الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(مدى انتفاع الاقتصاد من بيع الوفاء)
أو
توظيف بيع الوفاء في اقتصاد العصر
إعداد
الدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور
عضو مجمع الفقه الإسلامي بجدة
بسم الله الرحمن الرحيم
التشريع الإسلامي تشريع مرن، موافق لمصالح العباد، محقق لهم السعادة واليسر ورفع الحرج ودفع الضرر بما اشتمل عليه من أحكام، وما قامت عليه تلك الأحكام من قواعد وأسس ولقد مر على المسلمين ردح من الزمن وهم منغلقون على أنفسهم في دراستهم وفهمهم لفقههم الإسلامي الزاخر الفياض، لا يكادون يبتعدون عن الفهم الحرفي الضيق في الأعم الأغلب بالرغم مما يزخر به هذا الفقه العتيد من نظرات ثاقبة وآراء واجتهادات صائبة، حتى اجتاح العالم الإسلامي هذه الموجة من الحداثة وما تبعها من إعادة النظر فيما لدينا وما لدى غيرنا وما استتبع ذلك من المقارنات والدراسات.
ولئن كان عقد بيع الوفاء من العقود التي ابتكرها الفقه الإسلامي العظيم في حقبة من حقب تاريخه الناصع المشرق. ثم جاء من أبناء جلدتنا من تنكر لهذا الفقه ولهذا التاريخ ولهذه الدراسات الفقهية الدقيقة، فنحن اليوم أولى الناس بكنوزنا أن نفك عنها القيود والكبول وأن نستخرج منها الحلول للمشكلات الاقتصادية الجديدة.
لهذا اخترت هذا البحث وجعلت عنوانه: (مدى انتفاع الاقتصاد من بيع الوفاء) أو (توظيف بيع الوفاء في اقتصاد العصر) وقدمته ورقة عمل لمجمع الفقه الإسلامي بجدة الذي أشرف بأني أحد أعضائه المؤسسين والعاملين، لعلها تنال من الدرس والاهتمام ما يسدد ويصوب ويتمم، وأقمته - أي البحث - على مدخل ومقصد وخاتمة
…
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
المدخل إلى البحث
التعريف ببيع الوفاء عند الفقهاء إجمالًا
(أ) تعريف بيع الوفاء:
بيع الوفاء هو (أن يبيع شيئًا بكذا أو بدين عليه بشرط أن البائع متى رد الثمن إلى المشتري أو أداه الدين الذي له عليه يرد عليه العين المبيعة وفاء)(1) .
أو هو (أن يبيع المحتاج إلى النقود عقارًا على أنه متى وفَّى الثمن استرد العقار)(2) .
أو هو (البيع بشرط أن البائع متى رد الثمن يرد المشتري إليه المبيع)(3) .
أو هو عند الحنفية قولهم: (متى جئتك بالثمن رددت إليَّ المبيع)(4) .
وهو بعد عقد توثيقي (5) في صورة بيع على أساس احتفاظ الطرفين بحق التراد في العوضين، فهو عقد مزيج من بيع ورهن لكن أحكام الرهن فيه هي الغالبة (6) ، تردد بين كونه بيعًا أو رهنًا ثم استقر على هذا الاسم الخاص به، وهو من أقسام العقود غير المسماة شرعًا، ولم يرتب التشريع أحكامًا خاصة بها وإنما استحدثها الناس تبعًا للحاجة، ويفترق عن الرهن في غايته من حيث إن غاية الرهن توثيقية فقط، وغاية بيع الوفاء توثيق الدين وانتفاع المشتري الدائن بالعقار.
(ب) تاريخ استحداثه:
حدث هذا البيع ببخارى أواخر القرن الخامس الهجري، واستقر أخيرًا رأي الفقهاء فيه على أنه يشبه ثلاثة عقود؛ البيع الصحيح، والبيع الفاسد، والرهن، فأعطي من كل واحد من هذه العقود ما يناسب غايته من الأحكام، فهو في حكم البيع الجائز الصحيح بالنظر إلى انتفاع المشتري به، وفي حكم البيع الفاسد بالنظر إلى كون كل من الطرفين مقتدرًا على الفسخ، وفي حكم الرهن بالنظر إلى أن المشتري لا يقدر على بيعه من الغير والدليل على هذا التاريخ الذي ذكرناه لحدوث بيع الوفاء وحدده الأستاذ الزرقاء أن الإمام نجم الدين أبا حفص عمر بن محمد النسفي قال في فتاواه:(البيع الذي تعارفه أهل زماننا احتيالًا للربا وسموه ((بيع الوفاء)) ، وهو في الحقيقة رهن) (7) ، ونجم الدين النسفي ولادته سنة 461هـ ووفاته 537هـ، فبيع الوفاء تجري فيه أحكام عقود عديدة أبرزها أحكام الرهن (8) .
