المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المعاهدات والاتفاقاتمنالعلاقات الدولية في أثناء السلمإعدادسماحة الدكتور عبد العزيز الخياط - مجلة مجمع الفقه الإسلامي - جـ ٧

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌العدد السابع

- ‌بحثالأسوَاق المالِيَّةفيمِيزان الفقه الإسلَاميإعدَادالدكتور علي محيي الدّين القره داغي

- ‌الأسهم، الاختِيارات – المستَقبَليّاتأنواعهَا وَالمعامَلات التي تجري فيهَاإعدَادالدكتور محمَّد علي القري بن عيد

- ‌الاختِياراتإعدادفضيلة الشيخ محمّد المختار السّلامي

- ‌عقُود الاختياراتإعدَادفضيلة الدكتور وهبة مصطفى الزحيلي

- ‌الاختِياراتإعدَادفضيلة الدكتور الصديق محمّد الأمين الضرير

- ‌الاختِياراتدَراسَة فِقهيّة تحليليّة مُقَارنَةإعدَادعَبد الوهاب ابراهيم أبو سليمان

- ‌الاختيارَات في الأسوَاق الماليَّةفي ضَوء مُقرّرات الشريعَة الإسلَاميِّةإعدَادالدكتور عبد الستار أبو غدّة

- ‌عقُود المستَقبليات في السّلعفي ضَوء الشّريعَةِ الإسلاميَّةإعداَدالقاضي محمَّد تقي العثماني

- ‌بطَاقَة الائتمان وَتكييفها الشَّرعيإعدادالدكتور عبد السّتار أبُوغُدَّة

- ‌بطَاقات الائتمانإعدَادالدكتور محمَّد علي القري بن عيد

- ‌بِطاقَة الائتِماندرَاسة شرعِيَّة عَمليَّة مُوجَزةإعدَادالدكتور رفيق يونس المصري

- ‌المشاركة في شركات أصل نشَاطها حَلَالإلاّ أنّهَا تتعَامل بالحَرامإعدَادالشيخ عبد الله الشيخ محفوظ بن بية

- ‌التعامُل مَع شركات تَقوُم بأعمال مَشروعَةوَتتعامَل مَع البُنوُك بالفَوائدإعداَدفضيلة الشيخَ عبد الله الشيخ المحفوظ بن بية

- ‌بَحثٌ عَن بَطاقات الائتمان المصرفيّةوالتكييف الشرعي المعمُول به فيبَيت التمويل الكويتي

- ‌دَراسَة مُقَدّمة إلىالنّدوة الثانِية للأوَراقِ المالِيّةمِن بنك البحَرين الإسلَاميحَولتَحرير محافظ الأوَراق الماليّة للبُنوك الإسلاميّةمِن المَالِ المشتبَه في حِلِّهوَالمعالجَة المالية المقترحَة لعَزل أثر التعَامُل بالفَائدةعَلى عَائداتِ الأسهُم

- ‌أسئلة عَلى الأسهم وَالاختيارات وَالمستَقَبليّاتمُقَدّمَة مِنَ البنك الإسلامي للتَنميَة

- ‌التّوصيَات الصَّادرة عَن النَّدوة الفِقهيَّة الاقتصَاديَّةالمنعقدَة بَينمجمَع الفِقِه الإسلَامي وَالبنك الإسلَامي للتِنميَة

- ‌البَيَان الخِتامي وَالتّوصيَاتللنّدوة الثانيَة للأِسَواقِ المالِيَّةالمنعقدَة بدَولة البحَرين

- ‌البيع بالتقسيطالمحور الأول: (المداينة ونظرة الإسلام إليها) .المحور الثاني: (بين صلح الحطيطة وحسم الكمبيالة) .المحور الثالث: (ضابط الإعسار الذي يوجب الإنظار) .إعدادالدكتور نزيه كمال حماد

- ‌أحكام البيع بالتقسيطوسائله المعاصرة في ضوء الفقه الإسلاميإعدادفضيلة القاضي محمد تقي العثماني

- ‌البيع بالتقسيطالمحور الثاني: الحطيطة والحلولإعدادالدكتور رفيق يونس المصري

- ‌توثيق الدين والمعاملات المالية الأخرىإعدادالدكتور محمد عطا السيد سيد أحمد

- ‌البيع بالتقسيطالمحور الثانيتوثيق الدين في الفقه الإسلاميإعدادالدكتور نزيه كمال حماد

- ‌عقد الاستصناعومدى أهميته فيالاستثمارات الإسلامية المعاصرةإعدادفضيلة الشيخ مصطفي أحمد الزرقاء

- ‌عقد الاستصناعإعدادالأستاذ الدكتور علي السالوس

- ‌عقد الاستصناعإعدادالدكتور وهبة مصطفى الزحيلي

- ‌عقد الاستصناعإعدادالدكتور علي محيي الدين القره داغي

- ‌عقد الاستصناعإعدادالدكتور عبد الله محمد عبد الله

- ‌الاستصناع ودوره فيالعمليات التمويلية المعاصرةإعدادالدكتور عبد السلام العبادي

- ‌أثر الاستصناعفي تنشيط الحركة الصناعيةإعدادالدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

- ‌عقد الاستصناعإعدادفضيلة الشيخ كمال الدين جعيط

- ‌الاستصناع والمقاولاتفي العصر الحاضرإعداد فضلة الشيخ مصطفى كمال التارزي

- ‌الاستصناعتعريفه - تكيفه - حكمه - شروطهأثره في تنشيط الحركة الاقتصاديةإعدادالدكتور سعود بن مسعد بن مساعد الثبيتي

- ‌عقد الاستصناعوعلاقته بالعقود الجائزةإعدادالدكتور محمد رأفت سعيد

- ‌بيع الوفاء وعقد الرهنإعدادفضيلة الشيخ مصطفى أحمد الزرقاء

- ‌ موضوع بيع الوفاء

- ‌بيع الوفاءإعدادالشيخ خليل محيي الدين الميس

- ‌بيع الوفاء عند الإماميةإعدادحجة الإسلام الشيخ محمد علي التسخيري

- ‌(مدى انتفاع الاقتصاد من بيع الوفاء)أوتوظيف بيع الوفاء في اقتصاد العصرإعدادالدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

- ‌الوفاء بما يتعلق ببيع الوفاءشيخ الإسلام أبو عبد الله محمد بيرم الثاني(المتوفى 1247هـ)تقديم وتحقيقمحمد الحبيب ابن الخوجة

- ‌بيع الوفاءفي الفقه الإسلاميإعدادمحيي الدين قادي

- ‌بيع الوفاءإعدادد. عبد الله محمد عبد الله

- ‌أحكام الرهنوحكم الإنتفاع بالمرهونإعدادالدكتور محمد عطا السيد سيد أحمد

- ‌بيع الوفاء وحكمهإعدادفضيلة الشيخ الشريف محمد عبد القادر

- ‌بيع الوفاءإعدادفضيلة الشيخ المفتي محمد رفيع العثماني

- ‌بيع الثنيا أو بيع الوفاءإعدادالأستاذ محمود شمام

- ‌عقد الرهنوأوجه الشبه بينه وبين عقد الوفاءإعدادالدكتور حمداتي شبيهنا ماء العينين

- ‌العلاج الطبيمبحث التداويإذن المريض وعلاج الحالات الميئوس منهاإعدادالدكتور محمد علي البار

- ‌حكم التداوي في الإسلامإعدادالدكتور علي محمد يوسف المحمدي

- ‌العلاج الطبيإعدادالدكتور محمد عدنان صقال

- ‌الحقوق الدولية في الإسلامإعدادفضيلة الشيخ محمد علي التسخيري

- ‌المعاهدات والاتفاقاتمنالعلاقات الدولية في أثناء السلمإعدادسماحة الدكتور عبد العزيز الخياط

- ‌أصول العلاقات الدوليةبين الإسلام والتشريعات الوضعيةإعدادالدكتور محمد الدسوقي

- ‌السلم، والحرب، والعلاقات الدوليةفي الإسلامإعدادالدكتور محمد رأفت سعيد

- ‌رسالةمعالي الدكتور محمد معروف الدواليبيحولالغزو الفكري

- ‌دراسة حول الغزو الثقافي للعالم الإسلاميبداياته، دوافعه، أبعاده، سبل مواجهتهإعدادالدكتور عبد السلام داود العبادي

- ‌الغزو الفكريفي المعيار العلمي الموضوعيإعدادالدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

- ‌الغزو الفكري وأساليب المواجهةإعدادالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌الغزو الفكريإعدادالدكتور أبو بكر دكوري

- ‌الغزو الفكرىفى التصور الإسلامىإعدادالدكتور أحمد عبد الرحيم السايح

- ‌المسلمون وتحديات الفكر المعاصرإعدادالشيخ القاسم البهيقي المختار

- ‌الغزو الفكري في حياة المسلمينمنافذ دخُوله.. وَوَسَائل مُقاومتهإعدادالدكتور عُمَر يُوسف حَمزة

الفصل: ‌المعاهدات والاتفاقاتمنالعلاقات الدولية في أثناء السلمإعدادسماحة الدكتور عبد العزيز الخياط

‌المعاهدات والاتفاقات

من

العلاقات الدولية في أثناء السلم

إعداد

سماحة الدكتور عبد العزيز الخياط

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وخير المعلمين المبعوث رحمة للعالمين وبعد:

فهذا بحث في موضوع من موضوعات " العلاقات الدولية في الإسلام" وهو مع مقدمته "العلاقات الدولية في أثناء السلم ـ المعاهدات والاتفاقات".

