الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، القائل سبحانه في محكم الآيات {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [التوبة: 41] والقائل صلى الله عليه وسلم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ} [التوبة: 123] .
وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، أفضل الرسل وخاتمهم، وأفضل من جاهد في سبيل الله بنفسه حتى كسرت رباعيته وشج وجهه الكريم، القائل صلى الله عليه وسلم «بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي» (1) .
فصلاة ربي وسلامه عليه ما تعاقب الليل والنهار، وعلى آله الأطهار، وصحابته الأخيار الذين جاهدوا في سبيل الله بأنفسهم فسجلوا على جبين التاريخ أعظم الانتصارات، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما أما بعد:
(1) أخرجه البخاري في صحيحه مع الفتح تعليقا، كتاب الجهاد والسير، باب ما قيل في الرماح (6/122) وأخرجه الإمام أحمد في المسند ح (4/515) ورقم (5115) عن ابن عمر رضي الله عنهما وأخرجه ابن أبي شيبه في المصنف، «كتاب الجهاد» ، «باب ما ذكر في فضل الجهاد والحث عليه» ، ح رقم (134) قال ابن حجر في «الفتح» : مرسل بإسناد حسن، انظر: فتح الباري شرح صحيح البخاري (6/122) .
فإن الجهاد في سبيل الله ذروة سنام الإسلام، ومن أفضل الأعمال التي تقرب العبد إلى الملك العلام. به يحفظ الدين وينشر نور الإسلام في بقاع المعمورة، وبه يعز أولياء الرحمن ويذل أولياء الشيطان، وبه يدفع العدوان ويرفع الظلم عن المظلومين ويحكم شرع الله في الأرض، فينتشر العدل، ويسود الأمان، ويعم الرخاء، به تسود الأمة، وتسمع الكلمة وتصان الكرامة.
ولما كان باب الجهاد واسعا فهو يشمل جهاد الكفار بالنفس، وبالمال، وباللسان، وبالقلب، ويشمل جهاد البغاة من المسلمين، وجهاد العصاة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويشمل كذلك جهاد النفس على طاعة الله وجهاد الشيطان، ولما كان كذلك، قصرت البحث على أشرف هذه الأنواع وهو الجهاد بالنفس للكفار وبينت أحكام المجاهد بالنفس في سبيل الله في أبواب الفقه تحت عنوان:
(أحكام المجاهد بالنفس في سبيل الله في الفقه الإسلامي)
والسبب في اختيار هذا الموضوع يعود إلى أمور منها:
1-
انحراف الجهاد بالنفس عن معناه الحقيقي وباعثه عند بعض المسلمين اليوم إلى قتال لشهوة دنيا، أو منصب، أو وطن، أو قومية على أساس من النظم الوضعية المستوردة، فأردت بيان المجاهد الحق الذي يجاهد بنفسه في سبيل الله يرجو نصرة دينه، وعلو كلمته في أي مكان وفي أي زمان، وبيان أحكامه.
2-
لم أجد حسب علمي من أفرد المجاهد بالنفس في سبيل الله ببحث مستقل يبين أحكامه في أبواب الفقه، ويكشف هدفه وغايته من الجهاد، فلعلي أسهم بجهد المقل في بيان ذلك.
3-
وجود مباحثه في أكثر أبواب الفقه مما يفيد الباحث ويوسع اطلاعه.
4-
البحث العلمي لذاته، فهو مقصد نبيل يقصده العلماء.
أما أهمية الموضوع فيمكن بيانها فيما يلي:
1-
الحديث عن المجاهد بالنفس وبيان أحكامه في كل تصرفاته في جهاد العدو يكشف زيف المغرضين وادعاءات المبطلين الذين يصفون المجاهد في سبيل الله بأنه سفاك دماء ومفسد في الأرض وظالم لحقوق الإنسان.
2-
بيان أحكام المجاهد فيما يجوز له قتاله ومن لا يجوز له قتاله من العدو يبرز رحمة الإسلام بالإنسان، ودعوته لاحترام النفس الإنسانية، ومعاملتها بما يليق بها، وأن هدف الجهاد تحرير الإنسان من عبادة غير الله إلى عبادة الله وحده، وتحكيم شريعته في الأرض.
3-
في بيان أحكام المجاهد بالنفس في سبيل الله يظهر الفرق بين من يجاهد في سبيل الله ومن جاهد في سبيل غيره.
4-
بيان أحكام المجاهد بالنفس في سبيل الله في أبواب الفقه في مؤلف واحد يسهل على المجاهد مراجعة ما يحتاج إليه من الأحكام فيما يخصه.
وقد نهجت في كتابة هذا البحث المنهج الآتي:
1-
أذكر أقوال الفقهاء في مسائل الخلاف على المذاهب الأربعة، ومذهب ابن حزم مع ذكر الأدلة ومناقشتها ما أمكن، ثم الترجيح حسب الدليل دون تعصب لقول معين أو مذهب معين.
2-
في الغالب أضع القول الراجح في الأول.
3-
إذا قلت: اتفق الفقهاء فالمقصود الأئمة الأربعة، وقد يكون اتفاقا لجميع العلماء والفقهاء دون استثناء.
4-
الأمانة العلمية في نقل المعلومات والأقوال والأدلة من المصادر والمراجع، والاعتماد في نقل المعلومات على المراجع والمصادر المعتمدة في كل مذهب ونقل الأقوال منها.
5-
استعنت ببعض ما كتب حديثا عن الجهاد وخاصة فيما لم يتعرض له الفقهاء القدماء.
6-
إذا نقلت المعلومات من المراجع بالنص جعلتها بين قوسين تمييزا لها.
7-
التعريف بما يحتاج إلى تعريف من مفردات غامضة، وأسماء أماكن وردت في البحث، وعناوين البحث، وكل ذلك في الهامش.
8-
مراعاة قواعد اللغة في كتابة البحث.
9-
عزو الآيات الواردة في البحث إلى السور وبيان أرقامها.
10-
تخريج الأحاديث والآثار من كتب السنة المعتمدة، ونقل أقوال أهل العلم في صحتها أو ضعفها ما استطعت إلى ذلك سبيلا، إلا ما كان في صحيح البخاري ومسلم أو أحدهما فاكتفى بتخريجه منهما أو من أحدهما فقط.
11-
الترجمة للأعلام الواردة في البحث عند الحاجة إلى ذلك بشيء من الاختصار.
12-
وضع الفهارس العامة المتعارف عليها في البحث، فهرس الآيات القرآنية، فهرس الأحاديث والآثار، فهرس التعريفات والمفردات الغامضة، فهرس الأماكن، فهرس الأعلام، فهرس المراجع، فهرس الموضوعات.
خطة البحث:
اقتضت خطة البحث في هذا الموضوع أن تكون في مقدمة، وتمهيد، وأربعة أبواب وخاتمة، وذلك على النحو الآتي:
المقدمة:
وتشمل ما يلي:
-سبب اختيار الموضوع.
- أهمية الموضوع.
-المنهج في كتابة البحث.
- خطة البحث.