الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إذا تقرر أن للمجاهد المسافر الفطر في رمضان سواء دخل عليه شهر الصوم وهو مسافر أو سافر في ليل من رمضان أو أنشأ السفر أثناء النهار، فإن الأفضل للمجاهد في السفر للجهاد في سبيل الله أن يفطر. جاء في القوانين الفقهية: إن كان السفر لغزو وقرب من العدو، فالفطر في السفر أفضل للقوة (1) وجاء في كافية الأخيار: ولو لم يتضرر في الحال لكنه يخاف الضعف لو صام وكان في سفر غزو فالفطر أولى (2) .
ويدل على ذلك ما جاء عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة ونحن صيام قال: فنزلنا منزلا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنكم قد دنوتم من عدوكم والفطر أقوى لكم، فكانت رخصة فمنا من صام ومنا من أفطر، ثم نزلنا منزلا آخر فقال: إنكم مصبحوا عدوكم والفطر أقوى لكم فأفطروا
…
) (3) .
الفرع الثاني
إفطار المجاهد المقيم
(4) .
هناك روايتان عن الإمام أحمد رحمه الله في إفطار المجاهد المقيم في نهار رمضان.
الرواية الأولى: يجوز للمجاهد المقيم الفطر في نهار رمضان، اختار هذه الرواية ابن تيمية وأفتى بها العساكر الإسلامية، وابن قيم الجوزية (5) وبهذا قال الحنفية، إذا علم المجاهد يقينا أنه يقاتل العدو ويخاف أن يضعفه الصوم سواء كان مسافرا أو مقيما (6) .
(1) القوانين الفقهية ص 106.
(2)
كفاية الأخيار ص 206.
(3)
صحيح مسلم بشرح النووي، كتاب الصيام باب أجر المفطر في السفر ح رقم
…
(1120) .
(4)
وصورة ذلك: أن يحاصر العدو بلد المسلمين، أو يخرج المجاهدون لملاقاة العدو لمسافة قريبة والصوم يضعفهم انظر: الإنصاف (3/286) .
(5)
الإنصاف (3/286) وزاد المعاد (2/53) وحاشية الروض المربع (3/380) .
(6)
فتح القدير (2/272) وحاشية ابن عابدين (3/402) .
ولم أجد للمالكية، والشافعية قولا في ذلك -حسب ما اطلعت عليه- من كتبهم إلا أنه يمكن تخريج قولهم على القول بجواز الفطر للحامل والمرضع ومن خشي على نفسه التلف بعطش ونحوه (1) فالمجاهد أولى من هؤلاء بجواز الفطر وهو مقيم لأن الإفطار قوة للمجاهد وللمسلمين فالمصلحة أعظم.
وقد استدل ابن قيم الجوزية رحمه الله لهذه الرواية بما ملخصه (2) .
1-
أن فطر المجاهد المقيم أولى من الفطر لمجرد السفر، بل إباحة الفطر للمسافر تنبيه على إباحته في هذه الحالة فإنها أحق بجوازه، لأن المصلحة الحاصلة بالفطر للمجاهد أعظم من المصلحة بفطر المسافر.
2-
أن الله صلى الله عليه وسلم يقول: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: 60] والفطر عند لقاء العدو من أسباب القوة، والنبي صلى الله عليه وسلم فسر القوة في الآية بالرمي (3) وهو لا يتم ولا يحصل به مقصوده إلا بما يقوي ويعين عليه من الفطر والغذاء.
الرواية الثانية: لا يجوز للمجاهد المقيم الفطر في نهار رمضان (4) .
ويمكن أن يستدل لهم: بأن المجاهد في هذه الحالة ليس مسافرا ولا مريضا، والله سبحانه يقول:{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 185] فلا يجوز له الفطر في نهار رمضان، إلا إذا كان مسافرا أو مريضا.
ويمكن مناقشة هذا الاستدلال: بأن إباحة الفطر ليست خاصة بالمسافر والمريض فقط، بل هناك من يفطر وهو مقيم وليس به مرض، كمن خشي تلف نفسه بالصوم أو
(1) الكافي في فقه أهل المدينة (1/340) والمعونة (1/475، 479) ومواهب الجليل
…
(3/301) والحاوي الكبير (3/346) والمجموع (6/262) .
(2)
زاد المعاد (2/53، 54) .
(3)
صحيح مسلم بشرح النووي كتاب الإمارة باب فضل الرمي والحث عليه ح رقم
…
(1917) .
(4)
الإنصاف: (3/386) .