وأدعو الله سبحانه وتعالى أن يوفق لما فيه الخير، وأن يجعله خالصًا لوجهه الكريم، وأرجو أن يجد لدى أخوتنا الأساتذة الفضلاء في مجمع الفقه الإسلامي قبولًا حسنًا.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ص: 1671

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة:

المقصود بالعلاقات الدولية (1) . ما يكون بين الدول من روابط تقوم على أساس من قواعد عامة، وضوابط تحكم تعاملها فيما بينها باعتبارها مستقلة ذات سيادة.

والعلاقات الدولية تتناول:

(أ) حالات السلم.

(ب) حالات الحرب.

أما حالات السلم، فتتناول ما يلي:

1 ـ السيادة الداخلية للدولة: وتشمل: حكم الإسلام لبلاد المسلمين، أي تدبير شؤون الدولة لرعاياها المسلمين وغير المسلمين في رقعة الأرض التي تحكم بالإسلام، ولذلك كان مفهوم السياسة عند المسلمين واضحًا كل الوضوح، سواء ضيقنا مشمولاتها ومضامينها، أو وسعناها، فهي تتناول قواعد الحكم الإسلامي، وقوانينه، وتنظيماته وشؤون الخلافة والوزارة، والقضاء وإقامة الحدود، وتنظيم المعاملات والفصل بين الخصومات، وعلاقة الدولة مع الناس، والحسبة والطاعة، والمراقبة الأمنية، ويجمعها شؤون الحكم والتنفيذ وشؤون التشريع وشؤون القضاء.

كما تشمل تعامل الدولة مع غير المسلمين (أهل اذمة) .

2 ـ السياسة الخارجية: وتشمل مظاهر السياسة في المجال الدولي وعلاقة الدولة الإسلامية مع الدول الأخرى في التجارة، والمعاهدات، والتمثيل الدبلوماسي، ونظرة الإسلام في تسمية بلاده بدار الإسلام، وتسمية البلدان الأخرى التي تحكمها دول لا تحكم بالإسلام بدار الحرب أو دار الكفر، أو دار العهد. كما تتناول العلاقات الإنسانية.

وسنقتصر في هذا البحث على ما يتعلق بالمعاهدات والاتفاقات.

وأما حالات الحرب فتشمل موضوع الجهاد وأحكامه، وهو ما يطلق عليه الفقهاء "أحكام السير أو أحكام المغازي".

كما يشمل توضيح الفرق بين معنى الجهاد ومعنى الحرب، ويتناول موضوع الصلح والهدنة والمعاهدات الحربية، ومعنى الجزية والغنائم، والفيء، والخراج، وآداب الحرب، ومعاملة المدنيين، وأحكام الأسرى.

(1) الدولية: نسبة إلى الدولة، لا إلى الدول، ولذلك تكون بفتح الدال، وتسكين الواو، لا بضمها فالنسبة تكون إلى الفرد لا إلى الجمع

ص: 1672

القواعد الإسلامية العامة التي تحكم القواعد الدولية:

للإسلام قواعد عامة تقوم عليها العلاقات في الإسلام نذكرها فيما يلي:

1 ـ كل الناس سواسية في الحقوق الإنسانية بغض النظر عن اختلاف الدين أو القومية، أو الجنس وليس في الإسلام نظرة عرقية ولا تمييز شعب قال تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (1) .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الناس سواسية كأسنان المشط لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى)) (2) .

2 ـ العدالة: ففي وقت السلم تحترم كل الحقوق التي تكتسبها الدول الأخرى ويكتسبها رعاياها، وأما في الحرب فلا يجوز تعدي ضرورات الحرب سواء في صد العدوان أو الهجوم، فلا يجوز التمثيل بالجثث ولا قتل الأسرى ولا سفك دماء المدنيين، ولا تخريب العامر أو قتل الحيوان إلا لمنع تمويل العدو، كما لا يجوز التعرض لغير المقاتلين.

3 ـ احترام المعاهدات بين الدولة الإسلامية وغيرها فهي عقود ملزمة يجب الوفاء بها.

4 ـ لا يجوز إعلان الحرب فجأة قبل توجيه الإنذار للعدو، لقوله تعالى:{وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} (3) .

5 ـ عدم السماح بإنشاء تكتلات حزبية أو عسكرية ضد دولة أخرى، أو لصالح دولة أخرى، في داخل الدولة الإسلامية، لقوله تعالى:{لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (4) .

6 ـ المعاقبة بالمثل، قال تعالى:{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} (5) .

وقال تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (6) .

7 ـ الدوران مع مصلحة الأمة الإسلامية القائمة على تحقيق الدعوة الإسلامية، وعلى ذلك فللإمام أن يطالب إعادة حالة السلام مع الأعداء، أو عقد هدنة إذا رأى ذلك أكثر تحقيقًا للمصلحة الإسلامية من حالة استمرار القتال.

(1) سورة الحجرات: الآية 13

(2)

رواه أحمد بن حنبل في المسند

(3)

سورة الأنفال: الآية 58

(4)

سورة الممتحنة: الآيتان: 8، 9

(5)

سورة البقرة: الآية 194

(6)

سورة البقرة: الآية 190

ص: 1673

8 ـ حقوق العباد مقدمة على حقوق الله، فلا تشترك المرأة في القتال مثلًا إلا بإذن الزوج، أو الولي إلا في حالة النفير العام.

9 ـ يختار أخف الضررين في المجال الدولي، فإذا تقدم الأعداء ضد المسلمين متترسين بأفراد مسلمين، فلقائد الجيش الإسلامي أن يطلق النار على الأعداء ولو أصابت المسلمين.

10 ـ حجر الرحى في العلاقات الدولية هو الدعوة الإسلامية؛ لأن الدولة الإسلامية مهمتها أن تحمل الدعوة الإسلامية للناس كافة، والرسالة الإسلامية رسالة إنسانية عامة شاملة للناس أجمعين، لكل الناس في كل زمان، وكل مكان، بما فيها من ثبات الأصول وحركة الفروع، وقدرة على مواجهة التطور وحلول المشكلات المستجدة.

وعلى ضوء هذه الرسالة يكون عمل الأمة في الداخل والخارج وتكون علاقاتها مع الدول أو الشعوب، ومن خلالها تنظر إلى الناس أجمع وتعالج المسائل الدولية والمحلية. وهذا مستوحى من سياسة الرسول صلى الله عليه وسلم وتوجيهه الرسائل المتعددة إلى دولتي الفرس والروم والدول العربية والقبائل العربية المجاورة يدعوهم فيها إلى الإسلام.

11 ـ التزام القيم الإسلامية العليا، وأعلاها رضوان الله عز وجل فأي عمل يقوم به المسلم إنما يبتغي به مرضاة الله عز وجل قال تعالى:{وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ} (1) .

وقال تعالى: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} (2) .

أي ذلك الرضوان لمن خشي ربه. وعن هذا الرضوان تنشأ قيم الطمأنينة والأمن والتحرر من الخوف والاستقرار، وطلب الشهادة في سبيل الله، ثم القيم الأخرى كالحرص على الحياة والأولاد والمال وغيرها، وهي تتبع القيمة العليا، ويضحى بها من أجل القيمة العليا وهي رضوان الله. قال سبحانه وتعالى:{قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} (3) .

(1) سورة القصص: الآية 77

(2)

سورة البينة: الآية 8

(3)

سورة التوبة: الآية 24

ص: 1674

12 ـ أساس العلاقات الدولية في الإسلام (السلم) ، والحرب أمر طارئ على البشرية، وهذا هو رأي جمهور الفقهاء ومنهم الثوري والأوزاعي وأبو حنيفة والشافعي، وأحمد بن حنبل وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث بعثًا أو سرية قال لهم:((تألفوا الناس، وتأنوا بهم، ولا تغيروا عليهم حتى تدعوهم، فما على الأرض من أهل مدر ولا وبر، إلا أن تأتوني بهم مسلمين أحب إلي من أن تأتوني بأبنائهم ونسائهم وتقتلوا رجالهم)) (1) .

قال تعالى: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} (2) .

وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} (3) .

وقال تعالى: {فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا} (4) .

13 ـ الحرب مشروعة في الإسلام وهي جهاد في سبيل الله، لنشر دعوة الإسلام، ودفع الظلم وإقامة الحق والعدل، وحفظ التوازن، وتمكين أرباب العقائد والعبادات من أداء عباداتهم والبقاء على عقيدة التوحيد، وهذا الذي أخذ من قوله تعالى:{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} (5) .

فهذه الآية صريحة في أن الجهاد له غاية وأن سنة الله في الكون درءُ الظلم ومنع الفساد ونشر العقيدة السمحة، والفضيلة، ولا يتم ذلك إلا بالجهاد قال تعالى:{وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا} (6) .

وقال: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ} (7) .

فهذه الآية واضحة في أن الجهاد والقتال مشروع لغاية هي دفع الفتنة ونشر الدين الحق، وتمكين الحرية الدينية للآخرين وأننا لا نقاتل معتدين ولا ظالمين (8) . لقوله تعالى:{وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} (9) .

ولقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} (10) .

ولقوله تعالى: {فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا} (11) .

(1) النظم الإسلامية، للدكتور صبحي الصالح، نقلًا عن شرح السير الكبير، لمحمد بن سهل السرخي: ص 59، ومعنى المدر: الطين اللزج المتماسك، ويعنى بأهل المدر أي سكان البيوت المبنية خلاف البدو سكان الوبر (أي سكان الخيام المصنوعة من صوف الإبل ونحوها)

(2)

سورة الأنفال: الآية 61

(3)

سورة البقرة: الآية 208

(4)

سورة النساء: الآية 90

(5)

سورة الحج: الآيات 39، 41، والصوامع: معابد الرهبان، والبيع: كنائس النصارى، والصلوات كنائس اليهود

(6)

سورة البقرة: الآية 190

(7)

سورة البقرة: الآية 193

(8)

القرآن والقتال، للشيخ محمود شلتوت: ص 30

(9)

سورة الأنفال: الآية 61

(10)

سورة البقرة: الآية 208

(11)

سورة النساء: الآية 90

ص: 1675

العلاقات في أثناء السلم:

يرى بعض الفقهاء أن الأصل في العلاقات الدولية هو الحرب أي أن الإسلام ذو نزعة حربية باعتبار أن الجهاد مشروع؛ لأنه طريق الدعوة إلى الإسلام، ما لم يطرأ ما يوجب السلم والأمان، واستندوا إلى قوله تعالى:{وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً} (1) .

لأن هذه الآية متضمنة رفع العهود والذمم التي كانت بين النبي والمشركين (2) .

ولذلك سميت بآية السيف، وإلى قوله تعالى:{فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (3) ،

وإلى قوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} (4) .

ويستفاد من هذه الآيات وغيرها ومما قرره الفقهاء أن الجهاد فرض كفاية على المسلمين لنشر الدعوة ابتداء من غير انتظار لبدء العدو بالحرب لأننا مأمورون بنشر الدعوة وحملها إلى الناس كافة؛ ولأن الجهاد شرعًا هو الدعاء إلى دين الحق وقتال من لم يقبله (5) .

أو هو بذل الوُسع في القتال في سبيل الله مباشرة أو معاونة بمال أو تكثير سواد أو غير ذلك (6) .

وقد قرر هؤلاء الفقهاء أن قتال الكفار واجب وإن لم يبدأوا للعمومات (7) . في الآيات الواردة في قوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} (8) .

{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ} (9) .

وقوله عليه الصلاة والسلام: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله)) (10) .

(1) سورة التوبة: الآية 36

(2)

أحكام القرآن، للجصاص: 3/ 137

(3)

سورة التوبة: الآية 5

(4)

سورة التوبة: الآية 29

(5)

رد المحتار على الدر المختار: 3/ 236

(6)

شرح الكمال بن الهمام على الهداية: 5/ 189

(7)

شرح الهداية، للمرغيناني: 2/ 100

(8)

سورة التوبة: الآية 5

(9)

سورة البقرة الآية: 193

(10)

شروح الهداية: 5/ 187، وروى الحديث البخاري ومسلم، وراجع السياسة الشرعية، لعبد الوهاب خلاف: ص 63 ـ 66؛ ومبادئ نظام الحكم في الإسلام، لعبد الحميد متولي: ص 728. والحديث صحيح رواه البخاري وأصحاب السنن

ص: 1676

ويرى فقهاء آخرون أن الأصل في العلاقات الدولية هو السلم وأنه لا يُجنح للحرب إلا في حالة الضرورة والدفاع عن النفس وحماية الدولة والنظام، وأنه لا يبيح للمسلمين قتال مخالفيهم في الدين وإنما يسمح بقتالهم، إذا اعتدوا على المسلمين فحينئذٍ يصبح الجهاد فرض عين دفعًا للعدوان، وكذلك إذا وقفوا في وجه الدعوة الإسلامية وحالوا دون نشرها وإقناع الناس ، واعتبروا أن حالة السلم تجعل موضوع التعاون وتبادل المنافع والمصالح والتجارة مع الدول الأخرى قائمًا، واحتجوا بالنصوص من القرآن والسنة، ومعظمها يبين السبب الذي من أجله فرض القتال، إما لدفع ظلم، أو لحماية الدعوة وقطع الفتنة، لا سيما وأن الكفار في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مشركون وأهل كتاب ـ أمعنوا في إيذاء المسلمين بألوان من العذاب، وقاطعوهم وأخرجوهم من ديارهم وصادروا ممتلكاتهم، وغايتهم إخماد الدعوة ومنع انتشارها وإقامة دولتها (1) .

قال تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} (2) .

وقوله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} (3) .

وقوله تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (4) .

وقوله تعالى: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا} (5) .

ويقول عز وجل: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} (6) .

ويقول تعالى: {فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ} (7) .

ويقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} (8) .

ويقول: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} (9) .

ويقول: {فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا} (10) .

ويفهم من هذه الآيات جميعًا ما ذهب إليه أصحاب الرأي بأن السلم هو الأصل في العلاقات الدولية بأن آيات القتال منسجمة مع هذا الأصل، فقوله تعالى:{وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً} متصل بقوله: {كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً} فنحن نقاتلهم كما يقاتلوننا فإن كفوا عن قتالنا كافة، كففنا عن قتالهم بالمقابل، وقوله:{قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ} الآية، وهذا أمر بقتال أهل الكتاب الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر

إلخ" فمن لم يؤمن برسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكون له إيمان صحيح بأحد من الرسل ولا بما جاءوا به، وإنما يتبعون أهواءهم وآراءهم (11) . وهذا لا يتنافى مع أصل السلم؛ لأن قتالهم هو قتال من أجل تحقيق السلم وتوحيد الناس وجعلهم مع المسلمين أمة واحدة، لقوله تعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} ومعناها في قوله: حتى يدفعوا الجزية "أي مقابل الزكاة" إذا لم يسلموا ويخضعوا لأحكام الإسلام (12) . وهذا ينسحب على بقية الآيات التي تأمر بالقتال، فالقتال لمنع الفتنة، والقتال لدعوة الإيمان، وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وحماية الدعوة لا يتنافى مع أصل السلم في العلاقات الدولية، فإذا أقروا بذلك كانوا مسلمين، وإلا كانوا أهل ذمة أو معاهدين، وهذا استقرار وسلام، والذمة بمعنى العهد والأمان فتشمل المواطنين الذين يقيمون مع المسلمين في سلام في بلاد المسلمين، وتشمل المستأمنين، وهم أصحاب الأمان المؤقت الذي يعطي للحربيين لكي يتمكنوا من الدخول إلى دار الإسلام لتجارة أو زيادة أو أي حاجة مشروعة، وذلك بشروط خاصة (13) .

(1) السياسة الشرعية، لعبد الوهاب خلاف: ص 70

(2)

سورة الحج: الآيتان: 39، 40

(3)

سورة الأنفال: الآية 39

(4)

سورة البقرة: الآية 190

(5)

سورة النساء: الآية 75

(6)

سورة البقرة: الآية 256

(7)

سورة البقرة: الآية 191

(8)

سورة البقرة: الآية 208

(9)

سورة الأنفال: الآية 61

(10)

سورة النساء: الآية 90

(11)

تفسير ابن كثير: 2/ 347

(12)

تفسير الألوسي: 3/ 294، وقال الشافعي رحمه الله:" إن الصغار هو جريان أحكام المسلمين عليهم "

(13)

شروح الهداية: 5/ 196 ـ 210

ص: 1677

والآيات المطلِقة في القتال تحمل على المقيِّدة له وهو القتال في حال الاعتداء أو إزالة العقبات في وجه دعوة الإسلام (1) . كما يدل لذلك قوله تعالى: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (2) .

يقول الدكتور محمد البهي: "ولأن جماعة المسلمين جماعة مستقلة، في هدفها وغايتها وفي منهجها في الحياة، وفي ترابط أفرادها بعضهم ببعض؛ ولأنه مطلوب منها أن تحرص على استقلالها، برد العدوان عليها، وعدم التهاون في ذلك ـ كان من المترقب لهذه الجماعة أن يحتك بها غيرها من الجماعات الإنسانية التي تطمع في التوسع، أو تتعصب لفكرتها، ومبدأها في الحياة، لذلك طلب الإسلام من " الجماعة الإسلامية " أن تكون دائما على حذر، واستعداد مادي وروحي معًا، لمقاومة من يحتك بها، قاصدًا إضعافها وإذهاب استقلالها، ولكن هذه التعبئة المادية والروحية التي يطلبها الإسلام من المؤمنين به يضعها دائمًا في خدمة السلام لا للغزو والاعتداء". (3)

ويقول أصحاب هذا الرأي: إن آية {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} (4)، لم تنسخها آية:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} (5) ، لاتفاق جمهور العلماء على إحكام هذه الآية، فقد حكى ابن تيمية اتفاق العلماء على أن آية الإكراه ليست منسوخة، ولا منصوصة وإنما النص عام فلا تكره أحدًا على الدين، والقتال لمن حاربنا". (6) .