وقد استحدث بيع الوفاء إلى جانب الرهن على أساس أن يستحق المشتري فيه منافع المبيع بمقتضى العقد على خلاف حكم الرهن، وأخيرًا جاء القانون المدني السوري سنة 1949م فمنع بيع الوفاء وعده باطلًا استغناء عنه بالرهن (9) .
(1) مرشد الحيران، مادة 561: ص141.
(2)
رد المحتار: 4/257؛ والمجلة في المواد: 396 - 403.
(3)
المجلة بشرحها، لباز مادة 118: ص59.
(4)
رد المحتار على الدر والفقه الإسلامي وأدلته: 4/243 و 485.
(5)
انظر تفصيل ذلك في المدخل الفقهي العام، للأستاذ مصطفى أحمد الزرقاء: 1/544.
(6)
انظر تفصيل ذلك في المدخل الفقهي العام، للأستاذ مصطفى أحمد الزرقاء: 1/544.
(7)
انظر آخر البيوع من كتاب الدرر.
(8)
المدخل الفقهي العام: 1/205؛ حاشية الصفحة، وانظر شرح مجلة الأحكام العدلية، لسليم رستم باز طبعة ثانية سنة 1898م.
(9)
انظر المدخل الفقهي: 1/555 وما بعدها؛ والقانون المدني السوري م433.
(ج) مجمل قواعد بيع الوفاء عند الحنفية:
1-
اختلف الحنفية في انتفاع المشتري بالمبيع على تيارين اثنين في المذهب؛ فقالوا أولًا: لا يجوز للمشتري وفاء أن ينتفع بالمبيع إلا بإذن البائع ويضمن ما أكله بغير إذنه من ثمرة أو ما أتلفه من شجرة، وهذا قول بعض المتقدمين من علماء المذهب، والذي رجحه المتأخرون وعليه الفتوى تمليك المشتري المنافع دون حاجة إلى إذن البائع بل بحكم العقد (1) .
2-
لا يجوز للبائع أو المشتري أن يبيع العين المبيعة وفاء لشخص آخر، فلو باعها البائع لآخر بيعًا باتًّا توقف البيع على إجازة مشتريها وفاء، ولو باعها المشتري فللبائع أو ورثته حق استردادها، ويكون للمشتري إعادة يده عليها حتى يستوفي دينه.
3-
إذا قبض المشتري المبيع وفاء بعدما دفع الثمن للبائع وتوافق البائع مع المشتري على أن يرد له المبيع إذا رد له نظير الثمن في وقت كذا، ثم جاء الوقت وامتنع البائع من رد نظير الثمن للمشتري يؤمر البائع ببيع المبيع وقضاء الدين من ثمنه، فإذا امتنع باع الحاكم عليه.
4-
إذا هلك المبيع وفاء وكانت قيمته مساوية للدين المطلوب من البائع سقط الدين في مقابلته، وإن كانت قيمته أقل من الدين المطلوب سقط من الدين بقدر قيمته واسترد المشتري الباقي من البائع.
5-
إذا هلك المبيع وفاء في يد المشتري وكانت قيمته زائدة عن مقدار الدين سقط من قيمته قدر ما يقابل الدين، وضمن المشتري الزيادة إن كان هلاك المبيع بتعديه، وإن كان بدون تعديه فلا تلزم الزيادة.
6-
إذا مات أحد المتبايعين وفاء تقوم ورثته مقامه في أحكام الوفاء.
7-
ليس لسائر الغرماء أن يزاحموا المشتري في المبيع وفاء حتى يستوفي دينه من المبيع (2) .
فهو إذن عقد مزيج من بيع ورهن لكن أحكام الرهن فيه هي الغالبة:
1-
ففيه من معنى البيع أحكام أهمها: أن المشتري بالوفاء يملك بمقتضى العقد منافع الشيء المبيع وفاءً، فله أن ينتفع به بنفسه، وأن يستغله بإيجاره للبائع ذاته أو لغيره، بخلاف الرهن كما هو معلوم.
