المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثالثحكم الجهاد في حقه - أحكام المجاهد بالنفس في سبيل الله عز وجل في الفقه الإسلامي - جـ ١

[مرعي الشهري]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌التمهيد:

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأولتعريف الجهاد، وبيان أنواعه

- ‌المطلب الأولتعريف الجهاد

- ‌المطلب الثانيأنواع الجهاد

- ‌المبحث الثانيمشروعية الجهاد بالنفس في سبيل الله ومراحله

- ‌المطلب الأول: مشروعية الجهاد بالنفس في سبيل الله

- ‌المطلب الثانيمراحل تشريع الجهاد بالنفس في سبيل الله

- ‌المبحث الثالثفضل الجهاد والمجاهدين في سبيل الله

- ‌المبحث الرابعأهداف الجهاد بالنفس في سبيل الله

- ‌المبحث الخامسالتعريف بالمجاهد، وشروطه، وحكم الجهاد في حقه

- ‌المطلب الأول: التعريف بالمجاهد

- ‌المطلب الثانيشروط المجاهد

- ‌المطلب الثالثحكم الجهاد في حقه

- ‌الباب الأولأحكام المجاهد بالنفس في العبادات

- ‌الفصل الأولأحكام المجاهد في الطهارة

- ‌المبحث الأولطهارة المجاهد بالماء وهو جريح

- ‌المبحث الثانيطهارة أعضاء المجاهد المقطوعة

- ‌المبحث الثالثتيمم المجاهد

- ‌المطلب الثانيتيمم المجاهد في الأسر إذا منعه العدو من استعمال الماء

- ‌المطلب الثالثتيمم المجاهد بالغبار

- ‌المطلب الرابعتيمم المجاهد بغير التراب مما هو من جنس الأرضكالرمل والحصى ونحو ذلك

- ‌المبحث الرابعمسح المجاهد

- ‌المطلب الأول: المسح على الخفين ونحوهما

- ‌الفرع الأولالمراد بالخف في اللغة والشرع

- ‌الفرع الثانيجواز المسح على الخفين للمجاهد

- ‌الفرع الثالثمسح الجاهد على الخف المصنوع من غير الجلود

- ‌الفرع الرابعتوقيت المسح على الخفين للمجاهد في سبيل الله

- ‌المطلب الثانيالمسح على الجبيرة

- ‌الفرع الأولمشروعية المسح على الجبيرة

- ‌الفرع الثانيكيفية المسح على الجبيرة

- ‌المسألة الأولى: المسح على جميع أجزاء الجبيرة

- ‌المسألة الثانيةالجمع بين المسح على الجبيرة والتيمم

- ‌المطلب الثالثمسح المجاهد على ما يوضع على الرأس

- ‌الفصل الثانيأحكام المجاهد في الصلاة

- ‌المبحث الأولأحكام المجاهد في صلاة الخوف، وفيه ثمانية عشر مطلبا:

- ‌المطلب الأولمشروعية صلاة الخوف

- ‌المطلب الثانيشروط صلاة الخوف

- ‌المطلب الثالثوقت صلاة الخوف

- ‌المطلب الرابعكيفية صلاة الخوف

- ‌المطلب الخامسالصلاة على الدواب والآليات إيماء

- ‌المطلب السادسترك التوجه إلى القبلة في صلاة الخوف

- ‌المطلب السابعاشتراط الجماعة لصلاة الخوف

- ‌المطلب الثامنكيفية قراءة الإمام في صلاة الخوف

- ‌الفرع الأول: كيفية قراءة الإمام في صلاة الخوف من حيث السر والجهر

- ‌الفرع الثانيالتخفيف في القراءة

- ‌المطلب التاسعسهو الإمام في صلاة الخوف

- ‌المطلب العاشرقطع الصلاة لسماع صفارات الإنذار

- ‌المطلب الحادي عشرهجوم العدو أثناء الصلاة

- ‌المطلب الثاني عشرالمشي في صلاة الخوف

- ‌المطلب الرابع عشرحمل السلاح في صلاة الخوف

- ‌المطلب الخامس عشرحمل السلاح المتنجس في صلاة الخوف

- ‌المطلب السادس عشرحصول الأمن أثناء صلاة الخوف

- ‌المطلب السابع عشرحصول الأمن بعد صلاة الخوف

- ‌المطلب الثامن عشرالصلاة لخوف ثبت توهمه

- ‌المبحث الثانيأحكام المجاهد في قصر الصلاة وجمعها

- ‌المطلب الأول: قصر الصلاة للمجاهد

- ‌الفرع الأول: قصر الصلاة للطيارين الذين يقومون بدوريات على الثغور

- ‌الفرع الثانيقصر الصلاة في السفن الحربية الثابتة في البحر

- ‌الفرع الثالثقصر الصلاة في السفن الحربية المتحركة في البحر

- ‌الفرع الرابعقصر الصلاة للمجاهد وهو في الأسر

- ‌المطلب الثانيالجمع بين الصلاتين في وقت إحداهما للمجاهد

- ‌المبحث الثالثأحكام المجاهد في الجنائز

- ‌المطلب الأول: ما يستحق به المجاهد وصف الشهادة

- ‌الفرع الأولالتعريف بالشهيد

- ‌الفرع الثانيموت المجاهد بعد خروجه للجهاد وقبل المعركة

- ‌الفرع الثالثموت المجاهد في الأسر

- ‌الفرع الرابعموت المجاهد بعد انتهاء المعركة

- ‌الفرع الخامسموت المجاهد متأثراً بإصابته في المعركة

- ‌الفرع السادسإذا قتل خطأ من قبل مسلم

- ‌الفرع السابعقتل المجاهد نفسه خطأ

- ‌المطلب الثانيغسل الشهيد

- ‌الفرع الأولغسل الشهيد إذا قتل في ميدان المعركة

- ‌الفرع الثانيغسل الشهيد إذا قتل جنبا

- ‌الفرع الثالثغسل الشهيد يحمل وفيه رمق حياة ثم يموت

- ‌الفرع الرابعغسل الشهيد يحمل ويبقى أياما ثم يموت

- ‌الفرع الخامسغسل الشهيد الملوث بالمواد الكيمائية

- ‌المطلب الثالثتكفين الشهيد

- ‌الفرع الأولفيما يكفن فيه الشهيد

- ‌الفرع الثانينزع الدروع والحديد والخفاف ونحو ذلك عنه

- ‌الفرع الثالثفي كيفية تكفين الشهيد

- ‌الفرع الرابعفي تكفين المجاهد الملوث بالمواد الكيمائية

- ‌المطلب الرابعالصلاة على الشهيد

- ‌الفرع الأولالصلاة على الشهيد إذا قتل في ميدان المعركة

- ‌الفرع الثانيالصلاة عليه إذا حمل وفيه رمق حياة ثم مات

- ‌الفرع الثالثالصلاة عليه يبقى أياما بعد الإصابة ثم يموت

- ‌الفرع الرابعالصلاة على من رجع عليه سلاحه فقتله

- ‌الفرع الخامسالصلاة على من اختلط بموتى الكفار

- ‌المطلب الخامسدفن الشهيد

- ‌الفرع الأولدفنه وعليه شيء من السلاح، والحديد ونحو ذلك

- ‌الفرع الثانيدفن أكثر من شهيد في قبر واحد

- ‌الفرع الثالثنبش قبر الشهيد

- ‌الفرع الرابعإبقاء الشهيد في الثلاجة مدة طويلة

- ‌الفرع الخامسكتابة اسم المجاهد وفصيلة دمهوتعليقها في العنق أو في اليد حتى يعرف

- ‌الفصل الثالثأحكام المجاهد في الزكاة

- ‌المبحث الأولأحكام المجاهد في الزكاة

- ‌المطلب الأولأخذ المجاهد من الزكاة

- ‌المطلب الثانيإخراج الزكاة من مال المجاهد في غيبته

- ‌المبحث الثانيأحكام المجاهد في الصوم

- ‌المطلب الأولإفطار المجاهد في نهار رمضان

- ‌الفرع الأول: إفطار المجاهد المسافر للجهاد