يقول الإمام الرازي في تفسيره الكبير بعد أن ذكر أن الله تعالى بين دلائل التوحيد بيانًا شافيًا قاطعًا للمعذرة: "إنه لم يبق بعد إيضاح هذه الدلائل عذر للكافر في الإقامة على كفره إلا أن يُقسر على الإيمان ويجبر عليه، وذلك مما لا يجوز في دار الدنيا التي هي دار الابتلاء؛ إذ في القهر والإكراه على الدين بطلان معنى الابتلاء والامتحان، ونظير هذا قوله تعالى:{فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} (7) .

وقال في سورة أخرى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآَمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} (8) .

وقال في سورة الشعراء: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (3) إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آَيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ} (9) .

ويستشهدون للسلم بالحديث الذي ذكرناه في أول البحث وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم كلما بعث بعثًا أو أرسل سرية قال: ((تألفوا الناس، وتأنوا بهم، ولا تغيروا عليهم حتى تدعوهم، فما على الأرض من أهل بيت من مدر ولا وبر إلا أن تأتوني بهم مسلمين أحب إلي من أن تأتوني بأبنائهم ونسائهم وتقتلوا رجالهم)) (10) .

(1) العلاقات الدولية في الإسلام، للدكتور وهبة الزحيلي: ص 96

(2)

سورة الأنفال: الآيتان 60، 61

(3)

الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي: ص 235

(4)

سورة البقرة: الآية 256

(5)

سورة التوبة: الآية 73

(6)

رسالة القتال في مجموعة رسائل ابن تيمية: ص 123

(7)

سورة الكهف: الآية 29

(8)

سورة يونس: الآية 99

(9)

سورة الشعراء: الآيتان 3، 4. تفسير الرازي: 2/ 319، ويؤكد هذا المعنى ابن كثير في تفسيره: 3/ 331. وانظر: كذلك النظم الإسلامية، للدكتور صبحي الصالح: ص 518، وعنه نقلت نص الرازي.

(10)

شرح السير الكبير: 1/ 59

ص: 1678

والذي أختاره هو أن الإسلام يجعل العلاقة الدولية بينه وبين الدول الأخرى وشعوبها هو السلم لكن على أساس أن يدعوهم إلى الإسلام، وعلى أساس أن لا يحولوا بين شعوبهم وبين رؤية الإسلام الحق مطبّقًا، فإذا حالوا بين شعوبهم وبين الإسلام، وعملوا على تشويه صورته وإيذاء دعاته، ومنعهم من الوصول إلى الشعوب، كان الجهاد والقتال، ومن هنا كان حض الإسلام على الجهاد والقتال في سبيل الله في الآيات والأحاديث الكثيرة، وهذا نص الآيتين الكريمتين: قال تعالى في سورة النساء: {فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا} (1) .

وقال: {فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا} (2) .

يقول الشيخ محمد الصادق عرجون: "فهو قتال مأمور به لرد الاعتداء، والدفاع عن النفس، ومقاومة الظلم، والقضاء على عوامل الفتنة ورد المؤمنين عن دينهم، وتخليص المستضعفين من النساء والولدان وعجزة الشيوخ من الرجال، والمرضى والضعفاء، وإنقاذهم من وطأة الاستبداد والظلم وتحريرهم من نير الطغيان، وربقة الفجور، وتأمين الطريق أمام كلمة الحق والهدى، وهي تسري إلى العقول والقلوب دون أن يعوق سيرها بإقامة العقاب بين يديها.

وإذا لم يكن بدء قتال من المشركين للمؤمنين، وإذا لم يكن منهم اعتداء عليهم، وإذا لم يكن منهم ظلم لهم، وإذا لم تكن فتنة للمؤمنين عن دينهم بالإيذاء والتعذيب، وإذا لم يكن تعويق لسير الدعوة إلى الله تعالى، وإذا لم يكن صد عن الحق والهدى والخير والنور، وإذا ترك المستضعفون في أرض الله يتنسمون نسائم الحرية في تفكيرهم وعقائدهم وما يختارون لأنفسهم من عقيدة ودين لا تمتهن في ظله العقول الإنسانية، وإذا كف أعداء الله وأعداء دينه أيديهم عن قتال المؤمنين وألقوا إليهم السلم، وكان الدين كله لله؛ وجب على المؤمنين حينئذٍ أن يكفوا أيديهم عن القتال وأن يدخلوا في السلم ويشغلوا أنفسهم بطاعة الله وذكره، والدعوة إلى دينه بالحجة النيرة والبرهان الواضح والموعظة الحسنة". (3) .

على أن من يتابع تطورات الدول قديمها وحديثها، وتطور علاقاتها، يرى أنها ترتكز على ظاهرة النزاعات المسلحة، أكثر من ارتكازها على السلم، وأن التقدم السياسي والاجتماعي والاقتصادي زاد من التناقضات بين الدول، فتوسعت رقعة المنازعات، وسخر الإنسان كل طاقاته لتمكين نفسه من خوض الحروب وتدمير الشعوب (4) .

ولكننا في الإسلام على غير هذا، فالأصل السلام، والمنازعات ينبغي أن تفض بالطرق السلمية، وإلا فالحرب آخر الدواء.

(1) سورة النساء: الآية 90

(2)

سورة النساء: الآية 91

(3)

الموسوعة في سماحة الإسلام، للشيخ محمد الصادق عرجون: 2/ 834

(4)

العلاقات الدولية، للدكتور كاظم هاشم نعمة: ص 185، طبعة فرنسا عام 1979م

ص: 1679

المعاهدات والاتفاقات

المعاهدات: جمع معاهدة: والمعاهدة لغة: من عاهد، إذا أعطى عهدًا أي ميثاقًا فيكون معنى المعاهدة لغة: الميثاق يكون بين اثنين أو جماعتين.

قال تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ} (1) .

أي إذا كان بينكم وبينهم معاهدة وميثاق

وهي اصطلاحًا: "اتفاق دولتين أو أكثر لتنظيم علاقات بينهما، أو هي: الاتفاق الذي يعقد بين دولتين أو أكثر لتنظيم علاقات قانونية أو دولية وتحديد القواعد التي تخضع لها"(2) .

أو هي: "اتفاق دولي يبرم بين دول في صياغة مكتوبة، ويحكمه القانون الدولي سواء احتوته وثيقة واحدة أو أكثر وأيًّا كان مسماه"(3) .

والأصل في القانون الدولي أن المعاهدات تكون سياسية، أما إذا كانت غير سياسية فتسمى:"اتفاقًا أو اتفاقية ".

والمعاهدات كانت قبل الإسلام في صورة أحلاف كحلف الفضول بين بني هاشم، وبني عبد المطلب وزهرة وتميم، وهو حلف تعاهدوا فيه على نصرة بعضهم بعضًا في الحق ونصرة المظلوم.

أو في صورة اتحادات بين القبائل، أو في صورة مساندة في أعمال الغزو والحرب، أو في صورة موادعة وهي وفاق يتعهد فيه الطرفان بعدم الاعتداء أو الاستشارات بعضهم على بعض.

(1) سورة النحل: الآية 91. وانظر: المعجم الوسيط، مادة عهد

(2)

الشريعة الإسلامية والقانون الدولي العام، لعلي علي منصور: ص 370

(3)

كما عرفتها إتفاقية فيينا للمعاهدات. انظر: كتاب قانون السلام في الإسلام، للدكتور محمد طلعت الغنيمي: ص 458، وكتاب مبادئ القانون الدولي العام، للدكتور إبراهيم أحمد شلبي. ص 256

ص: 1680

مشروعية المعاهدات:

المعاهدات في الإسلام مشروعة مع الأعداء التي ليس بيننا وبينها حرب، لقوله تعالى:{فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (89) إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ} (1) .

وقوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} (2) .

ولقوله: {كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} (3) .

فهذه الآيات وأمثالها تدل على جواز عقد المعاهدات بين الدولة الإسلامية وغيرها، وعلى ضرورة الوفاء بها والالتزام بما تضمنته من موضوعات وتعهدات.

ولما روي أنه صلى الله عليه وسلم عاهد أهل مكة عام الحديبية على أن توضع الحرب عشر سنين، جاء في سنن أبي دواود عن المسود بن مخرمة أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج عام الحديبية، وذكر الحديث بطوله وفيه ((هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو: على وضع الحرب عشر سنين يأمن فيها الناس ويكف بعضهم عن بعض)) . (4) . قال الصنعاني: "الحديث دليل على جواز المهادنة بين المسلمين وأعدائهم من المشركين مدة معلومة لمصلحة يراها الإمام"(5) . وقال صلى الله عليه وسلم: ((من قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عامًا)) (6) . وقال صلى الله عليه وسلم: ((ألا من ظلم معاهدًا أو انتقصه، أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة)) (7) .

وسواء أكانت معاهدات أو اتفاقيات أو أمانًا، أو صلحًا، فهذه الأدلة تشملها وتقع تحت عموم قوله تعالى:{وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} .