2-
وفيه من معاني الرهن كثير قد تصل إلى ستة معان تُنظَر في مظانها (3) فالمبيع والثمن في بيع الوفاء لهما حكم المرهون والدين المرهون فيه، لا حكم المبيع والثمن حقيقة (4) .
(1) هو القول الجامع وعليه علامة الفتوى في المذهب؛ انظر رد المحتار: 4/247، طبعة بولاق سنة 1272هـ آخر كتاب البيوع.
(2)
انظر مرشد الحيران: ص141 وما بعدها، والمواد من 561 إلى 568.
(3)
انظر المدخل الفقهي العام: 1/554 ف 274.
(4)
وانظر كذلك كتابنا (نظرية الاستحسان في التشريع الإسلامي وصلتها بالمصالح المرسلة) طبعة دار دمشق في مواطن متعددة.
مدى علاقة بيع الوفاء بالرهن:
احتيج إلى بيع الوفاء ولم يُغنِ الرهن عنه؛ لأن الرهن لا يفيد المرتهن في حق الانتفاع به أو إيجاره في مقابل الدين، وإذا أذن المدين الراهن للمرتهن بالانتفاع فله أن يرجع عن هذا الإذن شرعًا، فاستحدثوا بيع الوفاء ليدخلوا به من أحكام البيع على أحكام الرهن حق الانتفاع للمرتهن بمقتضى العقد، لأن الناس أمسكوا أموالهم عن إقراضها بلا منفعة، فتعورف هذا العقد في صورة شراء وانتفاع، وفي معنى رهن، ليكون فيه للناس مندوحة عن الالتجاء إلى المراباة.
وهذا العقد إنما يجري على العقار؛ واختلف اجتهاد الفقهاء في جريانه على المنقول.
وعلى هذا فبيع الوفاء يجب أن يذكر عقدًا مستقلًّا لا فرعًا من فروع البيع، وأن يذكر في ترتيب العقود المسماة عقب الرهن لأن فهمه يتوقف على فهم أحكام البيع والرهن معًا (1) .
هذا؛
والجدير بالذكر هنا أنه كانت النصوص القانونية المعول عليها لدينا في أحكام بيع الوفاء: هي نصوص قانون الملكية العقارية (2) وقد نص على أن منافع العقار المبيع بالوفاء تكون بمقتضى العقد للبائع لا للمشتري، ويكون المشتري مسؤولًا وضامنًا لكل ما يستفيده من ثمرات المبيع ومنافعه فتطرح قيمتها من أصل الدين إلا إذا اشترط الطرفان خلاف ذلك، وبذلك لم يبق فرق يذكر بين رهن العقار وبيعه وفاء في أحكام هذا القانون حيث يصبح ذكر بيع الوفاء فيه عبثًا وتكرارًا محضًا لأحكام الرهن فيه باسم جديد.
(1) انظر المدخل الفقهي العام: 1/554 وما بعدها، ف 274.
(2)
ذي الرقم 3339، المادة 95 منه.
لقد فطن لذلك الأستاذ الجليل مصطفى أحمد الزرقاء في كتابه المدخل، فقال ما نصه:((متقفيًا أثر والده علامة الحنفية في عصره المرحوم الشيخ أحمد الزرقاء رحمه الله تعالى)) فقال حفظه الله:
(وهذا من جهل واضعي هذا القانون بمبنى الفرق بين الرهن وبيع الوفاء بحسب منشأ هذا العقد، فإن بيع الوفاء إنما استحدث إلى جانب الرهن على أساس أن يستحق المشتري في منافع المبيع بمقتضى العقد على خلاف حكم الرهن كما أوضحناه، ولعل خطأ واضعي هذا القانون من هذه الناحية ناشىء عما يوهمه ظاهر المادة 398 من المجلة إذ تقول: إنه (إذا اشترط في بيع الوفاء أن يكون قدر من منافع المبيع للمشتري صح ذلك) فإن ظاهرها يوهم أن المشتري لا يستحق منافع المبيع وفاء إلا بالشرط.
لكنها يجب أن تفهم بأنه إذا اشترط للمشتري بالوفاء جزء فقط من منافع المبيع يخص حقه في المشروط، أما إذا لم يُشرط في العقد شيء فالمنافع كلها للمشتري بمقتضى العقد وذلك بدلالة المادة 118 من المجلة نفسها، فقد صرحت هذه المادة أن بيع الوفاء إنما يشبه البيع الصحيح ويفترق عن الرهن من جهة أن المشتري وفاء يملك منافع المبيع، وهو الحكم الذي قرره الفقهاء في بيع الوفاء، وهذا ما حققه والدي الشيخ أحمد الزرقاء (1) رحمه الله تعالى في شرحه المخطوط على القواعد الكلية من المجلة) .
