الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الأول
إذن الإمام في خروجه للجهاد
للمجاهد في خروجه للجهاد حالتان (1) :
الحالة الأولى: خروجه لطلب العدو في ديارهم.
الحالة الثانية: خروجه للدفاع عن ديار الإسلام والمسلمين لمفاجأة العدو ديار المسلمين.
أما الحالة الأولى: وهي خروجه لطلب العدو في ديارهم.
فقد اتفق الفقهاء رحمهم الله تعالى فيما أعلم على مشروعية استئذان الإمام، أو من يقوم مقامه (2) .
جاء في المغنى (ولا يخرجون إلا بإذن الأمير..)(3) .
وفي المقدمات لابن رشد (.. ولا يخرجوا إلا بإذنه..)(4) .
واختلفوا في حكم خروج المجاهد بدون إذن الإمام إلى قولين:
القول الأول: إنه يحرم خروج المجاهد بدون إذن الإمام لأن إذنه في الخروج واجب.
بهذا قال المالكية (5) والحنابلة (6) وهو قول الحنفية إذا لم يكن فيمن خرج للجهاد منعة أو كان الإمام نهاهم عن الخروج للجهاد (7) .
(1) أحكام إذن الإنسان في الفقه (2/611) .
(2)
انظر: المغني (13/33) والمحرر في الفقه (2/170) وشرح السير الكبير (1/123) والأم (4/242) والمقدمات الممهدات لابن رشد (1/346) .
(3)
المغني (13/33) .
(4)
المقدمات الممهدات لابن رشد (1/346) .
(5)
مواهب الجليل (4/540) والمقدمات الممهدات (1/346) .
(6)
المغني لابن قدامة (13/33) وكشاف القناع (2/397) والفروع (6/199) .
(7)
شرح السير الكبير (1/123) والفتاوى الهندية (1/192) .
واستدلوا بما يلي:
1-
أن أمر الحرب موكلة إلى الإمام، وهو أعلم بكثرة العدو وقلتهم ومكامن العدو، فينبغي أن يرجع إلى رأيه (1) .
2-
ولأن ذلك أحوط للمسلمين (2) .
القول الثاني: أنه يكره خروج المجاهد بدون إذن الإمام، ولا يحرم.
وبهذا قال الشافعية (3) وهو قول الحنفية، إذا كان في من خرج منعة عند مواجهة العدو (4) .
واستدلوا على كراهية الخروج، بما استدل به الفريق الأول على تحريم الخروج.
واستدلوا على أنه لا يحرم بأنه ليس فيه أكثر من التغرير بالنفس وهو جائز في الجهاد (5) .
الترجيح
الراجح في هذه الحالة هو القول الأول، أنه يجب استئذان الإمام، لأنه بحكم إمامته أعلم الناس بالعدو، وبقدراته، ومتى يمكن قتاله ومتى لا يمكن.
ثم الخروج إلى الجهاد بدون إذن الإمام يؤدي إلى فوضى واضطرابات بين المجاهدين، ولذا ما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يرسل سرية أو جيشا إلا يؤمر عليهم ويأمرهم بطاعته. لكن إن كان الإمام لا يأمر بالجهاد في سبيل الله، ولا يعد العدة له، وكان متهاونا في غزو العدو، ففي هذه الحالة يمكن الخروج بدون إذن بقيود منها:
1-
أن يكون الجهاد فرض عين.
2-
أن لا يكون في الخروج ضرر أعظم من البقاء.
(1) المغنى (13/33) وكشاف القناع (2/397) .
(2)
المرجعان السابقان في هامش رقم (1) .
(3)
الحاوي الكبير (14/206) ومغنى المحتاج (6/24) وروضة الطالبين (10/238) .
(4)
شرح السير الكبير (1/123) والفتاوى الهندية (1/192) .
(5)
الحاوي الكبير (14/206) ومغني المحتاج (6/24) وروضة الطالبين (10/238) وشرح السير الكبير (1/123) والفتاوى الهندية (1/192) .
3-
أن لا يكون قد صدر منع عام من الإمام والله أعلم.
الحالة الثانية: خروجه للدفاع عن ديار الإسلام والمسلمين لمفاجأة العدو ديار المسلمين لا خلاف بين الفقهاء -فيما أعلم- أنه إذا فاجأ العدو ديار المسلمين وتعذر استئذان الإمام فإن المجاهد يخرج لملاقاة الكفار بغير إذن الإمام (1) .
والأدلة على ذلك ما يلي:
1-
أن الكفار أغاروا على لقاح (2) النبي صلى الله عليه وسلم فصادفهم سلمة بن الأكوع (3) خارجا من المدينة فتبعهم فقاتلهم من غير إذن فمدحه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: «خير رجالتنا سلمة بن الأكوع، وأعطاه سهم فارس وراجل» (4) .
فدل هذا على أنه لا يشترط إذن الإمام إذا فاجأ العدو ديار المسلمين.
2-
إن المصلحة تتعين في قتالهم والخروج إليهم دون إذن لتعين الفساد في تركهم (5) .
(1) المغني لابن قدامة (13/33) وكشاف القناع (2/397) وحاشية الروض المربع (4/269) ومغني المحتاج (6/24) ومواهب الجليل (4/540) وتبيين الحقائق (3/241، 242) وحاشية ابن عابدين (6/205) والمحلى بالآثار لابن حزم (5/421) .
(2)
اللقحة: بالفتح والكسر: الناقة القريبة العهد بالنتاج. واللقوح اللبون: وإنما تكون لقوحا أول نتاجها شهرين، ثم ثلاثة أشهر، ثم يقال لها: لبون. انظر: لسان العرب لابن منظور مادة (لقح)(2/579) والنهاية وغريب الحديث والأثر (4/225) .
(3)
هو: سلمة بن عمر بن الأكوع، واسم الأكوع سنان بن عبد الله الأسلمي، أول مشاهده الحديبية وكان من الشجعان بايع النبي صلى الله عليه وسلم عند الشجرة على الموت، نزل المدينة ومات بها سنة 74 هـ على الصحيح انظر: الإصابة (3/127) ت رقم
…
(3401) وأسد الغابة (2/271) ت رقم (2154) .
(4)
صحيح البخاري مع الفتح كتاب الجهاد باب من رأى العدو فنادى بأعلى صوته يا صباحاه، ح رقم (3041) ومسلم مع شرح النووي، كتاب الجهاد والسير، باب غزوة ذي قرد، ح رقم (1806) و (1807) .
(5)
المغني لابن قدامة (13/33) وكشاف القناع (2/397) وأحكام إذن الإنسان في الفقه (2/615) .