- ‌الفرع الثانيإفطار المجاهد المقيم

- ‌الفرع الثالثإجبار المجاهد على الفطر في نهار رمضان

- ‌المطلب الثانيصوم الأسير إذا لم يعرف بدء الشهر أو التبست عليه الأشهر

- ‌المبحث الثالثأحكام المجاهد في الحج

- ‌المطلب الأولفضل الجهاد على الحج

- ‌المطلب الثانيترك الجهاد للحج بأهله

- ‌الفصل الرابعأحكام المجاهد في باب الجهاد

- ‌المبحث الأولخروج المجاهد للجهاد

- ‌المطلب الأولإذن الإمام في خروجه للجهاد

- ‌المطلب الثانيإذن الوالدين في خروجه للجهاد

- ‌المطلب الثالثإذن الدائن في خروجه للجهاد

- ‌المطلب الرابعإذن القائد في الخروج من المعسكر

- ‌المطلب الخامسخروج المجاهد مع القائد الفاجر

- ‌المطلب السادسخروج النساء مع المجاهد

- ‌المطلب السابعخروج المجاهد بالقرآن إلى أرض العدو

- ‌المبحث الثانيأحكام المجاهد في مواجهة العدو

- ‌المطلب الأولما قبل بدء المعركة والالتحام بالعدو

- ‌الفرع الأولدعوة العدو إلى الإسلام قبل القتال

- ‌الفرع الثانيالإنذار بالهجوم

- ‌الفرع الرابعمعرفة مواقع العدو وقدراته عن طريق الاستطلاع للأخبار

- ‌الفرع الخامسالحرب النفسية والخديعة بالعدو

- ‌المسألة الأولى: الإعلام

- ‌المسألة الثانيةإظهار القوة

- ‌المسألة الثالثةإشاعة الفرقة وبث الرعب بين العدو

- ‌المسألة الرابعةمخادعة العدو

- ‌الفرع السادسالاستعانة بالكفار في قتال العدو

الفصل: ‌المطلب الثالثحكم الجهاد في حقه

ففي هذه الآية بين الله تعالى الأعذار التي لا حرج على من قعد معها عن الجهاد في سبيل الله فذكر منها ما هو ملازم للشخص، وهو الضعف الذي لا يستطيع معه الجلاد في الجهاد ومنها ما هو عارض بسبب المرض، أو بسبب الفقر الذي لا يقدر معه على التجهيز للحرب، فليس على هؤلاء إثم إذا قعدوا عن الجهاد في سبيل الله (1) .

وبعد: فهذه الشروط إذا تحققت في المسلم كان الجهاد بالنفس في سبيل الله فرض عليه؛ سواء كان فرض كفاية أم فرض عين على ما سيأتي بيانه في المطلب الآتي إن شاء الله تعالى.

‌المطلب الثالث

حكم الجهاد في حقه

للجهاد في سبيل الله حالتان (2) :

الحالة الأولى: طلب العدو في أماكنهم وابتداؤهم بالقتال.

الحالة الثانية: دفع العدو عن بلاد المسلمين.

أما الحالة الأولى، فإن حكم الجهاد فيها فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين (3) وهذا قول عامة أهل العلم (4) ونقل بعضهم الإجماع على ذلك.

(1) تفسير ابن كثير (2/364) .

(2)

بدائع الصنائع (6/57) وأهمية الجهاد في نشر الدعوة الإسلامية ص 124.

(3)

ومقدار الكفاية: أن ينهض للجهاد قوم يكفون في قتالهم، إما أن يكونوا جندالهم دواوين من أجل ذلك، أو قد أعدوا أنفسهم تبرعا. انظر: المغنى (13/8) والحاوي الكبير (14/113) .

(4)

المبسوط (10/3) وفتح القدير لابن الهمام (5/191) والذخيرة (3/385) وبداية المجتهد (1/384) والحاوي الكبير (14/111) وتكملة المجموع (21/110) والمغني

(13/6) ومعونة أولى النهى (3/582) والمحلى بالآثار لابن حزم (5/340) .

وحكى عن ابن عمر، والثوري وعطاء وغيرهم أن الجهاد بالنفس في سبيل الله مندوب وليس بفرض وهذا قول ضعيف لا دليل عليه ونسبة صحته إليهم ضعيفة، وإن صح عنهم فهو محمول على أنه ليس بفرض عين، ولا يمكن لأحد أن يقول: لا يجب الجهاد بالنفس في سبيل الله مع اقتضاء تركه استباحة دماء المسلمين. انظر فتح القدير (5/189) وأحكام القرآن لابن العربي (1/146) والجامع لأحكام القرآن للقرطبي (3/39) والذخيرة (3/385) .

ص: 68

جاء في تبيين الحقائق (وهو فرض كفاية ابتداء.. يعني يجب علينا أن نبدأهم بالقتال وإن لم يقاتلونا.. وعليه إجماع الأمة)(1) .