يضاف إلى ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الأمان: ((ويسعى بذمتهم أدناهم)) (8)، وقوله عليه الصلاة والسلام ((:((أيما رجل من أقصاكم أو أدناكم، من أحراركم أو عبيدكم، أعطى رجلًا منهم أمانًا أو أشار إليه بيده، فأقبل بإشارته، فله الأمان حتى يسمع كلام الله، فإن قبل فأخوكم في الدين، وإن أبى فردوه إلى مأمنه، واستعينوا بالله)) )) (9) والإجماع قائم على جواز المعاهدات، وطبيعة الحياة، ومنطق العقل السليم يقر اللجوء إليها تمكينًا للدعوة من الوصول إلى معانديها، أو حقنًا للدماء، أو نشرًا للسلم وإعطاء الفرصة للمسلمين لأخذ الحيطة والاستعداد.

(1) سورة النساء: الآيتان 89، 90

(2)

سورة التوبة: الآية 4

(3)

سورة التوبة: الآية 7

(4)

شرح سبل السلام على بلوغ المرام: 4/ 101

(5)

شرح سبل السلام على بلوغ المرام: 4/ 101

(6)

أخرجه البخاري، وروى مثله أبو داود والنسائي والترمذي

(7)

رواه أبو داود والبيهقي

(8)

رواه البخاري

(9)

الروض النضير: 4/ 239

ص: 1681

الوفاء بالعهد:

إذا عقد الصلح أو أبرمت المعاهدة، أو أعطي الأمان أو غيره، فالالتزام بمضمون المعاهدات واجب والوفاء فرض، ولا يجوز نقض العهد إلا بسبب من خيانة، أو غدر أو مظاهرة علينا بمال أو سلاح أو برأي وتدبير، فإن العهد يفقد حرمته ويصبح المسلمون في حل من ذلك دون إنذار أو إعلان كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية حين نقضت قريش معاهدة الصلح بإعانتها على حلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوجه إلى فتح مكة دون إنذار وفتحها بفضل الله، وذلك لقوله ـ تعالىـ:{إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ} (1) .

فإن الآية تدل بمفهومها على أن المسلمين في حل من مهاجمة الكافرين إذا نقضوا العهد بمخالفة بنوده أو المظاهرة عليهم (2)، قال تعالى:{وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا} (3) .

وقال: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} (4) .

وقال سبحانه: {فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ} (5) .

وقال: {وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا} (6) .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له)) (7) . وكتب أبو عبيدة بن الجراح إلى كل مدينة صالح أهلها ولم يستطع صد الروم عنهم، وفاء منه لما عاهدهم عليه:"إنما رددنا عليكم أموالكم؛ لأنه قد بلغنا ما جمع لنا من الجموع وأنكم قد اشترطتم علينا أن نمنعكم ، وإنا لا نقدر على ذلك وقد رددنا عليكم ما أخذنا ونحن لكم على الشرط وما كتبنا بيننا وبينكم إن نصرنا الله عليهم"(8) .

(1) سورة التوبة: الآية 4

(2)

النظم الإسلامية، لأبي محمد أحمد موسى: 2/ 173

(3)

سورة النحل: الآية 91

(4)

سورة الإسراء: الآية 34

(5)

سورة التوبة: الآية 7

(6)

سورة البقرة: الآية 177

(7)

رواه أحمد وابن حبان. وصححه ورواه السيوطي في الجامع الصغير

(8)

كتاب الخراج، لأبي يوسف: ص 150

ص: 1682

أنواع المعاهدات:

1 ـ المعاهدات:

تتنوع المعاهدات بحسب موضوعاتها وأهدافها، وكما يقول الدكتور وهبة الزحيلي:"فقد يكون الغرض منها تنظيم التجارة أو نشر الإسلام والثقافة أو لأغراض اجتماعية وإنسانية كتبادل الأسرى، ومعالجة المرضى، أو لتقرير السلم والأمن، وتثبيت دعائمه، أو لدعم روابط الجوار والتعاون مع المجاورين". (1)

فمنها:

(أ) المعاهدات التجارية:

وهي تنظيم التجارة الخارجية، أي لتأمين التبادل التجاري بين الدولة الإسلامية والدول الأخرى في حرية التجارة وعدم التعرض لها بالمصادرة أو السلب أو النهب أو القرصنة، وهذا مما يجيزه الإسلام. وقد تسمى هذه المعاهدات معاهدات الصداقة، وقد أوجب الإسلام على التجار المسلمين التقيد بأحكام الإسلام في عقود التجارة من حيث شروط الصحة وأنواع التجارة، فلا يجري فيها الربا ولا بيع الخمر والخنزير ولا يفرض عليهم العشر؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم:((في العهود وفاء لا غدر، لا أحل لكم شيئًا من أموال المعاهدين إلا بحق)) (2) . أما إذا كانوا أجانب أي غير مسلمين فيتقيدون كذلك بما يتقيد به تجار المسلمين ويؤخذ منهم ضريبة على تجارتهم معاملة بالمثل مع المسلمين. (3) .

(ب) المعاهدات السياسية:

وأعني بها المعاهدات ذات الأجل الطويل كصلح الحديبية الذي حدد بعشر سنوات، أو الدائمة، وهي جائزة أخذًا من عموم قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} (4) .

ومن فعل النبي صلى الله عليه وسلم في المعاهدات التي أبرمها مع عدد من الدول منها: معاهدته مع اليهود في المدينة وكانت معاهدة دائمة غير موقوتة ومنها معاهدته مع أهل أيلة وفيها ((هذه أمنة من الله ومحمد النبي رسول الله ليحنة بن رؤبة وأهل أيلة: سفنهم وسيارتهم في البر والبحر لهم ذمة الله ومحمد النبي، ومن كان معهم من أهل الشام وأهل اليمن وأهل البحر، فمن أحدث منهم حدثًا فإنه لا يحول ماله دون نفسه، وأنه طيب لمن أخذه من الناس. وأنه لا يحل أن يمنعوا ماء يردونه ولا طريقًا يريدونه من بر أو بحر)) . (5) ومعاهدته مع أهل جرباء وأذرح، وأهل مقنا (6) ومعاهداته مع نصارى نجران (7) . وأخذًا من فعل الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ في المعاهدات ـ لتجديد أبي بكر العهد للنجرانيين ومعاهدة عمر بن الخطاب مع نصارى المدائن وفارس. ومعاهدة حذيفة بن اليمان مع أهل ماه دينار (بفارس) ومعاهدة النعمان بن مقرن مع أهل ماه بهراذان (بفارس) ومعاهدة عبد الله بن قيس مع أهل أصفهان (بفارس)، وغيرها من المعاهدات (8) . ويقول الشيخ محمد أبو زهرة: "ولقد ادعى بعضهم لهذا أن الصلح الدائم لا يجوز في الشرع الإسلامي، وما جاء به من النصوص يسوغ هذا الصلح بإطلاق قد نسخ وغير حكمه النبي صلى الله عليه وسلم فقد جاء في شرح السير الكبير للسرخسي عند الكلام في قوله تعالى:{فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا} .

(1) العلاقات الدولية في الإسلام: ص 150

(2)

المعاهدات في الشريعة الإسلامية والقانون العام، للدكتور محمود الديك: ص 143

(3)

فتح القدير: 3/ 224

(4)

سورة البقرة: الآية 208

(5)

مجموعة الوثائق السياسية، لحميد الله: ص 34، طبع القاهرة سنة 1941

(6)

جرباء وأذرح في جنوب الأردن من محافظة معان، ومقنا بلدة كانت جنوب العقبة

(7)

مجموعة الوثائق السياسية: ص 80

(8)

يراجع كتاب الوثائق السياسية، لحميد الله

ص: 1683

واختلف المفسرون، فقال بعضهم: الآية منسوخة، وقال قوم: إنها غير منسوخة. وقد اعتبر الذين قالوا إن آية منع قتال المسالمين غير منسوخة هم الأكثرية" (1) ، وجاء في الهداية: "ولا يقتصر الحكم على المدة المروية (2) لتعدي المعنى إلى ما زاد عليها" (3) . قال الكمال بن الهمام في شرحه على الهداية: "وبهذا يندفع ما نقل عن بعض العلماء من منعه أكثر من عشر سنين وإن كان الإمام غير مستظهر وهو قول الشافعي، ولقد كان في صلح الحديبية مصالح عظيمة، فإن الناس لما تقاربوا انكشف ما سن الإسلام للذين كانوا متباعدين لا يعقلونها من المسلمين لما قاربوهم وتخالطوا بهم". (4)

والخلاف بين من يقول بجواز الصلح الدائم، ومن يقول بعدم جوازه، هو الخلاف في أساس العلاقات الدولية في الإسلام، هل هو السلم أو الحرب، فمن قال هو السلم أجاز المعاهدة الدائمة، ومن قال هو الحرب منع المعاهدة الدائمة. علمًا بأن قومًا قالوا بعدم جواز المعاهدة أصلًا مستشهدين بقوله تعالى:{وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (5) .

وهذا مدفوع بما ذكرناه من آيات السلم وفعل النبي صلى الله عليه وسلم والأوضاع الدولية في أيامنا هذه، واختلاف الزمان والأحوال يجعلنا نميل إلى اعتبار السلم هو أساس العلاقات الدولية وإلى جواز المعاهدات الدائمة ما كانت خيرًا للإسلام والمسلمين.

ويشترط للمعاهدة الدائمة أن لا تكون مع مشركي العرب فإنه لا يقبل إلا الإسلام أو السيف، بقوله تعالى:{تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ} (6) .

وقوله: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} (7) .

