الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واستدلوا بالقياس ووجه ذلك أن مسح الرأس والخفين يكفي فيهما أقل ما يسمى مسحا، فكذلك المسح على الجبيرة (1) .
الترجيح
الذي يظهر أن الراجح القول الأول، فيمسح جميع أجزاء الجبيرة ما أمكنه ذلك، ويقتصر على ما كان منها على محل الفرض في الحدث الأصغر، لأن ذلك أقرب إلى مشابهة غسل العضو لو كان صحيحا، ولأنه لا حرج في مسح جميع أجزاء الجبيرة، والله أعلم.
المسألة الثانية
الجمع بين المسح على الجبيرة والتيمم
اختلف الفقهاء رحمهم الله تعالى الجمع بين المسح على الجبيرة والتيمم إلى قولين:
القول الأول: أنه لا يجمع بين المسح على الجبيرة والتيمم وإنما يغسل الصحيح ويمسح على الجبيرة قال بهذا المالكية (2) والحنفية (3) والشافعية في أحد الوجهين عندهم (4) ، والصحيح من مذهب الحنابلة، بشرط أن يشدها على طهارة، وأن لا تتجاوز الجبيرة قدر الحاجة وأن يكون في نزعها ضرر عليه (5) .
واستدلوا بما يلي:
(1) المرجع السابق، والأوسط في السنن (1/394) .
(2)
مواهب الجليل (1/531) وحاشية الدسوقي (1/163) والمعونة (1/142) .
(3)
فتح القدير (1/141) وبدائع الصنائع (1/90) والبحر الرائق (1/326) .
(4)
المجموع (2/370) والحاوي الكبير (1/278) .
(5)
المغني (1/356) والفروع (1/166) والمسائل الفقهية (1/93) والمبدع (1/151) .
1-
أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عليا رضي الله عنه بالمسح على الجبائر (1) ولم يأمره بالتيمم (2) . ويمكن مناقشة هذا: بأن الحديث ضعيف كما سبق بيان ذلك.
ويمكن الجواب: بأن الحديث وإن كان ضعيفا فإنه يعضد له غيره كحديث ابن عمر رضي الله عنهما الآتي:
2-
عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أنه توضأ وكفه معصوبة فمسح على العصائب وغسل سوى ذلك)(3) ولم يرد عنه أنه تيمم.
3-
ولأن المسح على الخفين لا يحتاج إلى تيمم، فكذلك المسح على الجبائر، بل الجبائر أولى إذ صاحب الضرورة أحق بالتخفيف (4) .
القول الثاني: أنه يجمع بين المسح على الجبيرة والتيمم فيغسل الصحيح ويمسح على الجبائر ويتيمم وهذا أظهر الوجهين عند الشافعية (5) ورواية عند الحنابلة (6) واستدلوا: بحديث جابر رضي الله عنه السابق ذكره في صاحب الشجة وفيه (إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصر أو يعصب على جرحه خرقة، ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده)(7) .
(1) سبق تخريجه.
(2)
الحاوي الكبير (1/278) .
(3)
سبق تخريجه.
(4)
المبدع (1/151) والحاوي الكبير (1/278) والمغني لابن قدامة (1/357) .
(5)
الحاوي الكبير (1/278) والوسيط في المذهب (1/371) والمجموع (2/369) .
(6)
المغني (1/357) والمبدع (1/151) .
(7)
سبق تخريجه.
وجه الدلالة: أن الحديث صريح في الجمع بين التيمم والغسل والمسح على الجبيرة (1) .
ونوقش استدلالهم بالحديث بما يلي:
1-
أن رواية الجمع بين التيمم والغسل والمسح رواية ضعيفة (2) .
2-
أن الواو الواردة في الحديث في قوله (ويعصر) بمعنى أو (3) التي تفيد التخيير فلا يكون هناك جمع بين التيمم والمسح.
وعلى هذا القول يجري الخلاف السابق في لزوم الترتيب بين العضو المغسول والممسوح والمتيمم له في طهارة المجاهد الجريح بالماء، وقد سبق بيان ذلك في الحالة الأولى (4) وما قيل: هناك يقال هنا، والله أعلم.
الترجيح
الذي يظهر أن الراجح القول الأول، أنه لا يجمع بين التيمم والمسح على الجبيرة، وإنما يغسل الصحيح ويمسح على الجبيرة بالماء.
لأن المناسب لحال الجريح، أو المكسور التخفيف ورفع الحرج والمشقة عنه، ولأن في الجمع إيجاب لطهارتين في محل واحد، وهذا مخالف لقواعد الشرع.
قال ابن عثيمين حفظه الله (وإيجاب طهارتين لعضو واحد مخالف لقواعد الشرع، فإنه لا نظير له في الشرع، ولا يكلف الله عبدا بعبادتين سببهما واحد)(5) . وعلى هذا فالمجاهد في سبيل الله يمسح على الجبيرة ولا تيمم عليه والله أعلم.
(1) الحاوي الكبير (1/273) ونيل الأوطار للشوكاني (1/258) .
(2)
عون المعبود (1/367) .
(3)
المبدع (1/151) .
(4)
راجع الحالة الأولى.
(5)
الشرح الممتع (1/201) .