الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الرابع
تيمم المجاهد بغير التراب مما هو من جنس الأرض
كالرمل والحصى ونحو ذلك
اختلف الفقهاء رحمهم الله تعالى في التيمم بغير التراب مما هو من جنس الأرض، كالرمل والحصى ونحو ذلك إلى قولين.
القول الأول: أنه لا يجوز التيمم بغير التراب. وبهذا قال الشافعية (1) ، والمشهور من مذهب الحنابلة (2) وأبو يوسف من الحنفية (3) .
واستدلوا بما يلي:
1-
قوله تعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: 6] . فالمقصود بالصعيد في الآية التراب.
قال ابن عباس (4) رضي الله عنه: (الصعيد التراب الخالص)(5) .
(1) الأم (1/50) والمجموع للنووي (2/246) .
(2)
المغني (1/324) والمبدع (1/219) والمستوعب (1/291) .
(3)
المبسوط (1/109) وبدائع الصنائع (1/181) .
(4)
هو: عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، القرشي أبو العباس ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم ولد بالشعب حين حاصرت قريش بني هاشم، وكان له عند موت النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة سنة، دعا له النبي صلى الله عليه وسلم بالعلم والتأويل فكان حبر هذه الأمة وعالمها، وكان يسمى البحر لكثرة علمه، مات بالطائف سنة 68 هـ انظر الإصابة
…
(4/121) ت رقم (4799) وأسد الغابة (3/186) ت رقم (3035) .
(5)
بدائع الصنائع (1/ 181) والمغني (1/ 324) .
2-
عن حذيفة (1) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «جعلت لي الأرض مسجدا وترابها طهورا» (2) فخص التراب كبونه طهورا (3) .
القول الثاني: أنه يجوز التيمم بغير التراب مما هو من جنس الأرض، كالحصي والرمل ونحو ذلك وبهذا قال الحنفية (4) والمالكية (5) ورواية عند الحنابلة (6) .
واستدلوا بما يلي:
1-
قوله تعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: 6] .
وجه الدلالة من الآية: أن الصعيد المذكور في الآية مشتق من الصعود وهو العلو وهذا لا يوجب الاختصاص بالتراب، بل يعم جميع أنواع الأرض، فكل ما صعد على وجه الأرض فهو صعيد (7) .
(1) هو: حذيفة بن حسل ويقال: حسيل بن جابر بن عمرو، أبو عبد الله العبسي ابن اليمان، صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنافقين لم يعلمهم أحد إلا حذيفة شهد أحدا مع النبي صلى الله عليه وسلم وقتل أبوه بها، وأرسله النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الأحزاب ليأتيه بخبر الكفار مات بعد مقتل عثمان سنة 36 هـ رضي الله عنه انظر: أسد الغابة (1/468) ت رقم (1113) وسير أعلام النبلاء (2/361) . ت رقم (76) .
(2)
صحيح مسلم بشرح النووي كتاب المساجد ومواضع الصلاة ح رقم (522) .
(3)
المغني (1/325) .
(4)
بدائع الصنائع (1/181) والبحر الرائق (1/259) .
(5)
المعونة (1/150 وبداية المجتهد (1/74)) .
(6)
المغني (1/325) والمبدع (1/220) .
(7)
بدائع الصنائع (1/181) والبحر الرائق (1/259) والمعونة (1/150) والتمهيد
…
(19/289) .
ونوقش هذا الاستدلال بأن حديث حذيفة وتفسير ابن عباس للصعيد الوارد في الآية يخصص الصعيد بالتراب (1) .
2-
قوله صلى الله عليه وسلم «جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا» (2) ،
وجه الدلالة من الحديث أن اسم الأرض يتناول جميع أنواعها (3) فيشمل التراب والحصى والرمل ونحو ذلك.
ونوقش هذا: بأنه محمول على ما قيده حديث حذيفة رضي الله عنه فيكون المقصود بالأرض في الطهور التراب (4) .
والذي يظهر أن الراجح هو القول الأول، أنه لا يجوز التيمم إلا بالتراب الذي له غبار لما خصت به الآية من حديث حذيفة وتفسر ابن عباس رضي الله عنهما، وذلك عند وجود التراب.
فإن عدم التراب والغبار جاز التيمم بما هو من جنس الأرض، من الرمل أو الحصى أو نحو ذلك للضرورة (5) .
وعلى هذا فالمجاهد في سبيل الله يتيمم بالتراب، أو بالغبار على ملابسة أو الجدار، ونحو ذلك.
فإن لم يجد التراب ولا الغبار، فإن له أن يتيمم بما هو من جنس الأرض للضرورة إلى ذلك. والله أعلم.
(1) المجموع (2/247) .
(2)
عن جابر بن عبد الله جزء من حديث أخرجه البخاري مع الفتح كتاب التيمم باب رقم 1، ح رقم (335) ومسلم بشرح النووي كتاب المساجد ومواضع الصلاة ح رقم (524) .
(3)
بدائع الصنائع (1/181) .
(4)
المجموع (2/247) .
(5)
المغني (1/326) والمبدع (1/220) .