أما أهل الكتاب فالمعاهدة معهم جائزة على أساس دفع الجزية، ويلحق بهم المجوس "والفرق بين مشركي العرب ومشركي العجم أن مشركي العجم (ومثلهم أهل الكتاب) إنما تركوا بالذمة وقبول الجزية لا لرغبة في أن يؤخذ منهم أو طمع في ذلك، بل الدعوة إلى الإسلام، ليخالطوا المسلمين فيتأملوا في محاسن الإسلام وشرائعه، وينظروا فيها فيروها مؤسسة على ما تحتمله العقول وتقبله فيدعوهم ذلك إلى الإسلام، فيرغبون فيه، فكان عقد الذمة لرجاء الإسلام، وهذا المعنى لا يحصل بعقد الذمة لمشركي العرب"(8) . ونقول بأن هذا الشرط لا معنى له في أيامنا هذه، وقد انتهى الشرك من جزيرة العرب، ومن العرب، وإن كان حل محله الإلحاد، ولذلك نقول: لا معاهدة مع عرب ملاحدة، ولا يقبل منهم إلا الإسلام، أو السيف، لما مر معنا من الآيات.

(1) مقدمة طبعة جامعة القاهرة، لكتاب السير الكبير: ص 5

(2)

أي مدة السنين العشر في صلح الحديبية

(3)

الهداية، للمرغيناني: 2/ 103

(4)

شرح فتح القدير: 5/ 205

(5)

سورة آل عمران: الآية 139، وانظر: كتاب الشريعة الإسلامية، والقانون الدولي لعلي علي منصور: ص 378

(6)

سورة الفتح: الآية 16

(7)

سورة التوبة: الآية 5

(8)

بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، لأبي بكر علاء الدين الكاساني: 9/ 4329

ص: 1684

ومنها:

(ج) المعاهدات العسكرية:

سبق أن بينا أن المعاهدة في الإسلام هي: عقد العهد بين فريقين على شروط يلتزمها كل منهم (1) . وأنها في القانون اتفاق مكتوب بين شخصين أو أكثر من الأشخاص الدولية مِن شأنِه أن ينشئ حقوقًا والتزامات متبادلة في ظل القانون الدولي (2) . أو أنها اتفاقات تعقدها الدول بغرض إيجاد علاقات قانونية بينها أو تعديلها، أو إنهائها (3) . وأن هذه المعاهدات قد تكون تجارية أو غيرها.

غير أن من هذه المعاهدات ما هو عسكري، تعقد بين دولتين أو أكثر لغايات عسكرية كالدفاع عن أرض دولة أو مهاجمة دولة أخرى، أو لحماية الدولة من اعتداءات آخرين أو لدفع أذى إحدى هاتين الدولتين أو لأي مصلحة أخرى.

وهذه المعاهدات إذا كانت لصالح المسلمين وتحت راية المسلمين، فهي جائزة، وإن كان الأصل أن يكون المسلمون في دولة واحدة وخلافة واحدة، لكن عند انقسامات تحصل بين المسلمين كما حصل في دول الأمراء والسلاطين في ظل الخلافة العباسية أو عندما تعددت الخلافات الإسلامية إلى ثلاث: الخلافة العباسية في بغداد، والخلافة الفاطمية في مصر، والخلافة الأموية في الأندلس، أو في تعدد الممالك الإسلامية كدولة المماليك في مصر، ودولة المغول في شرق آسيا والهند، وكدولة الصفويين في فارس، ودولة العثمانيين في تركيا، إن كانت المعاهدات العسكرية بين دول الإسلام لدفع العدوان أو للجهاد في سبيل الله فمثل هذه المعاهدات جائزة شرعًا؛ لأنها تعاون على البر والتقوى ولتقوية المسلمين، وإن كانت للتعاون مع الأجنبي ضد المسلمين أو أي دولة من دول الإسلام؛ فالمعاهدة غير جائزة لقوله صلى الله عليه وسلم:((لا تستضيئوا بنار المشركين)) ، والمعاهدات أو الاتفاقات في الإسلام يجب أن تخضع لأحكام الإسلام، فإذا خالفتها فليس لها إلزام على المسلمين بخلاف المعاهدات الدولية بين الدول الأخرى، فإنها تخضع لمبادئ القانون الدولي وأعرافه (4)، ومن هنا فإن الاتفاقات العسكرية التي تعقد بين المسلمين وغير المسلمين تنقسم إلى قسمين:

(أ) المعاهدات التي تعقد بين المسلمين وبين غير المسلمين لدرء خطر متوقع أو اتقاء ضرر محتمل ولا يمكن أن يدفع ذلك إلا بمعاهدة مع غير المسلمين، فيجوز ذلك شريطة أن لا يكون المسلمون تحت راية الكفر، أو أن يقاتلوا مع الكفار، أخوة لهم من المسلمين والدليل على ذلك عقد النبي صلى الله عليه وسلم المعاهدة مع بني قريظة لاتقاء شر هجوم قريش الكافرة، وذهب إلى هذا الرأي الحنفية والشافعية، بشرط أن تكون الاستعانة على قتال المشركين لا البغاة وقالوا: إن ما ورد عن عائشة رضي الله عنها من رد النبي صلى الله عليه وسلم لمشرك كان ذا جرأة ونجدة أراد أن يحارب مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر، وقال له:((ارجع فلن نستعين بمشرك)) منسوخ، بدليل استعانته ببني قينقاع، وقسم لهم من الغنيمة. واستعانته بصفوان بن أمية في حرب هوازن.

(ب) المعاهدات العسكرية التي تقضي على قوة المسلمين، أو تجعلهم يخضعون لحكم الأعداء، أو يقاتلون من أجل مصلحة الأعداء، أو لقتال المسلمين الآخرين، فهذه معاهدات غير جائزة، لقوله سبحانه وتعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (5) .

وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (6) .

(1) شرح السير الكبير: 4/ 154

(2)

القانون الدولي العام، للدكتور محمد عزيز شكري: ص 369

(3)

القانون الدولي العام، لعلي صادق أبو هيف: ص 526

(4)

يراجع كتاب الوثائق السياسية، لحميد الله

(5)

سورة المائدة: الآية 51

(6)

سورة المائدة: الآية 57

ص: 1685

وقد ورد النهي عن القتال تحت راية الكفار، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((لا تستضيئوا بنار المشركين)) (1) . والنار كناية عن الحرب. وقال: ((أنا بريء من كل مسلم مع مشرك)) ، فقيل:"لم يا رسول الله؟ " فقال: ((لا تراءى نارهما)) (2) .

والنهي ينصب على الاستعانة بالكفار دولة وكيانًا، وأما الاستعانة بالأفراد فجائزة، فقد قاتل قزمان من مشركي الأنصار مع النبي صلى الله عليه وسلم في معركة أحد، أما عدم الاستعانة بأهل الكتاب، فلما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم أحد فإذا كتيبة حسناء، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم:((من هؤلاء؟)) ، قال أبو خشناء (أحد الصحابة) : يهود كذا وكذا، فقال عليه الصلاة والسلام:((لا نستعين بالكفار)) ، وعن أبي حميد الساعدي قال: خرج صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان خلف ثنية الوداع إذا كتيبة، قال:((من هؤلاء؟)) قالوا: بنو قينقاع رهط عبد الله بن سلام "قال: ((أو تسلموا!)) ! قالوا: لا"، فأمرهم أن يرجعوا، وقال:((إنا لا نستعين بالمشركين على المشركين)) (3) .

والأحلاف العسكرية تدخل في حكم المعاهدات والاتفاقات العسكرية، من حيث الجواز وعدم الجواز.

على أن من الفقهاء من يرى الاستعانة بالمشركين من غير اتفاق أو معاهدة أو حلف أي إذا خرجوا طوعًا مع المسلمين، قال الشافعي:"فلا بأس أن يستعان بالمشركين على قتال المشركين إذا خرجوا طوعًا"(4) .

(1) رواه أحمد والنسائي عن أنس بن مالك، وانظر جمع الجوامع: 1/ 892

(2)

أحكام القرآن للجصاص، 2/10، ومعنى تراءى نارهما: أي لا ينزل بالموقع الذي إذا أوقعت فيه ناره تظهر لنار المشرك، إذا أوقدها، ولكنه ينزل مع المسلمين دارهم

(3)

رواه أحمد بن حنبل ، والبخاري في كتاب التاريخ

(4)

الأم، الشافعي، طبعة دار الشعب: 4/177

ص: 1686

شروط المعاهدات:

يشترط في المعاهدات لصحتها من وجهة نظر الإسلام ما يلي:

1 ـ الأهلية:

إن من يملك عقد المعاهدات هو الإمام أي رأس الدولة الإسلامية، أو من ينيبه، جاء في المغني:"ولا يجوز عقد الهدنة إلا من الإمام أو نائبه؛ لأنه عقد مع جملة الكفار، وليس ذلك لغيره؛ ولأنه يتعلق بنظر الإمام، وما يراه من المصلحة (1) . وجاء في الشرح الصغير "وجاز للإمام أو نائبه للكافرين" (2) . وهذا عند جميع المذاهب. أما في الاتفاقات الجزئية فقد يبرمها قائد الجيش أو مع الأفراد كما سيأتي في موضوع "الأمان" لقوله صلى الله عليه وسلم: ((ويسعى بذمتهم أدناهم)) . ويشترط أن يرد ذلك إلى الإمام فإن كان صحيحًا أمضاه وإلا لم يصح، إذ قد يكون فيه شرط يتعارض مع تعاليم الإسلام لقوله صلى الله عليه وسلم:((كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل)) . (3) . كأن يشترط نزع سلاح المسلمين أو التنازل عن إقليم من أقاليم بلاد المسلمين، أو اشترط بسط السيادة على إقليم من بلاد المسلمين.