وفي الجامع لأحكام القرآن: (والذي استمر عليه الإجماع أن الجهاد على كل أمة محمد صلى الله عليه وسلم فرض كفاية)(2) .

والأدلة على ذلك من وجهين:

الوجه الأول: الأدلة على أن الجهاد فرض وهذا الوجه سبق ذكر أدلته في المرحلة الثالثة من مراحل تشريع الجهاد، وأن الأمر بالجهاد بالنفس في نصوص الكتاب والسنة يدل على فريضة الجهاد، ولا حاجة لإعادة ما سبق من الأدلة (3) .

الوجه الثاني: الأدلة على أنه فرض كفاية:

الكتاب والسنة والقياس والعقل تدل على أن الجهاد في حالة الطلب والابتداء بالقتال فرض كفاية.

أولا من الكتاب الكريم.

قال تعالى: {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 95] .

(1) تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي (3/241) .

(2)

الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (3/39) ورحمة الأمة في اختلاف الأئمة ص (527) .

(3)

راجع: مشروعية الجهاد في سبيل الله ومراحل تشريعه.

ص: 69

وجه الدلالة من الآية: أن القاعدين عن الجهاد غير آثمين مع جهاد غيرهم، بل وعدهم الله الحسنى ولو كان الجهاد فرض عين لأثموا، ولما وعد الله القاعدين عنه الحسنى لأن القعود يكون حراما، فدلت الآية على أن الجهاد فرض كفاية (1) .

ثانيا: من السنة:

صح عن النبي صلى الله عليه وسلم خروجه في بعض الغزوات وقعوده في البعض الآخر (2) وأنه كان يؤمر غيره على الغزوة، أو السرية، ولم يكن يخرج أصحابه، بل بعضهم ولو كان الجهاد فرض عين ما قعد رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الغزو، ولما أذن لأحد من أصحابه في القعود عن الجهاد (3) .

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرات، ثم قال (اغزوا باسم الله في سبيل الله قاتلوا من كفر بالله)(4) .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من جهز غازيا في سبيل الله فقد غزا ومن خلفه في أهله وماله بخير فقد غزا» (5) .

(1) البحر الرائق (5/120) والذخيرة (3/385) والمغني (13/6) وبدائع الصنائع (6/57) .

(2)

كما في غزوة مؤتة وهي: سرية زيد بن حارثة في نحو ثلاثة آلاف إلى أرض البلقاء من أرض الشام. انظر: البداية والنهاية (4/632) .

(3)

تبيين الحقائق (3/241) وبدائع الصنائع (6/85) والمغني (13/7) .

(4)

صحيح مسلم مع شرح النووي كتاب الجهاد والسير، باب تأمير الأمراء على البعوث ح رقم (1731) .

(5)

سبق تخريجه.

ص: 70

فدل الحديث على أن بعض المسلمين يغزو بنفسه، وبعضهم بماله يجهز الغزاة، وبعضهم يخلف الغازي في أهله يرعاهم ويدير شئونهم، وكل هذا يعد من الغزو في سبيل الله.

ثالثا: من القياس:

الجهاد إنما شرع لإعلاء كلمة الله، وإعزاز دينه، ودفع الفساد عن العباد، فإذا حصل من البعض سقط عن الباقين كصلاة الجنازة، ودفن الميت ونحو ذلك (1) .

رابعا: من العقل:

لو اشتغل الكل بالجهاد لتعطلت مصالح العباد وانقطعت مادة الجهاد من الكراع والسلاح فينقطع الجهاد، فلزم أن يقوم البعض بالجهاد والبعض الآخر بالحرف والمهن التي تقوم بها مصالح العباد ويستمر بها الجهاد في سبيل الله (2) .

وروي عن بعض الصحابة (3) رضي الله عنهم وهو محكي عن سعيد بن المسيب (4) رحمه الله أن جهاد الابتداء والطلب فرض عين (5) .

(1) البحر الرائق (5/120) والوسيط في المذهب للغزالي (7/6) .

(2)

المبسوط (10/3) وفتح القدير (5/191) وتكملة المجموع (21/110) .

(3)

منهم أبو أيوب الأنصاري، والمقداد بن الأسود رضي الله عنهما انظر فتح الباري (6/47) .

(4)

هو: سعيد بن المسيب بن حزن القرشي المخزومي، أحد الفقهاء السبعة بالمدينة ومن كبار التابعين ومن أوسعهم علما، كثير الحديث ثقة ثقتا فقيها مفتيا مأمونا ورعا، توفي بالمدينة سنة 94 هـ وعمره 75 سنة، انظر طبقات ابن سعد (5/119) والبداية والنهاية (9/121) وسير أعلام النبلاء (4/217) .