ثم يقول الأستاذ الزرقاء: (وأخيرًا جاء القانون المدني سنة 1949م فمنع بيع الوفاء واعتبره باطلًا استغناء عنه بالرهن)(2) .
(1) انظر كتابنا (ابن عابدين أثره في الفقه) : ج3، (رسالة دكتوراة 2) .
(2)
المدخل: 1/555 وما بعدها، ف 274 الحاشية.
المقصد من البحث
أستطيع أن أقسم البحث في هذا المجال إلى قسمين في حالتين:
(أ) القسم الأول: في حالة الانتفاع من بيع الوفاء بشكل مباشر بين المتعاقدين بلا وسيط.
(ب) والقسم الثاني: في حالة الانتفاع من بيع الوفاء بشكل غير مباشر وذلك بوجود وسيط هو المصرف اللاربوي، أو الجمعيات السكنية.
فأما حالة الانتفاع من هذا العقد بلا وسيط فيتجلى ذلك في الصور التالية:
1-
قيام نوع من التعامل التجاري بين الأفراد على أساس بيع الوفاء ولاسيما في مجال الإسكان، فإن أزمات الإسكان تكاد تصبح معضلة العصر، فلا مانع من توظيف هذا العقد مع تطويره في مجال الإسكان والإعمار، وإيجاد البدائل الصالحة باستخدام هذا العقد وأمثاله عن اللجوء إلى المعاملات الربوية المحرم الممقوت.
2-
محاولة إيجاد صيغ عملية لهذا العقد المرن الذي نحن اليوم أحوج ما نكون إليه ولأمثاله (1) ، ولا سيما إذا علمنا ما فيه من مرونة عملية.
فالبائع والمشتري في البيع بالوفاء قادران على الفسخ أو التراد، مع علمنا أيضًا بأن تمليك المشتري المنافع فيه بحكم العقد على المفتى به عند الحنفية دون حاجة إلى إذن البائع، وبأن ضمان المشتري للمبيع كضمان المرهون، وبأن كون المبيع في بيع الوفاء غير مشاع شرط فيه، وبأن ليس للبائع أو المشتري بيع المبيع وفاء من آخر، وبأنه إذا توفي أحد العاقدين للبيع بالوفاء قامت ورثته مقامه، وبأنه يعطى للمشتري حق الأولوية في بيع الوفاء عن غيره في أخذ المبيع، وبأن المشتري يتملك زوائد المبيع وفاء، ولا يضمنها (2) .
(1) وذلك كالأخذ بالرهن الحيازي من القانون الفرنسي الذي استقاه بدوره من الشريعة الإسلامية كما هو معروف مع تعديلات.
(2)
انظر رد المحتار: 4/257 وما بعدها؛ وجامع الفصولين: 1/237 وما بعدها؛ وشرح المجلة لحيدر: 1/364 وما بعدها؛ وشرح الأتاسي على المجلة: 2/414 وما بعدها؛ المواد: 396 - 403.
وأما حالة الانتفاع من بيع الوفاء بشكل غير مباشر وذلك بوجود وسيط، فذلك فيما أرى يمكن أن يكون بأحد طريقين:
1-
طريق وساطة المصرف شريطة أن يكون مصرفًا لا ربويًا، فيكون بذلك هذا المصرف وسيطًا بين طرفي التعامل بحيث يكون المصرف راهنًا لطرف ومرتهنًا لطرف آخر، ويبايع بالوفاء مع الطرفين كلًّا على حدة، بحيث يربح المصرف ربحًا مشروعًا دون ربط الثمن بنسبة مئوية من الفائدة، وهذا يحتاج إلى بحث جديد وإعادة نظر، وصياغة جديدة لهذا النوع من التعامل على ضوء الشريعة الإسلامية بعيدًا كل البعد عن درك دمار منزلقات الربا في هذا العصر، وشبهات الربا وآفاته.
2-
وهنالك طريق وساطة آخر توصلت إليه بعد تفكير طويل أرجو أن أكون قد وفقت فيه إلى الصواب، وذلك عن طريق وساطة الجمعيات السكنية.