إلا أنه عند الضرورة القصوى يجوز أن يدفع المسلمون مالًا للعدو إذا خافوا على أنفسهم أو الخطر على بلد من بلادهم أو مقابل انسحاب العدو من أرض المسلمين، أو مقابل افتداء الأسرى (4) .

وشرط العاقد أن يكون مسلمًا مميزًا أو بالغًا.

2 ـ الرضا:

أن يتم عقد المعاهدة بالرضا، لا بالإكراه، وهو ارتياح النفس وانبساطها عن العمل ترغب فيه وتستحسنه (5) وعادة ما يكون عقد المعاهدات بعد تحضير ذلك من المختصين وعرضه على الإمام وإن كان هناك مجلس شورى، أو مجلس نواب، فتعرض عليهم ثم يبرمها الإمام أو نائبه، أو مجلس الوزراء إن وجد.

(1) المغني لابن قدامة: 9/ 98

(2)

الشرح الصغير على أقرب المسالك، للشيخ الدردير: 3/ 283

(3)

انظر بدائع الصنائع: 9/ 4324؛ والمبسوط للسرخسي: 10/ 87؛ وروضة الطالبين: 10/ 435؛ والشرح الصغير: 3/ 308؛ وانظر كتاب المعاهدات: ص 197

(4)

المعاهدات، للدكتور محمود الديك: ص 173

(5)

المعاهدات، للدكتور محمود الديك: ص 173

ص: 1687

ومنها:

(د) الأمان:

الأمان عقد يفيد ترك لقتال مع الحربيين، أو هو رفع استباحة دم الحربي، ورقِّّه وماله حين قتاله أو العزم عليه مع استقراره تحت حكم الإسلام مدة ما (1) .

والأمان: من الأمن، وهو نوعان: ـ باعتبار من يعطي الأمان ـ: خاص، وعام.

(أ) فالأمان الخاص: بفرد من الحربيين يجوز لآحاد المسلمين أن يؤمِّنوا آحادًا من المحاربين الكفار بشرط أن لا يتعطل الجهاد بأمانهم في ناحية كالواحد والعشرة والمائة، وأهل حصن. لقوله عليه الصلاة والسلام:((المؤمنون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم)) (2) . ويصح من كل مسلم مكلف مختار يستوي فيه الحر والعبد والغني والفقير والرجل والمرأة؛ لقوله عليه السلام لأم هانئ: ((قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ)) (3) ؛ ولأن زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم أمنت زوجها أبا العاص، وأجازه الرسول صلى الله عليه وسلم وقال صلى الله عليه وسلم:((ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم فمن أخفر مسلمًا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين)) (4)، وقالت عائشة رضي الله عنها:"إن كانت المرأة لتجير على المسلمين فيجوز". ويرى أن عبدًا مسلما أعطى أمانًا لأهل حصن تحصنوا به فأرسل أمير الجيش إلى عمر يستعينه، فكتب إليه عمر:"إن عبد المسلمين من المسلمين ذمته ذمتهم". (5) .

(1) مغني المحتاج: 4/ 276، ومواهب الجليل، شرح مختصر خليل: 3/ 360

(2)

حديث حسن، أخرجه أبو داود

(3)

أخرجه البخاري تحت عنوان "باب أمان النساء وجوارهن" ، ورواه مسلم، ومالك في الموطأ، وأبو داود، وانظر البدائع: 9/ 4320

(4)

نيل الأوطار: 8/ 28

(5)

النظم الإسلامية، لأبي الحمد موسى: 2/ 208

ص: 1688

(ب) الأمان العام: وهو عقد مع العدو الذي لا يُحصر، وهذا الأمان لا يكون إلا من الدولة، من الإمام أو من نائبه، مع أن الإمام له أن يعطي الأمان للجميع وللآحاد؛ لأن ولايته على الأمة جميعها. قال محمد بن الحسن في كتابه (السير الكبير) :" لو حاصر المسلمون حصنًا فليس ينبغي لأحد منهم أن يؤمِّن أهل الحصن إلا بإذن الإمام؛ لأنهم أحاطوا بالحصن فعلًا، ولأن كل مسلم تحت طاعة الأمير.. ولأن ما يكون رجعة إلى عامة المسلمين في النفع والضرر فالإمام هو المنصوب للنظر فيه". (1) ، ومع ذلك، فلو أعطى أحد المسلمين الأمان العام بغير إذن الإمام فهو جائز لأن عليه صحة الأمان، وهو حق لكل مسلم لكن لضرورة التنظيم، ولضبط الأمور، ولتقدير الموقف العام للدولة؛ لا بد من الرجوع للإمام، وقد أعطي الحق للمسلم لعموم قوله صلى الله عليه وسلم:((ويسعى بذمتهم أدناهم)) .

وركن الأمان: اللفظ الدال على الأمان مثل أجرتك وأمّنتك، ولقوله تعالى:{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ} (2) .

ولقوله صلى الله عليه وسلم: ((من دخل دار أبي سفيان فهو آمن)) (3) .

وتعتبر الإشارة كالعبارة، لما ورد عن عمر رضي الله عنه قوله:"أيما رجل دعا رجلًا من المشركين وأشار إلى السماء فقد أمنه، وإنما نزل بعهد الله وميثاقه"، وقوله:" لو أن أحدكم أشار بأصبعه إلى مشرك فنزل بأمانه فقتله لقتلته به". (4) .

وحكم الأمان: ثبوت الأمن للحربي غير مسلم (5) . وهذا خلاف ما عليه القانون الدولي العام، وما عليه الدول المعاصرة من قطع العلاقات السلمية بين الدولتين المتحاربتين إذ يحظر كل اتصال بينهما إلا لمصلحة ضرورية مثل تأمين الأطباء والمرضى لإغاثة الجرحى (6) . والسبب في هذا الاختلاف، أن دولة الإسلام في حربها هي للدعوة الإسلامية فدخول الحربي بأمان إلى بلاد المسلمين واختلاطه بهم قد يؤدي به إلى اعتناق الإسلام، ولا يخشى على المسلمين من تجسسهم فعيونهم يقظة وتماسكهم وحرصهم على مصلحة الإسلام تمنع المتجسس من اختراق المسلمين ومعرفة أسرارهم الحربية.

وصفة الأمان: أنه عقد غير لازم فلو رأى الإمام المصلحة في النقض نقضه (7) لكن لا بد أن يخبر الحربي بذلك حتى لا يكون غدر في عهد الأمان. وإذا كان الأمان بوقت معلوم فصفته أن يستمر إلى نهاية المدة.

ومدة الأمان للمستأمن غير محدودة إلا أن بعض الأئمة حددها بمدة أقصاها سنة، فإن تجاوزها أصبح ذميًّا متى قبل الجزية.

وواجب المستأمن: أن يحافظ على الأمن والنظام العام وأن يتقيد بأحكام الإسلام، وأن لا يكون عينًا أو جاسوسًا علينا وإلا فيعاقب على ذلك بما يوازي جريمته. (8)

والأمان قد يكون مؤقتًا وغير مؤقت، فالأمان غير مؤقت هو عقد الذمة، وغير المؤقت هو الأمان الذي يعطى للحربي (ويدخل فيه المعاهد) ، لفترة من الوقت، لغرض من الأغراض التجارية أو لزيادة الأقارب، أو المطالبة بحق معين. وقد أصبح له الآن إجراءات أمنية كإعطاء تأشيرة الدخول من السفارات والإذن بالإقامة ومراجعة الشرطة، والإقامة المؤقتة، ويعتبر هذا الأمان أمانًا سلميًّا.

وهناك أمان غير سلمي يعطى للمحاربين في أثناء الحرب للجند المحصورين للتسليم والأمان غير الموادعة والهدنة (9) .

(1) انظر: كتاب الشريعة الإسلامية والقانون الدولي العام: ص 348

(2)

سورة التوبة: الآية 6

(3)

شرح المواهب اللدنية للزرقاني: 2/ 313، المطبعة الأزهرية: سنة 1325هـ

(4)

الشرح الصغير على أقرب المسالك للدردير: 2/ 288؛ ومنتهى الإرادات: 1/ 325

(5)

بدائع الصنائع: 9/4320

(6)

المعاهدات في الشريعة الإسلامية والقانون الدولي العام، للدكتور محمود الديك: ص 153

(7)

بدائع الصنائع: 9/ 4321

(8)

الشريعة الإسلامية والقانون الدولي العام: ص 349

(9)

الشرح الصغير، للدردير، التعليق: 2/ 283

ص: 1689

الموادعة:

الموادعة لغة: من وادع بمعنى صالح وسالم، وهي من ودع يدع ودعا سكن واستقر أي صار إلى الدعة، وهي السكون. يقال توادع الفريقان، أي تعاهدا على أن لا يغزو أحدهما الآخر.

