا مستفيضة في ذكر الحرف والصناعات التي كانت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر من عملها من الصحابة رضوان الله عليهم وقال إنه استدرك فصولًا على الإمام الخزاعي.

ونقل في المقدمة الثانية: قول المواق الذي يتبين من الفقه أن الصناعات والتجارات والاشتغال بالعلم الزائد على فرض العين وعلى الطب كل ذلك أسباب شرعية.

ونقل عن عمدة الطالب: طلب التكسب واجب فريضة كما أن طلب العلم فريضة ثم التكسب أنواع: كسب مفروض وهو الكسب بقدر الكفاية لنفسه ولعياله وقضاء دينه، وكسب مستحب وهو كسب الزيادة على أذي الكفاية ليواسي به فقيرًا أو يجازي به قريبًا ثم قال: إنه أفضل حتى من التخلي لنفل العبادة ثم قال: فأفضل مكسوب التجارة ثم الصناعة ثم طلب العلم.

وقال في المقدمة الرابعة: ترجم البخاري في كتاب البيوع من صحيحه باب ما ذكر في الأسواق. قال ابن بطال: أراد بذكر الأسواق إباحة المتاجر ودخول الأشراف والفضلاء إلى الأسواق وكأنه أشار إلى ما لم يثبت على شرطه من أنها شر البقاع.

ص: 863

وقال ابن رشد: وأما جواز دخول الأسواق والمشي فيها فكفى في الحجية في ذلك قول الله عز وجل: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ} (1) .

وكان البخاري صاحب تجارة وزع وروى أنه أعطي ببضاعة خمسة آلاف فذكر في نفسه ولم يتلفظ فأعطي فيها بعد ذلك أضعاف الأولى ألوفًا مؤلفة.

وقد صنفت مؤلفات كثيرة في وجوه المكاسب أشار إليها صاحب التراتيب الإدارية منها:

1-

كتاب البركة في فضل السعي والحركة قال وهو مجلد اشتمل على سبعة أبواب، الباب الأول في فضل الحرث والزرع والثمار وغرس الأشجار وحفر الأنهار وفيه فصول. الباب الثاني في فضل الغزل وفيه فصول، الباب الرابع فيما ورد من الآثار في الطب والمنافع.

2-

وكتاب الشرح الجلي للشهاب التبريز اشتمل على أنواع المتاجر والحرف والصنائع وأنه تكلم على الزراعة والتجارة والخياطة والحياكة والقصارة والجزارة والطباخة والصباغة.

ثم ذكر في المقدمة التاسعة: الحرف والصناعات التي عرفها أهل الإسلام واستعملوها وأن خالد بن يزيد الأموي ترجم بعض الكتب المصنفة منها باللسان القديم في أواخر عصر الصحابة. وألف الجاحظ كتاب الأخطار والمراتب في الصناعات وله أيضًا كتاب غش الصناعات، إلى غير ذلك مما مجرد الإشارة إليه يستغرق صفحات.

من هذا العرض يتبين مدى أهمية المكاسب على اختلاف وجوهها في الإسلام ومن ثم فليس غريبًا أن نرى التجارة تتسع وتنتشر مع اتساع الإسلام وانتشار سلطانه حتى تهيأت أسواق ضخمة وتجارات واسعة وصناعة متنوعة. وقد عرف المجتمع الإسلامي صيغة الإنتاج المشترك وكان هناك عقود المشاركة التي يسهم فيها الشركاء بنسب مختلفة بقوة العمل وأدوات الإنتاج والمواد الأولية ثم يتقاسمون الأرباح بينهم بنسبة إسهامهم.

وإن أمم الأرض قاطبة تسعى جاهدة لاستغلال اقتصادها ومواردها وإمكاناتها من أجل حياة أفضل وأخذت تنسق فيما بينها الخطط والمشروعات حماية لاقتصادها من جهة ورفعها لمستوى شعوبها من جهة أخرى كالسوق الأوربية وغيرها من المنظمات والأحلاف والمعاهدات وإن الأمة الإسلامية لها من تراثها الاقتصادي نظريًّا وتطبيقًا، ومن إمكاناتها المادية والمعنوية ومواردها الطبيعية وتشعب حاجاتها ما يدعوها إلى إقامة صروح اقتصادية تكفل لها القوة والمنعة والعزة.

والله ولي التوفيق.

الدكتور عبد الله محمد عبد الله.

(1) سورة الفرقان: الآية20.

ص: 864

الخلاصة لعقد الاستصناع

أولًا – عقد الاستصناع يحتل مكانة بارزة في الفقه الحنفي له خصائصه ومميزاته عن العقود الأخرى، أما المذاهب الأخرى فقد مزجته بعقود أخرى كعقد السلم.

ثانيًا – عرفوه بتعريفين:

أحدهما – هو عقد على مبيع في الذمة.

والآخر: هو عقد على مبيع في الذمة شرط فيه العمل.

وعند المحققين أن الصحيح هو التعريف الثاني لأن الاستصناع طلب الصنع فما لم يشرط فيه العمل لا يكون استصناعًا. واعتبروه من قبيل البيوع لا المواعدة.

ثالثًا – وحكمه أنه جائز على خلاف القياس وفقًا لحاجة الناس وتيسيرًا عليهم وهو لازم للطرفين وهذا الرأي أخذت به مجلة الأحكام العدلية.

رابعًا – ويتفق مع عقد السلم في بعض الوجوه ويفترق عنه من وجوه أخرى يتفقان في أن كلًّا منهما بَيعٌ وأنه جوز على خلاف القياس إلَّا أن عقد الاستصناع يشترط فيه كون العمل والعين من الصانع وأن الاستصناع يقع فيما يتعامل الناس به وإلا كان سلمًا ويفترقان من وجوه أخرى فإن السلم بيع من كل الوجوه، أما الاستصناع فبيع وإيجار وعمل وأن الاستصناع يبطل بوفاة أحد المتعاقدين بخلاف السلم وأن السلم يشترط فيه دفع الثمن مقدمًا بخلاف الاستصناع. وأنه يلزم بيان الجنس والصفة وكل المواصفات بدقة تمنع الجهالة والمنازعة بين المتعاقدين.

ص: 865