فالمعروف أن العالم بعامة، والبلاد الإسلامية بخاصة تمُّر بأزمات إسكان خانقة نتيجة للانفجار السكاني الرهيب، وأن هذا يتطلب بل يقتضي التفكير من الفقهاء في إيجاد حلول مناسبة لهذا العصر، ولا سيما وقد انتشرت وفشت فكرة الجمعيات السكنية، فلا مانع من استخدام هذه الفكرة الاقتصادية وتطهيرها من أوضار الربا، ثم صياغتها على أساس من بيع الوفاء الذي قال به الحنفية وفقهاء آخرون، بحيث تكون الجمعية السكنية وسيطًا بين البائع والمشتري كما كان الوسيط المصرفي اللاربوي كما مر آنفًا.
وفي الختام أنوه بأن بيع الوفاء وجه من وجوه الرهن وله به شبه كبير، وقد أجاز بعض الفقهاء رهن الوثائق وما شاكل ذلك وشابهه.
أقول:
إذا كنا نحن المسلمين نحتاج اليوم إلى مئات من الصيغ والعقود المشروعة، فلماذا يُلغي بعض الفقهاء المعاصرين ورجال القانون هذا النوع من الصياغة الفقهية الدقيقة لعقد من العقود معترف به أجازه الفقهاء لعموم البلوى في عصر كانت الحاجة إليه وإلى أمثاله من العقود أقل من الحاجة إليه اليوم، اللهم هل بلَّغتُ؟ اللهم فاشهد
…
الخاتمة
نحن اليوم بحاجة إلى بيع الوفاء نطوره ونجدد صياغته لتفيد منه في عصرنا هذا المليء بالتحديات لمرونة الفقه الإسلامي وصلاحيته للتطبيق.
وإذا كان القانون المدني في بعض البلاد الإسلامية ألغاه اكتفاء عنه بالرهن واستغناء فلا أرى مبررًا أبدًا لهذا الإلغاء اليوم، ولن يغني عنه عقد آخر، فإنه من باب (إذا ضاق الأمر اتسع، والحاجات تنزل منزلة الضرورات في إباحة المحظورات) ، بل نحن أحوج ما نكون إليه، وأهيب برجال الفقه الإسلامي وبرجال الاقتصاد أن يعملوا متعاونين متضافرين للإفادة من هذا العقد في التيسير على الناس وتخليص المجتمعات الإسلامية من أزمات خانقة وارتباكات اقتصادية مزعجة ولا سيما أن العقود والبياعات والصيغ الاقتصادية الجديدة أصبحت من الكثرة والتوسع ما تحتاج به إلى الإفادة من كل ما لدينا من صيغ وعقود في فقهنا الإسلامي الزاخر العظيم، ولا سيما إذا كان معترفًا بها ولها قواعدها وضوابطها عند الفقهاء المسلمين. والله يقول الحق وهو يهدي السبيل، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
الدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور
مصادر البحث ومراجعه
1-
ابن عابدين (السيد محمد أمين) ، رد المحتار على الدر المختار (حاشية ابن عابدين) ، طبعة بولاق سنة 1272هـ مع التكملة، للسيد علاء الدين عابدين.
مجموع الرسائل، طبعة إستانبول جزءان.
2-
قدري باشا (محمد) ، مرشد الحيران إلى أحوال الإنسان، طبعة مصر.
3-
الأتاسي (خالد وولده طاهر) ، شرح المجلة، طبعة حمص.
4-
باز (سليم رستم اللبناني) ، شرح المجلة، طبعة دار إحياء التراث العربي ببيروت.
5-
ملاخسرو (محمد بن فرامرز) ، الدرر شرح الغرر.
6-
ابن قاضي سماوة (محمود بن إسرائيل) ، جامع الفصولين وحاشيته.
7-
حيدر (علي) ، شرح المجلة.
8-
الزرقا (مصطفى أحمد) ، المدخل الفقهي العام، مطبعة الجامعة السورية، طبعة أولى.
9-
الزحيلي (د. وهبة) ، الفقه الإسلامي وأدلته، طبعة دار الفكر.
10-
السنهوري (د. عبد الرزاق) ، الوسيط شرح القانون المدني المصري.
11-
الزرقا (أحمد) ، شرح القواعد الكلية.
12-
المرغيناني (الرشداني) الهداية شرح البداية مع حاشيتي الكمال والأكمل.
13-
الفرفور (محمد عبد اللطيف) ، [ابن عابدين وأثره في الفقه، ((دراسة مقارنة بالقانون)) ] ، رسالة لنيل درجة الدكتوراة، [نظرية الاستحسان في التشريع الإسلامي وصلتها بالمصالح المرسلة] ، طبعة دار دمشق.
* * *