والموادعة شرعًا هي المعاهدة، والصلح على ترك القتال، وهي نوع من أنواع الأمان والمعاهدة، فهي أعم من الأمان المؤقت، وأخص من المعاهدة لأن المعاهدة تشمل أنواعًا أخرى من المعاهدة، ونستطيع أن نقول: إن الموادعة هي: "معاهدة صلح بين الفريقين المتحاربين على ترك القتال".

والموادعة لها ركن، وشرط وحكم وصفة:

أما ركنها: فهو لفظ الموادعة أو ما في معناها كالمسالمة أو المصالحة.

وأما شرطها: فالضرورة؛ لأن ترك الجهاد وهو فرض لا يجوز إلا في حال أن يقع وسيلة إلى استئناف الجهاد، وذلك لقوله تعالى:{وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} .

وقد وادع رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل مكة، ولا يشترط إذن الإمام بالموادعة، ولا بأس أن يأخذ المسلمون جُعْلًا مقابل الموادعة، والجعل: المال.

وحكم الموادعة: الأمان على أنفس الموادعين وأموالهم وذراريهم ونسائهم وبلدانهم حتى لو خرجوا إلى بلد أخرى غير بلدتهم، فيبقى حكم الموادعة ساريًا عليهم، ولو دخل إلى دارهم رجل آمن بأمانهم فهو آمن منا بموادعتنا لهم.

وأما صفة الموادعة: فهو عقد غير لازم محتمل للنقض، لقوله تعالى:{وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} (1) .

فيقاتلون بعد ذلك. هذا إذا كان النبذ منا، وإذا كان النبذ من الأعداء فيقاتلون كذلك.

وإذا وادعهم الإمام على مال ثم بدا له أن ينقضه أرجعه إليهم بحصة ما بقي من المدة.

وإذا كانت الموادعة على أن يجري عليهم أحكام الإسلام فالعقد لازم لا يحتمل النقض كما وادع النبي صلى الله عليه وسلم أهل جرباء وأذرح والعقبة (2) .

ونقول: هل الموادعة هدنة؛ لأن معنى الهدنة الصلح المؤقت وتستمر حالة الحرب بين الطرفين المتحاربين حتى تعقد معاهدة دائمة، أو يستأنف القتال، والموادعة هي المعاهدة على ترك القتال لفترة معينة أو لمدة أطول؟ ورأيي أن الموادعة هدنة لاتفاقهما في المعنى.

(1) سورة الأنفال: الآية 58

(2)

بدائع الصنائع: 9/ 4324، والاختيار: 4/ 120؛ والمبسوط: 10/ 86، والأم، للشافعي: 4/ 190، وأغلب العبارات للكاساني صاحب البدائع

ص: 1690

والموادعة قد تكون محددة بمدة وقد لا تكون:

والمدة عند الشافعية، تكون أربعة أشهر إلى أقل من سنة، إذا كان بالمسلمين قوة، لقوله تعالى:{بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (1) فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ} (1) .

ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم هادن صفوان بن أمية أربعة أشهر عام الفتح؛ ولأن الجزية تجب سنويًّا. فقد رأى الشافعي أن مدة الموادعة على سنة (2) .

وأما غير الشافعي من الجمهور، فإنهم لم يحددوا للموادعة مدة إنما تركوا لاجتهاد الإمام وبقدر الحاجة، والحاجة تقدر بقدرها. علمًا بأنه لا يجوز أن تكون الموادعة مطلقة إلى الأبد إلا إذا كانت الموادعة على الأموال، فتكون أبدية عند الشافعية، جاء في الفتاوى الهندية (العالمكيرية) :"وتجوز مدة الموادعة أكثر من عشر سنين على ما يراه الإمام من المصلحة "(3) .

وجاء في الاختيار لتعليل المختار، قوله:"وتجوز الموادعة أكثر من عشر سنين على ما يراه الإمام من المصلحة لأن تحقيق المصلحة والخير لا يوقت بمدة دون مدة". (4) وذلك لقوله تعالى: {فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا} (5) .

والأصل في الموادعة أن لا تكون إذا كان بالمسلمين قوة، إلا لمصلحة يراها الإمام أو الدولة أما إذا لم يكن بالمسلمين قوة فالموادعة جائزة، وذلك لضعف يعجزون معه عن القتال، أو لكي يتفرغوا لأعداء آخرين، أو لقمع فتنة بين المسلمين، أو خشية من ضياع جزء من بلاد المسلمين، أو أي مصلحة معتبرة شرعًا (6) .

والله سبحانه وتعالى الموفق الهادي إلى سواء السبيل.

الدكتور عبد العزيز الخياط

(1) سورة التوبة: الآيتان 1، 2

(2)

الأم، الشافعي: 4/ 190

(3)

الفتاوى الهندية: 2/ 197

(4)

الاختيار، للمودودي: 4/ 121

(5)

سورة النساء: الآية 90

(6)

المعاهدات، للدكتور محمود الديك: ص 298

ص: 1691

قائمة المراجع

بحسب ورودها في البحث

1 ـ النظم الإسلامية، للدكتور صبحي الصالح.

2 ـ القرآن والقتال، للشيخ محمود شلتوت، طبع دار الكتاب العربي بمصر سنة 1951م.

3 ـ أحكام القرآن، لأبي بكر أحمد علي، الرازي الجصاص، طبع المطبعة البهية بمصر سنة 1347هـ.

4 ـ رد المحتار على الدر المختار، لمحمد أمين المعروف بابن عابدين، المطبعة الأميرية، سنة 1326هـ.

5 ـ شرح فتح القدير، لكمال الدين المعروف بابن الهمام، طبع دار إحياء التراث العربي، بالقاهرة.

6 ـ الهداية شرح بداية المبتدي لأبي الحسن علي بن أبي بكر المرغيناني، مطبعة الحلبي، سنة 1936م.

7 ـ السياسة الشرعية لعبد الوهاب خلاف ـ المطبعة السلفية، بالقاهرة.

8 ـ مبادئ نظام الحكم في الإسلام، لعبد الحميد متولي طبع دار المعارف سنة 1966م.

9 ـ تفسير القرآن العظيم، لابن كثير القرشي، طبع دار إحياء الكتب العربية.

10 ـ تفسير روح البيان، للآلوسي.

11 ـ العلاقات الدولية في الإسلام، للدكتور وهبة الزحيلي، مؤسسة الرسالة، سنة 1981م.

ص: 1692

12 ـ الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي، للدكتور محمد البهي، نشر مكتبة وهبة بالقاهرة، الطبعة الرابعة.

13 ـ مجموعة رسائل ابن تيمية.

14 ـ تفسير الرازي.

15 ـ شرح السير الكبير للإمام محمد بن الحسن الشيباني.

16 ـ الموسوعة في سماحة الإسلام، للشيخ محمد الصادق عرجون، نشر مؤسسة سجل العرب بالقاهرة، سنة 1972م.

17 ـ العلاقات الدولية، للدكتور كاظم هاشم نعمة. طبع فرنسا، عام 1979م.

18 ـ المعجم الوسيط.

19 ـ الشريعة الإسلامية والقانون الدولي العام، لعلي علي منصور، نشر المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، سنة 1965م.

20 ـ دولة الإسلام والعالم، لمحمد حميد الله، طبع القاهرة، سنة 1962م.

21 ـ قانون السلام في الإسلام، للدكتور محمد طلعت الغنيمي، طبع الإسكندرية، سنة 1989م.

22 ـ مبادئ القانون الدولي العام، للدكتور إبراهيم أحمد شلبي، نشر الدار الجامعية بالقاهرة، سنة 1986م.

23 ـ سبل السلام شرح بلوغ المرام، للصنعانيِ، طبع المكتبة التجارية الكبرى، بالقاهرة سنة 1357هـ.

24 ـ الروض النضير شرح مجموع الفقه الكبير، لشرف الدين السياغي، مكتبة المؤيد بالطائف.

25 ـ النظم الإسلامية، للشيخ أبو الحمد موسى، دار الطباعة المحمدية بالقاهرة.

26 ـ المعاهدات في الشريعة الإسلامية والقانون الدولي، للدكتور محمود الديك، طبع مطابع البيان، بدبي، سنة 1983م.

ص: 1693

27 ـ كتاب الخراج لأبي يوسف، طبع المطبعة السلفية. سنة 1392هـ.

28 ـ مجموع الوثائق السياسية، لحميد الله، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، سنة 1941م.

29 ـ بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، للكاساني، نشر زكريا يوسف سنة 1972م.

30 ـ القانون الدولي العام، للدكتور محمد عزيز شكري.

31 ـ الدولة والسيادة في الفقه الإسلامي، للدكتور فتحي عبد الكريم مكتبة وهبي بالقاهرة.

32 ـ المغني، لابن قدامة.

33 ـ الأم، للشافعي، طبعة دار الشعب.

34 ـ الشرح الصغير على أقرب المسالك، للشيخ الدردير، طبع دار المعارف، بمصر سنة 1392هـ.

35 ـ المبسوط، للسرخسي.

36 ـ مواهب الجليل شرح مختصر خليل.

37 ـ مغني المحتاج.

38 ـ الاختيار شرح المختار، للمودودي.

39 ـ الفتاوى الهندية.

ص: 1694