(5)

فتح الباري (6/47) والمغنى (13/6) وتكملة المجموع (21/116) .

ص: 71

جاء في فتح الباري لابن حجر: وقد فهم بعض الصحابة من الأمر في قول الله عز وجل {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا} [التوبة: 41] العموم، فلم يكونوا يتخلفون عن الغزو حتى ماتوا (1) .

وخرج سعيد بن المسيب إلى الغزو وقد ذهبت إحدى عينيه فقيل له إنك عليل فقال: استنفر الله الخفيف والثقيل فإن لم يمكني الحرب كثرت السواد، وحفظت المتاع (2) .

ونوقش هذا: بأنه محمول على استنفار الإمام، أو على الاستنفار للدفاع عن بلد من بلاد المسلمين، أو ثغر من ثغورهم فإنه يكون فرض عين حتى يندفع العدو (3) قال صلى الله عليه وسلم «وإذا استنفرتم فانفروا» (4) .

إذا تقرر أن الجهاد بالنفس في سبيل الله في حالة طلب العدو وابتدائهم بالقتال فرض كفاية فإنه يتعين في ثلاث حالات (5) .

1-

إذا شرع في الجهاد وتقابل الصفان تعين الجهاد في حقه وحرم الانصراف قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} [الأنفال: 45] .

(1) فتح الباري (6/47) .

(2)

الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (8/137) .

(3)

المغني (13/7) وأحكام القرآن للجصاص (3/145) .

(4)

صحيح البخاري مع الفتح كتاب الجهاد والسير باب وجوب النفير، ح رقم (2825) وصحيح مسلم مع شرح النووي، كتاب الإمارة، بابن المبايعة بعد فتح مكة على الإسلام والجهاد و، ح رقم (1353) عن ابن عباس رضي الله عنهما.

(5)

المغنى (13/8) ومعونة أولى النهى (3/588) .

ص: 72

2-

إذا عين إمام المسلمين شخصا بعينه للجهاد وعلى هذا يكون الجهاد فرض عين على العسكر المعينين من قبل الإمام في ديوان الجند.

3-

إذا كان النفير عاما، كأن يستنفر الإمام أهل بلد أو قرية إلى الجهاد.

لقوله صلى الله عليه وسلم: «وإذا استنفرتم فانفروا» (1) .

الحالة الثانية: دفع العدو عن بلاد المسلمين.

والجهاد في هذه الحالة فرض عين على أهل البلد، ثم الذين يلونهم، حتى يكون على جميع المسلمين وحتى يندفع شر العدو، وهذا مجمع عليه.

جاء في أحكام القرآن للجصاص (ومعلوم في اعتقاد جميع المسلمين أنه إذا خاف أهل الثغور من العدو ولم تكن فيهم مقاومة لهم فخافوا على بلادهم وأنفسهم وذراريهم أن الفرض على كافة الأمة أن ينفر إليهم من يكف عاديتهم عن المسلمين وهذا لا خلاف فيه بين الأمة..)(2) .

وفي الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: (إذا تعين الجهاد بغلبة العدو على قطر من الأقطار.. وجب على جميع أهل تلك الدار أن ينفروا ويخرجوا إليه خفافا وثقالا، شبابا وشيوخا كل على قدر طاقته.. فإن عجز أهل تلك البلدة عن القيام بعدوهم كان على من قاربهم وجاورهم أن يخرجوا، على حسب ما لزم أهل تلك البلدة حتى يعلموا أن منهم طاقة على القيام بهم ومدافعتهم، وكذلك كل من علم بضعفهم عن عدوهم وعلم أنه يدركهم ويمكنه غياثهم لزمه أيضا الخروج إليهم فالمسلمون كلهم يد على من سواهم)(3) .

ويستدل لذلك بعموم النصوص من الكتاب والسنة التي تدل على فرض الجهاد بالنفس في سبيل الله وقد سبق ذكرها (4) .

(1) سبق تخريجه.

(2)

أحكام القرآن للجصاص (3/164) والبحر الرائق (5/122) .

(3)

الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (8/138) .

(4)

راجع مشروعية الجهاد في سبيل الله ومراحل تشريعه.

ص: 73